alsharq

أحمد حسن الشرقاوي

عدد المقالات 198

صراعات «شاور وضرغام».. وسقوط الدويلات الصليبية (1-2)

06 يونيو 2015 , 01:47ص

شاور وضرغام هما وزيرا آخر ملوك الفاطميين على مصر وهو الخليفة العاضد. تذكرتهما عندما التقيت أحد أصدقائي القدامى بالصدفة بعد أن هاجر واستقر في كندا منذ أكثر من 20 عاما، وصار أحد رجال الأعمال المشهورين هناك!! عندما حدثته عن سقوط حكم مماليك العسكر في مصر، نظر إلي باستغراب شديد، بدا متفاجئا من حديثي وهو الذي يعرفني جيدا منذ طفولتنا المشتركة ومراحل الدراسة المختلفة. قال لي: هل أنت متأكد من ذلك؟! قلت: نعم. حدسي ومعرفتي ودراستي لتاريخ الشعب المصري ولمفاتيح الشخصية المصرية يؤكدان ذلك. صديقي يعرفني جيدا ويعرف أنني لم أكن يوما من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، بل ولم أكن أبداً من المنتمين لتيار الإسلام السياسي، بل إنني نشأت وترعرعت في صفوف التيار اليساري القومي في مصر. قال باستنكار واضح: نسمع هذا الكلام من ممثلي التيار الإسلامي والإخوان المسلمين منذ عامين، وأعرف أنك لست منهم، هل تأثرت بهم وماذا تقصد بالتاريخ والشخصية المصرية؟ بدا أن صديقي يهتم بالأمر، لذلك بادرته بالقول: نعم تأثرت بهم وأثرت فيهم، ولكن لنجلس في مكان هادئ لأن هذا أمر شرحه يطول، وأنا الليلة مشغول! ضربت له موعدا في اليوم التالي وجلسنا في حديقة أحد الفنادق المطلة على الكورنيش، ومع نسمات الخليج الهادئة، نظرت في عينيه وقلت له: هل قرأت شيئا عن تاريخ الدولة الفاطمية في مصر والتي حكمت المحروسة قرابة ثلاثة قرون؟ - لا.. ولا تستغرق هذه الجلسة الرائعة في رواية الحكايات التي تعودت أن ترويها لنا منذ الصغر. - هذه ليست حواديث تستخدم لتسلية الصبية عندما يخلدون للفراش، كما أنني لست أمك!! وانطلقنا نضحك ونسترجع أياما خلت في طفولتنا قررت بعدها قطع هذا الاسترسال بتقطيبة جبين يعرفها صديقي القديم جيدا ثم قلت له بجدية واضحة: لديك دولة توشك على الانتهاء، ووزراء يتصارعون، وأكثر من حليف يجب أن تبتعد عنه، وعدو واحد لا تجد مفرا من أن تقترب منه: نفس المعادلة التي تتكرر كل بضع سنوات. ملك آخَر على دولة أخيرة يمارس سياسة «فرق تسد»، كان ذلك هو الملك العاضد آخر ملوك الدولة الفاطمية، والخليفة الرابع عشر والذي انتهت الدولة على يديه. - ما هذه الألغاز؟ تعلم أنني مهندس، ولم أطمح يوما أن أكون «فيلسوف ومفكر الشلة» مثلك، يا ريت تروي لنا بهدوء وتشرح للغلابة أمثالنا ماذا تقصد؟ انتهزت فرصة هذا الاعتراف النادر وبادرت صديقي بالسؤال: هل قرأت رواية «علي أحمد باكثير» وعنوانها «سيرة شجاع» التي يروي فيها حكاية شجاع ابن الوزير المتآمر شاور بالتبني، وهو آخر وزراء الدولة الفاطمية لدى آخر خلفائها وهو الخليفة العاضد؟! - (قال صديقي بضيق واضح): لا لم أقرأها، ثم من هو علي أحمد باكثير هذا؟! - (هنا أدركت أن الملل والضيق بدآ يتسربان إلى صديقي فقلت له على الفور): لا عليك، إنه روائي من حضرموت ولد بإندونيسيا ودرس الأدب الإنجليزي في جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليا) وتزوج مصرية وحصل علي الجنسية المصرية بمرسوم ملكي قبل عام واحد من حركة عسكر يوليو 1952، وهو من أفضل الروائيين المصريين والعرب. وعلي أي حال، نعود لموضوعنا، فقد انتقلت الخلافة الفاطمية في مصر للخليفة العاضد سنة 1160 ميلادية بعد وفاة الخليفة الفائز. وكان وزيره في تلك الفترة طلائع بن رزيك الذي نجح في إخماد الفتن وإنهاء حالة الفوضى التي عاشت فيها البلاد في عهدي الخليفة الظافر والفائز. إلا أن المؤامرات ما لبثت أن حيكت ضد طلائع بن رزيك وشارك فيها الخليفة الفاطمي نفسه، وانتهت بقتل طلائع وتولي الوزارة أبوشجاع (العادل) بن طلائع، إلا أنه لم يمكث أكثر من سنتين وخلعه شاور الذي كان حاكماً على الصعيد وتولى الوزارة مكانه، وقتل نجليه وتبنى الثالث (شجاع). ثم صار الأمر إلى صراع مرير بين شاور وضرغام على كرسي الوزارة. حتى إنهم استعانوا بالصليبيين في بيت المقدس ونور الدين زنكي في الشام ضد بعضهم البعض. فما كان من نور الدين محمود زنكي إلا أن انتهز هذه الفرصة وأرسل إلى مصر جيوش متتالية بقيادة أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي ليسقط الخلافة الفاطمية المترنحة ويضم مصر إلى الشام تحت إمرته لقتال الصليبيين. تمكن أسد الدين شيركوه من صد الصليبيين الطامعين في مصر وخلع شاور من وزارة مصر وتولى الوزارة بنفسه بمباركة الخليفة الفاطمي العاضد بالله الذي كان مريضاً ومشرفاً على الموت، ثم ما لبث أن مات في 1171م/المحرم من سنة 567 هجرية بعد أن فقدت مصر كل أملاكها في الشام وفلسطين لصالح الإمارات الصليبية. لكن القدر أراد لمصر أن تصير إلى صلاح الدين الأيوبي بعد سقوط الخلافة الفاطمية، ليتخذ منها قاعدة لبناء سلطنة مصر والشام التي ستدق المسمار الأكبر في نعش الوجود الصليبي في المشرق الإسلامي. (وللحديث بقية الأسبوع المقبل إن شاء الله).

بعد النيل.. هل تذهب سيناء ؟!

اليوم نستكمل معكم بقية الحكاية التي بدأناها في خاتمة المقال السابق عن أطماع اليهود في سيناء منذ قرون طويلة، فهي بالنسبة لهم في قلب العقيدة الصهيونية، لدرجة أن تيودور هرتزل -مؤسِّس الصهيونية العالمية- أطلق عليها...

بعد النيل.. هل تذهب سيناء؟! (1-3)

يبدو من المرجح حالياً أن أزمة سد النهضة لن تجد حلاً، وأن السد سيتم تشغيله، وأن ملء بحيرة السد سيحجب كمية كبيرة من حصة مصر في مياه النيل، لكن ماذا عن شبه جزيرة سيناء؟! يلاحظ...

ترمب مجدّداً.. أم بايدن؟!

السؤال الذي يتردد بكثافة في أوساط الأميركيين، وربما في أنحاء العالم في الوقت الحالي هو: هل يفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بقترة رئاسية ثانية تمتد حتى 2024؟ أم يتمكن غريمه الديمقراطي جو بايدن من هزيمته...

شبح ريجيني في القاهرة!

رغم مرور 4 أعوام ونصف العام على وفاة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الغامضة بالقاهرة، لا تزال ملابسات وظروف الوفاة غير معروفة، ويبدو أن صبر الحكومة الإيطالية نفد، وبدأت تطالب القاهرة بردود حاسمة وتوضيحات مقبولة، فقد...

عندما تنظر أميركا في المرآة

من منّا لا يعرف قصة سندريلا والأقزام السبعة، كلّنا تربّينا عليها، وتعاطفنا مع السندريلا التي كان عليها أن تتقبّل قهر وظلم زوجة أبيها وبناتها المتعجرفات، حتى تأخذنا القصة للنهاية الجميلة حين تلتقي السندريلا بالأمير، فيقع...

أرض العميان (2-2)

أحد أصدقائي أوشك على الانتهاء من كتابة رواية طويلة عن أحوال المعارضة المصرية في الخارج منذ 2013م، وقد اقترحت عليه اسماً للبطل الرئيسي لروايته، وهو معارض ليبرالي يسحق الجميع من أجل مصالحه الشخصية الضيّقة. اقترحت...

أرض العميان (1-2)

عندما تغيب المنافسة العادلة أو تكون محدودة، هل يمكن أن تعرف الصحافي الجيد أو الكاتب الأكثر براعة أو الأجزل في العبارة، أو الأغزر إنتاجاً، أو الأعمق فكراً، أو الأفضل أسلوباً؟! كيف ستعرفه إذا لم تتوافر...

الميكافيلليون الجدد!!

في جامعة القاهرة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كنت مندفعاً في دراسة العلوم السياسية، وكنت قرأت كتاب «البرنس» لميكافيللي قبل دخول الجامعة، ولم يعجبني! دخلت في مناقشات جادة وأحياناً حادة مع أساتذة درسوا في الجامعات...

حصن الحرية.. «بوسطن جلوب» نموذجاً (2-2)

بعد المعركة الصحافية الشهيرة التي خاضتها صحيفة «بوسطن جلوب» خلال عامي 2001 و2002، والتي انتهت باستقالة الكاردينال لاو رأس الكنيسة الكاثوليكية في عموم أميركا، ترسخ اعتقاد لدى مواطني مدينة بوسطن من الكاثوليك، أن الصحيفة الأكبر...

الصحافة والكتابة.. في زمن «كورونا» (2-3)

ليالي زمن «كورونا» تمرّ بطيئة وطويلة، لكنها ليست كذلك لمن يقرأون طوال الوقت حتى يستطيعوا الكتابة الأديب المصري الفذّ مصطفى لطفي المنفلوطي، كتب في بداية القرن العشرين أن الكاتب يشبه «عربة الرشّ» وهي عربة كانت...

الصحافة والكتابة.. في زمن «الكورونا» (1-3)

لا أخفي عليكم، أن الكتابة وفق مواعيد محددة مسألة مرهقة، في بعض الأحيان لا توجد فكرة واضحة للمقال، أو يصاب الكاتب بالحيرة في الاختيار بين أكثر من فكرة، وفي أحيان أخرى يقترب موعد تسليم المقال،...

قلاع الحريات الأميركية (2-3)

الصحف الأميركية هي قلاع حقيقية تصون الحريات العامة فى البلاد، هذه حقيقة يفتخر بها الأميركيون على بقية أمم الأرض. في عالمنا العربي تختفي تلك القلاع، فيحدث أن تتجرأ النظم المستبدة على تلك الحريات، وتعصف بها...