


عدد المقالات 73
حزينة تلك الذات. تعيش الآه والعذابات. خلقها الله لكي تنطلق وتحلق وكبلها الإنسان وقيدها من كل حدب وصوب!! تعيش الذات في ذلك الصندوق المسمى الجسد. يحكمها العقل وتؤثر فيها العواطف والمشاعر. تفرح وتترح. تزدان فرحة وتنتحب حزينة. تقبل وتدبر. وترعد وتزمجر. هي انعكاس واضح لواقعها المعاش ونمط حياتها صاحبها الذي هي رهينة عنده. لكن هذه القصة الدرامية مختلفة باختلاف الزمان والمكان والأشخاص. فمن الناس من يرفق بتلك الذات ومنهم من يجور عليها.. منهم من يرتقي بها ومنهم من ينحط بها ومعها!! تلك الذات هي المزيج بين هلامية الروح وتأطير الجسد. لكن الناس ليسوا سواسية معها فمنهم من يسعد بها ومن خلالها ومنهم من يشقى ويتدهور!! تطالعنا الآية القرآنية الشهيرة في هذا المقام حيث يصنف الله الناس إلى ثلاثة أصناف: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر: 32]. وهنا يكمن العجب من كينونة الإنسان الذي خُلق بأحسن تقويم، وقيل له هيت لك فذاك الميدان أمامك فما أنت صانع وما أنت جامع وما أنت من الأبواب قارع!! ورغم كل تلك الحرية التي وضعها الله عز في علاه للإنسان وهي شرط للتكليف، وما أعطي الإنسان من خريطة تمثل المنهج العام مبينة له المحددات والتصورات العامة والتفصيلية وقدمت له المحفزات وأعطي فترة زمنية ليرى الله والناس صنيعه ونتاجه، إلا أننا نرصد ظلم الإنسان لنفسه حين خلقه الله حراً وكبل نفسه، وطليقاً فسجن ذاته، وعاقلاً فسفه واقعه وحياته وسلوكه!! قدم له العلم فاختار الجاهلية وبذلت له الحكمة فأعرض عنها وانصرف!! وما أجده إلا جهل الإنسان الذي أفضى لهذا الظلم لنفسه وإغاله في التخبط الذي قاده لهذا المستنقع الآسن!! تأمل معي تلك الذات السجينة وتخيل ذاك السجن المظلم القاتم؛ حيث تطوف الكآبة في كل مكان فيه ويجوب أرجاءه كل بؤس مقيم. تلك الذات سجنها صاحبها وقيدها وحرم نفسه والمجتمع والأمة من خيرها؛ فهو من وضعها بنفسه مخيراً في تلك الزنزانة وأقفل الباب وراءه ورحل وأقنع نفسه بأن ذلك أفضل شيئا كان بمقدوره عمله!! تلك الذات السجينة يقيم معها عشرة من العُتاة القساة الذين لا يرحمون ولا يرأفون وهم السجانون الذين لا يأخذهم إلاً ولا ذمة بها!! والغريب هنا أن كل واحد منهم يكفي لتحيد تلك الذات عن واجباتها ومهامها الحياتية وعزلها عن الدنيا بكل جدارة. هؤلاء العشرة هم: (الجهل- الضعف- التخبط- ضياع الهدف- الحقد- الكسل- العجز- الاتكالية- التشاؤم- السلبية). كل واحد من هؤلاء الزبانية يعتبر وباء ينتقل ليخنق الأرواح ويعطل العقول، ويسجن الذات الجميلة التي يحملها كل واحد منا داخل قمقم مقزز لا هواء فيه ولا ماء!! وهنا فعندما نذكر هذه الذات السجينة والتعيسة فنحن نؤكد على أن طبيعة الذات الإنسانية خُلقت لتعيش عزيزة قوية متطلعة تهوى القمم وتعشق النجاحات وتشرئب بالإنجازات والأعمال. ذات تسبح في ملكوت الله الواسع ملؤها الحماس والإقبال والطموح. عزائي لكل إنسان لم يثق بنفسه ولم يحسن الظن بربه. وعزائي لك من سمع تلك الوساوس التي تغتال الأحلام وتزهق أرواح المشاريع والمبادرات. وعزائي لكل من صدق أنه لا يستطيع ولا يقدر وأن كل ما هو أمامه مستحيل. عزائي لكل من أدمن التبرير بدل التفكير، وآمن بالحظ والصدفة ولم يؤمن الأسباب. عزائي لكل من صدق تلك الوساوس وحلق معها إلى عالم الظلام والعتمة. قال تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم} (268) البقرة. هل ننهي خطورة تقييد أنفسنا وقهر ذواتنا واكتفائنا بالأماني والكلمات أو الشكوى والإسقاطات وشتم الزمان وترديد كلمات العجز والضعف والاستسلام؟!! هل نعي أن بين السعادة والتعاسة في حياتنا قرار وبين الفقر والغنى طريقة تفكير، وبين والابتسامة والعبوس روح صافية وضمير مرتاح ونية صالحة؟ ذاتك سوف تسألك صباح كل يوم ما هدفنا اليوم وقبل النوم ما إنجازاتنا اليوم.. فهل تملك لها من جواب مقنع ووجيه؟ سوف تسألك وأنت تمر بين سنين العمر هل أنت متفرج أم أنت لاعب في الميدان؟ سوف تلح عليك بخير فلا تعارض بل بادر واستزد. وسوف تؤنبك عندما تخطئ وتلومك حينما تزل بك القدم فتفكر في كل ما تقول وعد إلى مسار الحق حينما ينحرف بك قطار الحياة المنطلق بسرعة. ففي خضم هذا الحياة اللاهثة أنت بحاجة إلى تأمل صوتك الداخلي الصادق. اسمع ذلك الصوت القادم من الأعماق وتفكر في رسائله ومنطلقاته. وعزز فيه تلك الروح الإيجابية وكافح بلا هوادة تلك الأشباح الشريرة التي تنثر السواد والوساوس والإحباط في داخلك واجعل من ذاتك منارة سلام وخيرا وعطاء لكل من حولك. وتأكد أنك لن تنال السلام الداخلي حتى تتوازن روحك وعقلك وجسدك وعواطفك وتتخلص من كل ما يعطل ذلك التوازن من إفراط أو تفريط، من ظلم أو جور أو تعد أو إسراف. افتحوا الأبواب لذواتكم ولتخرج من ذلك السجن الذي لا يليق بها وعندها فقط سوف تَشْتَمُّ نسائم الصباح اليانعة وتشهد إشراقة شمس كل يوم وتقبل على الحياة بكل قوة وتألق وسمو. عندها سوف تحقق ذاتك بإطلاق سراحها ونيلها حريتها المسلوبة. - تأصيل {وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون} (آل عمران: 117) - محبرة الحكيم الذات المنطلقة هي الذات التي تخلصت من عقم الفكر ومكابرة الجاهلية وكسل النفس وارتباك المشاعر وحمق الانفعالات واستسلام الضمير. • مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات CCT وعضو الجمعية الأميركية للتدريب والتطوير ASTD.
نيران تصول وتجول في أعماقه أطفأت العقل وعطلت الحكمة وحجبت البصر والبصيرة. أصبح ذاك الإنسان الوادع والمهذب وحشا كاسرا استبدل الهدوء بالغضب والعقل بالانفلات والحكمة وبالانتقام وأصبح إنسانا آخر لا يعرف مدى نقمته وحدود عدوانيته...
يبحر كثيراً مع رياح الماضي وانكساراته وانتصاراته وآهاته وتعقيداته وأمجاده. فالمتعة العظيمة في مخيلته هي العودة للماضي أو الهروب للمستقبل. وبين هذا وذاك ضيع الحاضر الذي ينتظر منه الكثير من العمل والتركيز والمبادرات والمشاريع. والحاضر...
في يرعان الشباب وعلى أعتاب المرحلة الثانوية وسؤال الوجهة والتخصص والمسار هو السؤال الأبرز على طاولة حياته. الكل حوله يوجهونه ويقترحون عليه لكن حسب ما يردون هم وليس حسب ما يريد هو!! أحس بالممل من...
لطالما أمعن النظر في أحوال الناس من حوله وكان يركز على جانب السعادة لديهم. نظرات الغبطة تخرج من عينه والكثير من الأسئلة يطرحها عقله حيث ظل يردد «يا سعدهم». على الضفة الأخرى كان يقارن أفضل...
كان يُشاهد نشرة الأخبار وحيث السياق في تلك النشرات عن الحروب والدمار. فرئة الإعلام لا تتنفس إلا من خلال الإثارة التي لا تتوفر إلا في مواطن الصراع أو التنافس. كان المذيع يصف حالة الحرب حيث...
عينه دائماً في أعينهم, يرقب ردود الأفعال ويتأمل الوجنات والإيماءات, حريص جداً على رضاهم مهما كلف الأمر. قبل أن ينام يبدأ بعد الأشخاص ويتساءل هل فلان راض علي؟ ويعتقد أنه سوف يحصل رضا كامل الدسم...
وجد ضالته بها؛ فأصبح يستخدم هذه الكلمات لتبرير الكثير من الأحداث من حوله. تعثره الدراسي وانعزاله الاجتماعي وفشل تجارته وأعماله وتأخر الكثير من ملفات حياته. بدأت اللعبة تكون أكثر إغراء ومتعة!! فبدأ الأصدقاء والأقارب من...
تعرفه من قيادته للسيارة، فهو في عجلة دائماً، يصيبه الاكتئاب من منظر الإشارة الحمراء، ويشعر بالضيق عندما يرى السيارات تمشي ببطء من الزحمة! يقود السيارة بتهور لا محدود، وفي النهاية المشوار الذي يذهب إليه هو...
يبهرني مشهد رسول عظيم عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم عن الخطأ والمسدد بالوحي يُلح على أصحابه قائلاً «أشيروا عليّ». وعمر رضي الله عنه يدين لأحد الصحابة لأنه أنقذه من قرار خاطئ ويقول «لولى معاذ لهلك...
خرج من منزله وفي جيبه العلوي 500 ريال تدفي قلبه وتحسسه بالأمان المالي على الأقل لفترة قصيرة.. لكن بعد أن عاد إلى المنزل في نهاية اليوم, صاح يردد وعلامات التعجب تملئ وجهه «وين فلوسي وين...
بعد زيارته لتلك المدينة سألته عن انطباعاته عنها. فقال لي: جميلة بس كل أهلها بخلاء. وعندما انعطف بنا الحديث لسؤاله عن إحدى الشركات قال: شركة ممتازة لكن القائمين عليها كلهم فاسدون!! استمر الحديث حول مرئياته...
تجده يعمل في كل صنعة ويهتم بكل خبر، في الحوار مع الآخرين يفتي في كل شيء ولن تجد لكلمة «لا أعلم» أي تواجد في قاموسه. متعة في العمل التجريب الدائم والانتقال المستمر، فاليوم في وظيفة...