alsharq

محمد عيادي

عدد المقالات 105

التحدي الذي لم نستجب له

31 مارس 2012 , 12:00ص

هيمنت قضايا اللغة والهوية على المؤتمر السنوي الأول للعلوم الاجتماعية والإنسانية بالدوحة الأسبوع الماضي, ورغم تأكيد عدد من المتدخلين بضرورة بذل مجهود كبير لضمان حضور اللغة العربية في العصر الرقمي، وجعلها جزءا أساسيا من مقومات الهوية العربية، بل منهم من تحدث عن الأمن اللغوي للأمة العربية على غرار الأمن القومي والغذائي و...، فإن الخلاف الأيديولوجي أطل برأسه بوضوح في النقاشات, عندما اعتبر البعض أن معركة ضمان الأمن اللغوي مؤجلة في الظروف الحالية, وأن المعركة الأولى منها هي معركة الدفاع عن الفكر التنويري مقابل هيمنة الفكر الديني (التيارات الإسلامية) في إشارة إلى ظاهرة حصول الإسلاميين على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية في أكثر من بلد عربي من قبيل تونس ومصر والمغرب. وفي نفس الاتجاه طالبت أسماء تحسب نفسها على التيار التقدمي بضرورة الانفتاح في موضوع الهوية، وتجاوز المقاربة التقليدية والقديمة لهذا الموضوع, لأن العالم بات مفتوحا بشكل لا ينفع معه تحديد مكونات الهوية وحصرها، لأن الهوية باتت هويات متعددة. وبالطبع دافعت أسماء من التيار القومي والإسلامي هي الأخرى عن أهمية الحفاظ على الهوية العربية مميزة, وعن أحد أسس هذه الهوية وهي اللغة العربية, في عالم تحرص فيه القوة الغالبة والمهينة أن تنمط فيه الناس والشعوب فتفقد خصوصيتها وهويتها وتجهل تاريخها, فتفقد بالتالي البوصلة نحو المستقبل لأنه لا مستقبل لمن لا ماضي له. وبدا واضحا من النقاش أن التيار العلماني أو الليبرالي -الذي يصف نفسه بالتقدمي- فشل في أن يستوعب عبر ودروس الربيع العربي وما كشفه من إصرار الشعوب على الحفاظ على ذاتها وهويتها، والتمسك بحقها في التعبير عن ذاتها, كما هي لا كما يراد لها أن تكون. هل يتعلق الأمر بالمكابرة والعجز عن القيام بنقد ذاتي, أم أنه يعتبر وجهات نظره بمثابة عقيدة يصعب عليه الكفر بها علنا, أم في الأمر سر آخر؟ في كل الأحوال لقد فشلت كل أساليب مسخ الذات والهوية التي مارسها التيار الليبرالي والعلماني في الخفاء والعلن, سواء عبر تمكين أطره في مراكز القرار بالمؤسسات التعليمية والإعلامية والفنية وفرض أطروحاته, مستفيدا بذلك من الاستبداد السياسي والتواطؤ معه، لأنه يخاف من الديمقراطية والتنافس الحر مع منافسيه ومخالفيه، ويفضل الاستقواء بالآخر سواء كانت سلطة سياسية أو استعطاف الخارج بحجة الدفاع عن الحداثة والديمقراطية والقيم الكونية و... ولنا في تونس النموذج الواضح. فما إن قال الشعب التونسي كلمته حتى انهار مشروع التيار المذكور وبدا وكأنه قصر من رمال لم يصمد عند أول مد بحري أو لنقل موجة فقط. في كل الأحوال موضوع اللغة والهوية، موضوع كبير, وتحد يحتاج من صناع القرار بعالمنا العربي أن يعطوه الأولوية, لأن الأمن اللغوي كما سلفت الإشارة لا يقل أهمية عن الأمن القومي، بل هو جزء منه، ولا يمكن أن تكون للأمة العربية بصمتها الخاصة في الحضارة الإنسانية حاليا ومستقبلا من دون الاعتماد على لغتها في نهضتها العلمية والتكنولوجية، ذلك أنه وكما قال الدكتور المهدي المنجرة «لا توجد دولة في العالم انطلقت في المجال التكنولوجي دون الاعتماد على اللغة الأم». أما لعب التيار التغريبي في الوطن العربي على نعرة اللهجات المحلية والإعلاء من شأن «اللغة» العامية بخلفيات فلا يصب إلا في مصلحة احتكار اللغة الأجنبية لكثير من حقول العلم في وطننا العربي، وفي مصلحة من يعمل على تشويه هويتنا وإفقادنا شخصيتنا الحضارية إذا صح التعبير. ومعركة وتحد بهذا الحجم تستدعي الخروج من «التكنات» الحزبية والأيديولوجية، والتفكير في المصلحة الجامعة لأن خطر المسخ الحضاري يتهدد الجميع، والغرب لا يحترم من لا هوية ولا شخصية له حتى وإن «طَبَّل» وسَوَّق له، لأننا في زمن وعصر يعرف صراع الهويات ورغبة خطيرة من الغرب لقولبة الباقي وصياغته على شاكلته, بطرق أقل ما يقال عنها إنها رهيبة ناعمة الظاهر جهنمية الباطن.

هل هي نهاية التاريخ؟

«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...

العالم الإسلامي والحاجة لإيقاف النزيف

بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...

الآتي من الزمان أسوأ!

قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...

الحب السائل

«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...

تأخر تشكيل الحكومة المغربية.. الوجه الآخر للصورة

لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...

كثرت المآسي.. هل تجمد الحس الاحتجاجي؟

تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...

ترامب.. هل هو خريف الديمقراطية الأميركية؟

«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...

مخاض تشكيل الحكومة المغربية الجديدة

رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...

حرب التسطيح

ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...

لا نحتاج لديمقراطية مريضة

تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...

أوباما والعالم الإسلامي.. وعود لم تتحقق

شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...

لماذا يخاف الغرب من اللاجئين؟

خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...