


عدد المقالات 283
لا حديث في تونس هذا الأسبوع إلا عن زيارة الداعية المصري الشيخ وجدي غنيم. وما خلفته من جلبة زادت في شق الصفوف. وضاعفت من هواجس الناس الخائفة أصلا. قبله لم تمر زيارة الداعية عمرو خالد مرور الكرام. فقد اضطر الداعية «النجم» للاستنجاد بأمن الفندق الذي سكن فيه عندما هم به جمع من التونسيين أرادوا إيذاءه. وتعرض إلى هجومات لاذعة على المواقع الاجتماعية. لكن ما حدث لعمرو خالد في تونس «كوم». وما حدث للشيخ وجدي غنيم «كوم تاني»! لسائل أن يسال: لماذا تقابل زيارة هؤلاء الدعاة «النجوم» إلى تونس بمثل هذه الحدة. فيما يشتهر التونسيون بحسن وفادة ضيوفهم؟! لا شك أن فريقا منهم رحب بالزيارة. والدليل آلاف مؤلفة من الحناجر التي كبرت وهللت مع الشيخ غنيم. وتبعته في جولته بين مختلف المدن التونسية التي زارها. ووفرت له الحماية ممن اصطفوا في أطراف الأماكن التي قصدها لمنعه من دخولها. أو ممن تحلقوا حول مقرات محاضراته. محاولين إفسادها. ومع ذلك فقد فسد بعضها بالفعل. فاضطر الشيخ إلى اختصار كلامه. أو إلى «الفرجة» أحيانا على اشتباكات وهرج ومرج ما كان يجب أن يحدث في بلد يبحث عن نفسه وسط ركام ما حدث له طيلة عام مضى. والمشكلة -في رأيي- أن الذين دعوا الشيخ غنيم قد أسرفوا في الاستعراض والمغامرة، متناسين أن الظروف السياسية والنفسية لا تسمح في الوقت الراهن بأي قدر من الاستهتار، خصوصا أن الناس يعيشون قلقا متزايدا نتيجة التسريع الذي يطرأ على نمط حياتهم المعتاد. ويتلبسهم من مستقبل غائم ومزدحم بأسئلة حائرة. لا تستثني السياسي ولا الثقافي ولا الاقتصادي على وجه الأخص. أما طرف المشكلة الثاني فيتمثل في رافضي زيارة الداعية. وبعضهم يسمع عنه لأول مرة في حياته. ويقتصر علمه على أن الشيخ وجدي غنيم «منظر» لختان البنات. وهو بلا شك أمر صادم جدا للثقافة الاجتماعية التونسية. هؤلاء لم يكونوا أقل إسرافا واستعراضا لموقفهم الرافض. في ظل غياب شبه كامل لشروح من السلطات أو من النخب حول ماهية ما يحدث. وفي غياب تأطير علمي وحزبي لهذا الفريق يجعل موقفه أكثر عقلانية وفاعلية. فيمنعه من الاندلاق نحو تكريس فرز ثقافي عنيف لا يبشر بأي أفق للتعايش ضمن الاختلاف. ولم يغيب أسلوب الشيخ غنيم عن ثالث أضلع المشكلة. وهو يدخل تونس دخول الفاتحين. وكأنه مبشر بالإسلام لأول مرة في تاريخها. عدا تناسيه أنه أمام ثقافة مختلفة عما عهده في بلاد أخرى. ثم سقوطه في مناكفة المعترضين عليه. بما زاد من صب الزيت على النار. وفي وسط هذه الجلبة غير المسبوقة. عجزت الأغلبية من الطرفين عن الارتقاء إلى مستوى تحدي اللحظة الحرجة. باستنثاء الشيخ عبدالفتاح مورو (أحد مؤسسي حزب النهضة المنسلخين عنها) الذي تحدث إلى التونسيين وبشكل غير مباشر إلى الزائر المثير للجدل. فانتبه القوم إلى أن هناك طريقا ثالثة يمكن أن تصون كرامة الضيف. وتحفز المضيف على أداء واجب الضيافة. الشيخ مورو استعرض علومه الشرعية والاجتماعية والسياسية فحصد الإعجاب. لكن الأهم أنه فتح عيون الجميع على أنه ما هكذا تورد الإبل. وليس بتبادل الشتائم يخرج التونسيون من الدائرة المفرغة التي تردوا فيها ولا بالسباب ولا بالتماهي الأعمى يستطيعون الإفادة من ضيوفهم. فعندما يصل الأمر بين بني الوطن الواحد إلى فراق اجتماعي وإلى فرز ثقافي، يصبح أخطر كثيرا من مجرد «شوفينية» قومية طارئة أو طفرة عصبية أيديولوجية فائرة.
كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...
بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...
لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...
كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...
رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...
في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...
كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...
عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...
تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...
كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...
خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...
من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...