


عدد المقالات 129
..إنه لا يمكن بناء واقع عربي وإسلامي صحيح وسليم ومعافى وقادر على الإنتاج والعطاء في مختلف دروب الحياة ما لم تتأسس وتتكون في داخل بنيته الفكرية الفلسفية تصورات جديدة حول مفهوم العلمانية (نوع من العلمنة المؤمنة) تقوم على قاعدة أنها فكرة تؤمن بالأخلاق والأديان وبحقها في التعبير، ولا تعترض على مشاركة الفرد الملتزم والمتدين وحتى رجل الدين في الحياة السياسية والاجتماعية ولكن بشرط أن تكون مشاركته بصفة أنه مواطن وليس رجل دين يمتلك نصاً أو رأياً سياسياً أو اجتماعياً مقدساً هنا وهناك، وبشرط عدم ادعاء القيمومة الفكرية والسياسية على أحد، وعدم ادعاء امتلاك الحقيقة المقدسة، وأن تكون الحرية هي الناظم الجوهري لحركة وسلوك الدين في الحياة، مع إعادة الاعتبار للذات الإنسانية باعتبارها الموضوع الأساس القابل المالك لزمام المبادرة والقيمومة الفكرية والنصية والعملية على الأرض بمرجعية واحدة هي مرجعية العقل الحر والتفكير العلمي العقلاني الصريح من دون مواربة ولا لف ولا دوران في أفلاك نصوص ميتافيزيقية من هنا وهناك. من هنا يمكن التأكيد على أن محاولة تجديد تصوراتنا ومفاهيمنا عن العلمانية كفكرة أو كمشكلة هي السبيل الجديد لإعادة طرحها ومن ثم محاولة كسب رضا الناس عنها لكي يتمثلوها ويلتزموا بها ويدافعوا عنها.. أما أن تبقى الساحة هكذا متاحة فقط للخطاب الديني لكي يمارس دعاته ورموزه هواياتهم المفضلة في كيل الاتهامات لهذه الفكرة ولأصحابها بالكفر والإلحاد وانعدام الأخلاق، وربما بمساعدة كثير من حملة لواء العلمانية من خلال إصرارهم على عدم تبيئة مفاهيمها، فإن هذا سيديم المشكلة القائمة، وسيكرس سيطرة هؤلاء أصحاب العقول الحارة من كلا الطرفين على ساحة الفكر والثقافة والسياسة العربية والإسلامية. إننا نراهن على إمكانية وجود حلول لأزمة العلمنة والعلمانيين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، والمشكلة هنا ليست سياسية على الإطلاق بمقدار ما هي فكرية وفلسفية لها نتائج وتداعيات على الصعيد الاجتماعي والسياسي. ولنحاول البدء من هنا، من محاولة إعادة النظر في آرائنا ومعتقداتنا وقناعاتنا الصلبة حول مفهوم العلمانية، ولننطلق من فكرة أن تكون العلمنة عندنا علمنة مؤمنة ولكن بغطاء عقلي علمي نقدي يتيح مناخ النقد وحرية المعتقد والتفكير والرأي الحر للجميع.. حتى لأولئك الذين يريدون ممارسة النقد على العلمانية ذاتها. ولا شك أن العمل الفكري المرتكز على العقل الحر في أوساطنا الاجتماعية العربية التي يهيمن عليها رجالات الدين وأصحاب الوعظ المسجدي العتيق صعب مستصعب، ولكن الأمل يكمن في محاولة تقريب وجهة نظر الفكرة العلمانية للناس خاصة بعد فشل تجارب تطبيقات العلمنة والحداثة الرثة الكسيحة التي طبقتها نخب ما بعد عهود الاستقلال العربي، في محاولتهم بناء الدولة الوطنية. ويمكن القول هنا إن حدوث تلك الانتدابات والاحتلالات العسكرية لبلداننا العربية في المغرب والمشرق أسهم في تشويه صورة وفكرة العلمانية، وبالتالي تأخير تطبيق العلمنة، مضافاً إليه ما قامت به مجمل النخب السياسية التي حكمت لاحقاً تلك البلدان بقوة القهر وعقلية الاستبداد وتغليب منطق الدولة الأمنية على منطق دولة المؤسسات والعدل والقانون.. حيث يمكن اعتبار ذلك من أهم أسباب فشل تطبيقات العلمانية الصحيحة خاصة بعد اكتشافات النفط وحدوث فورة مادية دفعت إلى تأسيس مجتمعات استهلاكية طفيلية غير منتجة أدت إلى نسف الطبقة الوسطى من جذورها.. وهذا النسف لطبقة واسعة وعريضة تمثل حوالي %90 من السكان حول مجتمعاتنا العربية إلى ما يشبه الحطام، لأن الطبقة الوسطى هي داعية وحاملة لواء التغيير وبذور الإصلاح في أي مجتمع، وهي التي يعتمد عليها في كل ما يتعلق بتأسيس مشاريع نهضوية.. وبعد ذلك بدأت الانقلابات العسكرية، وكانت النتيجة أن تبلور نظام في بعض الدول أطلق عليه بعض المفكرين اسم «النظام العسكري=العسكرتاريا العربية» التي وضعت مشروعها الأساس وهو ابتلاع المجتمع برمته. وقد أفضت الآن إلى «دولة أمنية» بامتياز، ليس من مصلحتها سوى تكريس وجودها وثرواتها، ومسك العصا من المنتصف، فهي علمانية مع العلمانيين ودينية مع المتدينين. • بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»
مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...
كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...
درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...
لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...
بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...
قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...
.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...
باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...
لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...
في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...
يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...
هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...