عدد المقالات 272
هالني جدا بالأمس وأنا أتجول بين أراضي الغوطة الغنَّاء التي تغنى بها الشعراء على مدى العصور.. هالني منظر فروع نهر بردى وجداوله الذي نامت دمشق في أحضانه لقرون مديدة.. فأراه اليوم إما جافا أو قد اغتصبته مجاري الصرف الصحي التي حولتها إليه عصابات آل الأسد منذ عهد المقبور حافظ الأسد وحتى المجرم بشار الذي تتقازم وتتصاغر أمامه كل لغات الأرض بنعته النعت الصحيح والدقيق الذي يليق بوحشيته وإجرامه. بدأ مشروع اغتصاب الغوطة منذ اليوم الأول لوصول حافظ الأسد إلى السلطة بزرع المستوطنات الأسدية العسكرية في الغوطة الغنَّاء واغتصاب أفضل الأراضي الزراعية لوحوشه وقطعان عصاباته.. اغتصاب أراضي الأهالي وبالتالي يمكن للمرء أن يتخيل التأثير السلبي لهذه العصابات التي تقتل وتسحل وتغتصب الشعب السوري.. تقتل الإنسان والهواء والطبيعة والحياة البشرية والطمأنينة، فضلا عن مصادرة أراضي الوقف الشرعي المرصودة لأعمال الخير من أشخاص قضوا وماتوا فجاء من اغتصب أراضيهم وممتلكاتهم. اليوم تسعى الألوية بكافة مسمياتها وبالتعاون مع الهيئات الشرعية إلى إعادة إصلاح الأراضي هذه وزراعتها من جديد من أجل إطعام الشعب المحاصر منذ عامين؛ لأنه طالب بحريته وبإسقاط نظام مجرم لا مثيل له بتاريخ البشرية. اليوم تقوم مكاتب الوقف في الغوطة الشرقية وهو جهد مشكور بتوثيق كل هذه الأراضي والممتلكات من أجل انتزاعها من مغتصبيها وإعادتها إلى وظيفتها التي خصصها لها واقفها، وتتعامل بحزم مع كل متهاون أو مع كل مغتصب لهذه الأراضي التي هي ملك للفقراء والمساكين والأيتام. الجانب الآخر في إجرام آل الأسد بشأن الغوطة هو ما عمد إليه من تحويل الصرف الصحي لدمشق وريفها إلى الغوطة ونهر بردى بحجة وذريعة أن ذلك مؤقت وسيُصار لاحقا إلى إيجاد مكان آخر للصرف الصحي، فأصبح الحل دائما، وهو ما أضر إضرارا لا مثيل له بأراضي الغوطة وبجمالها وبتلوث بيئتها، وتحولت بعض الأماكن فيها إلى مستنقعات يعيث البعوض والأوساخ والجراثيم فيها فسادا، وبعد أن كانت مكانا للترويح عن النفس والخروج أيام العطل غدت مكانا لنشر الرذيلة والفسق والفجور وبيع الخمور وعلنا في مناطق محافظة أشد المحافظة استفزازا لأهالي الشام وأهل الغوطة تحديدا المعروفين بمحافظتهم الشديدة. وحين نتحدث عما فعله آل الأسد في الغوطة لا بد أن نتطرق أيضا إلى المعامل والمصانع التي سعى إلى نشرها في الغوطة الغنَّاء وكأنه لم يبق مكان تُقام فيه هذه المصانع إلا الغوطة الجميلة وهو ما أضر مرة أخرى بالغوطة وجمالها وأرضها وهوائها. وأبلغني بعض الخبراء أن شركة إيرانية سعت في الفترة الأخيرة إلى ترتيب منطقة السبع بحرات وسط دمشق على أساس أن الأنهر السبعة المحيطة بدمشق تلتقي هناك ولكن ما حصل هو أن الشركة خرّبت منطقة السبع بحرات فنيا وأضرت بها كثيرا وهو ما يكشف مدى ضعف الجانب الفني والخبراتي الإيراني في ذلك ما داموا مشغولين بالتشبيح وبدعم نظام التشبيح الأسدي لاسيَّما أن كثيرا من هذه الشركات تبين أنها واجهات لأعمال عسكرية وتشبيحية كما ظهر حين ألقى الثوار القبض على بعض وثائق لشركات إيرانية في الغوطة الشرقية نفسها. الظاهر أن النظام عرف خطورة الغوطة منذ انتفاضة ثوار الغوطة الأبطال ضد الاحتلال الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته وجزء من أربعينياته.. فأرغموا فرنسا على الخروج من سوريا صاغرة، وبالتالي سعى لتفادي هذا اليوم من خلال اغتصاب أراضي الغوطة ونشر عشرات -إن لم نقل مئات- الثكنات والمطارات والحواجز العسكرية فيها تفاديا لهذا اليوم المشؤوم بالنسبة له، وقد كان له ما تخوف منه. فأحفاد الغوطة هم أبناء أولئك الأسود الذين أرغموا فرنسا على الهزيمة. تلكم هي الغوطة التي وصفها نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام: (فسطاط المسلمين في الغوطة قرب مدينة يُقال لها دمشق من خير مدائن الأرض يومئذ). وتلكم هي الغوطة وقد تحررت من آل الأسد، وتلكم هي الغوطة. كالصخرة الشماء إلى جانب المجاهدين في الشام بوجه أعتى طواغيت الأرض المدعوم من الغرب والشرق خفية وجهرة.. لكن كما يقولون هنا لك الله يا شام.
كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...
قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...
أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...
لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...
ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...
الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...
منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...
تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...
يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...
أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...
الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...
لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...