


عدد المقالات 604
إن مقتضيات الحال تقول، إن فوز الغنوشي قد يخفّف الضغوط عن الحزب إلى حدٍّ كبير، ويسهّل عمليات التفاوض التي تتم بينه وبين المكوّنات السياسية، التي تستكثر عليه رئاسة الحكومة والبرلمان، مع وجود رئيس لا ينتمي للحركة تنظيمياً، ولكنه قد يكون أقرب إليها فكرياً، رغم أنه في الفترة الماضية، كان الرئيس السبسي من حزب نداء تونس، وانتمى إلى الحزب ذاته محمد الناصر رئيس البرلمان، ولكن اختيار الغنوشي يمثّل أهمية خاصة للحركة، فترؤسها المجلس النيابي نابع من وظيفته، باعتباره قائماً على تشريع القوانين ومراقبة أعمال الحكومة، بينما الوزارة تمثّل السلطة التنفيذية، التي غالباً ما يتم تحميلها شعبياً مسؤولية فشل سياساتها وبرامجها. ودعونا نعترف أن حركة النهضة تعيش أصعب أيامها، رغم تجاوزها زمن المطاردات والسجون في عصور سابقة، وخروجها من مرحلة التهميش والإبعاد والإلغاء محتفظة بقواعدها التي تمثل أكثر من ربع الناخبين وقد تزيد، فهي صاحبة الأكثرية في البرلمان، وفي المرتبة الأولى بين المكونات السياسية في المحليات، ومرشحها للانتخابات الرئاسية جاء ثالثاً، وإن كان لم يصل إلى مرحلة الإعادة، وتتجسد أزمة النهضة في قواعدها الشعبية، المصابة بالغضب وأحياناً بالإحباط، عن تجربتها في التحالف السابق مع حزب نداء تونس، رغم أن هذا التوافق هو الذي حفظ لتونس استقرارها السياسي، والعبور من العديد من المطبات السياسية بسلام، وتلك القواعد متحفظة على وجود توجه لدى القيادة واستعدادها للتنازل أمام الأحزاب التي رفعت من سقف شروطها في مفاوضات تشكيل الحكومة، بالإضافة إلى الإقرار بالواقع المؤلم، حيث لم تسمح لها نتائج الانتخابات بأن تعمل وفق «أغلبية مريحة» تسمح لها بدعم مرشحها للحكومة، أو «أكثرية معقولة» تتيح لها الدخول في تحالفات محدودة مع من يقبل ببرنامجها السياسي، ويقرّ بحقها في رئاسة الحكومة، كما أن هناك مخاوف بين القواعد والقيادات، من أن تنازلها هذه المرة لصالح مجموعة من الإقصائيين، الذين لا يقبلون فكرة رئاسة النهضة للوزارة أو للبرلمان رغم شعاراتهم البراقة عن الخيار الديمقراطي، قد يكون له تأثيرات سلبية، قد تؤثر على مسيرة النهضة مستقبلاً، وتفلت الأمور لتصل إلى القبول بخيار حكومة الرئيس، أو إعادة الانتخابات النيابية من جديد. وفي رصد أمين لنتائج المشاورات الماراثونية التي تقوم بها حركة النهضة، نجد أن هناك تفاوتاً في الشروط المطروحة أمامها، فالبعض يتحفظ على ترؤس حزب النهضة للحكومة، ومنها حركة الشعب والتيار الديمقراطي، الذي يضيف شرطاً آخر وهو المطالبة ببعض الحقائب الوزارية، ومنها أيضاً تحيا تونس، كما يشترط قلب تونس أن يكون رئيس الحكومة شخصية مستقلة، وهناك الدستوري الذي يرفض التحالف مع النهضة، أما موقف الأخيرة فيتمثل في الإصرار على رئاسة الحكومة -حتى الآن - ورفض مشاركة قلب تونس لاتهامات بالفساد طالت رئيسه نبيل القروي، والدستوري الحر وكذلك رفض شروط التيار الديمقراطي. ومع كل التعقيد في المشهد السياسي التونسي، فإنه لا خوف على التجربة، مع استبعاد فكرة الانقلاب عليها أو صدور البيان رقم واحد، فكما أن هناك «شعباً سيداً» تحدثنا عنه طويلاً في المقال السابق، باعتباره صاحب الشرعية الوحيد، فهناك «دستور حاكم» ومنظّم للحياة السياسية، وفيه تحديد واضح وبالتواريخ، لآليات تشكيل الحكومة ومراحلها، سواء تكليف الحزب صاحب الأغلبية أو أكثرية المقاعد، وهو النهضة، وانتهاء المهلة الأولى للتشكيل، وإتاحة مهلة جديدة إذا فشل الشخص المكلف وعدم قدرة البرلمان على التصويت لصالحه، مع فتح الطريق أمام «حكومة الرئيس»، والذي يعطي هذه الصلاحية وفقاً لتوقيت ومدة شهر، أو اللجوء إلى الخيار الأصعب، وهو حلّ البرلمان والدخول في انتخابات نيابية جديدة، والموعد الجديد لقرار الحلّ مارس من السنة المقبلة، على أن تُجرى الانتخابات المقبلة بعدها بأسبوعين. كل المؤشرات تقول، إن الجميع حريص على ألّا تصل الأمور إلى حلّ المجلس، والشروع في انتخابات جديدة، كما أن النهضة وجهات عديدة قد لا تقبل بأن يتم اللجوء إلى خيار حكومة الرئيس.
لا أدري إذا كانت تصريحات المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة، حول حقيقة ما جرى منذ هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر الغادر على العاصمة الليبية طرابلس في أبريل من العام الماضي، نوعاً من إبراء...
عندما يتعلق الأمر بحاضر ومستقبل أكثر من مائة وخمسين عربي في مصر والسودان، فنحن في حاجة إلى الاصطفاف والحذر، والحرص في التناول والتعامل أثناء التعامل مع ملف سد النهضة، وعندما تكون القضية تخصّ شريان الحياة،...
هاهي أميركا تجني ثمار ما زرعته في العراق، فبعد أكثر من 17 عاماً من غزوها العاصمة بغداد، تجد نفسها مجبرة على الدخول في حوار استراتيجي مع حكومة الكاظمي؛ للاتفاق حول شكل وحجم قواتها هناك، بعد...
إن أي مراقب محايد وحريص على التجربة الديمقراطية الوليدة في أعقاب أنجح نماذج الربيع العربي، لا بدّ أن يقرّ ويعترف بأن هناك أزمة حقيقية تعاني منها تونس، وبداية الحل في الاعتراف بوجودها، والاتفاق على آليات...
عندما يجتمع «الهوان» العربي، و»التخبّط» الفلسطيني، مع «الدعم» الأميركي، وموقف «إبراء الذمة» الأممي والأوروبي، فالنتيجة أن المشروع الإسرائيلي لضمّ 30% من الضفة الغربية -وهو قيد التنفيذ- في يوليو المقبل سيمرّ، وعلى الجميع أن يتنظر خطوة...
بكل المقاييس، فإن شهري يونيو ويوليو المقبلين هما الأخطر في مسار أزمة سد النهضة، وسيحددان طبيعة العلاقات المصرية السودانية من جهة، مع إثيوبيا من جهة أخرى، وكذلك مسار الأحداث في المنطقة، وفقاً للخيارات المحدودة والمتاحة...
أسباب عديدة يمكن من خلالها فهم الاهتمام الاستثنائي من جانب الكثيرين من المعلّقين والكتّاب -وأنا منهم- بقضية سدّ النهضة، والأزمة المحتدمة على هذا الصعيد بين مصر وإثيوبيا والسودان، ومنها أنها تتعلّق بحاضر ومستقبل شعبين عربيين،...
بعد عدة أشهر من استقالة رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبدالمهدي، كان الخيار الأول لمن يخلفه هو مصطفى الكاظمي رئيس الاستخبارات العراقية، ولكنه تحفّظ على قبول التكليف، ووسط عدم قبول كتل شيعية له؛ ولكنه أصبح...
المتابعة الدقيقة لمسيرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر تؤكد أن الرجل لم ولن يتغير؛ فقد ظهر بشكل كوميدي لأول مرة في فبراير 2014، داعياً الليبيين إلى التمرّد على المؤتمر الوطني العام المنتخب من قِبل الشعب الليبي،...
أزمات لبنان الحقيقية تبدأ وتنتهي عند المحاصصة السياسية والطائفية، يضاف إليها الرغبة في التسييس والتأزيم، مع تمترس كل طائفة وتيار وحزب سياسي وراء مواقفه، دون الرغبة في اللجوء إلى التسويات السياسية، أو لقاء الآخر عند...
لن تخرج الاحتمالات الخاصة بتمرير الحكومة العراقية الجديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، عن هذه الاحتمالات؛ إما أن ينجح الرجل فيما فشل فيه سابقاه محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي، ويصل إلى التشكيلة المناسبة ليتم تمريرها عبر مجلس...
لا أسامح نفسي على إطراء شخصية مثل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكنه يقع في إطار إقرار واقع وقراءة في مسيرة الرجل، الذي استطاع عبر سنوات طويلة، أن يستخدم أدواته بصورة جديدة، ليحتفظ بالموقع طوال...