شام العروبة

نسأل الشعوب لماذا لم تنتصر ثورة الربيع العربي في سوريا؟ يكون جوابهم بسبب الاشتباكات بين الجيش الحر وجيش النظام، ألا نتذكر أن ثورة ليبيا أحدثت نزاعات بين جيش النظام والثوار الأحرار؟ إذاً ما هو الفرق بين نجاح ثورة ليبيا ومماطلة ثورة سوريا بالمؤتمرات؟ تذكروا أن هاتين الدولتين تلقت الدعم العسكري، فكان إيجابياً وسلبياً. ما هو الدعم العسكري الذي يُحرر الشعوب من الطغاة أو يُدك أراضيهم دكاً دكاً؟ ولماذا هذه القوة الدولية التي جعلت عاصمة سوريا رفاتاً وبيوتها باتت كالهباء المنثور؟! إن سبب نجاح ثورة ليبيا هو وقوف القوى الدولية وحلف الناتو ودعم الأحرار وتدمير النظام. وسبب فشل ثورة سوريا هو مساندة الحلفاء للنظام بالسلاح والعتاد وكل ما يستلزم إبادة الثورة. إن حلفاء سوريا هما: روسيا وإيران والصين، هؤلاء سبب رئيس لإبقاء الحكم. فقد استخدمت روسيا والصين حق النقض ضد قرار يُدين النظام السوري المستبد في مجلس الأمم المتحدة، مما سبب دافعاً قوياً باستمرار قصف النظام وأعوانه أحياء المدنيين وقتل العزل الأبرياء. والآن لماذا استخدمت الصين وروسيا حق النقض؟ بدون تفكير هو أن إيران طلبت ذلك من جيرانها. ولماذا إيران تُساهم في بقاء الأسد على الكرسي؟ ببساطة الأسد وبلاده يُشكلان لها حاسة التنفس في الوطن العربي وسهولة التغلغل به. إن نظام المجرم الأسد كان له الفضل الكبير على نمو حزب الله في لبنان. وإن الحزب يتلقى السلاح والصواريخ عن طريق البر، فتمر الإمدادات عبر حدود سوريا، ثم الوصول للأراضي اللبنانية. ولهذا إيران تعتبر سوريا الطريق المُعبد لها الذي يُسهل عبور الأكسجين لحزب الشيطان. فإذا سمحت بالإطاحة بنظام بشار قد يختنق الحزب ويُهزم، بسبب عدم وصول شحنات الأسلحة وأنواعها الفتاكة. هذا السبب المباشر الذي جعل إيران تقف بجانب رفيقها بشار الجزار، وتدعمه مالاً وسلاحاً وجنوداً. لم ينس الحزب كرم النظام والولائم الغنية التي تصله، فكان رد الجميل عبارة عن الزحف في الأراضي السورية، وإطلاق النيران على المدنيين، وتيتم الأطفال وترمل النساء. واليوم سماء بلاد الشام مغطاة بطائرات الحرس الثوري الإيراني والطائرات الروسية ليلاً ونهاراً. ورمالها تتلطخ بدماء الروسي والإيراني والسوري، انقلبت الثورة إلى حرب على الثوار، ولكل حليف مصالحه، فإن الجندي الإيراني مصالحه نفوذه بالمنطقة. والروسي هدفه مساندة بشار وطاعة إيران. فهذه الحرب ممزوجة بالطائفية والسياسة. أرض الفاتحين والصحابة لم تعد تتحمل علاج جراح شعبها، فتمت هجرة الكثير للحدود الأردنية والتركية واللبنانية. وبقي بها رجال صدقوا الله في أرضه، وجاهدوا في سبيله ضد العدو. رغم دعم القوى العظمى لهذا النظام إلا أنني أتذكر قوله تعالى: {كَمْ مِّنْ فِئَةٍ قَلِيْلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ}، فنحنُ كأمة إسلامية نتيقن بنصر الله لجنوده، كما نصرهم في غزوة بدر، ونسأل الله إهلاك الظالمين كما أهلك فرعون وجنوده. أعلم أنني قد طرحتُ أسباباً هائلة تجعل اليأس يتدفق في قلوبكم يا مسلمين، ولكن علقوا آمالكم مع رب الأسباب الجبار العظيم. يا شام العروبة إن أميري وشعبه يساندونك، وقلمي ينزفُ.. بماذا يخط؟ كل المفردات الحزينة تترادف فيك! يا شام العروبة قد شهد التاريخ بانتصاراتك، وسيشهد هزيمة المنافقين ممن ادعوا الإسلام قريباً. سيعلم خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص -رحمهما الله- أن مجدهما التليد شامخ، وأن سيف الجهاد مسلول بيد المجاهدين إلى يومنا هذا. ومضة يا شام العروبة مهما تكالبت الأعداء فوقك فإن الدماء المتخثرة الحرة تسري في عروقك