alsharq

أحمد حسن الشرقاوي

عدد المقالات 198

الأربعاء الحزين.. جرس إنذار أخير للمصريين!

04 يوليو 2015 , 06:37ص

مصر أصبحت عبارة عن كتلة ضخمة من اللهب الناجم عن الحقد والدم والقتل والغباء والجهل، قبيل غروب شمس الأربعاء الأول من يوليو من العام 2015. فقد شهد هذا اليوم هجوما غير مسبوق من حيث التنظيم والكثافة ونوعية الأسلحة التي استخدمها مقاتلو ولاية سيناء ضد نقاط تفتيش وارتكازات عسكرية للجيش في مناطق شمال سيناء خصوصا في الشيخ زويد، مما أسفر عن مصرع العشرات من الجانبين. ولم ينتصف نهار الأربعاء حتى بدأت الأخبار تتوارد عن اعتقال عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين في شقة سكنية بمدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، ثم بعدها بقليل تظهر الصحف المؤيدة لسلطة الانقلاب في مصر لتعلن عن قيام قوات الأمن بتصفية قيادات الإخوان في ذات المكان ليشتعل الموقف، وتقف مصر في تلك اللحظة على أطراف أصابعها. جنود يسقطون في سيناء، ومواطنون يقتلون بدم بارد على يد الشرطة، وفي تلك اللحظة يتمزق المصريون بين الطرفين، ويتعمق الانقسام بينهم، وترتفع وتيرة المطالبات بالثأر لضحايا كل فريق. أحداث سيناء الأربعاء الماضي ليست سوى «حصاد مر» لما فعلته سلطة الانقلاب في أهالي سيناء، حيث قامت هذه السلطة ضيقة الأفق بتهجير 20 ألف شخص من ديارهم بين أطفال وشيوخ ونساء وأرامل وأيتام، وقامت بتدمير 120 منزلا وعشة من القش كان يقيم فيها هؤلاء المواطنون البسطاء الفقراء، وقتلت نحو 1300 من رجال سيناء الأشداء الذين كانوا ولا يزالون حائط الصد الأول ضد الاختراق الصهيوني، وقامت بسجن وتعذيب الآلاف منهم في سجون ومعتقلات عسكرية مثل سجن العزولي بمعسكر الجلاء بمحافظة الإسماعيلية شرق القاهرة، وارتكبت في حق المدنيين السيناويين تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان شهدت بفظاعتها كل المنظمات الحقوقية الدولية المعنية بحقوق الإنسان. في ذلك اليوم الدامي في مصر، استطاعت سلطة الانقلاب أن تحشد مؤيديها مرة أخرى داخل «حظيرة النظام العسكري» لتصور نفسها أنها «حامية الحمى» التي تخوض وفقا لقائد الانقلاب «حربا شرسة ضد الإرهاب».. بينما يشعر فريق آخر من المصريين أنهم يقتلون بدم بارد، وأن جماعة الإخوان المسلمين -كما جاء في بيانهم- تؤكد أن تصرفات عصابة الانقلاب العسكرية الحمقاء تعمد إلى دفع المظلومين والمقهورين للتحرك بحيث يصعب السيطرة على ردود أفعالهم التي تستهدف كبح الظلم الواقع عليهم. باتت الحرب الأهلية في مصر في هذه اللحظات المصيرية في تاريخ البلاد أقرب ما تكون إلى الواقع، وأصبح الصراع الدرامي غير قابل للاحتواء، وكأن يدا شيطانية آثمة تدفع بالبلاد إلى حافة الهاوية، وأن الأمر تجاوز الحافة ليبدأ الانزلاق الحقيقي نحو هاوية الحرب الأهلية، ولم يعد في مصر عقلاء بمقدورهم الوقوف في وجه هذا التدهور ومنع الانزلاق الخطير نحوها. هذه الصورة الدرامية يوم الأربعاء الماضي الدامي والحزين، لخصت مشهدا يتكرر خلال العامين الماضيين، ويبدو أن أحدا لن يكون بمقدوره التصدي لتداعياته الخطيرة. والحقيقة أنني لا يمكنني ادعاء الحياد في هذا الموقف، فأنا ضد سلطة العسكر منذ اللحظة الأولى التي وقف فيها قائد الانقلاب يتلو بيانه في 3 يوليو 2013، وكنت في تلك اللحظة ضيفا على برنامج حواري على تلفزيون (بي بي سي) العربي مع ضيفين آخرين بمكتب تلك القناة على كورنيش النيل بالقاهرة. جلسنا نستمع إلى بيان الانقلاب، وطلبوا مني التعليق على ما جاء فيه، فقلت بالحرف الواحد، والتسجيل موجود على اليوتيوب، إن هذا البيان يعد بمثابة «انقلاب عسكري مكتمل الأركان»، ودافعت عن وجهة نظري التي عارضها مقدم البرنامج وبقية الضيوف، لدرجة دفعت مديرة المكتب -وهي مذيعة مشهورة في الإذاعة المصرية- للحضور إلى الاستوديو بنفسها، وأمرت ببث فاصل قصير، وطلبوا مني الخروج ليدخل ضيف آخر هو الزميل عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق المصرية، الذي وصف ما حدث بأنه «انتصار لثورة 30 يونيو، وانحياز من جانب الجيش لمطالب الشعب»!! ولدى خروجي من مكتب تلفزيون (بي بي سي) في القاهرة قابلني عماد جاد، وهو باحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وواحد من رجالات الكنيسة المعروفين في مجال الإعلام المصري، وبادرني بالقول: ماذا قلت يا شرقاوي.. انقلاب عسكري إيه!! أنا جاي مخصوص علشانك.. أنتم عاوزين تخربوا مصر!! قلت له بهدوء واستنكار: «جاي مخصوص علشاني ليه يا عماد؟!! واضح إنكم أنتم بقصر نظركم ودرجة المراهقة السياسية العالية عندكم فإنكم أنتم من ستتسببون في خراب مصر.. وارتفعت نبرة صوتي بتحذير قوي: «عيب عليك لما تقول لي كدة». انصرف عماد جاد مسرعا ليدخل مكتب القناة فيما قمت أنا بمغادرة المكان وانصرفت إلى بيتي لأصل إليه بعد نحو 3 ساعات بسبب الزحام المروري الناشئ عن نزول الناس إلى الشوارع للاحتفال بما قام به قائد الانقلاب!! واليوم عندما أتذكر ما حدث قبل عامين، يبدو لي أن الكثيرين ممن نزلوا إلى الشوارع في ذلك اليوم الأربعاء 3 يوليو 2013 للاحتفال بانتصار «ثورة 30 يونيو»، ندموا كثيرا على فعلتهم، فالأربعاء الحزين الدامي في أول يوليو 2015 كان امتدادا للأربعاء الحزين في 3 يوليو 2013.. ويبدو أن أيام المصريين القادمة ستكون كلها «أربعاء»!

بعد النيل.. هل تذهب سيناء ؟!

اليوم نستكمل معكم بقية الحكاية التي بدأناها في خاتمة المقال السابق عن أطماع اليهود في سيناء منذ قرون طويلة، فهي بالنسبة لهم في قلب العقيدة الصهيونية، لدرجة أن تيودور هرتزل -مؤسِّس الصهيونية العالمية- أطلق عليها...

بعد النيل.. هل تذهب سيناء؟! (1-3)

يبدو من المرجح حالياً أن أزمة سد النهضة لن تجد حلاً، وأن السد سيتم تشغيله، وأن ملء بحيرة السد سيحجب كمية كبيرة من حصة مصر في مياه النيل، لكن ماذا عن شبه جزيرة سيناء؟! يلاحظ...

ترمب مجدّداً.. أم بايدن؟!

السؤال الذي يتردد بكثافة في أوساط الأميركيين، وربما في أنحاء العالم في الوقت الحالي هو: هل يفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بقترة رئاسية ثانية تمتد حتى 2024؟ أم يتمكن غريمه الديمقراطي جو بايدن من هزيمته...

شبح ريجيني في القاهرة!

رغم مرور 4 أعوام ونصف العام على وفاة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الغامضة بالقاهرة، لا تزال ملابسات وظروف الوفاة غير معروفة، ويبدو أن صبر الحكومة الإيطالية نفد، وبدأت تطالب القاهرة بردود حاسمة وتوضيحات مقبولة، فقد...

عندما تنظر أميركا في المرآة

من منّا لا يعرف قصة سندريلا والأقزام السبعة، كلّنا تربّينا عليها، وتعاطفنا مع السندريلا التي كان عليها أن تتقبّل قهر وظلم زوجة أبيها وبناتها المتعجرفات، حتى تأخذنا القصة للنهاية الجميلة حين تلتقي السندريلا بالأمير، فيقع...

أرض العميان (2-2)

أحد أصدقائي أوشك على الانتهاء من كتابة رواية طويلة عن أحوال المعارضة المصرية في الخارج منذ 2013م، وقد اقترحت عليه اسماً للبطل الرئيسي لروايته، وهو معارض ليبرالي يسحق الجميع من أجل مصالحه الشخصية الضيّقة. اقترحت...

أرض العميان (1-2)

عندما تغيب المنافسة العادلة أو تكون محدودة، هل يمكن أن تعرف الصحافي الجيد أو الكاتب الأكثر براعة أو الأجزل في العبارة، أو الأغزر إنتاجاً، أو الأعمق فكراً، أو الأفضل أسلوباً؟! كيف ستعرفه إذا لم تتوافر...

الميكافيلليون الجدد!!

في جامعة القاهرة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كنت مندفعاً في دراسة العلوم السياسية، وكنت قرأت كتاب «البرنس» لميكافيللي قبل دخول الجامعة، ولم يعجبني! دخلت في مناقشات جادة وأحياناً حادة مع أساتذة درسوا في الجامعات...

حصن الحرية.. «بوسطن جلوب» نموذجاً (2-2)

بعد المعركة الصحافية الشهيرة التي خاضتها صحيفة «بوسطن جلوب» خلال عامي 2001 و2002، والتي انتهت باستقالة الكاردينال لاو رأس الكنيسة الكاثوليكية في عموم أميركا، ترسخ اعتقاد لدى مواطني مدينة بوسطن من الكاثوليك، أن الصحيفة الأكبر...

الصحافة والكتابة.. في زمن «كورونا» (2-3)

ليالي زمن «كورونا» تمرّ بطيئة وطويلة، لكنها ليست كذلك لمن يقرأون طوال الوقت حتى يستطيعوا الكتابة الأديب المصري الفذّ مصطفى لطفي المنفلوطي، كتب في بداية القرن العشرين أن الكاتب يشبه «عربة الرشّ» وهي عربة كانت...

الصحافة والكتابة.. في زمن «الكورونا» (1-3)

لا أخفي عليكم، أن الكتابة وفق مواعيد محددة مسألة مرهقة، في بعض الأحيان لا توجد فكرة واضحة للمقال، أو يصاب الكاتب بالحيرة في الاختيار بين أكثر من فكرة، وفي أحيان أخرى يقترب موعد تسليم المقال،...

قلاع الحريات الأميركية (2-3)

الصحف الأميركية هي قلاع حقيقية تصون الحريات العامة فى البلاد، هذه حقيقة يفتخر بها الأميركيون على بقية أمم الأرض. في عالمنا العربي تختفي تلك القلاع، فيحدث أن تتجرأ النظم المستبدة على تلك الحريات، وتعصف بها...