alsharq

شريف عبدالغني

عدد المقالات 8

قطر بين «النُّضج» و«المؤامرة»

09 نوفمبر 2022 , 12:05ص

(1) أما وأن أصبح مونديال 2022 على الأبواب، ولا يفصلنا عنه سوى أيام، فإن من حق قطر قيادة وشعباً أن تزهو بهذا الإنجاز. إنه نجاح سيدون في صفحات التاريخ باسم كل العرب. الزهو هنا مصحوب بثقة في النفس بعد تخطي «عراقيل» وصلت إلى حد «حروب» تم وضعها في طريق وأد الحلم القطري والعربي. كلمة حروب ليست مبالغة. إنها النتاج الطبيعي لحملات ممنهجة استمرت 12 عاماً كاملة صُرفت عليها مليارات. ربما لو تمتع ممولوها ببعض الحكمة وقليل من العقلانية لحوّلوا هذه المبالغ الضخمة إلى خدمة شعوبهم، بدلاً من أن تضاف إلى سجل مغامراتهم الفاشلة هنا وهناك. لقد تابعت الملف القطري عن كأس العالم منذ 2 ديسمبر 2010 وحتى الآن، مع كل تحدياته التي وصلت ذروتها إلى أحداث جسام لمسها كل من يعيش على أرض قطر خلال السنوات الماضية. أتذكر أن صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قبل أن يتوجه إلى مدينة زيورخ السويسرية لحضور حفل إعلان البلد الفائز بتنظيم مونديال 2022، سافر أولاً إلى القاهرة لتقديم واجب العزاء إلى أسرة معلمه الراحل في المدرسة الابتدائية الأستاذ أحمد منصور. وهي لفتة تنم عن معدن أصيل وتقدير كبير لقيمة أهل العلم. وبحسب ما نشر أيامها فإن زوجة المُعلم الراحل حينما علمت برحلة الأمير الوالد إلى سويسرا بخصوص كأس العالم، دعت له بالتوفيق والسداد، وأن تفوز قطر بالشرف الكبير. (2) ما حدث بعد الإعلان عن فوز الملف القطري بتنظيم مونديال 2022، كلنا نعرفه، وعايشناه. في بداية الحملة ظن البعض- وكنت منهم- أنها فورة وستنتهي. لم يدر بخلد أحد أن الحملة ستتواصل كل هذه السنين وتأخد منعطفات حادة، لم تبدأ بملف العمال المكرر، ولم تنته بمحاولة تعجيز قطر بدعوة البعض إلى رفع عدد المنتخبات المشاركة في البطولة إلى 48 منتخباً قبل أقل من عامين فقط على الانطلاقة، وما بين هذا وذاك محاولة إيقاف تنفيذ مشروعات كأس العالم، أو زيادة التكلفة، بعقبات مختلفة! بعين المراقب لا يملك المرء سوى الإعجاب بطريقة إدارة القيادة القطرية لهذا الملف المُعقد طوال هذه السنوات، وما رافقه من حملات رخيصة. كانت ذروة النجاح أن يكون نهائي كأس العالم متزامناً مع اليوم الوطني القطري، وهو ما سُيخلد في الذاكرة الجمعية لكل الملايين المتابعة للبطولة الأشهر عالمياً. (3) هنا أرصد بعض الأسس التي بدت واضحة في الإدارة القطرية للملف: أولا.. النضج: رغم أن قيادة قطر ومعظم مسؤولي الدولة في سن الشباب، لكن ما أظهروه من حكمة ونضج كبيرين في إدارة الملف وشؤون الوطن بشكل عام، يكشف كيف تم إعداد هذا الجيل الواعي لتولي المسؤولية. لقد تداخلت السياسة مع الرياضة في الملف. وكانت قمة النضج في العلاقة الطيبة مع إيران.. ذلك البلد الكبير في المنطقة والذي بحكم التاريخ والجغرافيا والجوار لابد من التعامل بل والتعاون معه بما يصب في صالح المنطقة كلها. طبيعي أن يكون هناك خلاف واختلاف بين الدوحة وطهران في عدة ملفات «سوريا على سبيل المثال»، لكن الحكمة تقتضي الفصل في التعامل بين الملفات المختلفة، والنتيجة أن إيران كانت منفذاً تجارياً مهما لقطر خلال السنوات الماضية، وكانت قطر في المقابل وسيطاً نزيها بين ايران والغرب. (4) ثانيا: تقبل الرأي الآخر وعدم الوقوع في فخ «المؤامرة»: في خطابه الأخير أمام مجلس الشورى قال سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عبارة ربما لم تحظ بالتركيز الكافي في عشرات التحليلات التي تناولت خطابه: «منذ أن نلنا شرف استضافة كأس العالم تعرضت قطر إلى حملة غير مسبوقة لم يتعرض لها أي بلد مضيف. وقد تعاملنا مع الأمر بدايةً بحسن نية، بل واعتبرنا أن بعض النقد إيجابي ومفيد، يساعدنا على تطوير جوانب لدينا تحتاج إلى تطوير. ولكن ما لبث أن تبين لنا أن الحملة تتواصل وتتسع وتتضمن افتراءات وازدواجية معايير حتى بلغت من الضراوة مبلغاً جعل العديد يتساءلون للأسف عن الأسباب والدوافع الحقيقية من وراء هذه الحملة.» الملاحظ هو تأكيد أمير قطر على تقبل النقد واعتبار بعضه « إيجابي ومفيد، يساعدنا على تطوير جوانب لدينا تحتاج إلى تطوير»، وهو ما حدث بالفعل في مراجعات الدولة لملف العمالة، وتحديث تشريعاتها بهذا الشأن، ومحاسبة الشركات التي تخرج عن القانون. ونلاحظ كذلك أن القيادة القطرية لم تقع في الفخ العربي الشهير، فلم تذكر أبداً كلمة «مؤامرة» سواء في خطاباتها أو تصريحاتها، على الرغم من أن كل الشواهد تؤكد أن هناك مؤامرة بالفعل على مونديال 2022. يزداد الإعجاب بالخطاب القطري في مجمله أنه لم يستخدم هذه الكلمة المغلوب على أمرها. لقد هرمنا ونحن نسمعها منذ تفتحت عيوننا على الدنيا بامتداد وطننا العربي الكبير. كانت سبباً في تأجيل أي إصلاح، وتعطيل مصالح الشعوب، ودهس طموحاتها بدعوى الانتهاء من دحر «المؤامرة» أولاً. لقد كانت هذه الكلمة المسكينة شماعة للحال العربي الخائب في عمومه «خايب الصيف خايب الشتا.. خايب الحرب خايب السلام». أعتقد أن قطر لو كانت ارتكنت على نظرية المؤامرة، لما استطاعت أن تحقق ما حققته في مختلف المجالات، خاصة مشروعات البنية التحتية للمونديال. لقد تعاملت مع الواقع والعقبات التي تواجهها بعقلانية، والنتيجة أنها استغلت المونديال لتبني وتشيّد وتعمّر وتغيّر وجه الحياة للأفضل، وتترك إرثاً عظيماً للأجيال المقبلة. ثالثا: عدم إقحام الشعوب في خلافات الساسة: هذة نقطة شاهدة على قطر، ويشهد بها كل من عاش فيها. فلم يحدث أبداً في ظل تقلبات السياسة، وخلافات الساسة، أن أقحمت قطر الشعوب في هذه الخلافات، أو أن استخدمت العمالة لديها كورقة ضغط أو ترحيل، وهو موقف أصيل يكشف عن تصرفات وخصال «الكبار». (5) إن فرح قطر بكأس العالم، هو فرحنا جميعاً، وما تقوم به القيادة القطرية هو نجاح لأمتنا، ويعطيها الأمل في غد أفضل بشرط أن يحذف العرب من قاموسهم مصطلح «المؤامرة»، ليحل بدلاً منه تعبير «الإرادة»!

«كارنيه» المركز القطري للصحافة في جيبي !

(1) شريط طويل من الذكريات اقتحم خيالي، حينما تسلمت بطاقة عضوية المركز القطري للصحافة. عضوية «الكيان- المظلة» الجامع للصحفيين، تظل حُلماً لكل من يعمل بالمهنة. هكذا نشأنا في مصر، إذ كانت عضوية نقابة الصحفيين العريقة،...

أمي المظلومة في شبابها.. الحائرة في شيبتها !

(1) خلال دراستي بالمرحلة الإعدادية، كنت – لا إرادياً- أخرج من الفصل الدراسي كلما سمعت بداية صوت يصدر من ميكروفون أي مسجد قريب أو بعيد بقريتنا في غير موعد الآذان؛ كان هذا معناه أن المؤذن...

التاريخ لن يرحم أي خائن لمونديال العرب !

(1) عام 1906 وقعت حادثة دنشواي بريف مصر، والتي قتل فيها أحد جنود الاحتلال زوجة شقيق صاحب أحد أجران القمح. القصة طويلة انتهت باحتجاز الجنود من قبل الأهالي، وفرار كابتن الفرقة الإنجليزية وطبيبها. أخذا يعدوان...

عُمان.. وإن طال السفر!

(1) طوال السنوات الخمس الماضية، سنحت الفرصة أمامي لرحلات عمل إلى عدة دول، لكن في كل مرة لم تسمح الظروف بالسفر. مرة لتعطّل الإجراءات، وأخرى اعتذاراً مني لظروف عائلية. لكن هذه المرة، تلاقى يُسر الأمور...

من أم كلثوم إلى رغدة.. الموت عشقاً في السفاحين!

(1) بشعرها الغجري المجنون تعهدت رغدة -حبيبة بشار وكل الديكتاتوريين العرب- بأن تقص شعرها وترميه في ساحة سعد الله الجبري بمدينة حلب، عندما يخرج آخر «إرهابي» من أرض سوريا. قريباً سيتحقق حلم رغدة، وسنراها توفي...

روح «أحمد طيبا» تطارد بشار الأسد

(1) دائماً ما يظهر بشار الأسد مبتسماً. كيف لهذا الرجل القدرة على رسم هذه الابتسامات وعلامات الرضا على وجهه، بينما يداه ملطختان بكل هذه الدماء النقية لرجال ونساء وشباب وأطفال شعبه؟ ثم هل يعلم بقصة...

فن «التلميع».. مبارك يكسب!

(1) خلال عصر مبارك كانت السلطة تسخّر الفن، للترويج لها، وفي الوقت نفسه تشويه المعارضين، لكنّ هناك فارقاً بين أن تستعين بكاتب في موهبة وثقل وحيد حامد، ليقوم بهذه المهمة، وبين أن تأتي بكتبة قليلي...