عدد المقالات 41
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: (يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: إني لا أقول إلا حقا) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. في الحديث السابق دلالة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه ويمازحهم، ويهش ويبتسم في وجوههم، ولم يكن فظا ولا غليظا، إذ لو كان كذلك لانفض الناس من حوله، قال تعالى: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك). وهذا الحديث نقف فيه على بعض الأمور: الأول: تحديد معنى المداعبة، وهل كانت لفظا أم فعلا، أم هما معا، ومدى حدودها من خلال حوادث تطبيقية في حياته صلى الله عليه وسلم. والثاني: حديث العلماء عن حدود المداعبة والممازحة بوجه عام، والأمور التي لا تجوز المداعبة فيها. فأما المداعبة فيقول ابن منظور في لسان العرب: إنها الممازحة، غير أن المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير قال: "فرق بعضهم بين المداعبة والمزاح بأن المداعبة ما لا يغضب جده والمزاح ما يغضب جده". وفي شرح مشكاة المصابيح أن المزاح بضم الميم أو فتحها معناه انبساط مع الغير من غير إيذاء فإن بلغ الإيذاء يكون سخرية. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يداعب أصحابه، ويندب إلى الدعابة، فقد قال لجابر بن عبدالله عندما تزوج ثيبا، هلا بكرا تداعبها وتداعبك. وله مواقف تدل على دعابته صلى الله عليه وسلم، منها ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه «أنَّ امرأةَ أتتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسولَ الله احمِلْنا على بعير، فقال: أحْمِلُكُمْ على وَلَدِ الناقةِ، قالت: وما نَصْنَع بولدِ الناقةِ؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: هل تَلِدُ الإبِلَ إلا النُّوقُ؟». أخرجه الترمذي وأبو داود. وقال لامرأة عجوز: «إنه لا يدخلُ الجنةَ عجوز، فقالت: وما لهنَّ؟ وكانت تقرأ القرآنَ، فقال لها: أما تقرئين القرآن: (إنا أنشأناهنَّ إنشاء* فجعلناهنَّ أبكارا* عُرُبا أتْرابا* لأصحاب اليمين)» [الواقعة الآية35-3]. وكانت به صلى الله عليه وسلم مداعبة بالفعل، فعن عن أنس بن مالك أن رجلا من أهل البادية يقال له زاهر بن حرام كان يهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الهدية، فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن زاهرا بادينا ونحن حاضروه)، قال: فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه، والرجل لا يبصره فقال: أرسلني من هذا؟ فالتفت إليه، فلما عرف أنه النبي صلى الله عليه وسلم جعل يلزق ظهره بصدره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يشتري هذا العبد)؟ فقال زاهر: تجدني يا رسول الله كاسدا قال: (لكنك عند الله لست بكاسد) أو قال صلى الله عليه وسلم: (بل أنت عند الله غال). قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين. إن المزاح والمداعبة كما تبين أمر مباح، بل مندوب، لأنهما مما يقرب القلوب، لكن المزاح والمداعبة يحذر منهما إن كان فيهما إفراط يضيع الهيبة، ويؤدي إلى أخطاء في حق الآخرين، كالسخرية والاستهزاء، ويقبح ذلك ويحرم مع ما جاء من أحكام الشرع من قدسية، إذ لا تكون موضع مداعبة أو مزاح مطلقا، وقد عاب القرآن على المنافقين ذلك، فقال: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون* لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم). وهناك من يحترف المزاح ويتخذ له كل سبيل، وقد يكذب ويختلق قصصا لا أساس لها حتى يضحك الناس، وقد حذر من ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ. فَيَكْذِبُ لِيَضْحَكَ بِهِ اَلْقَوْمُ. وَيْلٌ لَهُ، ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ) رواه أبو داود والنسائي وحسنه الترمذي. وقد حاول العلماء وضع ضابط لذلك في نصوص تتفق في مضمونها حول ذلك الأمر، ومن ذلك ما جاء في فيض القدير3/18: (المداعبة مطلوبة محبوبة لكن في مواطن مخصوصة، فليس في كل آن يصلح المزاح، ولا في كل وقت يحسن الجد قال: أهازل حيث الهزل يحسن بالفتى * وإني إذا جد الرجال لذو جد". وقال الراغب: "المزاح والمداعبة إذا كان على الاقتصاد محمود والإفراط فيه يذهب البهاء ويُجرئ السفهاء، وتركه يقبض المؤانس، ويوحش المخالط). وقال النووي: (اعلم أن المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه فإنه يورث الضحك وقسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله والفكر في مهمات الدين ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ويورث الأحقاد، ويسقط المهابة والوقار، فأما ما سلم من هذه الأمور فهو المباح).
رمضان تستلزمه مفردات مثل الفطور والسحور والإمساك والاعتكاف والصوم، وغيرها من مفردات جاء ذكرها في معاجم اللغة التي حاولت على مرّ العصور أن تؤرخ لمفردات اللغة العربية، فجاءت جميعا بينها قدر من الاشتراك في توارد...
لطيفة اليومِ عن قولِه تعالى: «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)» الأنعام. في هذه الآية لاحظَ المفسرون أنها خُتِمَتْ بقولِه: «وَأَنَا أَوَّلُ...
في سورة الضحى نقرأ: «والضحى والليل إذا سجى» لماذا اختار الله لفظ «سجى» وما معناها؟ وما الفرق بين هذه الآية وقوله تعالى: «والليل إذا يغشى»، وقوله تعالى: «والليل إذا يسرِ»؟ هذه اللطيفة كي نفهمها علينا...
لطيفة اليوم ننقلها لكم من حديث القرآن عن الجنة. نرى فيها مشهداً صوّره القرآن أجمل تصوير. إنه مشهد أهل الجنة حين يطوف عليهم الولدان والغلمان بالأكواب والأباريق، غلمان كأنهم لؤلؤ مكنون، وولدان إذا رأيتهم حسبتهم...
من المواطن المتشابهة في القرآن الكريم، وصف اليوم بأنه عقيم أو عبوس أو ثقيل. وحول هذه المواطن يكون هذا المقال. فأما وصف اليوم بالعقيم، فجاء في قول الله تعالى: (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) [الحج:...
** اليومَ نتأملُ سورتين منَ القرآنِ نزلتَا معًا.. سورتانِ قال عنهما رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ: "أُنْزِلَتْ عَليَّ اللَّيْلَة آيَاتٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُنَّ قَطُّ: "قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ". ولهذا سُميتِ...
من المتشابهات القرآنية أننا نقرأ أحياناً: (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، ونقرأ أيضاً: (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). فما الفرق بينهما؟ وردت (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات في القرآن الكريم، ووردت (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ست مرات، ووردت...
** عندما نتأملُ قولَه تعالى: (إذا جاءَ نصرُ الله والفتح) نتساءل: لماذا لم يقل إذا أتى نصر الله والفتح؟ ما الفرق بين جاء وأتى في الاستعمال القرآني؟ هنا لطيفة، نبَّه إليها أهل اللغة والتفسير، حيث...
أحياناً يختلط على القارئ أن يقول هذا أو ذلك، وفي هذا المقال نبيّن دقة التعبير القرآني في التعبير بأسماء الإشارة، فمثلاً قوله تعالى: «ذلك الكتاب لا ريب فيه»، يمكن التعبير عنها بصور كثيرة، ولكن القرآن...
اليوم نتأمل سورة نزلت وحولها سبعون ألف ملك، قال عنها سيدنا عمر إنها من نجائب القرآن. إننا اليوم نتأمل الآية الأولى من سورة الأنعام. قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ..)...
من المتشابهات في القرآن أن يأتي اللفظ واحداً ويختلف المعنى، ونمثل على ذلك بمركب (أمر الله) والفعل (عزم). يقول تعالى: (فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون) غافر: 78، وقوله تعالى: (جاء أمر...
نقرأ اليوم بعض اللطائف في قصة ذي القرنين، حيث طلب منه الناس أن يصنع لهم سداً، لكنه قال لهم إنه سيصنع لهم ردماً... (قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ...