alsharq

د. أحمد موفق زيدان

عدد المقالات 272

الشام واليمن والعراق.. التفكير خارج الصندوق

18 مايو 2015 , 01:43ص

لا يزال كثير من الناس يحرصون على فهم ما يجري في المنطقة وتحليله بأدوات تاريخية عفى عليها الزمن، وأكل عليها الدهر وشرب، ولا يزالون يشدون كل تحليلاتهم إلى داخل الصندوق بمعنى فهم ما جرى ويجري وسيجري من خلال الدولة، والتأثيرات الدولية والنفوذ الإقليمي وسياسات الكبار ونحوها من مصطلحات الحرب الباردة وما قبلها وما بعدها، ولكنهم يجهلون تماماً أن العالم العربي بعد ربيعه الذي طال ليس هو نفسه قبله، وبالتالي ظهر اللاعبون غير الحكوميين في العراق والشام واليمن وغيرهم، ومثل هؤلاء اللاعبين الجدد لهم من النفوذ والتأثير على بلدانهم وحتى على سياسات الدول أكثر من اللاعبين الحكوميين، وإلا فماذا نفسر ما جرى من انتصارات في إدلب وجسر الشغور ومن قبلها درعا وحلب وغيرها، حين قرع أجراس البيت الأبيض والأحمر والأسود بطهران تجاه هذه التغيرات الاستراتيجية لاقتراب الثوار من الساحل معقل الطائفة العلوية وخزانها البشري في الحرب المشنونة على الشعب السوري منذ خمس سنوات، وهو ما دفع إلى طيران وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو للتوصل إلى حل تسووي يضمن عدم انتصار الثوار عسكرياً على الأرض، لكن لا يزال كيري وغيره يظنون أن بمقدور موسكو إرغام العصابة في دمشق على التنازل؟! أقول هذا من وحي منتدى الدوحة الذي حضرته وضم سياسيين حاليين ومتقاعدين وخبراء ونحوهم، التفتُّ لأحد أصدقائي لأبوح له بما ذكرته آنفاً، حدّق بي طويلاً قائلاً «هذه إشارة مهمة لا بد من التفكير خارج الصندوق، بالفعل فالقوى اللاعبة لم تعد هي نفسها»، فلا يمكن حل مشاكلنا بالعقلية التي اعتدنا عليها حين صنعناها وخلقناها بأنفسنا أو بتدخلات غيرنا. يأتي الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد اجتماع كامب ديفيد ليجترّ الماضي الأميركي بما يتعلق بالشأن السوري حين يقول: «إن الوضع في سوريا لن يُحل في زمن ولايتي»، وكأن الشعب السوري ينتظر ممن كذب على نفسه والعالم أكثر من مرة ورسم خطوطاً حمراء لطاغية دمشق، فكانت خطوط سماح بمواصلة مذبحة الشعب السوري بموافقة ضمنية من الأميركيين، والسوريون كما هم غيرهم من العرب والمسلمين يستذكرون هنا مقولة علي بن أبي طالب رضي الله عنه «فوت الحاجة أهون من طلبها من غير أهلها»، وحينها قد يصح قول دستوفسكي: «أحياناً لا تملك إلا أن تلعن»، فالثورات مثل الروايات كما قال الفيلسوف الفرنسي توكفل أصعب ما فيها نهاياتها؛ ولذا فإن شعوب الربيع العربي وثواره يجهدون لرسم النهاية المنطقية لثوراتهم التي حددها مفجرو ثورات الحرية والكرامة. لعل عدم ثقة الملك سلمان بن عبدالعزيز باجتماع كامب ديفيد ونتائجه هو ما دفعه إلى عدم الحضور، بينما فضل ملك البحرين حمد بن عيسى حضور عرض ويندسور للخيول بأميركا على اللقاء مع أوباما وهو ما يعكس مدى الإحباط واللاثقة الخليجية بالوعود الأميركية التي ظهر أنها تبحث أو بالأصح تحاول تظهير صداقتها القديمة السرية مع إيران على علاقاتها مع حلفائها العرب. التفكير خارج الصندوق يقودنا إلى عدم تعويل الدول العربية وتركيا على الموقف الدولي الذي خذلهم كما خذل السوريين لخمس سنوات ومن قبلهم العراقيين واليوم اليمنيين، فالتفكير الجديد ملخصه أن إيران التي تدير معركة الموت وهي حرب بالوكالة عبر وكلائها من العصابات العراقية الطائفية، والنظام الطائفي بالإضافة إلى ميليشياتها الأفغانية وحزب الله وغيرهما، وكذلك الحوثيين في اليمن، مثل هذه المعركة لا يمكن أن تجابه إلا بنفس الأدوات بحيث يتم تكثيف الدعم العسكري والسياسي والمالي للثوار على الأرض، لصدّ الطوفان الإيراني على تخوم بغداد ودمشق وصنعاء قبل أن يخترق حدود ما تبقى من دول عربية وإسلامية خارج السياسة العدمية الإيرانية وهي سياسة الخراب والدمار، وليكن الشعار داوها بالتي كانت هي الداء، وكما قال السيد المسيح عليه السلام: «رُدوا الحجر من الجحر الذي انطلق منه». إن الداخل الإيراني يشي بتناقضات اجتماعية واقتصادية وسياسية كبيرة، ولعل ما يحصل في الأحواز وبلوشستان وغيرهما قمة جليد هذه التناقضات التي بإمكان الدول العربية أن تستغلها من أجل تشكيل استراتيجية ردع حقيقية في مواجهة الغطرسة الإيرانية التي تعدّت وتجاوزت كل الحدود، وفاقت معها كل التصورات والخيالات، حتى في الأفلام الخيالية والهوليوودية، فدمرت أعظم بلدان حضارية في العالم العربي، العراق والشام واليمن، وبلا سياسة جادة وواضحة وعملية من قبل الدول العربية وتركيا فإن الصلف الإيراني سيمتد إلى بلدان أخرى لا سمح الله، وحينها ولات ساعة مندم. في الشام والعراق واليمن لعل الشيء الوحيد الذي تملكه هذه الشعوب هو الوقت، ومن ملك وقته لا يضره أحد بإذن الله، فالوقت صديق الأحرار والثوار، بقدر ما هو عدو الاحتلال والغزاة، فالمعركة في جوهرها مع الاحتلال الداخلي أو الخارجي معركة معنوية وكسر معنويات، فقبل أن ينهزم المحتل مادياً ينهزم معنوياً؛ ولذا تنتصر الشعوب الحرة الثائرة على الجبروت الاحتلالي. وأختم المقال بأبيات رائعة تختصر مشهدنا: قال يا ظبي تمهل لي سؤال لو تشاء كيف أعييتُ وما زلتَ نشيطاً ذا مضاء قال فاعلم أيها المغرور يا صفر الذكاء أنت للصياد تجري يا أجير الأوصياء بينما أجري لنفسي ليس جريانا سواء ❍ @ahmadmuaffaq

موسكو تعود إلى أفغانستان من البوابة السورية (1-3)

كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...

الشمال المحرّر معاناة لا تنتهي (2-3)

قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...

الشمال المحرر معاناة لا تنتهي (1-3)

أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...

مدن الشام فارغة وأهلها يرقبونها من خيامهم

لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...

المشروع الروسي خارج الزمان والمكان

ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...

خرْق السفينة الأسدية

الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...

السوريون وثورة الجياع اللبنانية

منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...

الأسد بين موسكو وطهران (2-2)

تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...

دروس من وباء عام 1918

يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...

أفغانستان ما بعد الاتفاق الطالباني- الأميركي (2-2)

أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (2-2)

الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (1-2)

لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...