الغرب المتغطرس وازدواجية المعايير

شهدت قطر نهضة كبيرة خلال العقدين الماضيين على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وباتت تمتلك من القدرات البشرية والكفاءات الوطنية ما يعبّر عن إرثها الثقافي والحضاري وقوتها الاستراتيجية، ويعكس صورتها لاعباً مؤثراً لا يُستهان بدوره في القرار الدولي. إن ما تتعرّض له قطر منذ فوزها بحق استضافة بطولة كأس العالم عام 2010 وحتى الآن من حملات عنصرية بغيضة من دول بعينها تدعي المدنية والتحضر ودعم حقوق الإنسان، يُظهر مدى ازدواجية معايير هذه الدول، واعتمادها سياسة الكيل بمكيالين، فتارة يشيدون بالدوحة ودورها المؤثر في الاقتصاد العالمي، باعتبارها لاعباً مهماً للاستثمار، من خلال صندوقها السيادي الذي يعد شرياناً رئيسياً ينعش ويبث الحياة في قلب قطاعات مختلفة ومتنوعة في بلادهم التي تأثرت وعانت خلال العامين الماضيين من تداعيات جائحة كورونا «كوفيد- 19»، وتارة أخرى، نجد الدول ذاتها تنتقد قطر وتظهر عداءً كبيراً، من خلال ادعاءات وافتراءات وحملات إعلامية ممنهجة لا أساس لها من الصحة فيما يخص حقوق العمال والمونديال والتي لم يثبت منها شيء بشهادة العديد من المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة العمل التي تؤكد دائماً على التقدم المحرز في إصلاحات العمل خلال السنوات الأخيرة، من خلال برنامج مشترك مع الحكومة القطرية يتضمن التشريعات القانونية، إلى جانب السلامة والصحة المهنية ومكافحة العمل القسري والاتجار بالبشر، ما دعا مدير عام المنظمة إلى وصف التجربة بـ «القيمة» والتي يُحتذى بها ويدعو لتكرارها في بلدان أخرى. إن الدول الغربية المتغطرسة التي تصنّف نفسها مدافعاً عن حقوق الإنسان تتفشى داخل مجتمعاتها ظواهر العنصرية والطبقية البغيضة والحياة المادية البحتة التي لا توجد فيها أي مظاهر من قيم الإنسانية والرحمة، وبالعودة إلى الوراء سيظهر السجل الأسود لهذه الدول في العديد من البقاع والبلدان حول العالم، وما ارتكبته من مجازر وإبادة بحق شعوب بأكملها لا يغيب عن أحد، فالتاريخ لا ينسى ونحن لا نعاني الزهايمر.. من يملك بيتاً من زجاج لا يقذف الناس بالحجارة. لقد تغيرت المعادلة وباتت قطر لاعباً مؤثراً في العالم، ودورها واضح وضوح الشمس في العديد من الملفات، وعليهم الاعتراف بذلك.. النهضة والتقدم واستضافة البطولات ليست حكراً على عرق أو قارة أو دولة.. العالم تغيّر وتغيرت معه موازين القوى، وأصبحت تقاس قوة الدول بمقدراتها ونهضتها الحضارية والعلمية والاقتصادية.. عذراً أيها الغرب لقد انتهى عهدكم..