alsharq

أحمد حسن الشرقاوي

عدد المقالات 198

صراعات «شاور وضرغام».. وسقوط الدويلات الصليبية!! (2-2)

13 يونيو 2015 , 01:44ص

في الأسبوع الماضي رويت قصة لقائي بصديق قديم فرقت بيننا سبل الحياة لأكثر من عشرين عاما. التقيته مصادفة، لنسترجع ذكرى أيام خلت، أخذنا الحديث لأحوال وطننا مصر وما دفعه للهجرة منها وبدء حياة جديدة في كندا، وما اضطرني للجوء لمنفى اختياري وأنا على مشارف الخمسين من العمر لأبدأ نضالا لا هوادة فيه لإسقاط حكم العسكر الانقلابيين في مصر. اتخذ الحديث مناحي متعددة ركزت فيها على تاريخ مصر الفاطمية، في نوع من الإسقاط على حاضر كئيب لم يستفد من دروس التاريخ في استشراف المستقبل. رويت لصديقي كيف كانت الأيام الأخيرة للدولة الفاطمية في مصر من أسوأ الفترات السياسية في تاريخ مصر الإسلامية، فقد أصبح الخليفة الفاطمي يشارك في مؤامرات ودسائس ضد وزرائه للتخلص منهم. وباتت كل الأطراف تتآمر ضد بعضها البعض، كانت حالة تشبه تلك التي وصفها الفيلسوف الإنجليزي «توماس هوبز» في كتابه الشهير «ليفياتان- أو التنين» بأنها «حرب الكل ضد الكل» War of everybody against everybody else- ولم يكن أي طرف من تلك الأطراف المتصارعة يخجل من الاستقواء بملوك الإمارات الصليبية في الشام ضد منافسه أو منافسيه في مصر، مما أدي إلى تحريك أطماع الصليبيين في الاستيلاء على المحروسة. في تلك الفترة التي تموج بالصراعات، والتي تشبه كثيرا الأيام التي نعيشها حاليا، تحركت رغبات نور الدين محمود زنكي ملك دمشق وحلب لضم مصر إلى الشام في جبهة واحدة ضد الإمارات الصليبية وكان نور الدين -وفقا للدراسات التاريخية لتلك الفترة- قد نجح في توحيد معظم مدن وأقاليم الشام تحت إمرته وصار يوجه ضربات موجعة للإمارات الصليبية. في تلك الأيام حالكة السواد في مصر، ظهر ضرغام أبوالأشبال، وهو أمير فرقة من الجند المغاربة، كمنافس للوزير شاور على كرسي الوزارة زمن الخليفة العاضد. واستطاع ضرغام خلع شاور من وزارة مصر بمساعدة الخليفة الفاطمي نفسه. فما كان من شاور إلا أن هرب إلى الشام واستنجد بنورالدين محمود زنكي ليعيد إليه الوزارة، ووعده بثلث خراج (إيراد) مصر، وأن يمنح جنده إقطاعات يقيمون فيها في مصر. بعد فترة من التردد وافق نورالدين محمود زنكي على مساعدة شاور لاستعادة الوزارة في مصر شريطة أن يعترف شاور بسيادة نورالدين على مصر. وكان نورالدين يرغب في تحويل مصر إلى المذهب السني وتوحيد مصر والشام ضد الصليبيين. أرسل نور الدين محمود قائده «أسد الدين شيركوه» على رأس جيش إلى مصر. وأصطحب أسد الدين معه ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي الذي كان في الخامسة والعشرين من عمره آنذاك. تقابل جيش شيركوه وجيش ضرغام عند القاهرة، واستطاع شيركوه أن يهزم قوات ضرغام ويقتله، ويعيد شاور إلى الوزارة، ولكن شاور نكث بعهده ورفض الاعتراف بولائه لنورالدين محمود، وطلب من شيركوه أن يعود إلى الشام. ولكن شيركوه توجه بجيشه إلى مدينة بلبيس في دلتا مصر وتحصن بها ضد شاور. فأرسل شاور هذه المرة إلى أموريِ (Amalricus)) ملك بيت المقدس الصليبي ليساعده في التخلص من أسد الدين شيركوه. وكان سقوط عسقلان في غزة، بوابة مصر الشرقية، في يد الصليبيين قد أغرى أموري ملك بيت المقدس بالاستيلاء على مصر لتصبح أحد الممالك الصليبية، إلى جانب أنه أراد أن يمنع نورالدين من أن يوحد الشام ومصر ضد الصليبيين. ومما يؤكد ذلك قول المؤرخ المعروف وليم الصوري الذي عاصر زمن الحملات الصليبية على المشرق العربي «لن تنعم القدس بالأمان إلا إذا استمر العداء بين القاهرة ودمشق». فوافق أموري وسار بجيش إلى مصر وحاصر شيركوه في بلبيس ثلاثة أشهر. وفي النهاية قبل شيركوه الخروج من مصر مقابل خروج الصليبيين أيضاً. والحقيقة أن ما دفع الصليبيين إلى الموافقة على الخروج من مصر هو أن نورالدين محمود في الشام عمد إلى الإغارة على قلاع ومدن مملكة بيت المقدس، وسقط العديد منها في قبضته، ثم أرسل أعلام هذه المدن والقلاع التي غنمها لتنشر على أسوار بلبيس. فلما رأى أموري ذلك انزعج بشدة، فوافق على الخروج من مصر ليسرع بالعودة إلى مملكته. ولكن شيركوه الذي رأى ضعف مصر وهوان الخلافة الفاطمية التي تدين بالمذهب الشيعي، عاد يلح على نورالدين ليرسل حملة أخرى إلى مصر. فوافق نورالدين، ليرسل بعد سنتين أي عام 1167 من الميلاد/562 من الهجرة، جيشا ً آخر إلى مصر بقيادة أسد الدين شيركوه ومعه ابن أخيه صلاح الدين الأيوبي مرة ثانية لم تكن الأخيرة! وعادت ريمة لعادتها القديمة، فلجأ الوزير المتآمر «شاور» للاستعانة بالصليبيين مجددا ضد جيوش نورالدين محمود زنكي وقائده أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين. • Sharkawi.ahmed@gmail.com

بعد النيل.. هل تذهب سيناء ؟!

اليوم نستكمل معكم بقية الحكاية التي بدأناها في خاتمة المقال السابق عن أطماع اليهود في سيناء منذ قرون طويلة، فهي بالنسبة لهم في قلب العقيدة الصهيونية، لدرجة أن تيودور هرتزل -مؤسِّس الصهيونية العالمية- أطلق عليها...

بعد النيل.. هل تذهب سيناء؟! (1-3)

يبدو من المرجح حالياً أن أزمة سد النهضة لن تجد حلاً، وأن السد سيتم تشغيله، وأن ملء بحيرة السد سيحجب كمية كبيرة من حصة مصر في مياه النيل، لكن ماذا عن شبه جزيرة سيناء؟! يلاحظ...

ترمب مجدّداً.. أم بايدن؟!

السؤال الذي يتردد بكثافة في أوساط الأميركيين، وربما في أنحاء العالم في الوقت الحالي هو: هل يفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بقترة رئاسية ثانية تمتد حتى 2024؟ أم يتمكن غريمه الديمقراطي جو بايدن من هزيمته...

شبح ريجيني في القاهرة!

رغم مرور 4 أعوام ونصف العام على وفاة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الغامضة بالقاهرة، لا تزال ملابسات وظروف الوفاة غير معروفة، ويبدو أن صبر الحكومة الإيطالية نفد، وبدأت تطالب القاهرة بردود حاسمة وتوضيحات مقبولة، فقد...

عندما تنظر أميركا في المرآة

من منّا لا يعرف قصة سندريلا والأقزام السبعة، كلّنا تربّينا عليها، وتعاطفنا مع السندريلا التي كان عليها أن تتقبّل قهر وظلم زوجة أبيها وبناتها المتعجرفات، حتى تأخذنا القصة للنهاية الجميلة حين تلتقي السندريلا بالأمير، فيقع...

أرض العميان (2-2)

أحد أصدقائي أوشك على الانتهاء من كتابة رواية طويلة عن أحوال المعارضة المصرية في الخارج منذ 2013م، وقد اقترحت عليه اسماً للبطل الرئيسي لروايته، وهو معارض ليبرالي يسحق الجميع من أجل مصالحه الشخصية الضيّقة. اقترحت...

أرض العميان (1-2)

عندما تغيب المنافسة العادلة أو تكون محدودة، هل يمكن أن تعرف الصحافي الجيد أو الكاتب الأكثر براعة أو الأجزل في العبارة، أو الأغزر إنتاجاً، أو الأعمق فكراً، أو الأفضل أسلوباً؟! كيف ستعرفه إذا لم تتوافر...

الميكافيلليون الجدد!!

في جامعة القاهرة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كنت مندفعاً في دراسة العلوم السياسية، وكنت قرأت كتاب «البرنس» لميكافيللي قبل دخول الجامعة، ولم يعجبني! دخلت في مناقشات جادة وأحياناً حادة مع أساتذة درسوا في الجامعات...

حصن الحرية.. «بوسطن جلوب» نموذجاً (2-2)

بعد المعركة الصحافية الشهيرة التي خاضتها صحيفة «بوسطن جلوب» خلال عامي 2001 و2002، والتي انتهت باستقالة الكاردينال لاو رأس الكنيسة الكاثوليكية في عموم أميركا، ترسخ اعتقاد لدى مواطني مدينة بوسطن من الكاثوليك، أن الصحيفة الأكبر...

الصحافة والكتابة.. في زمن «كورونا» (2-3)

ليالي زمن «كورونا» تمرّ بطيئة وطويلة، لكنها ليست كذلك لمن يقرأون طوال الوقت حتى يستطيعوا الكتابة الأديب المصري الفذّ مصطفى لطفي المنفلوطي، كتب في بداية القرن العشرين أن الكاتب يشبه «عربة الرشّ» وهي عربة كانت...

الصحافة والكتابة.. في زمن «الكورونا» (1-3)

لا أخفي عليكم، أن الكتابة وفق مواعيد محددة مسألة مرهقة، في بعض الأحيان لا توجد فكرة واضحة للمقال، أو يصاب الكاتب بالحيرة في الاختيار بين أكثر من فكرة، وفي أحيان أخرى يقترب موعد تسليم المقال،...

قلاع الحريات الأميركية (2-3)

الصحف الأميركية هي قلاع حقيقية تصون الحريات العامة فى البلاد، هذه حقيقة يفتخر بها الأميركيون على بقية أمم الأرض. في عالمنا العربي تختفي تلك القلاع، فيحدث أن تتجرأ النظم المستبدة على تلك الحريات، وتعصف بها...