alsharq

منبر الحرية

عدد المقالات 129

الإسلاميون والحق في التجريب؟

28 فبراير 2012 , 12:00ص

بعد ظهور نتائج الانتخابات التي أجريت في كل من تونس ومصر، وحصول التيار الإسلامي على الغالبية في كلا البلدين بعد تأييد كاسح من الناس للإسلاميين، أثيرت مخاوف لدى الكثير من التيارات والنخب الفكرية والسياسية العلمانية، من منطلق عدم وفاء هذا التيار للمواثيق والعهود التي سبق له أن قطعها -قبل الانتخابات- بخصوص إيمانه بالدولة المدنية، وبقيم الحداثة العقلية، وضرورة فصل الدين عن السلطة (وليس فصله عن الدولة!). ولكن، في الجانب الآخر يتساءل آخرون عن السبب وراء الدعوة لعدم السماح بتجربة حكم جديدة يمكن أن يكون احتمال تنفيذ وتطبيق برامجها ومنظومتها في الحكم والإدارة بصورة صحيحة -تناسب مصالح الناس- عاليا وكبيرا؟ ولهذا ما الضير في أن يبدأ الإسلاميون بتجربة الحكم الديمقراطي المدني التعددي، خاصة أنهم يحظون بشعبية ونسبة تأييد كبيرة في الشارع العربي (المتدين بطبعه)، وهم أيضا من أشد المعارضة السياسية تعرضا للبطش والاعتقال والملاحقة والإقصاء المتعمد والتهميش المقصود والاستبعاد الممنهج والمنظم ضدهم وضد طروحاتهم وأفكارهم على أيدي جماعات السلطة العربية المستبدة طيلة عقود من الزمن؟ ثم إن الشعب نفسه -الذي أوصل هؤلاء إلى سدة مسؤولية الحكم والإدارة- سيحكم عليهم وعلى تجربتهم لاحقا؛ لأن هذا الشعب الذي لفظ وثار على جلاديه الديكتاتوريين السابقين سيثور أيضا على غيرهم بعد منحهم فرصة النهوض والتطوير لبلدانهم المنهكة. فلماذا الحكم على الإخوان المسلمين وعلى غيرهم من الإسلاميين بالعدم قبل تجريبهم على محك الواقع ومحرقة التطبيق؟ أليست هذه قمة العدمية والإلغائية السياسية للآخرين؟ ثم أليس من حقهم أن يجربوا أفكارهم المتعلقة بمختلف شؤون الحكم والدولة التي أمضى ووافق الشعب عليها في الانتخابات الأخيرة، خصوصا أنهم أعلنوا في كافة مواثيقهم إيمانهم وقناعاتهم بالعملية الديمقراطية من ألفها إلى يائها؟ من هنا من حق الجميع أن يعاينوا على الأرض تجارب ونماذج حكم سياسية جديدة الأحزاب والمفاهيم بعد عقود طويلة من هيمنة طغم «عسكر الأرياف» الرثة والثرية على بلداننا وثرواتنا (منذ أن بدأ بها عبدالناصر في انقلابه عام 1952، التي لم نذق من وقتها إلا طعم الخسارة والمهانة والتخلف والقهقرى التاريخية)؟ نعم لقد فاز هؤلاء بالانتخابات الأخيرة في أكثر من بلد عربي، والشعب لم يعطهم بالمناسبة النسبة الكاسحة من الأصوات، أي أنه لم يوكلهم بالمطلق، ولهذا فهم مجبورون بالتضامن والتكامل والتحالف مع باقي فصائل وحركات وتيارات سياسية أخرى لتشكيل الحكومات، والبدء بمسيرة العمل والبناء الداخلية بعيدا عن لغة العطالة التاريخية، لغة الإيديولوجية المتحفية، لغة الشعارات الطنانة الفارغة التي تقدم مشاكل وتحديات وصراعات الخارج على حساب قضايا التنمية الداخلية الملحة لمواطننا العربي الذي انتفض وثار كل تلك الثورات، ودفع كل تلك الأثمان الباهظة ليعيد توجيه بوصلة ودفة السياسات الحكومية نحو الداخل للنهوض والتحديث الحقيقي؛ ولهذا رأينا أنه لم ترفع لافتة واحدة في كل تلك الثورات عن مشاكل وتحديات الخارج، بل الهم الأكبر كان هو تطوير السياسة الداخلية اجتماعيا واقتصاديا. فالناس تريد حلولا جدية لأزمات بطالتها وعطالتها وعيشها خارج منظمات الدول الاقتصادية الكبرى. تريد بناء مجتمعات حضارية علمية، ومدن حديثة فيها مساكن وعمارات وبنى تحتية ذات إنتاجية حقيقية كبيرة.. وتريد أيضا أن تساهم وتشارك بقوة في تطوير بلدانها سياسيا من خلال مساهمتها الحرة في القرار الوطني المستقل المسؤول.. إنها تريد أن تنتخب بصورة صحيحة وحرة بعيدة عن كل أنواع الضغوط والإكراهات، وأن ترشح بصورة صحيحة وحرة، وألا يتدخل في حياتها الأمن والعسكر على «الطالعة والنازلة».. وأن يكون كل شيء يتعلق بتطوير ونهضة أوطانها وبلدانها مضبوطا بقوة النظام العام وحيادية ومساواة القانون، ومصانا بالدستور حامي الوحدة الوطنية.. وفي ظني أن الذي سيساعد كثيرا على ضمان عدم نكث الإسلاميين بعهودهم تجاه مسألة الدولة المدنية والفكر الديمقراطي التعددي، والخضوع لصندوق الاقتراع بالكامل (سلبا أم إيجابا) هو وجود اتفاق كوني عام وشامل على نهاية عصر الإيديولوجيات الشمولية واندحار عصر القائد الفريد الملهم (شمس الشموس وابن الآلهة وغيره..)، وبدء عهد المواطنة وحقوق الإنسان.. كما أن الناس في كل المجتمعات العربية باتت لها همومها المشتركة وشبه الواحدة -مثل باقي الناس في دول أخرى مع الاختلاف في بعض التفاصيل والدوافع- وهي العيش بأمان وسلام وحرية وكرامة واقتصاد حر رفاهي (إذا صح التعبير)، خاصة مع تفتت المرجعية السياسية والدينية عموما، وتحلل مقومات الاعتقاد الجماعي، والمرور إلى أنماط التدين الفردي والذاتي كما قال الباحث «أوليفييه روا». وهذا ما أسميه بحالة «الخلاص الفردي»، أو نزعة الخلاص الفردي التي باتت تتحرك بقوة في كثير من مواقع ومفاصل اجتماعنا السياسي والديني العربي والإسلامي. وبالدخول إلى تفاصيل بعض تلك العملية الانتخابية التي حدثت في مصر وتونس، وجدنا أن التيار الإسلامي الفائز (الإخوان المسلمين) -والأحزاب التي تمثله على الساحة السياسية الذين فازوا في انتخابات في عدة دول عربية، وهم ماضون وسائرون للفوز بها أيضا في بلدان أخرى تخوض غمار صراعات سياسية وعنفية- لم يكن ولن يكون أمامهم إلا أن يتحالفوا مع باقي التيارات السياسية وبالأخص الليبرالية منها لتقديم صورة جديدة للتشارك السياسي الفاعل في بناء صورة عملية مشرقة لأوطان المستقبل القادمة من وجع الحرية ولهيب البناء الديمقراطي الممزوج بأماني وآهات وتطلعات الناس الثائرة على ماضيها السياسي العفن. وفي ظني أنه يجب على التيارات الدينية وبالأخص منها حركة وحزب الإخوان المسلمين ألا يفرحوا كثيرا لحصول حزب النور السلفي على نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان المصري تؤهله إذا ما تحالف معهم (مع الإخوان) للانفراد بالحكم السياسي في مصر.. لماذا؟! لأن هذا الحزب الجديد ليس له أدنى خبرة في ممارسة شؤون الحكم والسياسة، كما أن له خطابا وعظيا مسجديا عتيقا وشبه عدمي قوامه وركنه الأساسي ذهنية الحلال والحرام، وعقلية «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».. وهذه صورة واضحة ومعبرة لاستغلال أوجاع الناس وهمومها وتعقيداتها وحاجاتها الحياتية وقناعاتها وعقائدها التاريخية، كواجهة لركوب موجة الديمقراطية بدعوى خدمة مصالح الشعب والأمة، كما أن هذا الحزب هو بالأساس حزب دعوي تبشيري وليس حزبا سياسيا خدماتيا. وبالإضافة لما تقدم، فإن الذي سيدفع أكثر لحدوث التحالفات الجديدة بين التيارات الإسلامية وبين غيرها (كالليبراليين أصحاب الخبرة في مسألة الدولة والحكم) هو أن معظم تنظيمات وتشكيلات الإسلاميين لم تقبض سابقا على عنصر الخبرة والممارسة المطلوب لتسيير دفة عمل الدولة والإدارة والنظام السياسي.. أي أنها كانت -نتيجة إقصائها وتغييبها وسجنها- بعيدة كليا عن تسيير الشأن العام وتدبير مختلف شؤون الحكم، حيث إن معظم كوادرها كانوا إما في المعتقل أو في المهجر أو تحت الأرض، الأمر الذي فرغ تلك الحركات من مضامينها العملية، وحرمها من كفاءات وخبرات وكوارد تنظيمية وسياسية ومهنية وفنية كثيرة. ينشربالتعاون مع مشروع «منبر الحرية» www.minbaralhurriyya.org

مشروع فلسطيني جديد يواجه المشروع الصهيوني

مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...

سيكولوجية الهدر عربياً

كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...

سوريا إلى أين؟ بين إنكار السلطة الديكتاتورية.. وفشل المعارضة السورية (1/2)

درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...

أي مجتمع مدني في ظل الحراك العربي؟

لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...

روحاني والسياسات الإيرانية القادمة

بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...

مبادرة النيروز: درس تركي جديد للعرب

قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (3/3)

.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...

سوريا الحرية ستنهض من جديد (2)

باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...

سوريا الحرية ستنهض من جديد(1)

لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...

موقع المثقف العربي من «الربيع»

في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...

التجربة الثورية العربية الجديدة (1/2)

يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...

التحول الديمقراطي التركي رؤية من الداخل

هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...