


عدد المقالات 103
بجدية شديدة طلبت من خطيبتها تأجيل موعد حفل الخطوبة إلى الأسبوع المقبل. فقد تصادف أن حددت المناظرة يوم الخميس. لم يقاوم كثيرا فقد كان مأخوذا كذلك بالحدث الجديد على المنطقة العربية. وتماما كما يحدث قبيل مباريات كرة القدم المهمة. أضاف العمال بالمقهى عددا من المقاعد الإضافية. المقهى الذي يقع في قلب القاهرة كان يستعد للساعة الفاصلة التي ستشهد فيها مصر أول مناظرة سياسية بين مرشحين للرئاسة. أما أنا فقد أجلت موعد طبيب الأسنان لأنضم إلى عدد من الصديقات لنشاهد المناظرة. جاء الحدث في وقت يسكن فيه الضباب كل مصر وتتوالد الأسئلة من دون ضابط. وتبقى خانة الإجابات خالية تسكنها علامة استفهام تتضخم يوما بعد يوم. في المقهى استقبل الشباب المناظرة بطريقة النقاط. فما أن سأل موسى مناظره د.أبوالفتوح حول موقفه من العنف الذي تبنته الجماعة الإسلامية التي كان الأخير عضوا بها حتى هلل الحضور إعجابا بتلك الهجمة القوية. وانتعش البعض مرددا 1/صفر. استمر التهليل والصراخ لدى لحظات انتصار أي من الخصمين برغم أن كثيرا من الحضور لم يكن منتميا لأي من المرشحين. لكنها المباراة التي جذبت الجمهور فانفعل كما ينفعل لدى متابعة مباريات كرة القدم. ويستدعى مشهد المرشحين المصريين مشهدا قريبا بين فرانسوا هولاند الذي يعتبر أول مرشح يساري يدخل السباق الانتخابي الفرنسي منذ الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، والرئيس ساركوزي الذي كان طامعا في جولة رئاسية جديدة برغم إحباط الفرنسيين من الرجل نظرا لوعوده بزيادة الرواتب ثم تخاذله. بل إنهم حملوه تبعات تزايد معدلات البطالة بين الشباب. وتشير استطلاعات الرأي بأن مسلمي فرنسا صوتوا لصالح المرشح اليساري عن الحزب الاشتراكي الفرنسي فرانسوا هولاند، وذلك بسبب موقف ساركوزي السلبي من المهاجرين وتعثر عملية دمج المسلمين بالمجتمع الفرنسي. ولعل من مفارقات الانتخابات الفرنسية هو دعم بعض الشيوخ المسلمين في فرنسا للمرشح الاشتراكي هولاند. في حين أن تلك الجالية نفسها لو صوتت في بلدانها الأصلية لجاءت النتيجة لصالح القوى المحافظة، ويعود حماس القادمين من الشرق والجنوب لمرشحي الاتجاه اليساري في الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية بسبب موقف اليسار المتعاطف مع المهاجرين. وهذا هو بالضبط ما حدث في معركة الانتخابات الرئاسية الفرنسية الحالية حيث يعتبر المرشح الاشتراكي هولاند مرشحا لفقراء فرنسا حسب برنامجه الانتخابي، وكذلك خطته لدعم دمج الأقليات العرقية والدينية في المجتمع الفرنسي. وتكشف المقارنة بين المشهد المصري والمشهد الفرنسي عن حجم أهمية الطرف الثالث في أي انتخابات. وهم هنا «الشعب» أو الناخب القادر على قراءة برنامج المرشح الرئاسي أو البرلماني وعلى تقييم أدائه ومحاسبته عقب انتهاء فترة ولايته. الأمر الذي يتطلب وجود ناخب واع وفطن للتوجهات السياسية للمرشحين أو قادر على معرفة تبعات ذلك التوجه عليه كمواطن فرد ثم على المجتمع بصفة عامة. تلك الدرجة من الوعي لم تتوفر في الحالة المصرية لأسباب عدة لا يسأل عنها المواطن المصري بل تسأل عنها الأنظمة السابقة التي سرقت الوعي من المواطنين عبر إغراق كثيرين منهم في الأمية والفقر وإغراق البعض الآخر في اللهاث لتلبية أبسط المقومات الحياتية. ثم احتكار الحياة السياسية لصالح نخب غالبا ما كانت فاسدة. على أنه رغم ذلك فانشغال مصر بمناظرة رئاسية هي الأولى من نوعها في المنطقة بأسرها يشير إلى تغيير جوهري جلبته الثورة المصرية. يبدو كأنه بداية فقط لطريق طويل سيخوضه المصريون وأعينهم شاخصة بتمعن على النموذج الفرنسي الباهر.
إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...
سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق...
في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...
«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...
المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...
طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...
أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...
أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...
كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...
في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...
الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...
أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...