alsharq

د. أحمد موفق زيدان

عدد المقالات 272

الشام ليست سجادة إيرانية!

16 فبراير 2015 , 02:04ص

لا يألو الإيراني جُهداً على مدى سنوات في نسج سجادته غرزة غرزة ليصنع منها لوحة فنية رائعة، ليلقي بها أخيراً في بازارات السجاد العجمي، فيطير بها زبائن أجانب يتمتعون بها، وفي الغالب من يتمتع بها الأغيار، فما كان لهذا الصنيع أن يتحقق لولا تصبُّب العامل الإيراني عرقاً ربما يوازي وزن سجادته، لا شك أنه عمل يُعلّم الصبر والتحمّل، بيد أنه ليس بالضرورة أن ينعكس في ساحات القتال، لاسيَّما إن كانت هذه الساحات غريبة الوجه واليد واللسان على المحتل.. أوهام الاحتلال الإيراني في الشام هي التي دفعته إلى أن يخال أن نسج خريطة الشعوب البعيدة عنه كل البعد يمكن أن يتم بنفس طريقة نسج سجاده العجمي، وكي يدرك ويعي الفرق والبون بينهما لا بد أن تسيل أنهارٌ من دمه ومعها بحور نفطه. قد تشكل هذه المقدمة القصيرة مدخلاً لفهم ما يجري في الشام والعراق واليمن بشكل عام وفي حوران اليوم بشكل خاص، بعد أن دفع الإيراني بلواء «الفاطميين» والذي يضم ميليشيات طائفية أفغانية وعراقية ولبنانية شيعية، لاستعادة مناطق استراتيجية تمكنت الفصائل الجهادية من السيطرة عليها في الأسابيع الماضية، إذ ستفضي مواصلة هذه الاستراتيجية إلى وصل درعا والقنيطرة بالغوطة الغربية والريف الدمشقي، تقاطع ذلك مع حالة الهيستيريا التي أصابت النظام وأسياده بسقوط مئات الصواريخ التي أطلقها جيش الإسلام بزعامة زهران علوش على مقرات النظام بدمشق، أرغمت رأس النظام بشار أسد لأول مرة على النزول إلى الملاجئ. شعر النظام ومن خلفه أسياده بأن ما بعد السيطرة على الشيخ مسكين وحميرت وغيرهما من المناطق الاستراتيجية في درعا ليس كما قبله، وبالتالي فالمجاهدون يُحكمون يوماً بعد يوم سيطرتهم على الحدود مع الكيان الصهيوني، وهو ما يُفقده الورقة الأهم التي تاجر بها أمام الغرب والشرق وقبلهما الصهاينة في ضبط حدود جعلتها الأشد استقراراً لليهود حتى من الدول التي وقّعت معاهدات سلام معها.. ردّ النظام باستراتيجيته الوحيدة التي لا يُتقن سواها، استراتيجية البراميل المتفجرة على دوما حارسة الغوطة الشرقية، لكنها لعبةٌ تعامل معها الشعب السوري وأهل دوما على مدى سنوات لم تُخلّف إلا مزيداً من الإصرار والعناد في إسقاط النظام، فمَن فشل وعجز عن إخضاع السوريين بلعبة موته على مدى أربع سنوات، لَهُو أعجز عن إخضاعهم اليوم بعد كل هذا القتل والدمار والخراب. التحرك الإيراني السريع بقيادة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، والذي لم يخض معاركه إلا مع أبناء أكناف بيت المقدس، يشير إلى معطيات مهمة حصلت ومؤشرات أهم قد تحصل في مقبل الأيام، هي ما دفعت طهران إلى التحرك وسط تواطؤ وصمت عالمي وعربي وإسرائيلي على إدارة إيرانية للمعركة بكل صفاقة بعيداً حتى عن النظام السوري، قد نجمل هذه المعطيات والمؤشرات في: 1- على الصعيد الداخلي للنظام، تشير المعلومات إلى أن خلافاً دب بين عصابات أسد وحزب الله بفقدان الأخير لثقته حتى بالحلقة الضيقة للنظام، خصوصاً بعد هروب ضابط بالحرس الجمهوري في جبهة جوبر والتحاقه بالمجاهدين، والذي كان حنفية معلوماتهم عن الحلقة الأضيق للنظام، وهو ما تسبب في وقوع خسائر مهمة لحزب الله، دفعت الإيراني للتدخل وقيادة المعركة بنفسه.. أما في ساحة المعركة، فتقول معلومات الثوار على الأرض إن أكثر من ثمانين بالمئة من المشاركين في معركة حوران هم من غير السوريين، فضلاً عن قيادة المعركة من قبل الإيرانيين، إذ يبدو أنهم كانوا يتحضرون لذلك منذ الغارة الصهيونية على القافلة الإيرانية والحزبلاتية، فقد خلت يومها القافلة من أي عنصر سوري، مما يعني أن ثمة مشكلة بين النظام والإيرانيين.. 2- على الصعيد الإقليمي ثمة مخاوف إيرانية حقيقية من التقارب بين السعودية وتركيا، والتوجهات الجديدة للملك السعودي الجديد سلمان بن عبدالعزيز قد تدفع باتجاه تنسيق وتعاون مع الأردن للقيام بعمل عسكري في سوريا، خصوصاً وأن الأردن بعد إعدام طياره على يد تنظيم الدولة غدا أكثر اهتماماً بالوضع السوري، ولذا فقد لجأ الإيرانيون إلى عملية استباقية من أجل فرض أنفسهم على الحدود مع إسرائيل والأردن على أنهم الجهة الوحيدة الضامنة لأمن الصهاينة. 3- الواقع الدولي واضح أنه راغب بالاستنزاف الحاصل لكل الأطراف، ولذا فقد دعم وجود طهران على الحدود السورية مع إسرائيل، وضمن هذا السياق قد تُفهم تصريحات قادة الجيش الصهيوني من أن الحركات الجهادية السورية أخطر من حماس وحزب الله وغيرهما، وهي إشارة واضحة على الرضا عما تفعله إيران في حوران.. التمدد الرهيب الذي تقوم به إيران من العراق إلى اليمن مروراً بلبنان والشام لا تقوى عليه إيران لا بشرياً ولا مالياً.. ونشوة الانتصار السريع التي انتشت بها القيادة الإيرانية ينبغي ألا تُسكرها عن فهم الواقع وتعقيداته، فالشعوب في هذه الدول تعيش حالة ثورة حقيقية ضد المحتلين الداخليين والخارجيين، فكل المحتلين الأجانب عبر التاريخ لم ينهزموا تكتيكياً، ومن يراجع حروب أميركا في فيتنام وحروب السوفييت في أفغانستان وكذلك حروب أميركا في العراق وأفغانستان، يدرك أنهم لم ينهزموا في المعارك اليومية ولا في التكتيك، لكنهم انهزموا في الاستراتيجيات وأرغموا على الهزيمة ولو بعد حين.. حالة العداء السني مع إيران المستغلة لجزر شيعية في دول عربية وإسلامية، لن تُفلح في فرض واقع إيراني يحلم به ملاليها، الحلم أفصح عنه كبار قادتها السياسيين والعسكريين باستعادة إمبراطورية ساسانية من أفغانستان إلى شواطئ المتوسط، حلم مستحيل تحقيقه في ظل ثورة ووعي سني غير مسبوق بمخططاتها، فالكل يرى حصاد التدخلات الإيرانية في العراق والشام واليمن، حروبا ودمارا وخرابا وقتلا عاماً تتقازم أمامه كل جرائم الصهاينة على مدى عقود.. هذه الجزر الشيعية قدرها التاريخي أن تعيش وسط محيط سني منذ مئات السنين، تعايشاً سلمياً مشهوداً، لم تُكدره إلا تدخلات إيرانية لاستغلالها في بازار سياساتها، فالمحتل سيرحل وحينها لن تقوى هذه الجزر على تغيير الجغرافيا، فستُضطر لتقليع شوكها بيديها، بينما يعود التاجر الإيراني لنسج سجادة تفاوضه مع الآخر تاركاً للجزر نسج سجادتها في تعايش وبقاء مع محيط سني استعدته وقاتلته، عودة قد تكون مكلفة جداً. ? @ahmadmuaffaq

موسكو تعود إلى أفغانستان من البوابة السورية (1-3)

كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...

الشمال المحرّر معاناة لا تنتهي (2-3)

قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...

الشمال المحرر معاناة لا تنتهي (1-3)

أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...

مدن الشام فارغة وأهلها يرقبونها من خيامهم

لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...

المشروع الروسي خارج الزمان والمكان

ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...

خرْق السفينة الأسدية

الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...

السوريون وثورة الجياع اللبنانية

منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...

الأسد بين موسكو وطهران (2-2)

تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...

دروس من وباء عام 1918

يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...

أفغانستان ما بعد الاتفاق الطالباني- الأميركي (2-2)

أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (2-2)

الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (1-2)

لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...