


عدد المقالات 73
الحُب ومشاعره الرنانة وخواطره الأخاذة وكلامه المعسول من أجمل ما نحس به في هذا العالم المليء بالأحداث والتطورات والتغيرات المتسارعة. جربه القديمون والمتقدمون وقالوا فيه الأشعار والآثار والكلام الذي لا يرد ولا يصد, يقف أمامه الكبير والصغير والرجال والنساء على حد سواء من فرط التأثر والتأثير. اخترق قلوب العظماء وأسر أفئدة الزعماء وقامت من أجله حروب وحقنت على أساسه الدماء. وهنا أذكر بيتا شهيرا وخالدا لعملاق الشعر والأدب وشاغل الناس أبوالطيب المتنبي حيث قال: ولقد عذلت أهل العشق حتى ذقته *** فعجبت كيف يموت من لا يعشقوا وفي هذا الكون الواسع المليء بالمتغيرات والأحداث والأفكار المتناثرة, بعضها مأخوذ, وبعضها ما زال على قارعة الطريق ينتظر الصياد الماهر الذي يلتقطها ويحولها إلى واقع معاش ومحسوس. أمعن العلماء والباحثون والمهتمون النظر في قضية مهمة جدا يقف عليها العالم من أقصاه إلى أقصاه, وترسم على أساسها الخطط وتوضع الاستراتيجيات وتحدد الأهداف والتوجهات للمؤسسات والدول.. وهي كيف يتصرف الإنسان, وكيف ينتج, وكيف يبدع وإلى أين يسير؟ ما الأمور التي تحفزه وتدفعه إلى العمل والحماس والتعاون وتزرع في نفسه الولاء والانتماء لمحيطه الاجتماعي بجميع تقسيماته ابتداء بالعائلة والأصدقاء مرورا بالعمل وانتهاء بالوطن الأكبر الذي يضم الجميع في حضنه الدافئ. وكانت خلاصة هذه الدراسات والأبحاث والعمل بلا توقف في مراكز الأبحاث أن الإنسان يدار بالحب, ويبدع بالحب, ويفعل المستحيلات من أجل الحب, وهذه المشاعر الإيجابية التي تداعب فؤاده وتستدر عواطفه وأحاسيسه في الطريق الإيجابي لبناء الأسرة وتحفيز المجتمع ونهضة الأوطان. بالحب تعمر البيوت, وتقوى العلاقات, ويستخرج الإنسان كل طاقاته الكامنة, ويضعها على آنية من ذهب لمحبوبه, أيا كان ذلك المحبوب. بالحب تعمر الأوطان, وتتقدم المجتمعات, ويدفع الناس دولهم ومؤسساتهم وما يملكون من طاقه وإمكانات للعمل والإنتاج والسعي وراء النهضة والتطور. بالحب تظهر التضحيات, والعمل الدؤوب بلا كلل ولا ملل ولا تقصير, وربما أحيانا بلا ثمن, بل ربما لسان حال المرء يقول فعلتها من أجل الحب مثل صاحب هذه القصة! وفي هذا الباب استوقفتني قصة جميلة جدا, لأحد أبناء أسرة في الولايات المتحدة الأميركية, حيث يُروى أنه كان هناك صبي صغير, يعيش مع أُمِّه, وذات يوم قام الصبي بتنظيف حذاء والدته وتلميعه ففرحت الأم بذلك وقامت وكافأته وأعطته 5 دولارات لقاء صنيعه معها, ولكن الصبي لم يرضى بالدولارات الخمسة! وكانت المفاجأة في صباح اليوم التالي, وبينما تستعد الأم للذهاب إلى العمل وقبل خروجها من المنزل لبست حذاءها ولكن الحذاء كان غريبا في ذلك اليوم, فأحست أن هناك شيئا غريبا داخل هذا الحذاء, وفعلا خلعت الحذاء ووجدت رسالة بداخلها 5 دولارات وورقه كتب عليها: (شكرا ماما.. لقد فعلتها من أجل الحب). وهنا نبصر أن الإدارة فن من الفنون, من أتقنه رزق الكثير, ومن تجاهله أو فشل فيه حرم الكثير من منابع الحياة الصافية وأنهار العلم الرقراقة وميادين العمل والإبداع. فالحياة كلها من حولنا إدارة, فالعائلة إدارة, والعمل إدارة, والعلاقات إدارة, والأزمات إدارة, وحل المشكلات إدارة, والمستقبل المشرق بإذن الله إدارة, والإبداع والتميز والإنجاز والتنمية والرقي والنهوض هي لب الإدارة, ومبتغى القاصي والداني من الناس. إن الإدارة بالحب والمشاعر الإيجابية تجاه الآخرين تعزز النجاح وتزرع الحماس والإقبال على العمل والإنتاج والإخلاص والتجاوب المنقطع النظير مع السياسات والأهداف والتطلعات العامة والخاصة. ولقد قدم الإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام بكل هذه الأمور نصا وتطبيقا منذ أكثر من 1400 عام, ولعلي اختار لكم بعض الكنوز البراقة والنجوم المتلألئة في سُنة حبيبنا أبي القاسم عليه أفضل وأجل الصلاة والتسليم. حيث كان يؤم الناس في المسجد في المدينة, ويأتي حفيديه الحسن والحسين ويلعبان فوق ظهره الشريف ولا يرفع -بأبي هو وأمي- من السجود إلا بعد أن ينتهيا من اللعب والمرح! وفي هذا الموقف دروس وعبر كبيرة للمربي الأول والقدوة الفيصل والذي لا ينطق عن الهوى عليه أتم الصلوات والتسليم. لقد أدار الموقف عليه الصلاة والسلام بالحب, ولا شيء غير الحب, وجعل أبناء علي وفاطمة رضوان الله عليهما يلعبان بلا تشويش, ويمرحان بلا إزعاج, ويقضيان أجمل أوقاتهما, ويعيشان طفولتهما البريئة بكل تجليتها بلا نقص وتشويه. وأجزم من هنا أن هذا النمط من التربية والتعامل والإدارة بالمشاعر لهو فردوسنا المفقود في هذا الزمان, سواء في علاقاتنا مع الآباء أو الأبناء, أو الرئيس بالمرؤوسين, والأزواج بالزوجات, وحتى على مستوى العلاقات الأخرى مع الأصدقاء أو الجيران في بيئية العمل والإنجاز. إن استبدال الغلظة باللين, وشحوب الوجه بالابتسامة, والكلام الحاد أو الجاف بالعبارة المهذبة والمنمقة, لهو جواز سفر بلا أوراق إلى قلوب الآخرين, صغيرهم كبيرهم, جاهلهم وعالمهم, وهذا مشاهد ومحسوس. وهذا هو النجاح الذي يرجوه المسلم في داره الدنيا, التي سوف تؤهله إلى دار القرار والبقاء, حيث لا تعب ولا نصب. قال علي أبي طالب: «القلوب وحشية فمن تألفها أقبلت عليه». وأذكر في السياق نفسه قول الشاعر: أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** لطالما استعبد الإنسان إحسان وهذا هو الواقع المعاش في كل مكان وأي زمان, وهو منهج رباني, ومعنى قرآني, وخلق محمدي ومن اقتفى أثره ومشى على هداه. فلننبذ من الآن وصاعدا العنف في تعاملنا, ونبدله بالرقة والبشاشة والتسامح, وننبذ التسلط والظلم ونبدله بالإدارة بالمشاركة وروح الفريق, وأن أحب لأخي ما أحب لنفسي. عندها فقط سوف نرى التغير الإيجابي الكبير في كل مكان وتأثيره الساحر واضحا للعيان. ولا أنسى أن أذكر أن عالمنا العربي يسجل نسبا عالية من الطلاق على مستوى العالم, سواء الطلاق بمعناه الكامل أو الطلاق العاطفي, بالإضافة إلى نسب كبيرة من المرضى النفسيين والمعقدين, وهم في الغالب من ضحايا العنف والقسوة. وانحرافات كبيرة في السلوكيات تبدأ من البيت وتترعرع في المدرسة والحي, وكل هذه الأرقام الخطيرة ناتجة لتفشي ثقافة العنف والإدارة بالإكراه, والتي جلبت ويلات كبيرة جدا على الناس, والذين أوصانا الرحمن الرحيم بهم بالرحمة في مواقف كثيرة جدا, قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). ومن هذا المنطلق عزز حبيبنا محمد عليه السلام هذه الصورة الوردية والمثالية للتعامل الراقي والحضاري فيما بيننا, فقد ثبت عنه في الصحيح: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه, وما نزع من شيء إلا شانه». إن قدرا من الإدارة بالحب في البيت أو العمل أو في العلاقات لكفيل بنزع فتيل الكثير من المشاكل والفتن والنزاعات, والتي تؤدي لحروب طاحنة وأزمات عائلية ونفسية لها عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع. فلنجرب هذه الوصفة وسوف نكتشف كيف تغير طعم الحياة وتزيل اللون الأسود من أمام أعيننا, وتبدأ الإشراقة تعلو محيانا, ونبدأ من جديد نكتشف حلاوة الحياة ونتذوق السعادة, ونحلق كما الطيور الجميلة, والتي تعبر الأفق الرحب من أمامنا يومياً مع إشراقة الفجر وهي تغرد, مستفتحة يومها بالأمل, ومستعينة به على العمل. فلنكن من أهل الحُب والعطاء من اليوم.. بل من الآن. محبرة الحكيم بالحب تظهر التضحيات, والعمل الدؤوب بلا كلل ولا ملل ولا تقصير, وربما أحيانا بلا ثمن, بل ربما لسان حال المرء يقول فعلتها من أجل الحب • مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات CCT وعضو الجمعية الأميركية للتدريب والتطوير ASTD.
نيران تصول وتجول في أعماقه أطفأت العقل وعطلت الحكمة وحجبت البصر والبصيرة. أصبح ذاك الإنسان الوادع والمهذب وحشا كاسرا استبدل الهدوء بالغضب والعقل بالانفلات والحكمة وبالانتقام وأصبح إنسانا آخر لا يعرف مدى نقمته وحدود عدوانيته...
يبحر كثيراً مع رياح الماضي وانكساراته وانتصاراته وآهاته وتعقيداته وأمجاده. فالمتعة العظيمة في مخيلته هي العودة للماضي أو الهروب للمستقبل. وبين هذا وذاك ضيع الحاضر الذي ينتظر منه الكثير من العمل والتركيز والمبادرات والمشاريع. والحاضر...
في يرعان الشباب وعلى أعتاب المرحلة الثانوية وسؤال الوجهة والتخصص والمسار هو السؤال الأبرز على طاولة حياته. الكل حوله يوجهونه ويقترحون عليه لكن حسب ما يردون هم وليس حسب ما يريد هو!! أحس بالممل من...
لطالما أمعن النظر في أحوال الناس من حوله وكان يركز على جانب السعادة لديهم. نظرات الغبطة تخرج من عينه والكثير من الأسئلة يطرحها عقله حيث ظل يردد «يا سعدهم». على الضفة الأخرى كان يقارن أفضل...
كان يُشاهد نشرة الأخبار وحيث السياق في تلك النشرات عن الحروب والدمار. فرئة الإعلام لا تتنفس إلا من خلال الإثارة التي لا تتوفر إلا في مواطن الصراع أو التنافس. كان المذيع يصف حالة الحرب حيث...
عينه دائماً في أعينهم, يرقب ردود الأفعال ويتأمل الوجنات والإيماءات, حريص جداً على رضاهم مهما كلف الأمر. قبل أن ينام يبدأ بعد الأشخاص ويتساءل هل فلان راض علي؟ ويعتقد أنه سوف يحصل رضا كامل الدسم...
وجد ضالته بها؛ فأصبح يستخدم هذه الكلمات لتبرير الكثير من الأحداث من حوله. تعثره الدراسي وانعزاله الاجتماعي وفشل تجارته وأعماله وتأخر الكثير من ملفات حياته. بدأت اللعبة تكون أكثر إغراء ومتعة!! فبدأ الأصدقاء والأقارب من...
تعرفه من قيادته للسيارة، فهو في عجلة دائماً، يصيبه الاكتئاب من منظر الإشارة الحمراء، ويشعر بالضيق عندما يرى السيارات تمشي ببطء من الزحمة! يقود السيارة بتهور لا محدود، وفي النهاية المشوار الذي يذهب إليه هو...
يبهرني مشهد رسول عظيم عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم عن الخطأ والمسدد بالوحي يُلح على أصحابه قائلاً «أشيروا عليّ». وعمر رضي الله عنه يدين لأحد الصحابة لأنه أنقذه من قرار خاطئ ويقول «لولى معاذ لهلك...
خرج من منزله وفي جيبه العلوي 500 ريال تدفي قلبه وتحسسه بالأمان المالي على الأقل لفترة قصيرة.. لكن بعد أن عاد إلى المنزل في نهاية اليوم, صاح يردد وعلامات التعجب تملئ وجهه «وين فلوسي وين...
بعد زيارته لتلك المدينة سألته عن انطباعاته عنها. فقال لي: جميلة بس كل أهلها بخلاء. وعندما انعطف بنا الحديث لسؤاله عن إحدى الشركات قال: شركة ممتازة لكن القائمين عليها كلهم فاسدون!! استمر الحديث حول مرئياته...
تجده يعمل في كل صنعة ويهتم بكل خبر، في الحوار مع الآخرين يفتي في كل شيء ولن تجد لكلمة «لا أعلم» أي تواجد في قاموسه. متعة في العمل التجريب الدائم والانتقال المستمر، فاليوم في وظيفة...