


عدد المقالات 129
يتركز دائماً حديثنا وتحليلنا –خلال هذه الآونة بالذات- حول المناخ السياسي العام القادم الذي ستفضي إليه أو ستولده موجة الثورات العربية المتحركة من بلد عربي إلى آخر، والذي سيهيمن على واقعنا السياسي العربي بعد ما عشنا عهوداً طويلة من القهر والمعاناة والآلام والمخاضات السياسية والاجتماعية العسيرة، انتقلنا فيها من أيديولوجيا إلى أخرى، ومن فكرة إلى أخرى، جرّبنا فيها –بفواتير عالية الثمن- أكثر من دين سياسي أو اجتماعي إذا جاز التعبير.. فهل أن المناخ السياسي والثقافي القادم الذي ستقيمه وستنشئه هذه الثورات سنتخلص فيه -وإلى غير رجعة- من كل أسس ومكونات الاستبداد السياسي والفكري؟ وبالتالي سيكون خالياً تماماً من أوهامنا الفكرية ونظرياتنا الطوطمية وشعاراتنا التجريدية كفكرة المؤامرة ونظرية التآمر الخارجي أو فكرة الماضي العظيم، كرؤى وأفكار لا تزال مركوزة في وعي الكثيرين منا، ومهيمنة على خطاباتنا الثقافية الدينية وغير الدينية؟! في ظني أننا سنخوض سجالات فكرية نظرية كثيرة (نأمل أن تبقى فكرية ولا تتحول لصراعات من نوع آخر)، وسنعاني الأمرين حتى نبدأ بالتخلص من تلك الأوهام والأحلام، أو بالأحرى تخليص مجتمعاتنا منها، خاصة أن تلك الأفكار ومنها على وجه الخصوص فكرة المؤامرة ليست حديثة العهد، بل تعود نشأتها إلى مراحل زمنية قديمة، وقد تبنت تلك الفكرة تيارات ونخب كثيرة من مختلف المشارب والانتماءات الفكرية والأيديولوجية كالتيارات الإسلامية والعلمانية اليسارية منها والقومية وغيرها. وقد لاحظنا منذ بداية القرن الماضي أن كثيراً من منظري وعتاة الفكر القومي آمنوا ونظروا واستغرقوا في تلك التآمر، واحتلت حيزاً كبيراً في مساهماتهم المعرفية النظرية، وذلك في سياق ما نظروا للأيديولوجيا القومية أو الفكرة القومية العروبية، في محاولة منهم لاستنهاض العرب في مواجهة واقعهم المتخلف من خلال رفض وإسقاط المؤامرات التي كانت تحاك ضدهم، وتعمل على تقسيمهم وتفريقهم وتجزئتهم بما حال ويحول –كما يزعمون- دون وحدتهم القومية المبتغاة شعبياً كما يقولون.. وقد تربت ونشأت وشبت معظم الأجيال العربية التي جاءت بعد تلك الفترة، على هذه النظرية التي كانت تحمّل الاستعمار الخارجي وعملاءه وأدواته الرجعية في المنطقة العربية –من دون النظر لتخلف البنية الذاتية العربية، وعدم نشوء وعي نقدي قومي حقيقي- المسؤولية الكاملة عن هذه الخسارة القومية الكبرى في عدم لم شمل العرب وبناء دولتهم القومية الواحدة، مع أن العرب كانوا قبل الاستعمار الغربي والاستعمار القديم مجزئين مفككين مشرذمين إلى أمصار وولايات وأقطار (مع أن هذا ليس عيباً بحد ذاته!! إذ ما المانع من القُطرية إذا كانت قوة وتطورا وتقدما)، ولم يجتمعوا تحت ظل دولة واحدة وقيادة واحدة إلا بعد نجاح ما سمي «بالفتح الإسلامي» حيث لم يعرف العرب الوحدة السياسية إلا في إطار ما اصطلح عليه بـ «الأمة الإسلامية». والملاحظ أن كثيراً من مفكري النهضة القومية العربية ذهب بعيداً في حفرياته وتنقيباته التاريخية في محاولة لإثبات ادعاءات العروبة القديمة في هذه المنطقة، وأن العرب هم جذر وأساس وعمق كل الحضارات التي نشأت لاحقا في بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر وغيرها.. وقد كان لمثل هذه الآراء وشبه الفتاوى الدينية القومية –إذا صح التعبير- نتائج ومآلات كارثية على صعيد تهيئة الأجواء لنشوء الطغيان وبدء عهد الاستبداد السياسي وولادة الدولة العربية الأمنية في عالمنا العربي، حيث مهدت الطرق وفتحت السبل الواسعة أمام قيام الديكتاتوريات والحكم الشمولي العربي الأرعن المشكل لدولة الاستبداد العربي التي أضحت مجرد آلة أو جهاز عنفي إكراهي ألغى دور الأمة، واغتال المجتمعات، وارتكبت تحت اسمه وباسمه كل الحروب والجرائم وأعمال البطش والسحق التي تسببت بخسائر وكوارث وتكاليف مادية هائلة أنتجت لاحقاً إحباطاً عارماً –تنوعت أشكاله من سياسي ومعاشي واجتماعي وأخلاقي- بين صفوف الناس خاصة الشباب منهم، الأمر الذي ولد حالة تمرد ورفض كاملة لهذه الاستباحة السلطوية العنفية العارية من قبل مختلف أدوات وأجهزة نخب الحكم الاستبدادي العربي (جهاز الرئاسة- سلطة العائلة- العسكر وأجهزة الأمن- مراكز القوى المافياوية- سلطة الدين والطائفة).. وعلى هذه الأشكال التسلطية من الحكم الجائر المتجبر يثور حالياً أولئك الشباب وتنتفض تلك المجتمعات –المقهورة لانعدام الحرية، والمنتهكة بحرماتها وكرامات أبنائها- ضد تلك القوى الظالمة والحلقات الأمنية الطاغوتية التي أفرزت وعياً زائفاً يقوم على إشاعة وتعميم مثل هذه الأفكار المخادعة (المؤامرة والتآمر والبناء الوطني والقومي والماضي التليد وغيرها) على أمل معالجة وتصحيح ما يمكن علاجه وتصحيحه من أمراض ومخاطر لا تزال قائمة في اجتماعنا الديني والسياسي العربي والإسلامي.. من هنا رهاننا على أن تكون مرحلة التحول والانتقال الديمقراطي في تلك البلدان المشمولة بحركة التغيير السياسي الراهن في عالمنا العربي هي مرحلة نهاية فكرة ونظرية المؤامرة، أو على الأقل تعميق الحس النقدي حولها وعدم التسليم بها هكذا بلا نقاش أو حوار أو نقد، والبقاء في دائرة مديح الذات العربية المتعالية على طريقة ذاك الشاعر الذي وصف يوماً ما حال العرب قائلاً: لنا الصدر دون العالمين أو القبر. • ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»
مر على النكبة 66 عاماً، اختلطت فيها آلام اللجوء مع الكفاح والثورات وأحلام العودة. فالنكبة بصفتها عملية اقتلاع شملت مصادرة الأراضي والمنازل واحتلال المدن وتدمير مئات القرى وسط مجازر وتهجير جماعي ومنع السكان المواطنين من...
كان الهدر بجميع جوانبه المادية والزمنية والنفسية سمة من سمات حقبة الاستبداد العربي طيلة أكثر من أربعين عاما، سحق المواطن سحقا ثقيلا وكبتت أنفاسه وتحول إلى جثة متحركة بجسم لا روح فيه، في عملية تشيؤ...
درج النظام السوري على تأخير وتأجيل (بهدف إلغاء) استحقاقات الإصلاح السياسي، وكل ما يتصل به ويترتب عليه من متعلقات ومتطلبات اجتماعية واقتصادية ومؤسساتية إدارية، وما يترتب عليه من تنمية إنسانية حقيقية تتحقق من خلالها تجسيد...
لقد أفرز الحراك العربي نقاشات عميقة حول مجموعة من المواضيع التي كانت تستهلك بشكل سطحي وبدون غوص في حيثياتها وأبعادها. ويعد من بينها المجتمع المدني كمفهوم متجدر في الغرب، فقد عرفه «توماس هوبز» في منتصف...
بعد أحداث طهران 2009 الدامية على إثر الانتخابات الإيرانية التي اتهم فيها المحافظون بالتزوير، وصعد الإصلاحيون -بقيادة حسين موسوي وكروبي- احتجاجاتهم مطالبين بإعادة الانتخابات التي قوبلت بالرفض القاطع من المحافظين الأمر الذي أثار شكوك الإصلاحيين...
قدم أحفاد كمال أتاتورك – مرة أخرى – درسا جديدا من دروسهم للعرب، فبعد أن نجحوا في إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وبناء المؤسسات التي أهلت دولة تركيا للالتحاق بنادي الديمقراطيات ( معدل دخل الفرد...
.. شعب سوريا كما قلنا حضاري منفتح على الحياة والعصر، وعرف عنه تاريخياً وحضارياً، عشقه للعمل والإنتاج والتجارة والصناعة وغيرها من الأعمال.. وحضارة هذا البلد العريقة -وعمرها أكثر من7000 سنة- ضاربة الجذور في العمق التاريخي...
باعتقادي أن التسوية السياسية الكبرى المتوازنة المنتظرة على طريق المؤتمرات والتفاوضات المرتقبة عاجلاً أم آجلاً (مع الأمل أن يكون للسوريين أنفسهم الدور الرئيسي في بنائها والوصول إليها) التي تحفظ حياة وكرامة المواطن-الفرد السوري، وتعيد أمن...
لاشك بأن التغيير البناء والهادف هو من سمات وخصائص الأمم الناهضة التي تريد أن تتقدم وتتطور حياتها العمرانية البشرية والمجتمعية..وفي مجتمعاتنا ودولنا العربية والإسلامية عموماً المحمّلة بحمولات فكرية ومعرفية تاريخية شديدة الحضور والتأثير في الحاضر...
في خضم الثورات العربية أو ما يسمى بالربيع العربي يمكن القول إن صوت المثقف العربي خافت من جوانب عدة فبعد مرور حوالي سنتين على بدء هذا الربيع يحتاج المشاهد والقارئ وبالتالي المواطن العادي إلى تحليلات...
يسهل نسبياً الانتقال من حكومة ديمقراطية إلى أخرى ديمقراطية بواسطة الانتخاب، كما يسهل الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى آخر مثله من خلال الانقلاب، إلا أن الثورات الشعبية التي لا تتضمن سيطرة جناح محدد على بقية...
هبت رياح التغيير على بعض الأقطار العربية منذ ما يربو عن سنتين من الآن، فصار مطلب الحرية والديمقراطية ودولة القانون يتردد على أكثر من لسان، وأضحى الالتحاق بنادي الديمقراطيات حلم الشعوب المنعتقة من نير النظم...