عدد المقالات 8
(1) شريط طويل من الذكريات اقتحم خيالي، حينما تسلمت بطاقة عضوية المركز القطري للصحافة. عضوية «الكيان- المظلة» الجامع للصحفيين، تظل حُلماً لكل من يعمل بالمهنة. هكذا نشأنا في مصر، إذ كانت عضوية نقابة الصحفيين العريقة، هى الأمل الأكبر والحلم الأعظم لكل من اختار «مهنة البحث عن المتاعب» مشوار حياة. بطاقة العضوية - التي نُسميها في مصر «كارنيه»- إذا لم تحصل عليها فإنك تظل في نظر العامة - بل وأحياناً في نظر نفسك- «صحفي على ما تُفرج». الكارنيه وعليه خاتم النقابة وتوقيع النقيب مثلث يشكل الاعتراف الرسمي بأنك صحفي. ختم جودة بأنك فعلياً من «جماعة هيكل» وطابور طويل من شيوخ ورموز شكلوا وجدان ومعارف أهل المحروسة، وامتد تأثير كثيرين منهم على امتداد الأمة من خليجها إلى محيطها. لكن هذا لا يمنع أن هناك صحفيين كُثر خارج النقابة لم تسمح الظروف بحصولهم على «ختم الجودة»، لكنهم أفضل من كُثر أيضاً تسربوا إلى النقابة بطرق ملتوية. (2) مثل أي مهنة تجمع بشراً مختلفي الثقافات والأفكار والرؤية للحياة، كانت النظرة لــ « كارنيه النقابة» متباينة. البعض ممن يمارس المهنة بشرف وضمير يراه حقاً أصيلاً له كونه من أهل «السلطة الرابعة»، والبطاقة تُسهل مهام عمله مع المصادر المختلفة. البعض الآخر يعتبره سياجاً وحماية من متاعب وتحديات المهنة سواء قضايا نشر أو تعسف صاحب سلطة. بعض ثالث من الفهلوية يتخذه نوعاً من الوجاهة والتباهي. أما البعض الرابع من غلابة العقل والجيوب فيشعر بنشوة وانتصار حينما يُخرجه لمُحصّل الأجرة في المواصلات العامة، ليركب مجاناً أو بنصف أجرة حسب نوع وشكل وسيلة النقل! لكن الرابط بين معظم هذه النماذج- إن لم يكن كلها- هو انتظار أول كل شهر ليقبض «البدل النقدي» الذي تصرفه النقابة لأعضائها. «البدل» الذي هو «دُرة التاج» وصاحب الكلمة الفصل في حسم نتائج كثير من الانتخابات على مقعد النقيب التي عاصرتها في زمن الرئيس حسني مبارك، ويا بخت من كان النقيب خاله، ويا بخت المرشح نقيباً والمشمول برعاية الحكومة، فتزيد له قيمة «البدل» ليلة الانتخابات، ليكسب المقعد، ويربح الأعضاء الزيادة. حدث هذا مراراً طوال العقود الماضية، باستثناءات قليلة! (3) منصب نقيب الصحفيين وصل في عهد مبارك أن صاحبه كان أقوى نفوذاً وأعلى أهمية من مسؤولين كبار. ربما كان هذا سبب الخلاف المكتوم والصراع المستتر بين صفوت الشريف وزير الإعلام ثم رئيس مجلس الشورى وأحد أهم أركان حكم الرئيس الراحل، والنقيب ابراهيم نافع. روى كثيرون أن الشريف امتعض من مكانة نافع المتزايدة في القصر الرئاسي، وعلاقته المباشرة بالرئيس، لذا أوعز الرجل الحديدي إلى أحد صبيانه بشن حملة تشهير على نقيب الصحفيين الذي هو في الوقت نفسه يجلس على رأس سلطة مؤسسة الأهرام التاريخية. حملة اتهمت نافع بتضخم غير مشروع للثروة، وعددّت أملاكه وعمولاته من إعلانات «الأهرام» التي كانت تعيش في عهده عصراً ذهبياً. حملة وراحت إلى حالها مثل حملات شبيهة طالت شخصيات شهيرة، لا نعلم مدى مصداقيتها، حيث انتهت إلى «مفيش». رحم الله مبارك ونافع والشريف، ودعوة صادقة بطول العمر والهداية لذلك «الصبي»! (4) شخصيات نقابية عظيمة من كامل زهيري إلى مكرم محمد أحمد، ومن صلاح عيسى إلى رجائي الميرغني، مروراً بممدوح الولّي وإبراهيم حجازي وياسر رزق، وصولاً إلى محمد عبدالقدوس وميكروفونه. سلم النقابة الشهير.. وداخل المقر من مؤتمرات وندوات.. صخب وضجيج.. إعلانات الخدمات المقدمة للأعضاء المُعلقة على حوائط وجدران المبنى العتيق وسط القاهرة.. زحام محطة مترو الإسعاف «جمال عبدالناصر» المؤدية للمبنى.. باعة جائلون.. محامون متأنقون أمام نقابتهم المجاورة لنقابتنا.. باصات وميكروباصات تنفث دخان عوادمها في وجوه منهكة بالشوارع. كلها مشاهد مرت على ذاكرتي وأنا افتح - داخل مبنى دار الشرق وصحيفة «العرب» المكيف بالدوحة - مظروفاً أبيض يحمل بداخله «كارنيه» المركز القطري للصحافة. قد أكون مبالغاً لو قلت إن تسلمي بطاقة عضوية المركز، حمل نفس فرحة حصولي أول مرة على «كارنيه» نقابة الصحفيين المصريين. لكن للدقة والأمانة فإن الرابط بين الجهتين أعاد لي بهجة الانضمام إلى مظلة فئوية ستجمعنا نحن معشر الصحفيين بالدوحة، على اختلاف جنسياتنا. مظلة تسبقها مظلة أكبر ورابط أهم.. وطن يضمنا مواطنين ومقيمين عرباً وعجماً ومن بلاد تركب الأفيال. أرض تحتضننا. وجدنا عليها دفء المعاملة وطيب الحياة. فيها وُلد أطفال كثيرون لزملاء وزميلات، وفي ظلها عاش أولادنا وشبّوا، وصارت قطر بالنسبة لهم جزءاً من نسيجهم وركناً في روحهم. (5) إذا كان الحصول على «كارنيه» النقابة المصرية، يأتي بعد سنوات من العمل، والتعيين في إحدى الصحف التي تصدر بانتظام، ثم حمل كل مرشح للعضوية أرشيفه الصحفي أمام لجنة القيد، فتعتمده أولاً في جدول «تحت التمرين»، ثم تنقله بعد عام لخريج كلية الإعلام وعامين لخريجي باقي الكليات، إلى جدول المشتغلين، فإن الحصول على بطاقة المركز القطري تم بشكل آلى لكل المعينين في الصحف ووسائل الإعلام القطرية، وبدون الوقوف أمام لجنة قيد. هذا الفارق، وغيره من فوارق كثيرة ذكرتها عن اختلاف الأجواء ما بين القاهرة ونقابتنا فيها المحاصرة بزحام وسط البلد، وما بين الدوحة ومقر مركز الصحافة في «بن عمران» الهادئة، تجعل من المقارنة بين الكيانات الجامعة للصحفيين في هذا البلد أو ذاك، والمركز القطري أمراً غير منطقي، على الرغم من أن هذه النقابات وتلك الجهات والمركز القطري يضمهم جميعاً كيان واحد هو اتحاد الصحفيين العرب. المركز القطري، يختلف بالتأكيد عن الكيانات المشابهة له. المركز في الأساس ليس نقابة، إذ أنه «مؤسسة خاصة ذات نفع عام، تهدف إلى الإسهام في تطوير العمل الصحفي والإعلامي وفقاً لرؤية قطر 2030». (6) نشاطات المركز بعد ظهوره، وخصوصاً في العامين الأخيرين، كان مفاجأة سارة، فما بين إعادة تنظيمه إدارياً ووضع خطة عمله ورؤيته، إلى عقد ندوات قيّمة وتنظيم معارض استضافت شخصيات مرموقة قطرية وعربية، مروراً بتنظيم ورش عمل للارتقاء بجوانب ومهارات عديدة للصحفيين، وانتهاء بطباعة كتب لكثير من الكتاب والصحفيين الكبار والواعدين، كلها أمور تدعو للتفاؤل بمستقبل المركز، الذي يحظى بكل الاهتمام من قبل المؤسسة القطرية للإعلام. ولا شك أن إصدار بطاقات العضوية للعاملين بالمهنة قطري وغير قطري، هى خطوة غير مسبوقة ستُسجل تاريخياً بأسماء مسؤولي المركز. لقد قام رئيس مجلس ادارة المركز القطري للصحافة الأستاذ سعد الرميحي، والمدير العام الأستاذ صادق العماري، بزيارات الى عدة دول عربية، لتقوية علاقات المركز مع الكيانات الشبيهة في هذه الدول. المؤكد أنهما ومعهما الأساتذة- النخبة أعضاء مجلس الإدارة، لديهم خطة للعمل والتطوير، واستنساخ ما قد يصلح للتطبيق من تجارب تلك الكيانات والمؤسسات العربية والأجنبية للارتقاء بالعمل الصحفي بالدولة، في ظل تحديات عديدة تواجه المهنة، لعل أهمها عدم إقبال شباب المواطنين على العمل بالصحافة والاعلام. (7) الأحلام كثيرة والآمال عريضة على المركز القطري للصحافة، أظن – وليس كل الظن إثماً – أن جُل الأعضاء ينتظرون تخصيص جائزة سنوية باسم المركز تشمل فروع الصحافة المختلفة «التحقيق- الحوار- التغطيات- مقال الرأي- الصورة- الإخراج … الخ». وقبل هذا وبعده أن يكون للمركز دور في حل أي خلاف قد ينشب بين أية صحيفة أو جهة إعلامية، وغيرها من الجهات، على خلفية نشر مواد صحفية أو أمور إعلانية. وحل الأمر داخل الأسرة الصحفية بعيداً عن جهات التقاضي المختلفة. وقد يكون مفيداً لو استطاع المركز عقد ما يشبه جمعية عمومية لأعضائه سنوياً، يحضرها الجميع أو ممثلون عن الصحف والمواقع الإخبارية المختلفة، يطرحون فيها مقترحات وآراء، يمكن أن تساهم في تطوير عمل المركز وترتقي بمسيرته. وبعيدا عن أي خدمات أو مزايا يقدمها المركز لأعضائه- وهى كثيرة ومميزة خاصة في القطاع الطبي- فالأهم أن مجرد ظهوره وتحوله إلى واقع، هو على كل حال طاقة نور ووردة تتفتح في بستان الإعلام القطري. s.abdelghany@alarab.qa
(1) خلال دراستي بالمرحلة الإعدادية، كنت – لا إرادياً- أخرج من الفصل الدراسي كلما سمعت بداية صوت يصدر من ميكروفون أي مسجد قريب أو بعيد بقريتنا في غير موعد الآذان؛ كان هذا معناه أن المؤذن...
(1) أما وأن أصبح مونديال 2022 على الأبواب، ولا يفصلنا عنه سوى أيام، فإن من حق قطر قيادة وشعباً أن تزهو بهذا الإنجاز. إنه نجاح سيدون في صفحات التاريخ باسم كل العرب. الزهو هنا مصحوب...
(1) عام 1906 وقعت حادثة دنشواي بريف مصر، والتي قتل فيها أحد جنود الاحتلال زوجة شقيق صاحب أحد أجران القمح. القصة طويلة انتهت باحتجاز الجنود من قبل الأهالي، وفرار كابتن الفرقة الإنجليزية وطبيبها. أخذا يعدوان...
(1) طوال السنوات الخمس الماضية، سنحت الفرصة أمامي لرحلات عمل إلى عدة دول، لكن في كل مرة لم تسمح الظروف بالسفر. مرة لتعطّل الإجراءات، وأخرى اعتذاراً مني لظروف عائلية. لكن هذه المرة، تلاقى يُسر الأمور...
(1) بشعرها الغجري المجنون تعهدت رغدة -حبيبة بشار وكل الديكتاتوريين العرب- بأن تقص شعرها وترميه في ساحة سعد الله الجبري بمدينة حلب، عندما يخرج آخر «إرهابي» من أرض سوريا. قريباً سيتحقق حلم رغدة، وسنراها توفي...
(1) دائماً ما يظهر بشار الأسد مبتسماً. كيف لهذا الرجل القدرة على رسم هذه الابتسامات وعلامات الرضا على وجهه، بينما يداه ملطختان بكل هذه الدماء النقية لرجال ونساء وشباب وأطفال شعبه؟ ثم هل يعلم بقصة...
(1) خلال عصر مبارك كانت السلطة تسخّر الفن، للترويج لها، وفي الوقت نفسه تشويه المعارضين، لكنّ هناك فارقاً بين أن تستعين بكاتب في موهبة وثقل وحيد حامد، ليقوم بهذه المهمة، وبين أن تأتي بكتبة قليلي...