عدد المقالات 46
استفاقت أسواق المال نهاية الأسبوع الماضي على هزة عنيفة، تسببت في خسائر غير معتادة منذ سنوات. القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة شمل أكثر من 90 دولة، تراوحت بين 10% ووصلت في بعض الحالات إلى 34 %، كان كافيًا ليعيد التوتر إلى النظام التجاري العالمي. في يومين فقط من بدء تطبيق القرار، خسرت البورصات الأمريكية ما يزيد على 5 تريليونات دولار، فيما تراجعت ثروات كبار الأثرياء حول العالم بشكل ملحوظ. شركة «أبل» وحدها فقدت أكثر من 200 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال 24 ساعة، في مشهد يعكس حجم الصدمة التي أصابت الأسواق. عودة ترامب إلى البيت الأبيض في مطلع عام 2025 كانت كفيلة بإعادة شعار «أمريكا أولاً» إلى الواجهة، ولكن هذه المرة عبر موجة أكثر شدة من السياسات الحمائية. الرسوم التي بدأت على الصين، سرعان ما طالت الحلفاء، بما في ذلك السيارات الأوروبية والصلب القادم من كندا والمكسيك. المشهد بات أشبه بعودة إلى عقلية الجدران التجارية التي سادت في ثلاثينيات القرن الماضي. هذه التحركات أعادت رسم خريطة التجارة العالمية. تبادل الرسوم بين الصين والولايات المتحدة أدى إلى تراجع كبير في حجم التجارة بينهما، في وقت بدأت فيه الشركات العالمية بإعادة النظر في سلاسل التوريد لتجنب مزيد من الخسائر. تقارير دولية حذرت من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وارتفاع مستويات التضخم، مما سيدفع البنوك المركزية إلى التشدد في السياسات النقدية. وفي ظل هذا المشهد، كانت الاقتصادات العربية تتلقى الصدمات بشكل غير مباشر. أسعار النفط، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بصحة الاقتصاد الصيني، انخفضت فور تصاعد النزاع، مما سيلقي بظلاله على موازنات دول الخليج وخططها التنموية. ومع ارتباط عملات عدد من الدول العربية بالدولار، باتت هذه الاقتصادات متأثرة بسياسات الفيدرالي الأمريكي، خاصة ما يتعلق برفع أسعار الفائدة، الأمر الذي سيزيد من كلفة التمويل ويؤثر سلبًا على القطاعات غير النفطية. تأثيرات الحرب التجارية لم تقتصر على الأسعار فحسب، بل طالت منظومة الاقتصاد الإقليمي ككل. فضعف الطلب العالمي سينعكس بشكل ملحوظ على الصادرات، مما سيؤثر على تدفقات الاستثمار الأجنبي، وارتفاع تكاليف الاستيراد والتشغيل، ويزيد من التحديات أمام خطط النمو في المنطقة. ورغم قتامة الصورة، إلا أن هناك فرصًا بدأت تلوح في الأفق. الصين التي تسعى لتقليل اعتمادها على السوق الأمريكي، عززت وجودها في الشرق الأوسط عبر مشاريع الحزام والطريق، مستثمرة في البنية التحتية والطاقة. كذلك، ستفتح الرسوم الصينية على المنتجات الأمريكية الباب أمام دول مثل مصر والسودان لتصدير منتجاتها الزراعية كبدائل محتملة. السؤال الجوهري يبقى: هل تمتلك الدول العربية القدرة على التحول من دور المتأثر إلى دور الفاعل في المشهد الاقتصادي الجديد؟ وما بدأ كحرب تعريفات قد يكون نقطة تحول عالمية، وربما فرصة نادرة للعالم العربي لإعادة التموقع في نظام تجاري جديد يتشكل. فهل نملك الجرأة على المبادرة؟ أم سنظل في موقع رد الفعل؟ mohamed@elsadi.net
استكمالا لما ذكرناه في هذه الزاوية الأسبوع الماضي حول تسارع وتيرة التحول الرقمي بشكل غير مسبوق وانتقال الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة تقنية مساعدة إلى بنية تحتية أساسية يعاد من خلالها تشكيل الاقتصادات وسلوك المجتمعات،...
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة لتحسين الخدمات أو تسريع العمليات التشغيلية، بل تحوَّل إلى عنصر مركزي يعاد عبره رسم خريطة الاقتصاد العالمي، وأصبح السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل يمكن أن يتحول الذكاء...
في زمن مضى، كان النجاح الاقتصادي مرادفًا لتوسّع المصانع وتوظيف آلاف العمال، أما اليوم فقد تغيرت المعادلة هناك شركات تُقيّم بالمليارات لكنها توظف العشرات فقط. فهل دخلنا عصر «الرأسمالية بلا عمل»؟ أم أن هذا النموذج...
في خضم الحديث اليومي عن ارتفاع الأسعار وتراجع الدخول، ننسى أحيانًا أن الأزمة لا تبدأ عند ماكينة الصراف الآلي، بل قبل ذلك بكثير، في طريقة تفكيرنا، وفيما تعلّمناه – أو لم نتعلّمه – عن المال....
لم يعد فتح الهاتف أو الحاسوب والدخول إلى أحد مواقع التسوق الإلكتروني فعلاً غير معتاد، بضغطة زر يمكنك اليوم شراء كل شيء من علبة شوكولاتة إلى سيارة، ومن تذكرة طيران إلى كورس تعليمي. بل تشير...
في السنوات الأخيرة، لم تعد مفردات مثل «الاستدامة» و»حياد الكربون» و»الصديقة للبيئة» حكرًا على المنظمات البيئية أو الباحثين، بل تحوّلت إلى مفاتيح تسويقية تتغنّى بها الشركات الكبرى على اختلاف مجالاتها. من شركات النفط إلى مصانع...
في مشهد لم يكن متوقعًا قبل سنوات، أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني منذ عدة أيام عن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من الدرجة المثالية “AAA” إلى “Aa1” مع نظرة مستقبلية سلبية. هذا القرار، الذي يأتي...
عندما تفتح عينيك في الصباح، قد يكون أول ما تفكر فيه هو كوب القهوة الذي سيمنحك الطاقة لبدء يومك. ولكن هل تساءلت يومًا كيف يؤثر هذا المشروب الصغير على الاقتصاد العالمي؟ الحقيقة أن صناعة القهوة...
من الهواتف الذكية إلى محركات الطائرات، لم يعد مصطلح «المعادن» مجرد إشارات لثروات مدفونة في باطن الأرض، بل بات يُستحضر اليوم في قلب النقاشات الاقتصادية والاستراتيجية حول مستقبل الصناعات والتقنية. ومع صعود مفاهيم مثل «النفط...
في العقد الماضي، كانت أشباه الموصلات تُنظر إليها على أنها مجرد مكوّن أساسي في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، لكن مع الأزمة التي عصفت بالعالم بين عامي 2020 و2024، باتت الرقائق الإلكترونية في قلب السياسة العالمية والصراعات...
مع كل أزمة اقتصادية جديدة، تتغير أولويات المستهلكين كما لو أن قواعد اللعبة قد أُعيدت صياغتها. فجأة، تصبح الضروريات أكثر أهمية، بينما تتراجع الكماليات إلى آخر القائمة. ومع كل أزمة يواجها العالم، تتشكل أنماط استهلاكية...
في عالم الأعمال، لا تُمنح الرواتب الضخمة عبثًا، بل تأتي كاستثمار في رأس المال البشري، خاصة عندما يتعلق الأمر بشركات التكنولوجيا. فبينما تكافح العديد من القطاعات الأخرى للحفاظ على توازنها المالي، تدفع شركات التكنولوجيا الكبرى...