


عدد المقالات 198
وثيقة العهد الأعظم المعروفة باسم الـ»ماجنا كارتا» هي أول وثيقة دستورية في تاريخ الغرب، وقعها «جون» ملك بريطانيا في يونيو من العام 1215 من الميلاد، استجابة لضغوط النبلاء، وصارت الأساس القانوني للحقوق والحريات العامة للمواطنين، ليس في بريطانيا فقط ولكن في العالم أجمع. المجلس الثوري المصري وهو كيان سياسي يمثل المناهضين لحكم العسكر في مصر المؤمنين بثورة 25 يناير ومكتسباتها الديمقراطية، نشر الأسبوع الماضي وثيقة مشابهة بعنوان «وثيقة حماية الثورة» تحت شعار لافت للنظر يقول: «أمن بلا استبداد.. تنمية بلا فساد.. ديمقراطية بلا استبعاد». ولأن كاتب هذه السطور من مؤسسي المجلس، وهو المتحدث الرسمي باسمه، فقد أسهمت بنفسي مع أفاضل آخرين في كتابة وصياغة تلك الوثيقة، التي أعتقد أنها سوف تساهم في التأسيس لما بعدها، فيما يتعلق بتطور الحقوق والحريات في مصر في مرحلة ما بعد انتهاء نظام الحكم العسكري في مصر، الذي يخوض آخر معاركه للبقاء في السلطة، بينما يخوض خصومه من الباحثين عن الحرية أولى معاركهم في التحرر والبناء والتنمية فور إسقاطه من السلطة. إذن الأمر في تقدير المجلس الثوري وجمعيته العمومية التي أقرت الوثيقة مؤخرا أنه ليس صراعا على السلطة بقدر ما هو صراع على الحرية ضد نظام يعصف بها منذ اللحظة الأولى للانقلاب عليها في 3 يوليو 2013. جاءت وثيقة المجلس الثوري المصري لتتحدث عن ثلاثة محاور رئيسة، أولها هو محور الحقوق والحريات، ويتضمن مجموعة من المبادئ، من بينها أن الشعب المصري هو مصدر السلطات، وأن القوات المسلحة لا تتدخل في الشأن السياسي، وأن المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة دون تمييز، وأن تلك الحقوق والحريات لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا، وأن للجميع فرصا متساوية في الحصول على الوظائف العامة، لا فرق بين ابن الوزير وابن الغفير. ويتميز هذا المحور بأنه يؤسس بالفعل لدولة حريات في مرحلة ما بعد نظام السيسي، الذي تسعى أجهزته وأبواقه وشركات العلاقات العامة التي تروج له في الخارج أنه باق وراسخ ومستمر في نوع من الحرب النفسية المفضوحة ضد خصومه السياسيين، ليس فقط من الثوار المصريين في مصر، بل أيضا لتلقي في نفوس دول وحكومات إقليمية ودولية أن مصالحها مع النظام الذي سيبقى طويلا في سدة الحكم، على خلاف الواقع والحقيقة التي نراها بالعين المجردة، وليس بعين التحليل السياسي الراصد للمعلومات والحقائق والمؤشرات التي تكشف بوضوح أن أركان وقواعد نظام السيسي تتآكل بانتظام، وتنحسر حاضنته الاجتماعية، وتزداد المعارضة له يوما بعد يوم، مما يؤكد خسارته لمعركة المستقبل بخلاف خصومه من الثوار. ومن بين المقالات والدراسات التي تسير في اتجاه التركيز على أن نظام السيسي يتمتع بالرسوخ والاستقرار مقال للباحث إريك تريجر في دورية الشؤون العامة الأميركية (فورين آفيرز) نشر مؤخرا، وتم ترويجه بدرجة كبيرة في الإعلام العربي وفي أوساط الثوار، وربما نتناول هذا المقال بالنقد والتحليل في موضع آخر، لكن الثابت لدينا أن النظام الانقلابي في مصر يقتات على الخلافات والتناقضات بين دول الإقليم، وليس فقط الخلافات بين القوى السياسية والثورية المصرية المحلية، وكلما تعقدت تلك الخلافات وطالت فإنها تمنح للنظام المزيد من أوكسجين الحياة، والمزيد من «الرز» الذي تقتات عليه عصابته الفاسدة. لذلك فإن وثيقة حماية الثورة المصرية خصصت المحور الثاني لها تحت عنوان: «ميثاق شرف» للعمل بين شركاء الثورة «تم فيه التأكيد على التزام المجلس بالعمل على توحيد قوى الثورة لمواجهة الفساد والاستبداد تحت مظلة ثورة 25 يناير 2011، مع التزام القوى الوطنية جميعا بهدف محدد يتمثل في إسقاط الثورة المضادة، وما أفرزته من عودة نظام الحكم العسكري الاستبدادي، والسعي للحصول على الحقوق الكاملة للشهداء والمصابين والمعتقلين، على أن تتعهد كافة القوى الوطنية بما فيها التيار الإسلامي بتوثيق الدروس المستفادة والتقييم الذاتي والمراجعة، وبذل كل جهد ممكن لتحقيق المصالحة المجتمعية. وشددت الوثيقة على أهمية الاصطفاف الوطني لكل قوى الثورة لمواجهة النظام الانقلابي العسكري، وتعهدت بأن يعمل المجلس الثوري المصري على مساندة كل ما من شأنه نبذ الخلافات بين القوى السياسية والثورية المصرية، وإعادة تشكيل المشهد السياسي المناوئ لحكم العسكر، بناء على أرضية ومكتسبات ثورة 25 يناير 2011، وتعد تلك الدعوة للاصطفاف من بين أبرز ما جاء في وثيقة «حماية الثورة المصرية»، التي أفضل تسميتها بالماجنا كارتا المصرية الجديدة، التي تؤسس لمرحلة ما بعد الحكم العسكري ونظام السيسي الانقلابي في مصر. كما يتضمن المحور الثاني من الوثيقة بندا واضحا ينص على «رفض إقصاء أو تهميش أي مكون من قوى الثورة، والتعهد ببناء نموذج تنموي يؤدي إلى عدم تركيز الثروة في يد قلة من الناس، وتحرير القرار الوطني من التبعية بجميع أشكالها، وإعادة تقييم جميع الاتفاقيات والتعاقدات والمعاهدات الدولية التي وقعتها سلطة الانقلاب العسكري مع الهيئات والمؤسسات والمصالح الأجنبية خلال فترة الانقلاب على الديمقراطية والحكم العسكري المباشر للبلاد في 3 يوليو 2013 وحتى سقوطه إن شاء الله. ومن بين الانتقادات التي واجهها المجلس الثوري المصري، وكل كيانات الثورة مثل التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب وبقية الكيانات الأخرى هو افتقارها إلى تصور حول كيفية إدارة أمور البلاد في حالة سقوط الانقلاب العسكري، ولذلك جاء المحور الثالث في وثيقة حماية الثورة المصرية ليسد هذا النقص ويدفع هذا النقد. فقد تحدثت الوثيقة في هذا المحور الذي عنونته برؤية المجلس الثوري لشكل الفترة الانتقالية عن وجهة نظر عَرَضها وناقشها أعضاء الجمعية العمومية للمجلس في اجتماعهم الأخير للمرحلة الانتقالية، التي تؤسس لبناء الدولة الديمقراطية العادلة، وضمان الحقوق والحريات الأساسية لكافة أبناء الشعب المصري. وتتضمن تلك الرؤية إنشاء مجلس وطني ثوري يكون بمثابة المظلة لكل قوى الثورة، وحارسا لأهداف الثورة، ورقيبا على الأداء وتطبيق وثيقة الحقوق والحريات الأساسية، بالإضافة إلى مهام التشريع في ظل عودة الشرعية الممثلة في أول رئيس منتخب ديمقراطيا من الشعب، الذي سيصدر إعلانا دستوريا بوثيقة الحقوق وتفاصيل المرحلة الانتقالية التي يقدمها المجلس الثوري الوطني، ويتم استفتاء الشعب عليها خلال 15 يوما من تاريخ إصدارها وقبل دخولها حيز التنفيذ. كما تضمنت رؤية المجلس الثورة ضرورة، بل حتمية، وعودة الجيش لثكناته، وابتعاده تماما عن العمل السياسي، وتخضع كل ممتلكاته لقواعد الشفافية والمتابعة طبقا للآليات التي يضعها المجلس الثوري الوطني، ويتم كذلك انتخاب مجالس شعبية محلية من المواطنين، وزيادة اللامركزية في إدارة المناطق والمحافظات، ويقوم الرئيس بالتشاور مع المجلس الثوري الوطني بتعيين حكومة انتقالية من أشخاص مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة ورئيس وزراء توافقي. فيما يقوم المجلس الثوري الوطني بإنشاء الهيئة العليا للمصالحة المجتمعية، من شخصيات سياسية واجتماعية وحقوقية مرموقة، مع أهمية تحقيق القصاص العادل، خصوصا في حالات القتل والتعذيب والاعتداء على المواطنين من جانب أفراد القوات الأمنية، سواء من الجيش أو الشرطة أو غيرهما. وهناك تفاصيل كثيرة أخرى في تلك الرؤية التي تلزم المجلس الثوري، وتعبر عن أعضائه، كما جاءت في وثيقة حماية الثورة المصرية التي يمكن الاطلاع عليها كاملة على موقع المجلس على الرابط التالي: www.ercegypt.org أود في النهاية الإشارة إلى أن تحركات المجلس الثوري المصري تتزامن مع ذكرى مذابح الانقلاب خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة يوم 14 أغسطس الجاري، وبالتزامن مع مؤشرات «إيجابية» من جانب القوى الثورية الوطنية تجاه الاصطفاف الوطني لمواجهة الفاشية العسكرية في مصر.
اليوم نستكمل معكم بقية الحكاية التي بدأناها في خاتمة المقال السابق عن أطماع اليهود في سيناء منذ قرون طويلة، فهي بالنسبة لهم في قلب العقيدة الصهيونية، لدرجة أن تيودور هرتزل -مؤسِّس الصهيونية العالمية- أطلق عليها...
يبدو من المرجح حالياً أن أزمة سد النهضة لن تجد حلاً، وأن السد سيتم تشغيله، وأن ملء بحيرة السد سيحجب كمية كبيرة من حصة مصر في مياه النيل، لكن ماذا عن شبه جزيرة سيناء؟! يلاحظ...
السؤال الذي يتردد بكثافة في أوساط الأميركيين، وربما في أنحاء العالم في الوقت الحالي هو: هل يفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بقترة رئاسية ثانية تمتد حتى 2024؟ أم يتمكن غريمه الديمقراطي جو بايدن من هزيمته...
رغم مرور 4 أعوام ونصف العام على وفاة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الغامضة بالقاهرة، لا تزال ملابسات وظروف الوفاة غير معروفة، ويبدو أن صبر الحكومة الإيطالية نفد، وبدأت تطالب القاهرة بردود حاسمة وتوضيحات مقبولة، فقد...
من منّا لا يعرف قصة سندريلا والأقزام السبعة، كلّنا تربّينا عليها، وتعاطفنا مع السندريلا التي كان عليها أن تتقبّل قهر وظلم زوجة أبيها وبناتها المتعجرفات، حتى تأخذنا القصة للنهاية الجميلة حين تلتقي السندريلا بالأمير، فيقع...
أحد أصدقائي أوشك على الانتهاء من كتابة رواية طويلة عن أحوال المعارضة المصرية في الخارج منذ 2013م، وقد اقترحت عليه اسماً للبطل الرئيسي لروايته، وهو معارض ليبرالي يسحق الجميع من أجل مصالحه الشخصية الضيّقة. اقترحت...
عندما تغيب المنافسة العادلة أو تكون محدودة، هل يمكن أن تعرف الصحافي الجيد أو الكاتب الأكثر براعة أو الأجزل في العبارة، أو الأغزر إنتاجاً، أو الأعمق فكراً، أو الأفضل أسلوباً؟! كيف ستعرفه إذا لم تتوافر...
في جامعة القاهرة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كنت مندفعاً في دراسة العلوم السياسية، وكنت قرأت كتاب «البرنس» لميكافيللي قبل دخول الجامعة، ولم يعجبني! دخلت في مناقشات جادة وأحياناً حادة مع أساتذة درسوا في الجامعات...
بعد المعركة الصحافية الشهيرة التي خاضتها صحيفة «بوسطن جلوب» خلال عامي 2001 و2002، والتي انتهت باستقالة الكاردينال لاو رأس الكنيسة الكاثوليكية في عموم أميركا، ترسخ اعتقاد لدى مواطني مدينة بوسطن من الكاثوليك، أن الصحيفة الأكبر...
ليالي زمن «كورونا» تمرّ بطيئة وطويلة، لكنها ليست كذلك لمن يقرأون طوال الوقت حتى يستطيعوا الكتابة الأديب المصري الفذّ مصطفى لطفي المنفلوطي، كتب في بداية القرن العشرين أن الكاتب يشبه «عربة الرشّ» وهي عربة كانت...
لا أخفي عليكم، أن الكتابة وفق مواعيد محددة مسألة مرهقة، في بعض الأحيان لا توجد فكرة واضحة للمقال، أو يصاب الكاتب بالحيرة في الاختيار بين أكثر من فكرة، وفي أحيان أخرى يقترب موعد تسليم المقال،...
الصحف الأميركية هي قلاع حقيقية تصون الحريات العامة فى البلاد، هذه حقيقة يفتخر بها الأميركيون على بقية أمم الأرض. في عالمنا العربي تختفي تلك القلاع، فيحدث أن تتجرأ النظم المستبدة على تلك الحريات، وتعصف بها...