عدد المقالات 272
على مدى تاريخ باكستان القصير الذي يعود إلى عام 1947 يوم انفصلت عن الهند، فشكلت بذلك «باكستان الغربية والشرقية»، دخلت البلاد في أحلاف غربية لمواجهة التمدد الشيوعي، إلى أن كانت على خط النار الأول بالاجتياح السوفييتي لأفغانستان قبل أربعين عاماً من اليوم، فحملت باكستان، ممثلة بالرئيس الراحل يومها ضياء الحق راية مقاومة الشيوعية عسكرياً وعملياً، فدعمت المجاهدين الأفغان الذين أرغموا السوفييت على الانسحاب قبل ثلاثين عاماً من اليوم، لتجد نفسها بعد الانسحاب السوفييتي من أفغانستان بخط النار الأول الجديد، وهو الحرب على ما يوصف بالإرهاب، فكانت حليفاً أميركياً جديداً، لكن هذه المرة حسابات الحقل الأميركي لم تتفق مع حسابات البيدر الباكستاني، فكان أن انضمت باكستان إلى الحلف الأميركي والغربي بشكل عام مكرهة لخلع طالبان عن السلطة عام 2001، بينما كانت باكستان تعتبر طالبان عمقاً استراتيجياً لها في مواجهة خصم وعدو هندي تاريخي وتقليدي. طوّرت باكستان وحركة طالبان معادلة مميزة في العلاقات الدولية، فنجحت بامتياز في تسويق الحركة ضمن حلفائها، وقدمتها على أنها حركة ثم حكومة يمكن التعاطي معها إلى أن وقعت واقعة الحادي عشر من سبتمبر أيلول عام 2001، ودفعت طالبان ومن خلفها باكستان ثمن الواقعة، وازدادت الزاوية انفراجاً بعد رفض حركة طالبان الأفغانية تسليم المطلوب الأميركي الأول في الحادثة وغيرها، وهو زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، ووقع الطلاق بين الطرفين، وفتحت باكستان خزائنها الأمنية والاستخباراتية للمخابرات الأميركية، والتي ساعدتها على إسقاط الحركة، ثم على تنصيب التحالف الشمالي الأفغاني المعادي لباكستان، لكن الموالي للأميركيين والإيرانيين، على حكم كابل، وواصلت واشنطن لاحقاً ابتزاز باكستان من خلال مطالبتها بفك كل ارتباط لها مع حركة طالبان أفغانستان فكان من أهم الخطوات التي نفذتها وطلبتها واشنطن حل القسم الأفغاني في المخابرات العسكرية الباكستانية، وهو قسم يُنظر إليه أميركياً على أنه موال لحركة طالبان، ولا حل معه إلا بحله وتفكيكه. ترافق التعاون الاستخباراتي الباكستاني - الأميركي ضد طالبان مع تسليم قيادات طالبانية أفغانية، إن كان على مستوى السفير الأفغاني في باكستان يومها عبد السلام ضعيف، وهو أشهر شخصية طالبانية بعد الملا محمد عمر زعيم الحركة، إلى تسليم الملا عبد الغني برادرز وهو نائب زعيم حركة طالبان، ليعود اليوم كمفاوض طالباني تفرضه الحركة ضمن وفدها في مفاوضات الأميركيين، بالإضافة إلى قيادات طالبانية أخرى، لكن ذلك كله لم يمنع الحركة من التزام الصمت الكامل إزاء باكستان، فلم يصدر منها أي بيان يندد بهذه الخطوات، وهي التي تعرف تماماً أن باكستان رئتها التي تتنفس بها، فكان اعتبارها جغرافياً، على أمل طالباني أن يأتي يوم ليس بعيداً تتعاون فيه باكستان مع الحركة، كما حصل في السابق وهو ما تحقق تماماً. نأت طالبان أفغانستان خلال هذه الفترة عن كل ما ينغص باكستان والمجتمع الدولي إن كان فيما يتعلق بعلاقتها مع تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن أو الجماعات المسلحة الأجنبية، وهو الأمر الذي جعل وجودهم أقل فاعلية من السابق في أفغانستان، وعززت وجودها الأفغاني الكمي والنوعي للتعويض عما كانت تحتاجه أيام عزّ الجماعات والفصائل الأجنبية التي كانت بحاجة إليها ببعض الجوانب، ولعل نأيها بنفسها عن حركة طالبان باكستان وكل الجماعات الإسلامية المسلحة الباكستانية كان له أبلغ الأثر في الترويج لها إن كان على المستوى المحلي الباكستاني أو على المستوى الاقليمي والدولي، فكان أن عادت باكستان وبقوة لدعم طالبان سرياً، وهي التي باتت ترى تنامي النفوذ الهندي والإيراني من خلال الجماعات والفصائل الموالية للطرفين، بينما يتراجع دورها ودور الجماعات الأفغانية التي يمثلونها ويقتربون منها. عملت طالبان أفغانستان، خلال تلك الفترة، بمقولة طبقتها عملياً وواقعياً على الأرض وهي مقولة تعود لمؤسس باكستان محمد علي جناح: «سلام في الداخل يعني سلاماً في الخارج»، وبالتالي القوة والتضامن في داخل أفغانستان وداخل الحركة هو مصدر قوة لها في الخارج، ولذلك قصة مهمة تحكي عوامل القوة الطالبانية وسر حصانتها عن الاختراق، وهو محل مقال الحلقة المقبلة بإذن الله.
كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...
قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...
أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...
لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...
ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...
الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...
منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...
تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...
يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...
أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...
الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...
لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...