عدد المقالات 46
في العقد الماضي، كانت أشباه الموصلات تُنظر إليها على أنها مجرد مكوّن أساسي في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، لكن مع الأزمة التي عصفت بالعالم بين عامي 2020 و2024، باتت الرقائق الإلكترونية في قلب السياسة العالمية والصراعات الاقتصادية الكبرى. بدأت القصة مع جائحة كورونا، التي باغتت سلاسل التوريد، فأُغلقت المصانع وارتفع الطلب على الإلكترونيات المنزلية بفعل التحول إلى العمل والتعليم عن بُعد. لكن الجائحة لم تكن سوى الشرارة، بعد ذلك تسارعت وتيرة الرقمنة عالميًا، . النتيجة كانت شللًا في الصناعات، من السيارات إلى الأجهزة الطبية، وقفزات سعرية غير مسبوقة. لكن الأهم أن هذه الأزمة كشفت هشاشة النظام الصناعي العالمي، المعتمد على عدد محدود من الموردين، وغالبًا من شرق آسيا. ومع كل أزمة جديدة، كانت الثقة في سلاسل التوريد تتراجع، والطلب على الاستقلال الصناعي يرتفع. في ذروة هذه الأزمة، أعلنت الولايات المتحدة قانون الرقائق (CHIPS Act) لتقليل اعتمادها على الصين وآسيا، وضخّت مليارات الدولارات في بناء مصانع جديدة. فيما تحرك الاتحاد الأوروبي، وكذلك كوريا الجنوبية واليابان. لكن في الخلفية، كان الصراع بين بكين وواشنطن يزداد اشتعالًا، حيث فرضت أمريكا قيودًا على تصدير التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، وردت بكين بفرض قيود على تصدير مواد نادرة لصناعة الرقائق مثل الجاليوم والجرمانيوم. وفي بداية 2025، ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عاد التصعيد من جديد حيث فرضت إدارته رسومًا جمركية على معظم الواردات الصينية، بنسبة وصلت إلى 50% في بعض السلع. لكن اللافت كان قرارًا اتخذته واشنطن لاحقًا من استثناء الرقائق الإلكترونية ومكوناتها من التعريفات الجديدة، لماذا؟ لأن العالم – بما فيه أمريكا – أدرك أنه لا يمكنه خوض حرب تجارية شاملة في قطاع يمثل العمود الفقري للصناعة والتكنولوجيا. الدول العربية لم تكن بعيدة عن تأثيرات الأزمة فقد ارتفعت أسعار السيارات والإلكترونيات، وتأخرت مشاريع البنية التحتية الذكية، اليوم، ومع بدء العالم تجاوز أزمة الرقائق، يظهر التحدي الجديد: كيف نوازن بين حماية الصناعات المحلية، واستمرار التدفق العالمي للتقنيات الحيوية؟ وهل يمكن فصل الاقتصاد عن السياسة في عصر أصبحت فيه الرقائق سلاحًا جيوسياسيًا؟ السؤال مطروح على طاولة الكبار، لكن إجابته ستؤثر على الجميع. على الحكومات أن تدرك أن الانغلاق لا يصنع الاكتفاء، وأن التنافس الاستراتيجي لا يعني تدمير سلاسل التوريد. فهل نتعلم من الأزمة قبل أن ندخل في أزمة جديدة؟ mohamed@elsadi.net
استكمالا لما ذكرناه في هذه الزاوية الأسبوع الماضي حول تسارع وتيرة التحول الرقمي بشكل غير مسبوق وانتقال الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة تقنية مساعدة إلى بنية تحتية أساسية يعاد من خلالها تشكيل الاقتصادات وسلوك المجتمعات،...
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة لتحسين الخدمات أو تسريع العمليات التشغيلية، بل تحوَّل إلى عنصر مركزي يعاد عبره رسم خريطة الاقتصاد العالمي، وأصبح السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل يمكن أن يتحول الذكاء...
في زمن مضى، كان النجاح الاقتصادي مرادفًا لتوسّع المصانع وتوظيف آلاف العمال، أما اليوم فقد تغيرت المعادلة هناك شركات تُقيّم بالمليارات لكنها توظف العشرات فقط. فهل دخلنا عصر «الرأسمالية بلا عمل»؟ أم أن هذا النموذج...
في خضم الحديث اليومي عن ارتفاع الأسعار وتراجع الدخول، ننسى أحيانًا أن الأزمة لا تبدأ عند ماكينة الصراف الآلي، بل قبل ذلك بكثير، في طريقة تفكيرنا، وفيما تعلّمناه – أو لم نتعلّمه – عن المال....
لم يعد فتح الهاتف أو الحاسوب والدخول إلى أحد مواقع التسوق الإلكتروني فعلاً غير معتاد، بضغطة زر يمكنك اليوم شراء كل شيء من علبة شوكولاتة إلى سيارة، ومن تذكرة طيران إلى كورس تعليمي. بل تشير...
في السنوات الأخيرة، لم تعد مفردات مثل «الاستدامة» و»حياد الكربون» و»الصديقة للبيئة» حكرًا على المنظمات البيئية أو الباحثين، بل تحوّلت إلى مفاتيح تسويقية تتغنّى بها الشركات الكبرى على اختلاف مجالاتها. من شركات النفط إلى مصانع...
في مشهد لم يكن متوقعًا قبل سنوات، أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني منذ عدة أيام عن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من الدرجة المثالية “AAA” إلى “Aa1” مع نظرة مستقبلية سلبية. هذا القرار، الذي يأتي...
عندما تفتح عينيك في الصباح، قد يكون أول ما تفكر فيه هو كوب القهوة الذي سيمنحك الطاقة لبدء يومك. ولكن هل تساءلت يومًا كيف يؤثر هذا المشروب الصغير على الاقتصاد العالمي؟ الحقيقة أن صناعة القهوة...
من الهواتف الذكية إلى محركات الطائرات، لم يعد مصطلح «المعادن» مجرد إشارات لثروات مدفونة في باطن الأرض، بل بات يُستحضر اليوم في قلب النقاشات الاقتصادية والاستراتيجية حول مستقبل الصناعات والتقنية. ومع صعود مفاهيم مثل «النفط...
استفاقت أسواق المال نهاية الأسبوع الماضي على هزة عنيفة، تسببت في خسائر غير معتادة منذ سنوات. القرار المفاجئ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة شمل أكثر من 90 دولة، تراوحت بين 10% ووصلت...
مع كل أزمة اقتصادية جديدة، تتغير أولويات المستهلكين كما لو أن قواعد اللعبة قد أُعيدت صياغتها. فجأة، تصبح الضروريات أكثر أهمية، بينما تتراجع الكماليات إلى آخر القائمة. ومع كل أزمة يواجها العالم، تتشكل أنماط استهلاكية...
في عالم الأعمال، لا تُمنح الرواتب الضخمة عبثًا، بل تأتي كاستثمار في رأس المال البشري، خاصة عندما يتعلق الأمر بشركات التكنولوجيا. فبينما تكافح العديد من القطاعات الأخرى للحفاظ على توازنها المالي، تدفع شركات التكنولوجيا الكبرى...