alsharq

د. أحمد موفق زيدان

عدد المقالات 272

فوضوية المشروع في مواجهة اللامشروع

29 يونيو 2015 , 04:07ص

يخطئ من يظن أن العالم العربي سيعود إلى ما قبل ربيعه.. وأكثر خطأ من يعتقد أن سوريا والعراق ولبنان ستعود إلى حدودها الجغرافية القطرية الحالية، فالأحداث التي تسيّدت مشهد السنوات الأخيرة خميرة حقيقية لتجليات ستظهر لا محالة، لا أقصد بذلك التقسيم الذي يحلم به بعض المرضى من الطائفيين الذين خفوا من كل حدب وصوب لقتل الشعب السوري وسحله وتشريده، وإنما أقصد أن الشام والعراق ولبنان بقدر ما يسعى القابضون على رياح الربيع العربي وقفه وتغيير اتجاهه، بقدر ما أن الشعوب المنتفضة تسعى إلى السير صوب النهاية المنطقية بوحدة حقيقية معمدة بالدم والصمود الأسطوري، متحدية اتفاقيات سايكس بيكو التي كبلتها حين رسمت وفرضت عليها، بشكل مضادٍ لحركة التاريخ وسيرورته، ليكتشف الجميع أن هذه الحدود فرضها الاحتلال وحماها القتلة الأسديون خير حماية، وما الصك العالمي بالوعد بالحل السياسي للثورة الشامية بعد مجازرهم التي وقعت وستقع إلا دليل واضح على أنهم كلاب حراسة أمناء لأسيادهم. منذ سنوات وشعوب هذه المنطقة تدفع ثمناً باهظاً، ربما لعبقرية موقعها الذي تتبوؤه، فهذا قدرها أن تدفع ثمنها وثمن غيرها، يزداد الثمن فداحة لطرح تنظيم الدولة لمشروعه الذي لقي تجاوباً لدى شريحة شبابية ناقمة على الواقع، وهو تجاوب علينا دراسته بتأنٍ وروية لا أن نشتمه وندينه ونرفضه فقط، المشروع باختصار يطرح حلاً لمرحلة ما بعد الدولة القطرية التي شاخت بما فيه الكفاية، والدليل هو التجاوب الذي حصل مع مشروع داعش من قبل شريحة شبابية وجدت الأبواب موصدة في وجهها إن كان على مستوى الدول التي تقاعدت وتكاسلت وخذلت بمستويات مختلفة الشعب العراقي والسوري واليمني، عززه طرح طهران مشروعها دون خجل أو مواربة وهو مشروع لم يُخف هوسه التاريخي بإمبراطوريات ساسانية وفارسية، ولاحظوا لم يطرح إمبراطورية شيعية، وإنما إمبراطوريات فارسية ليستخدم بذلك شيعة عرباً وعجماً وقوداً لمشروعه الشعوبي. مشروع تنظيم الدولة كان واضحاً بغض النظر عن رفضنا للمنفذين والداعين له نظراً لأفكارهم وتطبيقاتهم البعيدة كل البعد عن الدين الإسلامي، والذي تستهدفه في الحقيقة والواقع قبل غيره، فمشروع داعش التي تروج له عبارة عن خلافة، وخليفة وقطع رؤوس الكفرة والمحاربين وكسر وتحطيم لحدود قٌطْرية رسمت في غيبة من شعوب هذه الدول، وكلها تفاصيل تشد شباب العشرينات، وهو يرى خذلان أهله في الشام والعراق بهذا الشكل المخيف والرهيب المتواصلين، بالمقابل يواجه هذا المشروع بتخبط غير مفهوم إن كان من الدول أو التنظيمات الإسلامية فساحة تطالب بدولة مدنية، وأخرى بديمقراطية وثالثة بمرحلة انتقالية من رئيس توافقي في سوريا، ويغيب تماماً خلال ذلك كله تضحيات مئات الآلاف من الشعب السوري، حيث تحول هذه المشاريع تضحياته إلى سوق نخاسة تُباع في المزاد الدولي العلني. هل من المعقول أن ينتج الحل الجهادي والثوري دولة مدنية، وهل كان بمقدور كل ثورات الأرض من الثورة الفرنسية والروسية والخمينية أن تسلم لخصومها وتشاركهم الحكم وتقبل بدولة مدنية تسمح لهم بأن تواصل أجهزة قمعها وقتلها في مواصلة هوايتها، هوايات القتل والسحل والبراميل المتفجرة والألغام البحرية والكيماوي ومشتقاته، تماماً كما يُراد للنظام البرميلي أن يواصل مهمة قتله وسحله للشعب السوري. تلك هي جاذبية مشروع تنظيم الدولة، لكن ما يغيب عن العنصر الشبابي وقود مشروع تنظيم الدولة أن مآل هذا المشروع هو نشر الخراب وإشاعته في بلاد الثورات العربية، وغيرها وكأن الأمة السنية، أمة الخراب والدمار والقتل والسحل من أجل القتل والدمار فقط وأنها أمة تسير بغير هدى، وفضلاً عن ذلك هناك التشويه الخطير لهذا الدين. هنا يبرز دور الجماعات الجهادية والثورية السورية التي لا تزال غامضة وضبابية إزاء مشروع ما بعد رحيل طاغية الشام، مشروع ينسجم مع تضحيات جسيمة لهذا الشعب، ويرتقي إلى حجم تضحيات المضحين على مدى سنوات جمر حقيقية، بحيث يتقدم العلماء والثوار والمجاهدون والمثقفون والسياسيون ويطرحون مشروعاً جريئاً لما بعد سقوط الطاغية يأخذ بالاعتبار كل هذه الحقائق على الأرض ويستشرف مستقبلاً حقيقياً وليس واقعاً متفسخاً فاسداً أفل ولا يمكن له أن يعود. حين قامت الفصائل الشامية على أرض إدلب ودكت معاقل النظام في المدينة كان ذلك إعلان مراسيم عزاء حقيقية في معاقل تنظيم الدولة بقدر ما كان عزاءً في معاقل الطائفيين بالساحل والعراق وإيران، واليوم ومع مشاركة كل الفصائل في معركة عاصفة الجنوب بدرعا تكرر العزاء تماماً في نفس الأماكن، فالوحدة الجهادية والثورية على الأرض الشامية ضد طاغية الشام هي ما تُفقد مشروع تنظيم الدولة مبرراته وجاذبيته، وكلما تعززت هذه الوحدة وانتقلت من نجاح إلى نجاح ومن نصر إلى نصر فإن مشروع تنظيم الدولة سيتراجع ويضمحل ويذوي. ليس من الحكمة أن تُظهر وتبين فساد وخطل مشروع الآخرين بالكلام فقط دون البديل العملي، حينها سيظهر خط مشروعك المستقيم بين خطوط المشاريع المعوجة، أما أن تكرر المكرر وتعيد المعاد عن فساد مشروع التنظيم دون أن تقدم البديل في زمن الوقت فيه من دم في الشام والعراق، فذاك لن يكون إلا تقوية لمشروع تنظيم الدولة وتعزيزاً له وتخدمه أكثر مما تخدم نفسك ومشروعك. مشروع تنظيم الدولة في حقيقته وواقعه إنما يقتات على إهمال أفرقاء الثورة السورية وتقاعسهم وتكاسلهم، تماماً كما يقتات على خذلان العالم كله وتآمره، وإلا فلم تنتشر فيديوهات القتل والنحر لداعش بينما تصوم كثير من وسائل الإعلام عن ممارسات المليشيات الطائفية الأخرى، ومع هذا لا يبرر ذلك مشروع داعش الذي هو في حقيقته مشروع تدميري عدمي ينطبق عليه قول الإمام ابن تيمية رحمه الله: «العاقل لا يبني قصراً ويهدم مصراً». @ahmadmuaffaq

موسكو تعود إلى أفغانستان من البوابة السورية (1-3)

كشفت الوثائق الأميركية الأخيرة عن عودة روسية قوية إلى أفغانستان للانتقام من القصف الأميركي الذي قضى على المئات من قوات الفاغنر الروسية في دير الزور بسوريا بشهر فبراير من عام 2018، ابتلعت موسكو يومها الإهانة...

الشمال المحرّر معاناة لا تنتهي (2-3)

قطاعا التعليم والصحة في الشمال المحرر من القطاعات المهمة التي تستأثر باهتمام الشمال وأهله، لا سيما في ظل الحاجة إليهما، يضاعفهما الحالة الاقتصادية الضعيفة لدى ساكني المنطقة، لقد ظل القطاعان مدعومين من المؤسسات الدولية، لكن...

الشمال المحرر معاناة لا تنتهي (1-3)

أوجه معاناة الشمال السوري المحرر لا تنتهي، فبعد أن كان الخوف والقلق من العدوان العسكري يسيطر على تفكير الأهالي، صار اليوم القلق أكثر ما يكون بشأن معاناة الحياة اليومية الممتدة من المعيشة إلى العودة للبيوت...

مدن الشام فارغة وأهلها يرقبونها من خيامهم

لم تكن لتتخيل عائشة وفاطمة وأحمد للحظة أن يحلّ بهم ما حلّ في أول عيد يمضونه خارج البيت الذي ضمهم لسنوات، فجأة وجدوا أنفسهم في خيام رثّة على الطريق الرئيسي الواصل بين اللاذقية وحلب، ليرقبوا...

المشروع الروسي خارج الزمان والمكان

ما جرى أخيراً في ليبيا من انهيار وهزيمة لم يكن لقوات الانقلابيين والثورة المضادة بزعامة خليفة حفتر، ولا للمشغل الروسي والإماراتي، بقدر ما هو انهيار للأسلحة الروسية، وعلى رأسها منظومة سلاح «بانتسير» المفترض أن تكون...

خرْق السفينة الأسدية

الخلاف الذي برز للسطح أخيراً بين رامي مخلوف وبشار الأسد ليس من طبيعة نظام السلالة الأسدية، التي عرفت بالغموض والتستر على بعضهم بعضاً، ولعل ما حصل في عام 1984 بين حافظ الأسد ورفعت دليل يمكن...

السوريون وثورة الجياع اللبنانية

منذ بوادر الثورة اللبنانية قبل أكثر من عام تقريباً، وحتى الآن، والسوريون ينظرون إلى ما يجري في لبنان، على أنه انعكاس وربما امتداد لما جرى ويجري في سوريا، نتيجة العلاقات المتشابكة بين البلدين، فضلاً عن...

الأسد بين موسكو وطهران (2-2)

تتحكم القوى المتنافسة أو المتصارعة بشكل مباشر على سوريا، وهي تركيا وروسيا وإيران بدوائر معينة، ولكن باعتقادي أن الدائرة السورية الأكبر تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية، وقد تدخل إسرائيل على الخط أحياناً مساعداً أو مكملاً...

دروس من وباء عام 1918

يظل التاريخ هو الحكم بين البشرية، ليس في مجالات السياسة والاقتصاد والإدارة فحسب، وإنما حتى في المجال الطبي حديث الساعة اليوم، والذي استُدعي على عجل خلال هذه الأزمة، فبدأ العلماء ينبشون دفاتره القديمة، يستذكرون تاريخ...

أفغانستان ما بعد الاتفاق الطالباني- الأميركي (2-2)

أفغانستان أمام خيارين، تماماً كما كانت قبل سقوط كابل بأيدي المجاهدين في أبريل 1992، إما حل سياسي تفاوضي يؤدي إلى تسوية، أو حرب تعيد مآسي الحرب الأهلية التي خاضها الإخوة الأعداء في تلك السنوات العجاف،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (2-2)

الحالة الصحية الموجودة في مناطق نظام الأسد سيئة، سواء كان من حيث الخدمات أم من حيث هروب الأدمغة الطبية المعروفة التي كانت في سوريا قبل الثورة، وقبل هذا كله التخبّط في القيادة والتحكّم على الأرض،...

الثورة السورية في عالم ما بعد «كورونا» (1-2)

لا سرّ وراء بقاء سلالة «آل الأسد» على مدى نصف قرن في السلطة، كسرّ ولغز احتكارها وتغييبها المعلومة، فلا شيء أخطر على ماضي وحاضر ومستقبل الأنظمة الشمولية الديكتاتورية من المعلومة الحقيقية والواقعية. ومن هنا نستطيع...