alsharq

جيهان أبوزيد

عدد المقالات 103

فالح بن حسين الهاجري - رئيس التحرير 11 نوفمبر 2025
شراكة تتقدم نحو التنفيذ.. الدوحة تفتح مرحلة جديدة في التعاون مع كوريا
فاطمة الدوسري 12 نوفمبر 2025
تربية حريم
رأي العرب 13 نوفمبر 2025
تعزيز الهوية العربية والإسلامية
ناصر جاسم المالكي 12 نوفمبر 2025
أصعب أنواع الجهاد

جدران من دون ألوان ونساء من نسخة واحدة

12 مارس 2012 , 12:00ص

أُغلق الباب بمفتاح ضخم عقب دخولنا. فإذا بالمكان أرحب مما يبدو من الخارج. على اليسار كانت هناك ألعاب أطفال حديدية مثبتة بالأرض. وعلى اليمين كان عنبر الأمهات. على عتبته جلست ثلاث سيدات، اثنتان منهما كانتا غارقتين في حوار متصل بينما طفلاهما يلعبان على مقربة. والثالثة مستندة على جانب المدخل شاخصة بعينيها للسماء. كان يوما صحوا في مستهل شهر مارس قبل عشرين عاما، لكن الربيع الذي كان قد اقترب من الأبواب لم يكن قد بلغ سجن النساء بالقناطر بعد. فالسجن الكبير متسع الأرجاء كان باردا رغم الشمس الساطعة في السماء. وفي مصر لا يوجد سوى سجنين للنساء، أنشئ الأول عام 1957 في منطقة القناطر الخيرية التي تبعد 25كم شرق العاصمة القاهرة. ثم أنشئ السجن الثاني عام 1996 في محافظة البحيرة. لكني تعجبت حين علمت بخبر إنشاء ثالث. فلدى النساء فائض من السجون. وما هن بحاجة للمزيد. توقفت بنا السيارة أمام بوابة خشبية كبيرة مكونة من ضلفتين لا يفتحان أبدا. وإنما صنع في إحداهما باب صغير يسمح بالكاد لشخص متوسط الحجم بالمرور. دلفنا للداخل حيث «الحوش» الواسع الذي يحتضن كل العنابر لنفاجئ بجدران من دون ألوان ونساء من نسخة واحدة مكررة في جلباب طويل أبيض. وفي السنوات العشرين التي تلت زيارة سجن النساء بالقناطر حدث أن ذهبت لشراء تلفزيون جديد. فإذا بالبائع ابن لإحدى الصديقات. تخرج الشاب من كلية الهندسة وتلقى أمرا عائليا بالبقاء في مشروع العائلة. فكان أن استجاب. لكنه نسى كيف يبتسم. وبدأت روحه في المشيب وهو بعد دون الثانية والعشرين. حين ودعته قائلة نلقاك قريبا إن شاء الله. رد بصوت أجوف «لا أعتقد.. أنا مسجون هنا». وفي أوراق القانون تتعدد أنواع السجون طبقا للفلسفة العقابية السائدة، ففي المدرسة التقليدية قسمت السجون وفق نوع الجريمة وحجم العقوبة. أما في ظل المدرسة الحديثة فإن تقسيم السجون يستند إلى الغرض الأساسي للعقوبة وهو إصلاح الجاني وتأهيله على نحو يقتضي معه تصنيف المحكوم عليهم إلى مجموعات تتشابه في الظروف ودرجة الخطورة الإجرامية ودرجة القابلية للتأهيل. كما تصنف السجون وفق علاقة السجناء بالعالم الخارجي إلى سجون مغلقة تماما وسجون مفتوحة وسجون شبه مفتوحة. والسجن كعقاب يحرم من الحرية عرفته الحضارات الشرقية مبكراً، حيث وجد في الصين والهند ومصر وبلاد الرافدين. وتتفق كل السجون على سجن حرية الإنسان فور اتهامه. لكن جارتي التي تتنفس خوفا من زوج يقذف نارا إذا غضب تقدمت نحو السجن بخطوات متدرجة. في البداية سألها زوجها ترك العمل ثم الابتعاد عن صديقات لها ينزعج حين يراهن، ثم صرخ فيها حين خرجت بمفردها لشراء ملابس العيد لأبنائها، ثم أخيرا خلع تلفون المنزل لعدم الحاجة إليه وأمرها بتغطية وجهها بنقاب أسود. في سجن النساء قالت لي «أم عصمت» إنها رأت زوجها يوزع مخدرات على طلبة المدرسة المواجهة لمنزلها. هددها بالطلاق إن نطقت كلمة واحدة. ظلت السيدة حبيسة الخوف من الطلاق. لكنه وحين هاجمت الشرطة منزله ادعى أن زوجته هي التي تبيع الحبوب للطلبة خاصة وأكياس الإدانة كانت مدفونة خلف خزانة ملابسها. حين سألتها: طيب تهمتك كانت إيه؟ ضحكت ساخرة: «النيابة قالت بأوزع مخدرات على الطلبة. أما أنا شايفة إن تهمتي هي الخوف». على أن الخوف لم يكن تهمتها بمفردها فهو أيضاً تهمة الشعوب العربية التي عاشت عقودا حبيسة سجون كبيرة وقف على رأسها سجانون في زي زعماء الدولة. وحين كسرت الجدران ونفذ منها الشباب إلى الميادين وتبخر الزعماء، اكتشف الجميع مشدوها أن الأسوار التي حاصرتهم كانت داخلهم. وفي مصر خرجت مسيرة هائلة الأسبوع الماضي بمناسبة يوم المرأة العالمي لتذكير ساكني البرلمان ومجلس الوزراء بأن القوانين والتشريعات والسياسيات ستطبق على النساء والرجال. فلا ينتقصوا حقوق المواطنين النساء. بينهم كانت تسير على كرسيها المتحرك تدفعها صديقة لها تحمل لوحة ورقية بيضاء كتب عليها (حقي وحقك في الدستور من غير ظلم من غير جور). لم تنفِ «إيمان» أن إعاقتها سجن. لكنها أضافت «وأنا قررت الخروج منه». اختفت إيمان في زحام المتظاهرات والمتظاهرين، دافعة كرسيها للأمام، تاركة رسالة لكل من مرت به تقول «إن أبواب السجون، كل السجون تفتح حين نقرر فتحها». ويشرح مصدر رفيع المستوى بالسجون: كان يوجد بالقطر المصري أماكن لحجز المتهمين والمجرمين ولم تكن سجوناً مشيدة لهذا الغرض بالذات وإنما كانت عبارة عن ورش معدة لصناعة من الصناعات، ولم يكن للسجون إدارة خاص إلا منذ صدور الأمر العالي في 10 ديسمبر سنة 1878 في أواخر عهد الخديوي إسماعيل الذي حدد وظائف النظار، حيث جعل من اختصاص نظارة الداخلية الحبس خانات فكانت السجون بناء علي ذلك تابعة للضبطيات ثم للبوليس عندما حل محل الضبطيات بالأمر العالي الصادر في 21 ديسمبر سنة 1883. وفي 10 فبراير سنة 1884 صدر قرار مجلس النظار بهيكلة السجون كمصلحة خصوصية تحت إدارة مدير عمومي وفي 12 أبريل سنة 1885 جعلت تفتيشاً مستقلاً برئاسة مفتش عام تابع لنظارة الداخلية فكان الحبس ينفذ في عاصمة كل مديرية من مديريات القطر، وكانت الأشغال الشاقة تنفذ على المحكوم عليهم بها في ثغر الإسكندرية في استحكام هناك يسمى البرج الزفر.. وكلمة «ليمان» التي تطلق حتى الآن على المكان الذي ينفذ فيه حكم الأشغال الشاقة كلمة تركية معناها «مرفأ»، وكان إطلاقها صحيحاً في ذلك الوقت لما كان المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة ينفذ عليهم بالإسكندرية، ومع أن التنفيذ الآن لهذه الأحكام أصبح في داخل البلاد.

مصر حتنور تاني

إنه اللقاء بكل شغفه ولهفته وقوته وطاقته القادرة على إحياء الأمل وبعثه من باطن اليأس. إنه اللقاء.. فلم أجد لفظة أخرى تصف العيون المتلألئة ولا الخطوات المندفعة ولا تلك الحياة التي عادت تجري فكست الوجوه...

بين اللجوء والنزوح مساحة ألم

سمعت تلك الكلمة للمرة الأولى في منزلنا بينما جارتنا تأخذ قسطا من الراحة لدينا. اعتذرت عن كوب الشاي الذي أعدته أمي قائلة «لازم احضر العشا للاجئين اللي عندي». أخبرتني أمي أن «اللاجئ « مصطلح يطلق...

من الطابق التاسع رأيت خط الطباشير الأبيض

في الطابق التاسع كنت أسكن. ومن أعلى رأيت أطفال الجيران يرسمون في الشارع الإسفلتي خطا أبيض. ثم احتكروا لأنفسهم المساحة الأكبر وتركوا للطفل الأسمر وأقرانه ما تبقى. والأسمر كان في مثل عمرهم. وكذلك فريقه الذي...

في قلب القاهرة ماتت «شهرزاد»

«لقرون طويلة حكيت عني يا شهرزاد, غطى صوتك على صوتي» لكنى الآن وبدون ندم أشيعك إلى مثواك وأعلم أني لن أسبح في الفرح, لكني سأعيش بهجة غسل تراثك. وفى حضرة الحكاية علينا أن نبدأ القصة...

ثلاثة مشاهد لا يربط بينها إلا «المياه»

المشهد الأول: كان أن تحدث مرشح الرئاسة عن برنامجه الطموح لقيادة مصر في مرحلة مفصلية, واستعرض مجالات عدة ثم قال «وأما عن المياه فسوف نزيد مياه النيل بالدعاء». المشهد الثاني: صوت جهوري لرئيس الجمهورية آنذاك،...

خطاب بعلم الوصول إلى رئيس مصر

طرقة واحدة مفاجئة، ثم ضاع الضوء وانسحبت الكهرباء إلى أسلاكها وتركتنا في عتمة قاتمة، بنظرة واحدة على الشارع أدركت أننا نصفان، نصف مضيء ونصف معتم، كان جانبنا صامتا وكأن الحياة قد توقفت عنه، حارسة العقار...

وبينهن نساء عاشقات لقهوة الصباح

أعادته مرة أخرى إلى الطبق الصغير عقب الرشفة الأخيرة، ثم انتظرتْ دقائق وقَلَبَتْه فسال اللون الداكن برائحته النفاذة وتلون الخزف الأبيض. وأكملت هي حوارها تاركة لي الحيرة من أمر تلك القهوة التي تجمع جدتي بجارتنا...

أم سيد والواد شمعة وسلاح سوريا الكيماوي

أيمكن أن يصدق عاقل أن «فارس» حمل عتاده وسلاحه وسافر طويلا لكي يحمي «مالك» الذي لا يعرفه ولا يعرف عنه شيئا. البعض قال لي لا بد أن «فارس» ملاك في جسد بشر. لكن آخرين كانوا...

في اكتمالي موتي.. وبالنقصان أستعيد الحياة

كان يكفي أن أنظر للسماء لأعلم لما لا يرد شقيقي على الهاتف. متحفزا. مكتملا. باهيا. كان قرص القمر في قلب السماء. متألقا وسط النجوم. مدركا حجم ضوئه وعمق أثره. مختالا بنوره الذي يوقظ كل الصحاري...

وللنساء مع الزلازل شأن آخر

في مايو ومنذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين عاما, وقبل أن تهبط الأحلام على النائمين انفجر غضب ما من باطن الأرض فقسمها وضرب مبانيها وأهال التراب على ما يزيد على ثلاثة آلاف نسمة. يومها لم...

ولكل منا أريكته الزرقاء.. ولكل منا آذان أخرى

الشاب ذو الصوت الصادق حاصرني, كما كان لأسئلته تفرد مدهش فلم أملك إلا الانتظار, سار بي خطوات قليلة ثم أشار إلى سمكتين لونهما أزرق يتوسطان لوحة القماش المعلقة, وقال: «أتعرفين لماذا وُلدنا؟». صمت من هول...

في المطار يسألونك: أتحب الغناء والفرح!

أتصدقون أن بين وحشين كبار عاشت الغزالة الصغيرة آمنة حالمة, لكن الأهم أنها عن حق سعيدة, ثم عَنَّ لها أن تجرب الجنون, فإذا بها تعلن بصوت عال أنها في طريقها لتصدير السعادة, ولو لم أكن...