alsharq

د. سعيد حارب

عدد المقالات 133

العسكرتارية !!

28 نوفمبر 2011 , 12:00ص

إلى جانب المصطلحات السياسية كالديمقراطية والاشتراكية والنازية والفاشية وغيرها سيسجل التاريخ مصطلح «العسكرتارية» بوصفه مصطلحا سياسيا، كما سيسجل أن العرب هم أكثر من طبق هذا المصطلح، فالعساكر العرب الأربعة الذين أقالتهم شعوبهم بلغت مدة حكمهم 128 سنة، فإذا أضيف لهم العساكر الذي ما زالوا يقبضون على رقاب شعوبهم سيجد أنهم أعطوا صورة سيئة لما يكون عليه حال الدول عندما يستولي العسكر على شأنها المدني، فالعسكريون يقومون بمهمة من أنبل المهمات وهي الدفاع عن أوطانهم وأرواح شعوبهم، ويقدمون دماءهم وأرواحهم فداء لذلك، وتلك مسألة لا يمكن تجاهلها، ولأداء هذه المهمة فإنهم يخضعون لإعداد شاق في تكوينهم البدني والنفسي والاجتماعي، ولا يستطيع أحد القيام بمهمتهم نيابة عنهم، إذ لا نتصور أن يأتي إنسان مدني لم يتلق مثل هذا الإعداد ليقود الجيوش، ولنا تصور كيف يكون حال الجيش الذي يقوده مدني، وبالمقابل لنا أن نتصور كيف يكون حال الدول التي يقودها عسكريون لم يخوضوا غمار السياسة ولم يتدربوا عليها، إن التاريخ يشهد أن هناك نماذج محدودة من العسكر تولوا الشأن السياسي ونجحوا في قيادة دولهم وشعوبهم، ولعل من بينهم الرئيس الأميركي «أيزنهاور» الذي تولى حكم الولايات المتحدة في الفترة من 1953 إلى 1961، وهو الذي خبر الحروب ثم خبر السياسة فاستخلص منها كلمته المشهورة «أن كل بندقية تصنع وكل سفينة حربية تدشن وكل صاروخ يطلق هو في الحسابات الأخيرة عملية سرقة للقمة العيش من فم الجياع ومن أجساد الذين يرتجفون من شدة البرد ويحتاجون إلى الكساء»، أما العسكري الثاني الذي سجله التاريخ فهو «ديجول» الذي قاد فرنسا نحو النصر ثم تولى رئاستها، وحين رفض الشعب الفرنسي الإصلاحات التي طرحها، لم يتمسك بمنصبه بل استقال تاركا للتاريخ أن يذكر أمجاده، ويبقى سوار الذهب حالة متميزة في العسكرية العربية، فقد كان زاهدا في السياسة فسلم الحكم للمدنيين بعد أن قاد البلاد لمدة سنة إثر ثورة شعبية أطاحت بحكم النميري، وإذا كان التاريخ يسجل لهؤلاء الزعماء العسكريين أمجادهم السياسية كما سجل أمجادهم العسكرية، فإنه يسجل أيضا أن العسكرتارية قادت بعض الدول العربية إلى التخلف والدمار، وما حال البلاد التي «تعسكرت» إلا نموذجا لذلك، فالعسكرتارية لا تؤمن بـ «فن الممكن» كما اعتادت السياسة؛ لأن فن الممكن في العسكرية يعني الخسارة، ولذا فحين يقود العسكر السياسة فإنهم يلغون «الممكن» ويفرضون الرأي الواحد ولا يسمحون لأي قوة مدنية أن تنشأ بجانبهم، وانظر إلى الحريات العامة والتعددية والمشاركة وحرية الرأي ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها من المفاهيم السياسية في الدول التي قادتها العسكرتارية وكيف كان شأنها، كما أن العسكرتارية تقوم على «التراتبية» أو الطبقية بالمفهوم الديالكتيكي، أي وجود درجات بعضها أعلى وبعضها أدنى، وعلى الأدنى أن يطيع الأعلى طاعة عمياء، ولا يجيب إلا بـ «حاضر سيدي»، فكيف يقبل بعد ذلك أن يقول له أحد: «لي رأي في الموضوع»، أو «أحب أن أبيّن رأيي»، أو «أرغب في أناقش الأمر»!! إن هذه الكلمات وأشباهها لا مكان لها في الحياة العسكرية التي تفترض التنفيذ المباشر، فإذا جاءت العسكرتارية إلى سدة الحكم فإنها تتعامل مع الشعب بهذه الرؤية القائمة على الأمر والاستجابة، وحين يحاول أحد من الشعب أن يبدي رأيه فإنه يتهم بالعصيان أو بالخيانة، مثلما يعصي الجندي الأمر في الميدان، وقد كان القذافي معبرا عن هذه الحالة حين أنكر على الليبيين مطالبتهم بحقوقهم وحريتهم، وصاح في وجوههم: أيها الجرذان!! من أنتم؟ من أنتم؟ فهو لا يرى فيهم إلا جنودا يجب أن يطيعوا أوامره، فكيف يتجرؤون على «الخروج عن طاعته»!!، ومن سمات العسكرتارية أنها تعتمد على «القوة» التي هي شأن الحروب، لكن الحياة المدنية لا تصلح فيها القوة، بل السياسة، وحين لا تجد العسكرتارية مجالا للقوة المباشرة فإنها تستبدلها بالقبضة الأمنية، فإذا لم تتمكن تلك القبضة من فرض السيطرة فإن العسكرتارية تعود للأصل أي القوة المباشرة، وحالة سوريا مثال واضح في ذلك، فالمطلوب إشاعة حالة من الخوف والرهاب الأمني من كل شيء، حتى يخاف أحدهم أن يحدث نفسه في غرفة مقفلة لا ضوء فيها، فشعاره الدائم «الحيطان لها آذان»، فتحل القبضة الأمنية محل الحوار والحرية ومنتصف الطريق كما هي السياسة. ومن سمات العسكرتارية أن من ليس معي فهو ضدي، فقد تعلم العسكر أنه إما صديق وإما عدو!!، وإذا كانت هذه الحالة مطلوبة في ميدان المعركة فإن ساحات الأوطان والجيران والأصدقاء ليست كذلك، فقد لا يكون صديقي، لكنه ليس عدوي أيضا، ففي السياسة ليس هناك عدو دائم ولا صديق دائم، بل مصالح دائمة، العسكرتارية كثيرا ما تفتعل المعارك والحروب والمؤامرات ضد من لا تراه صديقا مما يدخل الدول في حروب ومشكلات، ومن سمات العسكرتارية الاعتقاد بقدرتها على إدارة كافة الشؤون العامة، فحالة الانتصار التي تحققها العسكرتارية عندما تستولي على الحكم، تبث فيها نشوة كنشوة الانتصار في الميدان، ولذا فهي تعتقد أنها «تفهم» في كل شيء، لذا نجد الدول العسكرتارية تسند مهمات فنية كوزارة الزراعة والصحة والاقتصاد والمنشآت لعسكريين لا يحيطون بشيء مما تولوه، فتضيع المصالح بجهل هؤلاء، إن العسكرية -وليس العسكرتارية- مهمة وطنية شريفة في أي مجتمع طالما قامت بدورها ورسالتها، لكنها تظلم نفسها وشعوبها حين تتحول إلى «عسكرتارية»، وما حال مصر وتونس بعد الثورة إلا مثال على الفرق بين العسكرية والعسكرتارية!!

بين «داعش» ودايتون!!

هل تكون «داعش» أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، سبباً في حل المعضلة السورية؟ للإجابة على ذلك تذكروا اتفاق «دايتون» الذي أنهى الحرب في البوسنة والهرسك، فقد بدأ القتل في البوسنة في أبريل...

وجاء دور الإباضية

يبدو أن محرقة الصراعات الطائفية والمذهبية لن تدع أحدا في بلاد العرب والمسلمين، فهذه المحرقة التي تضم تشكيلة من الصراعات التي لم تشهد لها الأمة مثيلا إلا في عصور الانحطاط والتخلف عادت مرة أخرى تقذف...

محاكم التفتيش «الإسلامية»!!

تتوقف ثلاث شاحنات خالية، يتقدم أحدهم حاملا رشاشا بيده، يلتفت إلى الشاشة لتبدو هيئته المتجهمة التي يكاد الشرر يتطاير منها، وتلف وجهه لحية كثة كأنه أراد من هذه الالتفاتة أن يبرز هويته، ثم يتجه إلى...

عندما يصبح الإنسان رقماً!

تعودت أن أتصل به كلما احتجت لحجز تذكرة سفر، كان يبذل أقصى جهده من أجل الحصول على أفضل العروض بأقل الأسعار، وانقطع التواصل معه بعد دخول التكنولوجيا في حجز التذاكر، بل في كل إجراءات السفر،...

خطوة إلى المستقبل.. أيها العرب

ما هو مستقبل العرب؟ سؤال يبدو مشروعا ونحن ندخل عاما جديدا، حيت تتمثل الإجابة في أن الواقع الحالي لا يمثل النموذج الذي يصبو له العرب ولا يتناسب مع معطيات الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فلا...

هل ما زال «خليجنا واحداً»؟!

سيكون عام 2013م من أكثر الأعوام تأثيرا على الخليج العربي، فلأول مرة منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، يشعر الخليجيون أن «خليجهم ليس واحدا»، فقد بدا واضحا حجم الخلافات بين دوله الأعضاء، فعلى الرغم من البيانات...

عام مضى.. عام أتى.. ما الجديد؟!

بعد أيام سندخل عاما جديدا وحالة العالم «لا تسر عدواً ولا صديقاً»، فقد ازداد فارق الفقر بين الدول، كما ازدادت مشكلاتها وحروبها، وتلويثها للبيئة، وقضائها على الطبيعة، وتقسم العالم إلى شرق وغرب وشمال وجنوب، بل...

رمح الأمة

«خلال حياتي نذرت نفسي لكفاح الشعب الإفريقي، لقد كافحت ضد سيطرة البيض وكافحت ضد سيطرة السود واعتززت دوماً بمثال لمجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه كل الناس معاً في انسجام وفرص متساوية، إنه مثال آمل أن...

قمة الكويت.. وتطلعات الخليجيين

بدعوة كريمة من وزارة الإعلام بدولة الكويت الشقيقة، شاركت مع عدد من الزملاء في زيارة الكويت ولقاء بعض المسؤولين الكويتيين، حيث خرجت الكويت من قمة ناحجة هي القمة العربية الإفريقية، وهاهي تحتضن غدا القمة الخليجية...

البلد المجهول!

أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أيام مجلس التعاون في السويد، ذلك البلد المجهول لكثير من سكان المنطقة رغم التواصل المبكر بين العرب والبلاد الإسكندنافية ومن بينها السويد التي وصلها الرحالة السفير ابن فضلان عام...

أيام التعاون في السويد

شهدت العاصمة السويدية –ستوكهولم- خلال الأسبوع الماضي حضورا خليجيا تمثل في أيام مجلس التعاون في السويد، حيث شارك مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين والأكاديميين الخليجيين يرأسهم أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في حوار مع نظرائهم السويديين،...

إكسبو

تستعد مدينة دبي بعد غد لتلقي نبأ مهما في مسيرة تطورها، إذ ستقرر اللجنة الخاصة بمعرض إكسبو الدولي، المدينة المؤهلة لاستضافة دورة المعرض المقررة عام 2020، حيث تتنافس أربع مدن على استضافة المعرض، وهي مدينة...