عدد المقالات 46
في مشهد لم يكن متوقعًا قبل سنوات، أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني منذ عدة أيام عن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من الدرجة المثالية “AAA” إلى “Aa1” مع نظرة مستقبلية سلبية. هذا القرار، الذي يأتي بعد سلسلة من التحذيرات المستمرة بشأن أوضاع الدين العام الأميركي، يُعتبر ضربة رمزية ثقيلة لأكبر اقتصاد في العالم، ويضع علامات استفهام حول استدامة القوة المالية الأمريكية في مواجهة العجز المتصاعد والخلافات السياسية. قد يرى البعض أن التخفيض درجة واحدة لا يُغيّر الكثير من الواقع، لكن الرمزية هنا أكبر من الرقم. فمع هذا القرار، تفقد الولايات المتحدة آخر تصنيف «مثالي» كانت تحمله من بين الوكالات الثلاث الكبرى. في السابق، تخلت «ستاندرد آند بورز» عن هذا التقييم في 2011، وتبعتها «فيتش» العام الماضي. والآن، تسقط آخر ورقة توت عن صورة القوة المالية المطلقة التي لطالما افتخرت بها واشنطن. قرار موديز لا يعكس فقط أرقامًا مالية جامدة، بل يشير إلى قلق عميق من تعثر الإدارة الأمريكية في احتواء الإنفاق العام، وتزايد التحديات في تمرير السياسات المالية بسبب الاستقطاب السياسي والفشل المتكرر في الاتفاق على سقف الدين، والتوسع في طباعة الأموال بعد جائحة كورونا بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الفائدة بشكل حاد لمواجهة التضخم، كلها عناصر تراكمت لتقود إلى هذه اللحظة. الأسواق العالمية لم تتأخر في التفاعل: قفزت عوائد السندات الأمريكية، وازداد قلق المستثمرين من دخول الاقتصاد العالمي مرحلة جديدة من عدم اليقين، خصوصًا في ظل التوترات الجيوسياسية القائمة. ومع اعتماد الدولار كعملة احتياط رئيسية حول العالم، فإن أي اهتزاز في الثقة به قد ينعكس على حركة التجارة، وعلى أسعار الذهب والنفط، وعلى توجهات البنوك المركزية في آسيا وأوروبا. أما بالنسبة للدول العربية، فإن التأثير قد يبدو غير مباشر للوهلة الأولى، لكنه أعمق مما يُعتقد. الدول التي تربط عملاتها بالدولار – مثل دول الخليج – ستجد نفسها أمام معادلة معقدة: من جهة، أي ضعف في الدولار قد يقلل من قيمة العوائد النفطية المحسوبة بالدولار، ومن جهة أخرى، استمرار رفع أسعار الفائدة الأميركية يُجبرها على السير بنفس السياسة النقدية ولو على حساب النمو المحلي. يبقى السؤال: هل يمثل هذا الخفض نقطة تحول في نظرة العالم إلى الولايات المتحدة كقوة مالية مطلقة؟ أم أنه مجرد إنذار مبكر يُضاف إلى سلسلة إنذارات سبقت – من اضطرابات سلاسل التوريد، إلى الحروب الجمركية، إلى صراعات الموارد – تشير إلى أن النظام العالمي يدخل مرحلة جديدة من إعادة التوازن؟ ما هو مؤكد أن العالم أصبح أكثر يقظة.. وأن الثقة، كما الأسواق، لا تُبنى في يوم، لكنها قد تهتز في لحظة.
استكمالا لما ذكرناه في هذه الزاوية الأسبوع الماضي حول تسارع وتيرة التحول الرقمي بشكل غير مسبوق وانتقال الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة تقنية مساعدة إلى بنية تحتية أساسية يعاد من خلالها تشكيل الاقتصادات وسلوك المجتمعات،...
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة لتحسين الخدمات أو تسريع العمليات التشغيلية، بل تحوَّل إلى عنصر مركزي يعاد عبره رسم خريطة الاقتصاد العالمي، وأصبح السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل يمكن أن يتحول الذكاء...
في زمن مضى، كان النجاح الاقتصادي مرادفًا لتوسّع المصانع وتوظيف آلاف العمال، أما اليوم فقد تغيرت المعادلة هناك شركات تُقيّم بالمليارات لكنها توظف العشرات فقط. فهل دخلنا عصر «الرأسمالية بلا عمل»؟ أم أن هذا النموذج...
في خضم الحديث اليومي عن ارتفاع الأسعار وتراجع الدخول، ننسى أحيانًا أن الأزمة لا تبدأ عند ماكينة الصراف الآلي، بل قبل ذلك بكثير، في طريقة تفكيرنا، وفيما تعلّمناه – أو لم نتعلّمه – عن المال....
لم يعد فتح الهاتف أو الحاسوب والدخول إلى أحد مواقع التسوق الإلكتروني فعلاً غير معتاد، بضغطة زر يمكنك اليوم شراء كل شيء من علبة شوكولاتة إلى سيارة، ومن تذكرة طيران إلى كورس تعليمي. بل تشير...
في السنوات الأخيرة، لم تعد مفردات مثل «الاستدامة» و»حياد الكربون» و»الصديقة للبيئة» حكرًا على المنظمات البيئية أو الباحثين، بل تحوّلت إلى مفاتيح تسويقية تتغنّى بها الشركات الكبرى على اختلاف مجالاتها. من شركات النفط إلى مصانع...
عندما تفتح عينيك في الصباح، قد يكون أول ما تفكر فيه هو كوب القهوة الذي سيمنحك الطاقة لبدء يومك. ولكن هل تساءلت يومًا كيف يؤثر هذا المشروب الصغير على الاقتصاد العالمي؟ الحقيقة أن صناعة القهوة...
من الهواتف الذكية إلى محركات الطائرات، لم يعد مصطلح «المعادن» مجرد إشارات لثروات مدفونة في باطن الأرض، بل بات يُستحضر اليوم في قلب النقاشات الاقتصادية والاستراتيجية حول مستقبل الصناعات والتقنية. ومع صعود مفاهيم مثل «النفط...
في العقد الماضي، كانت أشباه الموصلات تُنظر إليها على أنها مجرد مكوّن أساسي في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، لكن مع الأزمة التي عصفت بالعالم بين عامي 2020 و2024، باتت الرقائق الإلكترونية في قلب السياسة العالمية والصراعات...
استفاقت أسواق المال نهاية الأسبوع الماضي على هزة عنيفة، تسببت في خسائر غير معتادة منذ سنوات. القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة شمل أكثر من 90 دولة، تراوحت بين 10% ووصلت...
مع كل أزمة اقتصادية جديدة، تتغير أولويات المستهلكين كما لو أن قواعد اللعبة قد أُعيدت صياغتها. فجأة، تصبح الضروريات أكثر أهمية، بينما تتراجع الكماليات إلى آخر القائمة. ومع كل أزمة يواجها العالم، تتشكل أنماط استهلاكية...
في عالم الأعمال، لا تُمنح الرواتب الضخمة عبثًا، بل تأتي كاستثمار في رأس المال البشري، خاصة عندما يتعلق الأمر بشركات التكنولوجيا. فبينما تكافح العديد من القطاعات الأخرى للحفاظ على توازنها المالي، تدفع شركات التكنولوجيا الكبرى...