


عدد المقالات 283
في بحر خمسة أسابيع فقط، توسعت حركة «لنحتل وول ستريت» لتتلاعب بأعصاب أغلب العواصم الاقتصادية في العالم، والتف حولها سريعا %45 من الأميركيين، مما اضطر قادة الرأي إلى الاعتراف بها وتفهم مطالبها، ولو على مضض! وإذا كان البعض يستمرئ الاعتقاد بأن «الربيع العربي» قد ألهم شعوب الدنيا وألهب إحساسها بالظلم، فإن الثابت والأكيد أن أغلب شوارع الدنيا ليست سعيدة بالنتائج التي أسفرت عنها عقود طويلة من السياسات الاقتصادية على الأرض. هذه السياسات التي لم تفقر شعوب الجنوب فقط، وإنما التهمت أيضا إحساس شعوب الشمال بالرفاهية وأكلت أجزاء معتبرة من مقدرتها الشرائية التي كانت توصف بالمنيعة، حتى وقت قريب. ومن نافلة القول: إن موجات الاحتجاج في دول الشمال الغنية على السياسات الاقتصادية -والنقدية منها على وجه الخصوص- شهدت مدا وجزرا خلال العشرية الأخيرة، إلا أنها لم تشهد الألق الذي يميزها اليوم. بما لم يعد يترك مجالا للشك في أن حملا وشيكا بصدد التشكل في رحم الكون، وأن قواعد جديدة لإدارة حياة الناس هنا وهناك بصدد التبلور في أذهان المنظرين، من أجل إعادة إنتاج قواعد سلوك عام أوفر عدلا وأكثر قربا من أحلام العامة.. وإذا كانت هذه النظريات القادمة لا تزال غائمة الملامح، فإنه لا مناص من أن ترتكز بالأساس على مبادئ قيمية أخلاقية، تتجاوز مفهوم «الرأسمالية ذات الوجه الإنساني» الذي جاء -في ذات غضبة- لتجميل وجه الرأسمالية الشرسة حينها. وأول المبادئ التي يجب أن تتأسس على قاعدتها حياة أجمل للناس، القناعة الراسخة بأنه لا أمن ولا أمان لغني وجاره فقير، ولا هدوء ولا راحة بال لقوي أخوه ضعيف. وبالنتيجة: لا تعايش سلمي في كنف فوارق طبقية تشحن العالم بالكراهية والامتعاض. نميل دائما إلى الاعتقاد بأن البشرية في آخر تاريخ لها، تحيا أفضل ما أمكن للعقل الإنساني إنتاجه من أجل تأمين عيش مرفه ومشترك بين الناس من مختلف الأجناس، غير أن حركة «لنحتل وول ستريت» صدمتنا بحقيقة: أن الثروة تتركز بين أيدي %1 فقط من الأميركيين. ولأي منا أن يتخيل الآن فداحة النسب والأرقام في عوالم أخرى، ولا سيما العالم العربي! انقضى العقد الأول من الألفية الثالثة بأضرار تفوق المكاسب. وبات جليا أن تعاطي النخب الحاكمة مع الأزمات على اختلاف وجوهها، «سيزيفي» الطابع، شبيه بعمل إطفائيين يستميتون في إخماد حريق لا يريد أن يخمد. وهو ما يضع العالم أمام حقيقة فشل أفضل إنتاجاته التي قدمت الجشع وبجّلته فوق الفكر والإبداع. ذات العالم الآن يجد نفسه على قرني ثور هائج لن يدخر في هياجه طرفا حتى إن اعتقد وهماً أنه فوق الطوفان.
كنت أقول في هذا الموقع قبل بضعة شهور إن الخمسينيين وحتى الأربعينيين يغبطون الرئيس التونسي التسعيني على حيويته الفكرية والجسدية -نسبياً- وهو يتحدى عامه الثالث والتسعين، لكنني لا أعلم على وجه الدقة إن كانوا يغبطونه...
بعد الخميس جاء يوم الجمعة، وبعد 17 يناير أطلّ يوم 18 يناير، ولم تتوقف الأرض عن الدوران في تونس، بسبب الإضراب العام في قطاع الوظيفة العمومية، بل استمرت الحياة عادية، رغم نجاح الإضراب الذي قاده...
لم تكن لوحة الفنان الإيطالي «ليوناردو دا فينشي» التي سمّاها «العشاء الأخير» أقل إثارة للجدل في تونس من «العشاء الأخير» الذي جمع مساء الثلاثاء الماضي الشيخ راشد الغنوشي بـ «الشيخ» الباجي قايد السبسي، بعد جفاء...
كعادتهم السنوية «المقدّسة»، ينتظر فريق من التونسيين قدوم شهر يناير بفائض من الشوق، وينتظر فريق آخر انجلاءه بفارغ الصبر، فشهر يناير في هذه البلاد غير ما هو متعارف عليه في بلاد العالم الأخرى، حيث يهرب...
رغم أنها دانت لرئيس الحكومة يوسف الشاهد أو كادت، لا يزال المشهد موارباً في تونس، ويستعصي على فهم أكثر المراقبين التصاقاً بتفاصيله. كان منتظراً من يوسف الشاهد في إطلالته مساء الجمعة، بعد طول صمت، أن...
في لمح البصر، عادت حركة «النهضة» التونسية للمربع الأول، وهي التي كابدت من أجل تحسين صورتها على مدى السنوات الثماني الماضية. فقد كان يكفي أن يظهر رئيسها وزعيمها التاريخي منذ أربعين سنة، راشد الغنوشي، ظهوراً...
كثيرون هم من يحسدون الرئيس التسعيني الباجي قايد السبسي على حيويته الذهنية، بل يراه البعض «أسطورة ديناصورية» لم يَجُد بها الزمن إلا لماماً. وقد قال يوم الخميس الماضي إنه «آخر الكبار» ممن مد الله في...
عدا الضجيج اليومي الذي يذكّر بما يصدر عن سرك مفتوح في تونس، هناك حدث جلل لم يجانب الصواب من وصفه بالحدث «التاريخي»، بل لعله التطور السياسي الأبرز على الساحة العربية والإسلامية منذ ارتدادات زلزال سقوط...
تهتز الساحة السياسية التونسية بشدة على مشارف سنة انتخابية ساخنة ومحددة لمن سيمسك بصولجان السلطة لعدة سنوات قادمة.. من ذلك انصهار الحزب «الحاكم» نظرياً (نداء تونس) مع الحزب الرابع في نتائج انتخابات 2014 (الاتحاد الوطني...
كان التونسيون في غاية الحاجة إلى كلمات الرئيس الفرنسي في قمة الفرنكوفونية بأرمينيا، وهو يعلي في نبرة صوته بـ «أن تونس فخر لنا»، قبل أن يكيل مزيداً من المديح لرئيسها «الشجاع» الباجي قايد السبسي، وإلى...
خلال ساعات من الآن، سنرى إن كانت السكاكين المشحوذة على مدار الأيام الماضية قد ارتدّت عن رقبة يوسف، أم أن إخوته سيجهزون عليه ليعودوا إلى أبيهم جذلين. في تونس، بلغ التشويق أشده بشأن رئيس الحكومة...
من المفترض أن يتحدد خلال الأسبوع المقبل مصير يوسف الشاهد، وهل سيواصل مهامه كرئيس للحكومة التونسية حتى 2019 موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، أم أنه سيكون كفاية عليه بقاؤه في منصبه ذاك سنة و9 أشهر،...