alsharq

د. أحمد موفق زيدان

عدد المقالات 272

تونس.. النكوص الثوري والأخلاقي

06 أبريل 2015 , 02:09ص

ابكوا ثورة كالنساء لم تحافظوا عليها كالرجال.. ربما لو كانت أم أبي عبدالله الصغير حية بين أظهرنا لهمست بها في آذان ثوار تونس اليوم، كما همست من قبل في أذن ابنها أبي عبدالله الصغير آخر ملوك الأندلس... ضاعت الأندلس بحسن الظن بأعداء الله فترامى العبادلة الصغار في أحضان الإفرنج على أمل أن يُمدد في أعمار سلطانهم. تماماً كما قال الشاعر العربي ولا تشك إلى خلق فتشمته شكوى الجريح إلى الغربان والخرم اليوم يُحسن ثوار تونس الظن بفلول زين الهاربين ويسلمونهم تاج ثورة كانت مفجرة ثورات العرب ومفخرتهم، فأتى الانتقام على قدر حسن الظن بهم حيث توجهوا إلى سفاح الشام وطاغيتها الذي يعدُّ بتقييم كل أرباب الثورات المضادة الخط الدفاعي الأول والأخير لراهنهم ومستقبلهم، ولذا نرى الترامي عليه ودعمه من سيسي مصر إلى حوثيي اليمن وحفترات ليبيا. يعلن سبسي مصر أو سيسي تونس لا فرق عن إعادة فتح سفارة السفاح في تونس الخضراء ويستعد لاستقبال سفير الإجرام، ضارباً عرض الحائط بأخلاق ثورة تونسية عظيمة قامت ضد الظلم والاستبداد التونسي المغسول مليون زوم كما يقولون في الشام عن ظلم طغاة تونس، ويضرب معه بقرارات الجامعة العربية، ويتشدقون بالتذرع بأن ذلك لمصالح التونسيين الموجودين في سورية، وكأنهم كانوا يعملون ضد هذه المصالح على مدى سنوات من الإغلاق، ويردُّ عليهم الحر الجزائري أنور مالك إن كان المعيار هو الجالية التونسية فثمة ثلاثة آلاف مقاتل تونسي مع تنظيم الدولة «داعش» بحاجة إلى تعيين سفير لرعاية مصالحهم أيضا. ولكن للتذكير جاء هذا الموقف التونسي المنسجم مع عودة الفلول إلى الحكم مع قرار آخر منسجم أيضاً مع فلول مصر حين رفع السيسي علم طاغية الشام في مؤتمر القمة العربية الأخير رافضاً استقبال وفد المعارضة السورية، ومصراً على استقبال وفد النظام لولا الموقف السعودي، فتحايل على الصفعة السعودية بقراءة رسالة طاغية الكرملين في القمة فردّ عليه الأمير سعود الفيصل. لم تقف الحكومة التونسية عند هذا الحدّ للأسف في الافتئات على الحقيقة والواقع، وإنما ذهبت إرضاءً لأسياد المتوسط كما زعموا زوراً وبهتاناً، وهم أنفسهم من يحلمون بإمبراطورية ساسانية أو فارسية مستغلين كل شيعي عربي وعجمي وقوداً لإمبراطورية نارهم، وقد ابتلعت تونس الواقعة على المتوسط الطعم واتهمت الحلقة الأضعف كما تظن تركيا بتسهيل حركة المقاتلين التونسيين إلى سورية جرياً على اتهامات غربية وإيرانية، ومعفية نفسها من التورط أو التواطؤ أو التغافل لا فرق ما دامت النتيجة واحدة من خروج ثلاثة آلاف تونسي إلى الشام لإفساد ثورة الشام العظيمة بالتحاقهم مع داعش، حيث يشكك الكثيرون أن مخابرات زين الهاربين اخترقتها منذ اليوم الأول، وقد تجلى ذلك بإعدام داعش نفسها لبعض العناصر التونسية في صفوفها لتورطها بالتجسس ضدها. تطوف بي الذكريات بعيداً إلى القرن التاسع عشر يوم أن عين السلطان عبدالحميد الثاني رحمه الله خير الدين التونسي صدراً أعظم أي رئيس وزراء للخلافة العثمانية، لم يكن تعيينه من فراغ فقد سبق أن كتب كتابه القيم «أقوم المسالك إلى معرفة الممالك» الذي قال عنه المستشرقون لم يؤلف مثله في الشرق، قرأ يومها خير الدين جيداً تضاريس سياسة الشرق والغرب ومسالكها ومعابرها، ووجد أن الاستبداد هو أسّ البلاء كما قرأه مفكر الشام عبدالرحمن الكواكبي، لكن اليوم حكام تونس الجدد المغتصبين لثورتها يشدونها إلى الاستبداد والاستعباد، وبدلاً من التواصل التاريخي مع أحفاد بني عثمان ها هم يتهمونهم بما ليس فيهم.. لكن ربما من حسن حظ حكام تونس الجدد أنهم وجدوا ضعفاً ثورياً أمامهم حين تذرع ثوار تونس بالتحاكم للديمقراطية وحرية الاختيار ونحوهما، بينما الكل يعلم أن من يتحكم بمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والإعلامية والتربوية والمالية وووو... هم أرباب الثورات المضادة فكيف سيكون الذئب أميناً على الأغنام، وكيف ستكون اللعبة الديمقراطية سليمة. لم تخجل مؤسسات الحكم القديم التي لا تزال موالية للطاغية زين العابدين من بث برنامج وثائقي تتحدث عن إنجازاته، وكأنها تسعى إلى إعادة الاعتبار له على حساب البوعزيزي ورفاقه، وتجريم الثورة والثوار، وربما قد تصل بهم الوقاحة إلى المطالبة بالاعتذار للطاغية التونسي أيضاً. لا بد للثوار أن يعووا أن شرعيتهم وشرعية كل ثورات الأرض على مدى التاريخ لم تأت من صناديق الاقتراع وإنما من شرعية ثورة عظيمة تم التضحية بخيرة شبابها وشاباتها، ولذا فلابد من تشكيل مجالس ثورية في كل مدينة وقرية ومحلة لتكون هي الأمينة والوصية والحامية للثورة، وإلا فإن الحرس القديم المتجذر بهذه الدول هو من سيقوم بفرض رأيه، وهو ما حصل واقعاً في كل دول ثورات الربيع العربي، الثورة تعني قطع رؤوس الظلم والاستبداد والإجرام وما لم تتدحرج رؤوس لتشرد بهم من خلفهم، فلا مستقبل للربيع العربي..لا ثورات كيووووت في التاريخ الإنساني. @ahmadmuaffaq

موسكو تعود إلى أفغانستان من البوابة السورية (1-3)

كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...

الشمال المحرّر معاناة لا تنتهي (2-3)

قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...

الشمال المحرر معاناة لا تنتهي (1-3)

أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...

مدن الشام فارغة وأهلها يرقبونها من خيامهم

لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...

المشروع الروسي خارج الزمان والمكان

ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...

خرْق السفينة الأسدية

الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...

السوريون وثورة الجياع اللبنانية

منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...

الأسد بين موسكو وطهران (2-2)

تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...

دروس من وباء عام 1918

يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...

أفغانستان ما بعد الاتفاق الطالباني- الأميركي (2-2)

أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (2-2)

الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (1-2)

لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...