


عدد المقالات 283
بدم حار، استقبل جزء غير يسير من التونسيين نبأ الفوز الكاسح لحركة النهضة الإسلامية في أول انتخابات شاملة وحرة.. وليس من التزيد في شيء القول بأن دبيبا من الذعر سرى في دماء مواطنين عاشوا أعمارهم بمنأى عن السياسة، غير متمرسين على السير في شعابها. فلم يكن لديهم من توصيف لحركة النهضة إلا ما أسعفهم به الخيال، وما راكموه في ذاكرة مشتتة من صور قاتمة لفترات حكم «الإسلاميين المتعسفين على الحريات» في عدد غير قليل من الأمثلة. فجأة.. وبعد يوم عيد حقيقي، تعاندت فيه دمعة الفرح مع ابتسامة الفخر في انتخابات تاريخية حقيقة.. وقبل أن تهدأ العاطفة المتأججة قطعها صمت ثقيل خيم على «الديمقراطيين. الحداثيين. التقدميين». وأصاب الكثير منهم بمغص، بل بخيبة أمل من مخاض شهور تسعة قضوها في الانتشاء الصاخب بالحلم! وجد الكثير من هؤلاء أنفسهم يتجرعون مرارة وصدمة في آن.. مرارة الفشل في الامتحان وصدمة الخوف من خصم منتصر تكتنفه التوجسات وتستبقه إلى الأذهان صور تأخذ كل الألوان ما عدا الوردي منها. والواقع أن جزءا من نشطاء الساحة السياسية التونسية حديثو عهد بها. حلوا عليها مباشرة من ملاعب ومدرجات الكرة! قليلو اطلاع على تعرجاتها وتطوراتها عبر العقود الثلاثة الماضية، فضلا عن زهد مزمن لديهم في العلم بالتطورات الإقليمية والدولية، بما عجل بفشلهم الانتخابي، وبما أحل بينهم حالة الصدمة والتوجس والتناقض تلك.. فكان أن أخطأوا حساب الحقل. وتأهبوا للخطأ مرة أخرى في حساب البيدر أيضا! لا يشك أحد من العارفين في أن حركة النهضة الإسلامية مكون أصيل من مكونات المشهد السياسي والشعبي التونسي منذ السبعينيات. وقد كان النظام السابق أكثر من يعلم ذلك، بدليل أنه حاربها في الداخل وفي الخارج لكي لا تفسد عليه لذة التفرد بالسلطة. حركة النهضة ذاتها مرت خلال مسيرتها المعقدة بمراحل وبمراجعات طورت جانبا لا يستهان به من مرجعياتها، وأنضجت طروحاتها بشكل مرئي للعين المجردة... فضلا عن أن أجيالا جديدة ظهرت من صلبها، فدورت زواياها الحادة وجعلتها تغادر الصورة النمطية البدائية مقتربة أكثر من قلوب الناس. لست أنكر هنا ورود بعض التجاوزات هنا وهناك داخل الحركة ومن حولها بما يطرح على قيادتها سنة أولى من واجب إرسال التطمينات في اتجاه الداخل والخارج، تشذيبا لعودها واستقرارا لصورتها الجديدة -في الأذهان المتوجسة- كحركة سياسية مدنية شبيهة بالحركة التركية.. كما لست أستبعد عسرا في هذه المهمة الشاقة.. مهمة إرضاء المحتدين في صلب الحركة، كما المحتدين في مواجهتها أيضا. لكن الأغلب على الظن أن الشعب التونسي يستحق الثقة في اختياره، فقد كان على مدى تاريخه حاملا لرسالات التجديد، كان وسيظل فطنا وضاغطا على السياسة بالسليقة.. وربما ذكر له التاريخ لاحقا أنه لقن ببساطته الممتنعة سياسيين تعرقوا في التودد إليه، درسا عميقا في العمل السياسي. فعندما تشابكت أمامه السبل استنجد بمقولة «قلب المؤمن دليله».. فاستفتى قلبه!
كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...
بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...
لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...
كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...
رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...
في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...
كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...
عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...
تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...
كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...
خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...
من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...