عدد المقالات 133
تعودت أن أتصل به كلما احتجت لحجز تذكرة سفر، كان يبذل أقصى جهده من أجل الحصول على أفضل العروض بأقل الأسعار، وانقطع التواصل معه بعد دخول التكنولوجيا في حجز التذاكر، بل في كل إجراءات السفر، كان طيب المعشر حسن المعاملة، ترك موطنه في باكستان وهاجر إلى كندا، لكنه عاد إلى المنطقة ليعمل في إحدى وكالات السفر وليكون قريبا من جذوره في موطنه الأصلي، أحببت أن ألقي عليه التحية في إحدى المناسبات، قلبت صفحات الهاتف حتى وقعت عيني على رقمه، اتصلت به لكن الخط كان مقطوعا فاتصلت بهاتفه المباشر في المكتب فرد علي زميله، فطلبت منه أن يوصلني بالسيد «متين»، ساد صمت لفترة قصيرة ثم جاءني الرد: «متين» مات منذ الصيف الماضي!! فسألته: كيف حدث هذا؟ قال: كان من المقرر أن يقضي إجازته مع عائلته في كندا لكنهم فضلوا المجيء إلى دبي رغم حرارة الجو، ويوم وصولهم أصيب بنوبة قلبية توفي بعدها، أقفلت الهاتف وأنا أنظر إلى الرقم، ماذا أفعل به؟ هل أمسحه أم أبقيه؟ يتكرر المشهد مع صديق آخر كان أول من أقابله عندما تطأ قدمي البحرين لحضور اجتماعات مجلس أمناء جامعة الخليج العربي، كانت «الحمد لله على السلامة» مرفقة بالابتسامة هي أول ما أسماعه بعد نزولي من الطائرة، اتصلت به لأخبره بموعد وصولي، ردت علي زوجته، وبعد أن سلمت عليها سألتها: أين إبراهيم؟ كان الرد بكاءً صامتا، لم تستطع السيدة أن تخفيه، قلت لها: «خير.. إبراهيم فيه شي» وبصوت متقطع جاءني الرد: إبراهيم.. يعطيك عمره، توفي منذ شهرين!! عتبت عليها وعلى الزملاء في الجامعة لتقصيرهم في إبلاغي حتى أقوم بواجب العزاء نحو صديق عزيز، نظرت مرة أخرى إلى الرقم وأنا في حيرة من أمري، هل أبقيه أم أمسحه من ذاكرة الهاتف، موقفان يتكرران لكثير منا عندما نفقد فيه عزيز، أو يرحل عنا صديق، فهل هذا ما يبقى من الإنسان بعد رحيله، مجرد رقم يسجل على ورقة تسمى شهادة الوفاة! يأتي أحدنا إلى الدنيا وهو لا يحمل شيئا ليأخذ من الطبيب رقما يحمله إلى أن يعطيه والداه اسما يتحول هو الآخر رقما في شهادة الميلاد، وكأنه لا يكفيه أن يحمل اسما، وتبقى الأرقام تلاحقه في حياته عندما يدخل المدرسة أو الجامعة وعندما يتخرج منها، وعندما يسعى في الحياة، وكأن الإنسان لا قيمة له إلا بالأرقام، على الرغم مما يبذله في حياته وما يقدمه من عمل صالحا كان أم طالحا، لقد تحولنا إلى أرقام، مجرد أرقام في كشوف عدة، كشف السكان وكشف الراتب وكشف الإعانة الحكومية وكشف الفواتير، لقد تحول الإنسان إلى آله تحظى بالعناية والاهتمام ما دامت تدور وتنتج، وتتم صيانتها إذا كانت قابلة للصيانة، فإذا ما تعطلت وأصبحت غير صالحة للإنتاج تم إحالتها إلى النسيان، تشغلنا حركة الحياة في يومها وشهرها وسنتها حتى أصبح بعضنا لا يفرق بين يوم وآخر مر عليه قبل سنوات، فهو يدور في دوامة الحياة كالعجلة التي لا تتوقف، يتشاءم بعضنا ويتفاءل آخرون، لكن الحياة هي الحياة بتشاؤمها وتفاؤلها، بفرحها وترحها، بخيرها وشرها ويبقى الإنسان هو الإنسان، بمشاعره وأحاسيسه، هل رأيتم حزنا تطور أو تخلف؟ وهل رأيتم فرحا تبدل طعمه في النفوس، كل شيء تغير في حياة الإنسان ومن حوله، لكنه بقي كما هو في مكنونه النفسي وأحاسيسه ومشاعره، ربما ازداد علما أو معرفة بالحياة والكون، وربما استطاع أن يطور الآلة لكنه لم يستطع أن يطور مشاعره، فالحب ما زال هو الحب، ومثل ذلك الكره، لم يتخل الإنسان عن تلك الصفات رغم امتلاكه قوة المعرفة وقوة السلاح، فالقتل الذي كان بالرمح والسكين بقي هو القتل ولو كان بالمدفع والصاروخ، يبني الإنسان الحضارة والمدنية وينشئ المباني والقصور والمصانع والمدارس، ويقضي سنوات طوال في البناء والتعلية، ثم يهدم ذلك في لحظات معدودة، يكفي أن يرسل عليها صاروخا أو قذيفة مدفعية أو قنبلة نووية، يتقدم الإنسان في حياته بتقدم العلم فيزداد ترفا ومالا ويسخر العلم والتكنولوجيا في تطوير جميع الوسائل حوله بدأ من الهواتف وانتهاء بالأجهزة الطبية، لكنه لا ينفك ابتعادا عن ذاته، يشتكي من القلق والإضراب، والخوف من لا شيء، لا يعلم لم هو قلق أو من أي شيء خائف أو ما هو المجهول الذي ينتظره، تختلف أعراق الناس وأديانهم ولغاتهم وعاداتهم، لكنهم يتفقون على أنهم بشر، تجتمع فيهم ذات المشاعر والرغبات والأحاسيس، فلا يوجد كره شرقي أو حب غربي، ولا يوجد كذب صيني وكذب إفريقي، ومع كل هذا ما زال الإنسان يجهل ذاته فكلما ازداد الإنسان علما بالحياة ازداد جهلا بنفسه، نأتي إلى الدنيا ونحن لا نملك شيئا ونرحل عنها ونحن لا نملك شيئا، وبين «الشيئين» نملك أشياء كثيرة لا نحس بها إلا بعد أن نفقدها، نملك الحياة والإيمان والحب، نملك الأهل والمال والأصدقاء، نملك الأمل والفرح والمستقبل.. نملك كل ذلك.. ولا نشعر به إلا إذا أردناه أو فقدناه، وصدق الله العظيم القائل «يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه».
هل تكون «داعش» أو ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، سبباً في حل المعضلة السورية؟ للإجابة على ذلك تذكروا اتفاق «دايتون» الذي أنهى الحرب في البوسنة والهرسك، فقد بدأ القتل في البوسنة في أبريل...
يبدو أن محرقة الصراعات الطائفية والمذهبية لن تدع أحدا في بلاد العرب والمسلمين، فهذه المحرقة التي تضم تشكيلة من الصراعات التي لم تشهد لها الأمة مثيلا إلا في عصور الانحطاط والتخلف عادت مرة أخرى تقذف...
تتوقف ثلاث شاحنات خالية، يتقدم أحدهم حاملا رشاشا بيده، يلتفت إلى الشاشة لتبدو هيئته المتجهمة التي يكاد الشرر يتطاير منها، وتلف وجهه لحية كثة كأنه أراد من هذه الالتفاتة أن يبرز هويته، ثم يتجه إلى...
ما هو مستقبل العرب؟ سؤال يبدو مشروعا ونحن ندخل عاما جديدا، حيت تتمثل الإجابة في أن الواقع الحالي لا يمثل النموذج الذي يصبو له العرب ولا يتناسب مع معطيات الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فلا...
سيكون عام 2013م من أكثر الأعوام تأثيرا على الخليج العربي، فلأول مرة منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، يشعر الخليجيون أن «خليجهم ليس واحدا»، فقد بدا واضحا حجم الخلافات بين دوله الأعضاء، فعلى الرغم من البيانات...
بعد أيام سندخل عاما جديدا وحالة العالم «لا تسر عدواً ولا صديقاً»، فقد ازداد فارق الفقر بين الدول، كما ازدادت مشكلاتها وحروبها، وتلويثها للبيئة، وقضائها على الطبيعة، وتقسم العالم إلى شرق وغرب وشمال وجنوب، بل...
«خلال حياتي نذرت نفسي لكفاح الشعب الإفريقي، لقد كافحت ضد سيطرة البيض وكافحت ضد سيطرة السود واعتززت دوماً بمثال لمجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه كل الناس معاً في انسجام وفرص متساوية، إنه مثال آمل أن...
بدعوة كريمة من وزارة الإعلام بدولة الكويت الشقيقة، شاركت مع عدد من الزملاء في زيارة الكويت ولقاء بعض المسؤولين الكويتيين، حيث خرجت الكويت من قمة ناحجة هي القمة العربية الإفريقية، وهاهي تحتضن غدا القمة الخليجية...
أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أيام مجلس التعاون في السويد، ذلك البلد المجهول لكثير من سكان المنطقة رغم التواصل المبكر بين العرب والبلاد الإسكندنافية ومن بينها السويد التي وصلها الرحالة السفير ابن فضلان عام...
شهدت العاصمة السويدية –ستوكهولم- خلال الأسبوع الماضي حضورا خليجيا تمثل في أيام مجلس التعاون في السويد، حيث شارك مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين والأكاديميين الخليجيين يرأسهم أمين عام مجلس التعاون الخليجي، في حوار مع نظرائهم السويديين،...
تستعد مدينة دبي بعد غد لتلقي نبأ مهما في مسيرة تطورها، إذ ستقرر اللجنة الخاصة بمعرض إكسبو الدولي، المدينة المؤهلة لاستضافة دورة المعرض المقررة عام 2020، حيث تتنافس أربع مدن على استضافة المعرض، وهي مدينة...
في بداية التسعينيات «سرّبت» الصحافة الأميركية وثيقة تشير إلى خطة أميركية لتقسيم بعض دول الشرق الأوسط، ويومها لم تحظَ تلك الوثيقة باهتمام كبير، فقد نظر إليها البعض على أنها جزء من نظرية المؤامرة التي يرددها...