


عدد المقالات 611
حين واجه ياسر عرفات -رحمه الله- سؤال الحقيقة بعد قمة كامب ديفيد صيف العام 2000، ومن ثم اندلاع انتفاضة الأقصى إثر زيارة المجرم شارون للمسجد الأقصى، لم يتردد عرفات كثيراً في دعم تلك الانتفاضة، ووصل به الحال إلى حد جلب سفينة سلاح من إيران «كارين أيه»، التي ما زال المتهم بجلبها «فؤاد الشوبكي» أسيراً عند الاحتلال رغم بلوغه الثمانين من عمره، وهي الخطوة التي عجّلت بقرار اغتياله «أعني عرفات». اليوم، يواجه الشعب الفلسطيني مرحلة تبدو أكثر صعوبة وحساسية بكثير من تلك المرحلة، فما طُرح في «صفقة القرن» هو أسوأ مما طُرح في كامب ديفيد 2000. وإذا كان البعض سيجادل في حيثيات الأمر، بالقول إن ما طُرح في كامب ديفيد لا يبتعد كثيراً عما طُرح في «صفقة القرن»، فلن نجادله كثيراً، إذ لو قبل عرفات بما عُرض عليه، لما وصل إلى نتيجة تختلف عن بنود «صفقة القرن»، لأن من يعرفون سيرة التفاوض مع الغزاة، يدركون أن النصوص شيء والتطبيق شيء آخر. أياً يكن الأمر، فقد اتخذ عرفات وجهته يومها، وانسجمت معه حركة «فتح»، وخاضت بجانب كل فصائل الشعب الفلسطيني مرحلة نضالية عظيمة، أوجعت الغزاة أمنياً وسياسياً واقتصادياً، ولولا تردي الوضع العربي حينها -هو أسوأ الآن- لما كان للعرب أن يردّوا حينها على اجتياح شارون للضفة الغربية 2002، بما يُسمى المبادرة العربية، والتي جرى تعديلها لاحقاً بإعلان القبول بفكرة تبادل الأراضي، رغم أن الصهاينة لم يقبلوا المبادرة، بل لم يعبّروها!! لم يكن فشل انتفاضة الأقصى ناتجاً عن عبثية الكفاح المسلح -كما سيستنتج عباس لاحقاً، كتبرير لمضيه في اتجاه آخر- بل كان ناتجاً عن مراوحة عرفات نفسه بين التفاوض وبين المقاومة، من دون حسم الموقف بشعار واضح عنوانه دحر الاحتلال دون قيد أو شرط عن الأراضي المحتلة عام 1967، وقد ساهم وجود عباس ودحلان وتبنيهما الخيار الآخر في تشجيع الصهاينة على اغتياله «أي عرفات». اليوم، ينهض سؤال المواجهة الجديدة، إذ ثبت أن كل مشروع عباس قد انتهى إلى فشل ذريع، إن كان بشعار «المقاومة الشعبية» التي لم يترجمها حقيقة على الأرض، أم بالتعويل على الضغط الدولي والتفاوض، ولولا الانقسام الفلسطيني بعد الحسم العسكري في قطاع غزة 2007، والذي جعل مواجهة «حماس» أولوية قبل مواجهة الاحتلال، لانتهى مشروع عباس برمته، ولما قبل الشعب الفلسطيني باستمراره كل هذه السنوات. الآن، وفيما يواجه الشعب الفلسطيني مؤامرة مفضوحة لتصفية قضيته، يعيش عباس -الذي سيطر على منظمة التحرير و»فتح» والسلطة معاً- مرحلته الأخيرة، ولم يعُد سراً أن وضعه الصحي ليس على ما يرام، ما يعني أن سؤال الخلفية بات مطروحاً بقوة. هنا ستجد «فتح» نفسها أمام السؤال الكبير ممثلاً فيمن سيخلف عباس، إن كان كشخص، أم كنهج بعد ثبوت فشل النهج القديم، وهل بدائله المطروحة قادرة على تبني نهج جديد بعد 16 عاماً من تثبيت أركان السلطة التابعة للاحتلال، وعمليات إعادة تشكيل الوعي، وفي ظل أجهزة أمنية تختلف على نحو كبير عن تلك التي كانت أيام عرفات، والتي قدم عناصرها جحافل من الشهداء والأسرى، خلال انتفاضة الأقصى، بجانب كوادر الحركة ذاتها. سؤال هو الأكبر والأكثر حساسية -حتى لو بقي عباس سنوات أخرى تطول أو تقصر- ليس للحركة ذاتها وحسب، بل للشعب الفلسطيني برمته، ذلك أن انتفاضة شاملة بدون «فتح» تبدو صعبة، وهي أصعب بكثير في حال قررت الحركة المضي في منح الشرعية لبرنامج العبث التقليدي الذي سارت عليه بعد عرفات، وحتى الآن. أما إذا استعادت الحركة ذاتها كحركة تحرير، فإن الموقف سيكون مختلفاً، وسيكون بالإمكان التوحد مع «حماس» وجميع الفصائل، في سياق انتفاضة شاملة ترفع شعاراً حاسماً عنوانه دحر الاحتلال عن أراضي 1967 دون قيد أو شرط، «أي بدون اعتراف للعدو بأي شيء يقيّد يدي الشعب الفلسطيني عن تحرير أرضه كاملة». على «حماس» بالطبع أن تصبّ جهداً أكبر في الضفة، والكفّ عن حشر مشروعها في غزة وحدها، لأن ضرب الاحتلال في الضفة بحرب العصابات هو الأفضل تبعاً لوجود الجيش والمستوطنين، خلافاً للحال في غزة. إذا لم تفعل «فتح» ذلك، فسيتمرد الشعب عليها، وستكون خسارتها هذه المرة كبيرة، لأن التراث الثوري القديم صار بعيداً، وسيكون التغني به ضرباً من العبث.
هناك إشكالية كبرى واجهت وما زالت تواجه القراءة الإسلامية التقليدية للسيرة النبوية في أبعادها السياسية والعسكرية أو الاستراتيجية، وتتمثل في حصر الأمر في الأبعاد الإيمانية وحدها دون غيرها، وجعل التقدم والتراجع، والنصر والهزيمة، محصوراً فيها؛...
ها نحن نتفق مع صائب عريقات، مع أننا كثيراً ما نتفق معه حين يتحوّل إلى محلل سياسي، رغم أن له دوراً آخر يعرفه جيداً، وإن كانت المصيبة الأكبر في قيادته العليا التي ترفض المقاومة، وهي...
أرقام مثيرة تلك التي أوردتها دراسة نشرت مؤخراً للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، بشأن الفقر في المنطقة العربية، والتباين الطبقي فيها. قالت الدراسة إن مجموع الثروة التي يملكها أغنى 31 مليارديراً في المنطقة؛ يعادل...
منذ ما قبل فوزه بانتخابات الرئاسة، يمثّل ترمب حالة عجيبة في ميدان السياسة، فهو كائن لا يعرف الكثير عن السياسة وشؤونها وتركيبها وتعقيدها، وهو ما دفعه إلى التورّط في خطابات ومسارات جرّت عليه سخرية إعلامية...
الأربعاء الماضي؛ قال الدكتور مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، إن فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، «قد لا ينتهي أبداً»، و»قد ينضم إلى مزيج من الفيروسات التي تقتل الناس في جميع...
بين حين وآخر، تخرج أنباء من هنا وهناك تتحدث عن لقاءات تطبيعية عربية من العيار الثقيل، ثم يتم تداولها لأيام، قبل أن يُصار إلى نفيها (أحياناً)، والتأكيد على المواقف التقليدية من قضية الشعب الفلسطيني. هناك...
في حين تنشغل القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية بقضية «كورونا» على نحو أكثر تشدّداً من الدول الأخرى (عقدة الدولة قبل تحرير الأرض هي أصل المصائب!)؛ فإن سؤال القضية الأساسية للشعب الفلسطيني يتأخر قليلاً، لولا أن...
الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، يقيل وزير الصحة؛ وذلك بعد خلافات بينهما حول جدل «الاقتصاد أم الأرواح». حدث ذلك رغم ما حظي به الوزير من شعبية واسعة في البلاد، بسبب مكافحة تفشّي وباء فيروس كورونا. ترمب...
منذ أسابيع و»كورونا» هو شاغل الدنيا ومالئ الناس، ولا يتقدّم عليه أي شيء، وتبعاً لذلك تداعياته المحتملة على كل دولة على حدة، وعلى الوضع الدولي بشكل عام. وإذا كانت أسئلة المواجهة بشكل عام، ومن ثَمّ...
ماطل ترمب كثيراً في اتخاذ أي إجراء في مواجهة «كورونا» من شأنه أن يعطّل حركة الاقتصاد، ولولا ضغوط الدولة العميقة لواصل المماطلة، لكنه اضطر إلى التغيير تحت وطأة التصاعد المذهل في أعداد المصابين والوفيات، ووافق...
في تحقيق لها بشأن العالم ما بعد «كورونا»، وأخذت من خلاله آراء مجموعة من الخبراء، خلصت مجلة «فورين بوليسي» الشهيرة إلى أن العالم سيكون بعد الجائحة: «أقل انفتاحاً، وأقل حرية، وأكثر فقراً». هي بشارة سوء...
نواصل الحديث عن حركة «فتح» أكثر من «حماس» التي اختلفنا معها حين خاضت انتخابات السلطة 2006، وكذلك إثر الحسم العسكري في القطاع رغم مبرراته المعروفة، والسبب أن الضفة الغربية هي عقدة المنشار في مشهد القضية...