عدد المقالات 41
عسر الجوع في غزوة الأحزاب أخرج الإمام البخاري في صحيحه أن جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- قال: لما حفر الخندق رأيت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- خمصاً شديداً، فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمصاً شديداً، فأخرجت إليَّ جراباً فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتها، وطحنت الشعير، ففرغت إلى فراغي، وقطعتها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: لا تفضحني برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبمن معه، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعاً من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا أهل الخندق إن جابراً قد صنع سوراً، فحي هلا بكم". فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينتكم حتى أجيء"، فجئت وجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك، فقلت: قد فعلت الذي قلت، فأخرجت له عجيناً فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال: "ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها"، وهم ألف، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو. هذه اللقطة التي آخذها من غزوة الأحزاب التي كانت في العام الخامس من الهجرة بين قريش وحلفائها والنبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان الهدف استئصال شأفة المسلمين من المدينة، والقضاء على الإسلام وأهله. ولسنا بصدد الحديث عن غزوة الأحزاب وأسبابها ونتائجها، فهذا مذكور في كتب السير، ولكننا بصدد الحديث عن العسر الذي واجه النبي وصحابته، كي يحملوا هذا الدين ويبلغوه لنا، ليأتي من بعد على طبق من فضة لنا نتوارثه عن آبائنا جيلاً بعد جيل، ولنحمد الله من بعد على نعمة الإسلام. لقد ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- المثل في القيادة، فعلمنا أن الإنسان إذا أراد أن يكون الإمام فعليه أن يكون في الأمام، وعليه أن يكون قدوة في كل شيء، ويحكي الصحابة كثيراً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه -وهو خير البشر- لم يعش في القصور ويتمتع بالدنيا، ولكنه -صلى الله عليه وسلم- عاش في شظف من العيش، فيؤثر الحصير في جنبه ولم ينم على الحرير، ويجوع كما يجوع أصحابه، بل إنه في غزوة الأحزاب كان الصحابة يربطون الأحجار على بطونهم من شدة الجوع، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يربط الحجرين، فهو أشدهم جوعاً. وهي مخمصة شديدة يباح لهم فيها أكل الميتة، ولكنهم في سبيل رفع كلمة الدعوة وجدوا المتاعب لذيذة. في هذا الموقف نجد جابر بن عبدالله يتألم لرؤية العسر والجوع عند النبي، فيستأذن ليذهب إلى زوجه وليعد لهم طعاماً واصفاً حال النبي لزوجه التي أعدت الطعام منبهة زوجها أن الطعام قليل لا يكفي إلا الرسول وبعض أصحابه، وامتثل جابر لما قالته زوجه وذهب ليسر إلى النبي بأنه قد صنع طعاماً يكفيه ونفر قليل من الصحابة، ويصيح النبي في جمع الصحابة الذي جاوز الألف بأن عسر الجوع سيكون يسراً بسبب جابر بن عبدالله، ويحس جابر بالحرج، إذ كيف سيكفي طعام بضعة نفر لعدد جاوز الألف. وهنا نرى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم القائد الدرس الذي لا ينسى، فأعباء القيادة تقتضي أن يكون أكثرهم شغلاً وعملاً، فلقد حمل النبي التراب حتى رؤي بطنه -صلى الله عليه وسلم-، ثم هو لم يشأ أن يأكل والصحابة جياع، وبهذه السمات الخلقية يكون الانتصار على العدو ويكون اليسر بعد العسر. لقد حكى لي أبي الذي كان مشاركاً في حرب أكتوبر، أنهم كانوا في ثغرة الدفر سوار محاصرين، وكانوا لا يجدون ما يأكلون، لكنهم كانوا يقتسمون الطعام قل أو كثر، حتى فرج الله عسرهم، وكتب النصر على اليهود في أشهر مواجهة بين العرب وإسرائيل في القرن العشرين، وحقاً إن مع العسر يسراً.
رمضان تستلزمه مفردات مثل الفطور والسحور والإمساك والاعتكاف والصوم، وغيرها من مفردات جاء ذكرها في معاجم اللغة التي حاولت على مرّ العصور أن تؤرخ لمفردات اللغة العربية، فجاءت جميعا بينها قدر من الاشتراك في توارد...
لطيفة اليومِ عن قولِه تعالى: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)» الأنعام. في هذه الآية لاحظَ المفسرون أنها خُتِمَتْ بقولِه: «وَأَنَا أَوَّلُ...
في سورة الضحى نقرأ: «والضحى والليل إذا سجى» لماذا اختار الله لفظ «سجى» وما معناها؟ وما الفرق بين هذه الآية وقوله تعالى: «والليل إذا يغشى»، وقوله تعالى: «والليل إذا يسرِ»؟ هذه اللطيفة كي نفهمها علينا...
لطيفة اليوم ننقلها لكم من حديث القرآن عن الجنة. نرى فيها مشهداً صوّره القرآن أجمل تصوير. إنه مشهد أهل الجنة حين يطوف عليهم الولدان والغلمان بالأكواب والأباريق، غلمان كأنهم لؤلؤ مكنون، وولدان إذا رأيتهم حسبتهم...
من المواطن المتشابهة في القرآن الكريم، وصف اليوم بأنه عقيم أو عبوس أو ثقيل. وحول هذه المواطن يكون هذا المقال. فأما وصف اليوم بالعقيم، فجاء في قول الله تعالى: (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) [الحج:...
** اليومَ نتأملُ سورتين منَ القرآنِ نزلتَا معًا.. سورتانِ قال عنهما رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "أُنْزِلَتْ عَليَّ اللَّيْلَة آيَاتٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُنَّ قَطُّ: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ". ولهذا سُميتِ...
من المتشابهات القرآنية أننا نقرأ أحياناً: (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، ونقرأ أيضاً: (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). فما الفرق بينهما؟ وردت (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات في القرآن الكريم، ووردت (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات، ووردت...
** عندما نتأملُ قولَه تعالى: (إذا جاءَ نصرُ الله والفتح) نتساءل: لماذا لم يقل إذا أتى نصر الله والفتح؟ ما الفرق بين جاء وأتى في الاستعمال القرآني؟ هنا لطيفة، نبَّه إليها أهل اللغة والتفسير، حيث...
أحياناً يختلط على القارئ أن يقول هذا أو ذلك، وفي هذا المقال نبيّن دقة التعبير القرآني في التعبير بأسماء الإشارة، فمثلاً قوله تعالى: «ذلك الكتاب لا ريب فيه»، يمكن التعبير عنها بصور كثيرة، ولكن القرآن...
اليوم نتأمل سورة نزلت وحولها سبعون ألف ملك، قال عنها سيدنا عمر إنها من نجائب القرآن. إننا اليوم نتأمل الآية الأولى من سورة الأنعام. قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ..)...
من المتشابهات في القرآن أن يأتي اللفظ واحداً ويختلف المعنى، ونمثل على ذلك بمركب (أمر الله) والفعل (عزم). يقول تعالى: (فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون) غافر: 78، وقوله تعالى: (جاء أمر...
نقرأ اليوم بعض اللطائف في قصة ذي القرنين، حيث طلب منه الناس أن يصنع لهم سداً، لكنه قال لهم إنه سيصنع لهم ردماً... (قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ...