alsharq

د. أحمد موفق زيدان

عدد المقالات 272

الشام التي وحدت الغرب والشرق عليها

21 سبتمبر 2015 , 02:16ص

لم يسبق في التاريخ الحديث أن اتفق الغرب والشرق اللذيْن ظهرا مختلفين ومتابينين لعقود على قضية كاتفاقهم على محاربة ووأد الثورة الشامية العظيمة، هذا التباين والاختلاف أثبتت الشام على أنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، وجاء التدخل الروسي المفضوح والمكشوف وهو الذي تباكى ولا يزال على العمل العسكري الغربي في ليبيا دون غطاء أممي، وبصمت عربي وغربي وإسلامي ليؤكد المؤكد الذي أكدته حناجر الشعب السوري يوم خرجت بقضها وقضيضها للهتاف ما لنا غيرك يا ألله، وإنها ثورة يتيمة. أتذكر هنا ما قالته يوماً ما رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي للرئيس الباكستاني آنئذ ضياء الحق حين سألها عن خطورة الغزو السوفيتي لأفغانستان الذي تؤيده وتدعمه، فأجابته نعم إنه تحرك خطير، يومها كانت غاندي أكثر انسجاماً مع واقع لا يمكن تكذيبه، ولكن ساسة اليوم من غرب وشرق خلعوا كل أردية الحياء والخجل، ليتباروا فيما بينهم على شرب نخب الدم الشامي. اكتفت أميركا بدور الكومبارس منذ اللحظة الأولى للثورة السورية تاركة التمثيل الحقيقي لروسيا، واكتفت أخيراً وكالعادة بالتعبير عن القلق من التدخل العسكري الروسي المفضوح ونقل أسلحة خطيرة من بينها سوخوي 30 العملاقة، وتوسعة قاعدة حميميم لتكون أضخم قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط كما قيل بحيث يصل طول المدرج لـ4 كم، وعرضه مئة متر، فسرقت واشنطن دور الأمين العام للأمم المتحدة السيد «أقلق» لتتزامن الفضيحة مع إعلان القيادة العسكرية الأميركية عن بقاء فقط 4-5 عناصر من الفرقة 30 والتي دربتها أميركا بعد أن تبخر الـ54 الآخرين وكلفت واشنطن 500 مليون دولار دون أن يعلم أحد لماذا كل هذا المبلغ وأين أُنفق؟! كل هذا الدمار والخراب والقتل العام الذي يحصل بالشام لم يحرك جيران المتوسط السوري، لكن حركهم بضعة آلاف من المهاجرين فتنادوا لقمة أوروبية، ليثبت من جديد أن العالم كله رجّح كفة طاغية الشام على ما تبقى من الشعب السوري وعلى أمن وسلامة واستقرار المنطقة كلها. الكثير قيل عن تحليل الغزو الروسي للشام، ولعلنا غدونا بحاجة إلى تحليل التحليلات المتعددة والمتشعبة، فالروس وبلا أية مواربة يرون أن الشام «حرملك» روسي، ولذا صمت الغرب على المقاول الدولي الروسي، فهم يريدون نقل المعركة إلى الشام قبل أن يعود بضعة آلاف روس وشيشان وغيرهم من الشام إلى أراضيهم وحديقتهم الخلفية بآسيا الوسطى، ولكن ليس من المستبعد أن تكون الشام قشرة موز غربية رُميت تحت أقدام الدب الروسي لتأديبه وترويضه من خلال جره لمعارك طويلة الأمد في الشام على غرار أفغانستان، بالإضافة إلى تدمير ما تبقى من سمعته في الوسط العربي والإسلامي. لا بد من الإشارة هنا إلى أن الدولة السورية العميقة في حقيقتها وجوهرها روسية الولاء، إن كانت المؤسسة العسكرية أو الاستخباراتية القمعية، بالإضافة إلى المزاج الطائفي في الشام روسي وليس إيراني، ولذا سعت طهران إلى تعويض ذلك من خلال تأسيس لجان الأمن الوطني من الشبيحة والدفع بالعصابات الطائفية العراقية والأفغانية والباكستانية وحزب الله لإنقاذ العصابة الطائفية في الشام دون جدوى، إذ ثبت أن إيران غرقت بالوحل الشامي، وظهرت الخسائر الرهيبة لاسيَّما في الزبداني التي عجز كل الجبروت الإيراني على إخضاعها بعد أن خسر حزب الله فيها أكثر من 150 قتيلاً وهو رقم ليس صغيراً في بلد صغير بحجم لبنان، وهنا تم استدعاء التدخل الروسي على عجل لإنقاذ الطاغية أولاً من الإخفاقات المتتالية التي لحقت بقواته، وثانياً لإنقاذ إيران التي بدت أعجز من أن تفي للغرب والشرق بمكافأته لها على منحها دور شرطي المنطقة. الثوار على الأرض نجحوا وبشكل هائل في انتزاع النصر من فكي الدب الروسي، ولم يكن الطاووس الإيراني سوى انتفاش لا حقيقة ولا واقع له، فكان ريشه أشد أعدائه، فقد تمكن المجاهدون في الغوطة من تحقيق تقدم كبير بقيادة جيش الإسلام وزعيمه زهران علوش، وسيطر مجاهدوه على أوستراد حمص - دمشق، بالإضافة إلى صمود أسطوري في الزبداني، وسيطرة على مطار أبوالظهور الاستراتيجي بإدلب، وتقدم كبير في مستوطنتي الفوعة وكفريا المواليتين للنظام. لكن هذا التقدم يفتقر إلى دول كداعم حقيقي وجريء ونشط دولياً، وهنا على تركيا أن تعي أن الانتشار الروسي ليس موجهاً إلى أبطال الشام فحسب، فطبيعة الانتشار الروسي وحجمه وتوسعته يشير إلى أن الأمر أبعد من الشام، وإلا فما الداعي إلى أنظمة مضادات جوية متنقلة، وطائرات متطورة وتوسيع مطارات إن لم يكن المقصود به تركيا بالدرجة الأولى، وهنا على تركيا أن تتبنى المشروع الشامي وليس فقط الاكتفاء بدعمه وتأكيدها على أن المهاجرين السوريين ضيوف وعلينا مساعدتهم وضيافتهم، فالضيف لا يجلس سنوات عند مضيفيه، فالمؤامرة والمشروع الروسي- الإيراني الطائفي في سوريا يستهدف تركيا قبل أن يستهدف الشام، وما لم يتم تعبئة تركيا بكل شرائحها ومجتمعها في هذا الاتجاه تماماً كما حصلت تعبئة المجتمع الباكستاني إبان الغزو السوفيتي لأفغانستان، فإن الكارثة ستحل بها ولات ساعة مندم. ونسأل الله السلامة لها ولكل بلاد المسلمين ولكنه التحذير والنصيحة المأمورون بهما. 

موسكو تعود إلى أفغانستان من البوابة السورية (1-3)

كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...

الشمال المحرّر معاناة لا تنتهي (2-3)

قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...

الشمال المحرر معاناة لا تنتهي (1-3)

أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...

مدن الشام فارغة وأهلها يرقبونها من خيامهم

لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...

المشروع الروسي خارج الزمان والمكان

ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...

خرْق السفينة الأسدية

الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...

السوريون وثورة الجياع اللبنانية

منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...

الأسد بين موسكو وطهران (2-2)

تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...

دروس من وباء عام 1918

يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...

أفغانستان ما بعد الاتفاق الطالباني- الأميركي (2-2)

أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (2-2)

الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (1-2)

لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...