


عدد المقالات 198
رجال الأعمال يعرفون أن الاستثمارات في كافة أنواع الأعمال (البيزنس) تنقسم إلى قسمين رئيسيين: استثمار «قصير الأجل» عوائده سريعة لكنها مؤقتة، واستثمار «طويل الأجل» عوائده بطيئة، لكنها مستقرة وثابتة. فيلسوف الرأسمالية الأول «آدم سميث» في كتابة المعروف اختصارا باسم «ثروة الأمم» الذي ألفه عام 1776 تحت عنوان: «تحقيق في طبيعة وأسباب ثروة الأمم». (An Inquiry into the Nature and Causes of the Wealth of Nations) تحدث عن صاحب العمل أو المنظم (Entrepreneur) وقال إن ربحه عبارة عن تعويض عن مبادرته وشجاعته في تحقيق هذا المشروع. وهذا المنطق الاقتصادي، في تقديري، له أيضا بعد سياسي، فالاستثمار في السياسة له نفس البعد الاقتصادي والاستثماري، وأحيانا أتحدث مع بعض المسؤولين والمثقفين الأجانب بهذا المنطق، ربما لأنه منطق يفهمونه أكثر من أي شيء آخر. وقد جمعني لقاء مؤخرا مع مجموعة من الدبلوماسيين الأجانب على لقاء على السحور بدعوة من أحد الأفاضل، فقدمت لهم قضية الثورة في مصر ودعم الانقلاب بهذا المنطق الاقتصادي ذي البعد السياسي، واستغربت من ردة فعل أحدهم الذي أبدى انبهاره بهذا المنطق، لأنه درس إدارة الأعمال في الجامعات الأميركية، لكنه جادل في أن المصالح الغربية تريد الاعتماد على حلفاء موثوق في استقرارهم بالمنطقة العربية. قلت للدبلوماسي الأميركي الشاب بهدوء واضح: وهل تعتقد أن نظام السيسي سوف يحقق استقرارا طويل المدى في مصر أو حتى يساعد في استقرار المنطقة، وهل تتفق معي في أن الاستثمار السياسي من بعض دول المنطقة في نظام السيسي ودعمه يعد استثمارا قصير الأجل، فقال: نعم أتفق، لأن المؤشرات الحالية لنظام السيسي لا تؤكد أنه سوف يضمن استقرارا طويل المدى، لكن ليس لدى الغرب بديل للسيسي. قلت بابتسامة تنم عن عدم الرضا: عظيم، لكن ألا تعتقد أن الاستثمار طويل المدى يجب أن يكون في الصداقة مع الشعب المصري، وفي الثقة في قدرته على إنتاج بديل لنظام السيسي يحترم حقوق ومصالح الجميع. لكنه هنا صمت، ونظر إلي، وقال: متى يمكن للشعب المصري أن ينتج بديلا للسيسي؟! قلت: عندما ترفعون دعمكم عنه وتقتنعون بأن للشعب المصري حرية اختيار نوابه ورئيسه وممثليه البرلمانيين، عندما تلتزمون بمبادئكم الديمقراطية وتؤمنون بأن شعبنا لديه الرغبة والقدرة على أن يحكم نفسه بنفسه، عندما تتوقفون عن التدخل في شؤوننا الداخلية، هذا هو الاستثمار طويل الأجل الذي سيضمن مصالحكم أكثر من الاستثمار قصير الأجل في نظم استبدادية وديكتاتورية لا تضمن مصالحكم على المدى الطويل. في تلك المرحلة شعر الدبلوماسي الأميركي بالحرج، ثم قام بمناورة مكشوفة وقال: طرحك من البداية يتأسس على أننا ندعم نظام السيسي، لكن مشكلتنا مع الأزمة الحالية في مصر أن كل الأطراف تنتقدنا، الجميع ينتقدنا، ونحن نحاول أن تكون سياستنا إلى جانب الشعب المصري. وهنا انتهزت الفرصة وبادرته بالقول: هل ترى أن سياستكم بالوقوف إلى جانب الشعب المصري هي التغاضي عن سياسات سلطة السيسي في مجال حقوق الإنسان والانتهاكات البشعة التي يقوم بها ضد معارضيه وخصومه السياسيين؟ فقال: لم نتغاض عن تلك الانتهاكات، ونقوم بإدانتها في كل وقت، قمنا بإدانة أحكام الإعدام الجماعية، وانتقدنا النظام القضائي في مصر، ماذا يمكن أن نفعل غير ذلك؟! قلت: يمكنكم أن تفعلوا الكثير، ولكنكم لا ترغبون في ذلك في الوقت الحالي. على سبيل المثال لا الحصر عندما قال السيناتور جون ماكين إن ما حدث في مصر انقلاب عسكري، وقال عبارته المشهورة: «إذا كنت تشبه البطة وتمشي مثل البطة، فأنت بطة».. لماذا أحجمت الإدارة الأميركية عن اعتبار ما حدث في مصر انقلابا عسكريا؟! ولماذا استمرت في تقديم المساعدات الاقتصادية والعسكرية لنظام السيسي الانقلابي؟!! أين كانت مبادئكم في تلك اللحظة، وهل كانت مصالحكم ومصالح حلفائكم في المنطقة ممن يساندون الانقلاب أهم من تلك المبادئ؟! ويبدو في تلك المرحلة أن الدبلوماسي بدأ يقتنع، فقال: من المفيد أن نسمع منكم مثل تلك الملاحظات، ونحن كدبلوماسيين لسنا صناع قرار داخل الإدارة، وهناك جهات كثيرة تساهم في صناعة القرار ونحن من بينهم. في تلك اللحظة شعرت أن علي القيام بإيجاز نهائي يستقر في ذهن الدبلوماسي الشاب من تلك المناقشة الطويلة، فقلت له بهدوء بينما أنظر في عينيه: عليكم أن تتيقنوا أن الشعب المصري الراغب في الحرية والديمقراطية سوف ينتصر مهما طال الزمن، وليتخذ الغرب كله العبرة من الثورة الإيرانية، ويكون استثماره طويل الأجل في علاقات صحية وودية مع الشعوب، لا استثمار قصير النظر والأمد في أنظمة مستبدة وديكتاتورية سيجرفها حتما طوفان الشعب. • Sharkawi.ahmed@gmail.com
اليوم نستكمل معكم بقية الحكاية التي بدأناها في خاتمة المقال السابق عن أطماع اليهود في سيناء منذ قرون طويلة، فهي بالنسبة لهم في قلب العقيدة الصهيونية، لدرجة أن تيودور هرتزل -مؤسِّس الصهيونية العالمية- أطلق عليها...
يبدو من المرجح حالياً أن أزمة سد النهضة لن تجد حلاً، وأن السد سيتم تشغيله، وأن ملء بحيرة السد سيحجب كمية كبيرة من حصة مصر في مياه النيل، لكن ماذا عن شبه جزيرة سيناء؟! يلاحظ...
السؤال الذي يتردد بكثافة في أوساط الأميركيين، وربما في أنحاء العالم في الوقت الحالي هو: هل يفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بقترة رئاسية ثانية تمتد حتى 2024؟ أم يتمكن غريمه الديمقراطي جو بايدن من هزيمته...
رغم مرور 4 أعوام ونصف العام على وفاة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الغامضة بالقاهرة، لا تزال ملابسات وظروف الوفاة غير معروفة، ويبدو أن صبر الحكومة الإيطالية نفد، وبدأت تطالب القاهرة بردود حاسمة وتوضيحات مقبولة، فقد...
من منّا لا يعرف قصة سندريلا والأقزام السبعة، كلّنا تربّينا عليها، وتعاطفنا مع السندريلا التي كان عليها أن تتقبّل قهر وظلم زوجة أبيها وبناتها المتعجرفات، حتى تأخذنا القصة للنهاية الجميلة حين تلتقي السندريلا بالأمير، فيقع...
أحد أصدقائي أوشك على الانتهاء من كتابة رواية طويلة عن أحوال المعارضة المصرية في الخارج منذ 2013م، وقد اقترحت عليه اسماً للبطل الرئيسي لروايته، وهو معارض ليبرالي يسحق الجميع من أجل مصالحه الشخصية الضيّقة. اقترحت...
عندما تغيب المنافسة العادلة أو تكون محدودة، هل يمكن أن تعرف الصحافي الجيد أو الكاتب الأكثر براعة أو الأجزل في العبارة، أو الأغزر إنتاجاً، أو الأعمق فكراً، أو الأفضل أسلوباً؟! كيف ستعرفه إذا لم تتوافر...
في جامعة القاهرة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كنت مندفعاً في دراسة العلوم السياسية، وكنت قرأت كتاب «البرنس» لميكافيللي قبل دخول الجامعة، ولم يعجبني! دخلت في مناقشات جادة وأحياناً حادة مع أساتذة درسوا في الجامعات...
بعد المعركة الصحافية الشهيرة التي خاضتها صحيفة «بوسطن جلوب» خلال عامي 2001 و2002، والتي انتهت باستقالة الكاردينال لاو رأس الكنيسة الكاثوليكية في عموم أميركا، ترسخ اعتقاد لدى مواطني مدينة بوسطن من الكاثوليك، أن الصحيفة الأكبر...
ليالي زمن «كورونا» تمرّ بطيئة وطويلة، لكنها ليست كذلك لمن يقرأون طوال الوقت حتى يستطيعوا الكتابة الأديب المصري الفذّ مصطفى لطفي المنفلوطي، كتب في بداية القرن العشرين أن الكاتب يشبه «عربة الرشّ» وهي عربة كانت...
لا أخفي عليكم، أن الكتابة وفق مواعيد محددة مسألة مرهقة، في بعض الأحيان لا توجد فكرة واضحة للمقال، أو يصاب الكاتب بالحيرة في الاختيار بين أكثر من فكرة، وفي أحيان أخرى يقترب موعد تسليم المقال،...
الصحف الأميركية هي قلاع حقيقية تصون الحريات العامة فى البلاد، هذه حقيقة يفتخر بها الأميركيون على بقية أمم الأرض. في عالمنا العربي تختفي تلك القلاع، فيحدث أن تتجرأ النظم المستبدة على تلك الحريات، وتعصف بها...