


عدد المقالات 604
أثارت زيارات الرئيس المصري محمد مرسي الخارجية، وآخرها للبرازيل، جدلا واسعا ما بين إشادة واسعة لذلك التحرك. وما بين انتقاد لها، على أساس المطالبة بالتركيز على قضايا الداخل وتحدياته، خاصة أنها جاءت مختلفة، بشكل جذري عن سلوكيات النظام السابق؛ حيث كان الرئيس السابق وراء معاناة الدبلوماسية المصرية، من التكلس، والجمود، وغياب الرؤية، وتراجع مفهوم الأمن القومي المصري. واقتصر الجهد الدبلوماسي المصري، على صياغة علاقات متميزة، مع واشنطن في المقدمة. وإلى حد ما مع عدد محدود من الدول الأوروبية؛ وذلك لتحقيق هدف واحد، وهو ضمان تمرير مشروع التوريث، خاصة في ظل قناعة النظام السابق، بأن تأييد تلك الدول لفكرة مشروع التوريث، هو الضمانة الحقيقية لنجاحه. دون أي اعتبار للشعب المصري، ووصل البؤس بالدبلوماسية المصرية، أنها أهملت تماماً قارة مثل إفريقيا. وامتنع الرئيس المخلوع عن المشاركة في قممها السنوية فقط لتعرضه إلى محاولة اغتيال فاشلة في أديس أبابا أثناء وجوده هناك للمشاركة في إحدى القمم، كما أنه غاب عن المشاركة بنفسه، في مؤتمرات قمم عربية أو دولية، معتمدا على مساعديه. بحكم السن، وغياب الاهتمام، والوعي بأهمية دبلوماسية القمة، خاصة بوجود رئيس دولة مثل مصر. ومن المؤكد أن ثورة 25 يناير، أسهمت في إحياء كثير من الأمور، والأفكار، والأدوات، والوسائل، ومنها بالطبع الدبلوماسية، خاصة في ظل الاختيار الدقيق للوزراء الثلاثة الذين تولوا الخارجية بعد الثورة، وكانت البداية بالدكتور نبيل العربي بكل تاريخه، والذي تحفظ على مباحثات كامب ديفيد، والتي أثمرت اتفاقية السلام مع إسرائيل. وهناك العديد من الانتقادات حول مضمونها، بعضها تدفع مصر ثمنه الآن، من أمنها واستقرار الأوضاع في سيناء التي نجحت إسرائيل عبر الاتفاقية من تركها منزوعة السلاح، تعاني من فراغ استراتيجي. كما كان له دور بارز في اللجنة الوطنية لطابا، والتي تمت استعادتها عبر التحكيم الدولي. ومن بعده محمد العرابي، الذي لم يستمر طويلا، خاصة أن البعض اعتبره جزءا من النظام السابق، وبزغ نجمه أثناء علاج الرئيس السابق في ألمانيا، عندما كان سفيرا لمصر في بون، ونجح الوزير الحالي محمد كامل عمرو، خاصة أنه ابن المؤسسة، ومن النسيج الدبلوماسي. ولكنه لا يحسب على النظام السابق، خاصة أنه خدم لفترة ليست قصيرة في البنك الدولي، وساعدت الثورة على إحياء ما يسمى وقتها بالدبلوماسية الشعبية. وهي عبارة عن وفد يتكون من شخصيات عامة، وحزبية ورموز من الثوار، لزيارة بعض دول الجوار مع مصر، والتي تربطها بها علاقات استراتيجية مطلوب إحياؤها، مثل إثيوبيا والسودان وليبيا وإيران. وكان أول المؤشرات على إعادة الاعتبار للدبلوماسية المصرية تحديد المهام والمسؤوليات مع أجهزة الأمن القومي. صحيح أن التكامل مطلوب، ولكن الخارجية ورجالها عانوا كثيرا من تهميش دورهم لصالح المخابرات العامة؛ نظرا للعلاقة الحميمة التي ربطت مديرها عمر سليمان مع الرئيس السابق، وكان الأخير يعتمد على المخابرات، في العديد من الملفات، خاصة صياغة العلاقات مع دول الجوار، وتضخم دور المخابرات في الملف الفلسطيني، الذي تم سحبه من الخارجية تماماً، وفي العلاقات مع القذافي وليبيا، وكذلك السودان. وهي ملفات أصيلة للخارجية، خاصة أن الكل كان يدرك تعامل سليمان كما لو كان نائبا للرئيس المخلوع. وعادت الملفات كلها إلى الخارجية، سواء السودان أو ليبيا، وظل التعاون مشترك بين الجهتين فيما يخص إسرائيل والملف الفلسطيني. واختلفت مسارات الزيارات الخارجية للرئيس المصري محمد مرسي جذريا، فقد كان من المتعارف عليه في زمن الرئيس السابق، حرصه على القيام بزيارة سنوية للولايات المتحدة الأميركية، ولقائه بالرئيس الأميركي سواء كان من الجمهوريين أو من الديمقراطيين. بينما الرئيس محمد مرسي لم يزر واشنطن حتى الآن. وشارك فقط في أعمال دورة الأمم المتحدة في نيويورك. ولم يلتق مع الرئيس الأميركي أوباما، بينما زار عددا من الدول، واجتمع مع العديد من قياداتها، سواء دول مجموعة دول البريكس، وهي الدول الأسرع نموا في العالم. وتضم الصين وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند. وهي الدول المرشحة لقيادة العالم في عام 2050. وتحتل %30 من مساحة العالم %42 من سكانه. ويفوق اقتصاداتها اقتصاد الولايات المتحدة. ومصر الدكتور مرسي لا تبحث عن بديل لواشنطن. فهو أمر من الصعب بمكان، وليس من المنطقي إغفال الدور الأميركي عالميا، ولكنها تبحث عن الاستفادة من تجارب تلك الدول، في النهوض الاقتصادي، ومعالجة أزمة الفقر وغيرها، كما أعاد الرئيس المصري إحياء الدوائر التقليدية للدبلوماسية المصرية، فشارك في كل القمم، التي تم عقدها خلال الشهر الماضية، سواء مجموعة عدم الانحياز، التي مثلت له غطاء مناسبا، لزيارة أول رئيس مصري إلى إيران بعد ثورة الخميني. أو منظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت دورتين، الأولى استثنائية في مكة، والثانية استضافتها القاهرة نفسها. كما شارك في القمة العربية في الدوحة، والاقتصادية في السعودية. وكذلك قمة المنظمة الإفريقية، التي أتاحت له زيارة إثيوبيا، خاصة أن القارة السمراء من أهم الدوائر، التي تحظى بأهمية استثنائية، خاصة دول حوض النيل، وقد زار الدكتور مرسي السودان، وأوفد رئيس الوزراء إلى جنوب السودان، كما أن مصر استقبلت عددا لا بأس به، من قادة الدول وكبار المسؤولين. ونشطت الدبلوماسية المصرية في مرحلة ما بعد الثورة، خاصة مع وجود الدكتور مرسي في الرئاسة، وخرجت من مرحلة الجمود والتكلس، والاكتفاء بدور «ساعي البريد» خاصة على صعيد المصالحة الفلسطينية، وبين السلطة وإسرائيل، إلى حقبة جديدة، تميزت بطرح المبادرات، والمشاركة بفاعلية في كل الأحداث والتحركات. ونتوقف عند الجهد المصري الذي تم بذله، لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، بالتنسيق مع واشنطن، لدرجة أن رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، كان في غزة أثناء الغارات الجوية، ونالت القاهرة والرئيس تقدير الجميع على ذلك، خاصة أن مصر فتحت الطريق أمام الجهود العربية، خاصة القطرية، لإعادة تعمير القطاع، وتم تدشين عدد من المشروعات التي مولتها قطر، أثناء زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى غزة، كما قدمت مصر مبادرة تشكيل لجنة رباعية، تضمها مع السعودية وإيران وتركيا، لحل الأزمة السورية، أثناء القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي في مكة المكرمة، قامت بتطويرها وتوسيع عضويتها مؤخرا، قبل الطرح الروسي الأميركي، بعقد مؤتمر دولي للأزمة السورية.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...