alsharq

سارة بنت علي الخاطر

عدد المقالات 58

الخطابة السياسية

01 مايو 2014 , 12:00ص

برع العرب في كل فنون الكلمة سواء أكانت شعراً أم نثراً، بل وصلوا إلى مرحلة أن جعلوا الكلمة تتسيد على حياتهم وتحركاتهم في كل اتجاه، تطربهم وتبكيهم، تخلدهم وتنهيهم، بل جعلوا لها أسواقاً أدبية يعرضون خلالها أكثر قصائدهم قوة وعبارتهم حلاوة وخطبهم تأثيراً، لذلك جاءت معجزة الله الخالدة لهم «القرآن الكريم»، كلمات علت على كل الكلمات، وآيات بلغت من الحسن مبلغاً جعلهم يدركون ويؤكدون أن هذا الكلام يفوق القدرات البشرية، فأنت لا تستطيع أن تعطي رأياً قاطعاً في موضوع إلا إذا كنت أنت متفوقاً فيه، وتعلم كل ما يحيط به، لذلك أدرك العرب قيمة القرآن الكريم لأمور كثيرة تتعلق بإعجاز القرآن على جميع المستويات، وسأعود إلى العرب مرة أخرى وإلى براعتهم في صياغة الجمل والعبارات، لذلك كانوا يتلمسون كل موضوع به شعر أو نثر أو خطب، لأنها كانت تشكل الكثير من مدركاتهم الحياتية، ولذلك كانوا يفضلون الموت على أن تقال كلمة تتعرض لهم أو شجاعتهم أو مروءتهم، ولذلك قالوا «جرح اللسان أشد من جرح السنان»، وفي الحديث الشريف: «إن من البيان لسحراً وإن من الشعر لحكمة»، واليوم هذه الصناعة العظيمة بدأت تنحصر في طبقة العلماء والمثقفين، على الرغم أننا سمعنا عجباً أو قرأنا أمثلة خيالية عن أناس على جميع المستويات كانوا يبرعون في صياغة جميع العبارات. ما يعنيني في مقالي اليوم هو «الخطابة السياسية»، والتي كانت على رأس الخطب عند العرب، وكان يتفنن فيها القادة والخلفاء في كل زمان ومكان يعرضون من خلالها وجهات نظرهم، ويشرحون قراراتهم، ويلهبون بها عواطف رعاياهم والتي اختفت بكل أبعادها وجمالها من أرض الجزيرة العربية، وهي في الأصل بضاعتهم وصناعتهم، نجد كل الأمم اليوم تتسابق للبراعة فيها ولتختفي من حياتنا نحن، لماذا لا نرى على منابر المساجد الحكام والقادة يخطبون، لماذا لا نراهم يتلمسون وقت تخريج دفعات الطلاب في الكليات العسكرية والمدنية والحديث عن أي أمر يهم الأمة، المساجد لم تكن لعلماء الدين فقط، بل كانت لتوضيح جميع وجهات النظر وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجمعهم في المسجد ليحدثهم عن كل شيء وعن أي موضوع يقبله أو يرفضه، وارجعوا إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في حادثتي الإفك والشريفة القرشية التي سرقت. حفلات التخريج ليست فقط للعمداء، بل يستغلها الرؤساء والقادة لشرح جميع القضايا وتبرير كل خطوة يتخذونها، وبهذا تضمن شعرة بينك وبين القوم لا تنقطع وحميمية لا تنتهي. عندما أرى قادة الغرب والشرق قد تفوقوا علينا في صناعتنا تصيبني الدهشة والحيرة، كيف استطاعوا استغلال ملكات يلهبون بها مشاعر أقوامهم كانت في الأصل لنا!! لماذا اختفت هذه الصورة من الجزيرة العربية؟! هل لعدم إجادة الخطاب باللغة العربية الفصحى، وسأقول ليس شرطاً، بإمكانهم الحديث باللهجة العامية، فهي الأقرب إلى روح شعوبهم، وبإمكانهم استخدام لغة الإشارات والإيماءات مع الكلمات بطريقة مدروسة، لماذا نرى كل الشعوب يجتمعون في الساحات لسماع رؤسائهم وقد ألهبوا حماسهم وأشعلوا نيران حبهم لقضاياهم، ولك أن تشاهد جميع خطابات الرؤساء الأميركان وهم يحدثون أمتهم، وعليكم بمشاهدة أردوغان رئيس الحكومة وهو يوضح جميع قراراته للشعب التركي في الساحات العامة. لماذا اختفت هذه الصورة من الجزيرة؟؟ لماذا؟!! لا نريده خطاباً مكتوباً أو منمقاً فالخطب المقروءة تفقد الكثير من جمالها ورونقها، نريده حديثاً من القلب إلى القلب يستخدم نبرات صوت تتناسب مع ما سيطرح من حديث، وربما يعلو الصوت، وربما ينخفض على حسب الضرورات العامة، وقد تطلق فيه بعض الدعابات التي لها مقاصد سياسية كدعابة ونستون تشرش الشهيرة «ليس هناك ما تخفيه بريطانيا عن أميركا»- الدعابة كانت لشيء، أما المغزى فكان سياسياً بحتاً-. إنها الفرص الحقيقية للالتقاء بالشعوب وإلهاب حماسهم وإزالة ستار التعتيم عن القرارات ومدخل عظيم لإعلان وجهات النظر. لو كانت كل وسائل الإعلام تكفي لما رأينا الخطب السياسية في العالم، ولكن الخطب لها مفعول السحر على الشعوب، فلماذا نغفل جانباً نحن من أنشأناه، ونحن صنّاعه على مر التاريخ؟ تحياتي لكل صناع القرار مدركة أنهم يسمعون القول فيتبعون أحسنه. وقفة «اللهم اجعلنا ممن تحبهم شعوبهم ويحبونهم» كلمة قيلت على إثر بعض الأحداث التي نعتبرها سحابة صيف وانقشعت، كان لها صدى لا ينتهي في مشاعر وقلوب جميع القطريين، هذا هو أثر الكلام تخلده ذاكرة الشعوب، وتستلهمه عواطفهم، وتغرد به مع أنفاس الصباح الباكر.

غبار الأفكار

«سارة الدريس» اسم تداوله الكثيرُ من الأوساط الثقافية، وتناقلته الوسائط الإعلامية، وذلك بسبب أنها تناولت، أو علَّقت على ما تمتلئ به كتب الدين من موضوعات وعبارات وتعليقات تحتاج منَّا إعادة قراءة، وبالتالي إعادة صياغة الأحداث...

إثر حادث أليم

«إثر حادث أليم».. إنها العبارة الأكثر دموية وتداولاً في الواقع القطري اليوم، أصبحت رائحة الموت تزكم الأنوف، وتفتت القلوب، وتعلن انتصارها على كل أسباب الحياة، وذلك لأننا ما استطعنا أن نفكر، بل وربما فكرنا ولكننا...

قطري ليس من قطر

السلوك المتطرف للإنسان يفسره الكثير من المحللين النفسيين أنه نتيجة الظروف القاهرة والتهميش الاجتماعي والضغط المادي والمعنوي الذي تعرض له الإنسان. لا شك أن هذا الكلام صحيح، وتؤيده الكثير من البراهين والأدلة التاريخية. ولكني أتساءل...

القيادة الجهنمية

بطلها التاريخي إبليس، ولكنها أثبتت أنها أكثر الخطط على مر التاريخ إحكاماً وأطولها نفساً وأبعدها نظرة تجنح إلى الخبث والدهاء، وتنسج خيوطها حول فريستها بالغواية، وتبث سمها فيه بدعوى «إني لك ناصح أمين»، ولها رسلها...

فلسفة الموت والحياة

إن من أعمق الفلسفات وأعقد الأفكار هي حقيقة الحياة والموت، وإن كانت هذه الفكرة تفوق تصوراتنا. وذلك لأنك تتعامل فيها مع العالم اللامرئي في تنظيم العالم المرئي، فكان أهم وسيط لتبسيط الفكرة أو بيان كل...

الرقص مع الذئاب

الفيلم العالمي للبطل الشهير كيفن كوستنر، والذي حصل على جوائز الأوسكار، يلخص فكرة ضابط أميركي كان يعتقد بوحشية الهنود الحمر، ولكنه ذهل عندما أجبرته الظروف أن يتعايش معهم، فوجدهم على نقيض ما كان يعرفه عنهم،...

اعتزلنا يا.. دكتور

يتناقل الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة «الواتس آب» الكثير من المعلومات العلمية والفيديوهات التي تروج لفكرة ما أو محاضرة أو تعليق.... إلخ، والمشكلة الكبرى أن الناس بدؤوا يتداولون المعلومات دون تدقيق أو تمحيص، أو...

هزيمة امرأة

تفاجأت الأوساط المجتمعية كلها، أو ربما صدمت، عندما أعلن عن تلك المرأة قائداً لسرب الطائرات التي تقصف مقر الدولة الإسلامية (داعش) كما يقولون! العجب ليس من كونها امرأة، ولكن العجب كل العجب ممن عرضها لهذه...

سراي عابدين

المسلسل ذو الميزانية الضخمة التي تعدت إلى ملايين الدولارات، وهو يستعرض التاريخ المصري في عهد الخديوي إسماعيل، سليل أسرة محمد علي باشا، باني نهضة مصر الحديثة. لم أتابع المسلسل، ولكن ربما تسنى لي مشاهدة بعض...

نعتذر يا خليفة المسلمين

الخليفة العثماني السلطان سليمان القانوني كان ينتظر من المسلمين على مر العصور أن يترحموا عليه، وذلك نظراً للخدمات الجليلة والفتوحات العظيمة التي تحققت للمسلمين في عصره، ربما عندما تقرأ عنه تعتقد أنك أمام رجل من...

ببطن الأرض أحياء

في الأيام القليلة الماضية ودعت قطر رجلاً من أبرز رجالها، وقيمة عظيمة من أجمل قيمها، ونهراً من العطاء الذي لا ينضب، إنه الوجيه الكبير خالد بن عبدالله العطية، فقد كان رجلاً من رجالات الزمن الجميل...

المصير (3) لقد ضيقت واسعاً

ما عرفت البشرية رجلاً مثل الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام)، ولا الطريقة التي كان يفكر بها، ولعلي أقول إن كل القادة العظام في العالم كانوا يتجهون إلى الحزم والتشدد في فرض سلطتهم وإراداتهم إلا الرسول...