


عدد المقالات 129
إن اندلاع أعمال العنف الأخيرة في مصر يشي بأن عطلا قد أصاب الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية في هذا البلد. إن التحول الديمقراطي في العالم العربي، الذي بدأ مع تضحية بائع متجول تونسي بنفسه (محمد البوعزيزي) منذ أكثر من سنة بقليل، سيستمر على الأرجح، ولكن تجربة البلدان الشيوعية سابقا تبين أن النمو الاقتصادي وتنمية الفرص الاقتصادية لا تقل أهمية عن الحرية السياسية. لم يكن احتجاج محمد البوعزيزي احتجاجا على حرمانه من حق التصويت، ولكن على حرمانه من الحق في كسب قوته بعيدا عن تضييق الدولة. إن ما يجري في البلدان العربية من أحداث غير عادية -من سقوط حسني مبارك في مصر ومعمر القذافي في ليبيا إلى الانتفاضات المدنية في سوريا واليمن- قد ينسينا أن الربيع العربي ابتدأ بانتحار بائع تونسي متجول عانى الاضطهاد والإذلال من قبل مسؤولين في الشرطة. شأن ملايين الشباب العرب رجالا ونساء، لم يتمكن الشاب ذو الأعوام الستة والعشرين من الحصول على وظيفة رسمية، فأخذ يبيع السلع في الشارع، فوقع فريسة الشرطة الفاسدة والبيروقراطيين الذين يشتطون في استخدام سلطاتهم، هؤلاء صادروا بضاعته غير مرة؛ فلما عدم وسيلة لإعالة أسرته، وأسقط في يده، أضرم محمد البوعزيزي النار في نفسه أمام مكتب الحاكم. يقال إن كلماته الأخيرة كانت: «كيف تريدونني أن أكسب قوتي؟». كانت الانتخابات البرلمانية المصرية نتيجة مباشرة للاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء العالم العربي بعد وفاة محمد البوعزيزي. لكن استعادة الشعب المصري لكرامته تحتاج إلى أكثر من السماح له بالتصويت؛ والتاريخ يبين أن الحرية في استغلال الفرص الاقتصادية التي يتيحها اقتصاد مفتوح في ريعان نموه تتمتع بنفس القدر من الأهمية. بعد سقوط جدار برلين، مثلا، مضت الدول الشيوعية سابقا، بخطى متفاوتة، في طريق الحرية الاقتصادية. وكان تحرير الاقتصاد في أوروبا الوسطى ودول البلطيق أكثر ميلا إلى أن يكون أسرع وأعمق مقارنة ببقية الكتلة السوفيتية السابقة. لقد تلقى «دعاة الإصلاح السريع» مزيدا من الاستثمارات الأجنبية، واستطاعوا تحقيق مزيد من النمو وخفض معدل التضخم ومعدلات الفقر وتوزيع الدخل بشكل أكثر مساواة. إن «دعاة الإصلاح السريع» قد أنشأوا مؤسسات ديمقراطية في الأساس. لقد أصبحت كل دولة من دولهم، في الواقع، ديمقراطية ليبرالية. ومع ذلك، فإن بعض البلدان التي لم تشهد إلا تحريرا اقتصاديا جزئيا، مثل أوكرانيا وروسيا، قد فشلت في التطور إلى ديمقراطيات كاملة. لقد وقع اتخاذ القرار في هذه البلدان في «قبضة» أوليغارشية غنية. إن المجلس العسكري الذي حكم مصر منذ سقوط مبارك حتى الآن لا أرسى استقرارا سياسيا ولا وفَّر إصلاحا اقتصاديا. إن مصر حسب تقرير البنك الدولي حول مناخ الأعمال، قد تراجعت من المرتبة 94 في عام 2010 إلى المرتبة 110 في عام 2011. وانخفض النمو من %5.1 إلى %1. وارتفع معدل البطالة الإجمالي من %9 إلى ما يقرب من %12، بينما لا يزال معدل البطالة بين الشباب %24. مع دين قومي يقارب %80 وعجز في الموازنة من %11 من الناتج المحلي الخام، إن المجلس العسكري يخسر المزيد من الوقت ومن هامش المناورة. ليس ثمة، لسوء الحظ، ما يشير إلى أن الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة (الإسلاميين المعتدلين من جماعة الإخوان المسلمين وسلفية حزب النور، الذين حصدوا حوالي ثلثي الأصوات والذين سوف يكتبون الدستور المصري الجديد) يقدِّرون خطورة الوضع الاقتصادي في مصر أو يفهمون أهمية التحرر الاقتصادي للحفاظ على معدلات نمو مرتفعة. ويبدو أن التحرير الاقتصادي ينظر إليه بشيء من الريبة، لأن أولى الإصلاحات التي شهدها الاقتصاد المصري تمت من خلال الرئيس مبارك وحاشيته من رجال الأعمال الفاسدين. وبدلا من رأسمالية تنافسية تخلق الثروات، كان المصريون في الواقع أسرى رأسمالية المحسوبية. سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الإصلاح الاقتصادي يحتمل التأجيل إلى حين إيجاد الحلول لكل المشاكل السياسية في مصر. إذا استمر الاقتصاد في الركود، فإن أفضل عقول مصر ستغادر البلاد تاركة ملايين المصريين في أوحال الفقر. إن اقتصادا حرا وديناميكيا هو وحده القمين بأن يوفر للشعب المصري فرص العمل والكرامة التي تلازمها عندما يكون المرء قادرا على كسب قوته وإعالة أسرته. هذا هو الدرس الحقيقي الذي كان على مصر والبلدان العربية الأخرى أن تتعلمه من وفاة محمد البوعزيزي. بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»
مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...
كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...
درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...
لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...
بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...
قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...
.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...
باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...
لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...
في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...
يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...
هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...