


عدد المقالات 129
لا يبدو ما تمخض من مؤتمر»أصدقاء الشعب السوري» الذي انعقد أعماله في تونس (24) فبراير أمراً جديداً على الشعب السوري، فما قرأناه في البيان الختامي للمؤتمر سبق، وقرأناه في الصحف وسمعنا من خلال الإعلام المرئي والمسموع. لب البيان هو التمسك بالمبادرة العربية من قبل المؤتمرين! أما فعلياً فإن مؤتمر أصدقاء الشعب السوري هو العمل على خلق –كما أشارت راغدة درغام (صحافية من جريدة الحياة)– استراتيجية تنسيق وتوزيع الأدوار لتنفيذ ما يتفق عليه المشاركون وهو: نزع الشرعية عن نظام بشار الأسد ثنائياً، ورفضه إقليمياً، وملاحقته دولياً.. هذه الأهداف تتطلب استراتيجية تنفيذية وليس فقط سياسية، ما يعني أن تسليح المعارضة سيكون في صدارة ما يتم توزيع الأدوار في شأنه. وهذا تنبؤ صار منطقياً أكثر بعد أن تعزز التحالف الخليجي – الغربي الذي اتخذ قرارا لا رجعة فيه وهو عدم ترك الملف السوري لروسيا. ولا نستغرب أن قدر السوريين أن يكونوا الشغل الشاغل لدى السياسات الإقليمية والدولية، ويبدو أنه كلما تأخر النظام في الاعتراف بالوقائع التي فرضتها الانتفاضة أو الثورة، كلما انزلق نحو سياسات وآفاق أشد قسوة من كل ما سبقتها. ثمة من يرى بأنه لو قبل النظام بما تريده المعارضة في بداية الأحداث لما وصلنا إلى حالة المزاد العلني والصراع الدولي على سوريا، كما نحن عليه اليوم، لو أقدم النظام على البدء بالإصلاح السياسي قبل الحديث عن أمر آخر، وعزف عن اعتماده المفرط على الحلول الأمنية، لم نكن لنعيش المآسي الأليمة مثلما نعيشها اليوم، وحتى قبل أشهر قليلة، لو فكر النظام قليلاً واعتمد قبول المبادرة العربية الأولى بتواضع وقيمها كصيغة للخروج من الأزمة، لكانت سوريا الآن تعيش في حالة من العملية السياسية والديمقراطية المتقدمة، ولكانت قد قطعت الطريق أمام التدخل الدولي سواء كان إنسانياً أو عسكرياً، ولكنا تركنا المجتمع الدولي للتنافس على مناطق النفوذ الأخرى، وتالياً لم تكن قضيتنا (قضية الشعب والثورة) أمام المجتمع الدولي وصراعاته على مناطق النفوذ. النظام هو من يتحمل مسؤولية الأزمة المتفاقمة؛ حيث كان بوسعه منع البلد من أي انزلاق، لكن، وبرغم من ذلك، فإن هذا النظام الذي ما انفك يعاني من الفلتان وعدم السيطرة على البلد ما زال يتكبر على الاعتراف بالأزمة الوطنية المتفاقمة، فالغطاء الدولي (إنسانيا) أرحم من التدخل العسكري، والخيار الوطني للحل كان أفضل من كل الخيارات، إلا أن النظام كان دائماً يريد أن يحل الأزمة وفق منطقه، وبالتشاور على من يدعي أنه معارضة مع أنه لا يحل ولا يربط في الشارع المنتفض، بمعنى آخر، أراد النظام أن يقدم صورة بديلة للمعارضة الحقيقية، وجلب معارضة على مقاسه ومتطابقة مع أمزجته، حتى تكون قادرة على الحفاظ على أجندة النظام، وعوامله، فكان النظام يقفز على المثقفين والنخبة، ويتجه لتجميل صورة العشيرة بعد أكثر من 49 عاما على «الثورة» ظناً منه أنه ربما يكون الحل بيد شيوخ العشائر، تماماً مثلما فعل عندما سد أذنيه في فترة «ربيع دمشق» وواجه خطاب «إعلان دمشق» بكافة الوسائل، ولم يقف في حدود المواجهة النظرية بل تجاوزها إلى المواجهة العملية وزج قيادة «إعلان دمشق» في السجن، وسرعان ما صار هذا الخطاب التحدوي عبئاً على السوريين جميعاً، الأمر الذي أوصل البلاد والعباد إلى هذه المزالق. دون شك، لم تكن روسيا والصين حريصتين على سوريا ونظامها وشعبها بقدر حرصهما على أنفسهما، وعلى مناطق نفوذهما دون النظر إلى أي اعتبار آخر، من الواضح أنهما كانتا تبحثان عن تجديد مركز تواجدهما في سوريا، وتالياً في الشرق الأوسط، وإلا لما كنا أمام واقع جديد. وفي هذه الحال، ليس من المبرر أن يفرح النظام كثيراً للموقف الذي اتخذه الروس والصينيون في مجلس الأمن، خصوصاً أن الفيتو الروسي الصيني، وما أن اعتقد النظام أن الفيتو الروسي يحمي البلاد من التدخل العسكري ومن الانقسام، حتى انتقلت البلاد من حالة التعريب والتدويل الجزئي إلى حالة التدويل بشكل كامل؛ لأن العالم غير عاجز عن البحث عن الخطط والوسائل العديدة للضغط على النظام، وفات زمن ليقول العالم للسوريين: «حلو مشاكلكم بأنفسكم». لعل عشرات التجارب تؤكد أن المجتمع الدولي مال باتجاه الثورة السورية، فإذا لم يكن من منطلق المسؤولية الدولية التي تقع على عاتق المجتمع الدولي فإن منطق علم الاجتماع السياسي يقول إن العالم (طبيعياً) يقف إلى جانب الثورات وليس إلى جانب الأنظمة مهما تكن صفات هذه الأنظمة! هناك سبل وطرق شتى لإيجاد الحلول من قبل المجتمع الدولي للسوريين، ولعل عقد «مؤتمر أصدقاء للشعب السوري» أهم رسالة بعثها المجتمع الدولي للنظام السوري والروسي مفادها: أننا لن نتخلى عن مآسي الشعب السوري. فإذا كان الفيتو الروسي الصيني خطوة إلى الأمام، بالنسبة للنظام، فإنه خطوتان إلى الأمام (وليس الوراء، بالنسبة للثورة ومكوناتها)! يقول المفكر اللبناني فواز طرابلسي في أحد مقالاته: تستطيع القوى الكبرى أن تحوك تسوية فوقية، ولكنها لن تستطيع وقف العملية الجذرية لتغيير النظام في سوريا. ليس فقط لعجزه عن فهم النظام أزمته وتصور إمكان الترقيع أو حتى التغيير من داخله، وإنما أيضا لرفضه الاعتراف بأن مطالب ذلك القسط من شعبه في الشوارع والساحات يؤشر إلى ما يمكن أن تكونه سوريا الجديدة، سوريا الشباب، أي سوريا الاستقلال والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية. والحال، فإذا كان الفيتو الروسي الصيني أوقع بلادنا وسياساته في مزالق خطرة، فإن الآتي أكثر وطأة من كل ما سبق، وفي الوقت الذي كنا نتخوف من التدخل العسكري صرنا الآن أمام واقع خطر جدا. صرنا الآن نخاف من وجودنا كمجتمع سياسي، ونخاف على استقلالية قرارنا، وعلى التدابير التي ستتخذ من قبل شعبنا وعلى شعبنا؛ لذلك يعتقد الكثيرون أن مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» في تونس «سيكون حاسماً لجهة تنفيذ العزم على إزالة النظام في دمشق عبر الضغط على الأرض، وليس فقط عبر بناء الزخم الدولي ليكون مؤتمر تونس الممر إلى مجلس الأمن» على حد تعبير رغدة درغام. إن الروس والصين بعدم قدرتهما على إدراك عواقب سياساتهما تجاه ثورات المنطقة العربية، أوقعتنا في فخ الصراعات، في الوقت الذي كانتا تطالبان بالتفكير والنقاش العميق مع المجتمع الدولي حول كيفية تكوين المبادرة الأخيرة التي عرضت على مجلس الأمن، وكيفية توظيفها وتحويلها إلى صيغة تخلص شعبنا ومجتمعاتنا السياسية من تدهور الأوضاع كانتا توقعان بلادنا في طريق يُصعب معه التنبؤ في مصيرنا!؟ ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية» w.minbaralhurriyya.org
مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...
كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...
درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...
لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...
بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...
قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...
.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...
باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...
لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...
في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...
يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...
هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...