


عدد المقالات 105
سيذكر التاريخ بفخر من تحركوا في آخر لحظات إعلان مشروع الدستور 2011 بالمملكة المغربية، عندما سارعوا لإبطال مفعول ألغام كانت كفيلة بإفقاد المغرب خصوصيته، وإدخاله في متاهات هو في غنى عنها. ولم تعد تلك الألغام مجرد أوهام وتهويل وتشككات، بل باتت حقائق ناطقة بعد خروج عضوين من اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، الدكتور محمد الطوزي والحقوقية أمينة بوعياش، فالأول قال في تصريح صحافي: إن «العمل على مشروع الدستور الجديد كان قد طال موضوع الدولة المدنية»، مضيفا: «بعد الضغوطات التي مارستها حركة التوحيد والإصلاح، وتهديدات بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وتصريحات قيادي بارز في حزب الاستقلال، أدى للتراجع عنها». وزاد: «ضعف رد القوى التقدمية والحداثية التي كان يفترض أن تضغط لفرض عدم التراجع عن تلك المطالب». وقالت العضوة الثانية: «إن تعديلات قد أدخلت على النسخة التي وضعتها اللجنة»، مضيفة في تصريح صحافي أن «التعديل تم من طرف محمد معتصم، مستشار الملك باتصال مع الأحزاب السياسية، خاصة حزب العدالة والتنمية». وزادت: «لجنة تعديل الدستور حسمت الاختيار، وتبنت مقتضيات واضحة، لكن الآلية السياسية المواكبة لعمل اللجنة كان لها رأي آخر». لكن العضوين لم يعلنا صراحة المواد أو المقتضيات التي عدلت في مشروع الدستور قبل الإعلان عنها في الخطاب الملكي يوم 17/6/2011، وفضل الطوزي التعميم بالحديث عن محاربة الدولة المدنية، في مغالطة شرعية وفكرية وتاريخية وضعت الدولة الإسلامية في تعارض مع الدولة المدنية، والحال أن أساس الدولة الإسلامية التي وضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مدني، ركائزها بنيت على وثيقة دستورية أسست كما يقول الأستاذ محمد يتيم لـ «مفهوم المواطنة حين أقرت بأن اليهود أمة من المؤمنين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم». أما الأستاذة بوعياش فكانت أقرب للوضوح عندما قالت: «لا جدال في القول بأننا مسلمون، وأن الإسلام جزء من هوية المغرب، لكن على مستوى الدولة لا أعتقد أنه من المفيد أن تكون المرجعية الدينية أساسية في التدبير». إن التيار العلماني داخل اللجنة الاستشارية اقترح في الوثيقة التي سلمها للعاهل المغربي عبارة «المغرب بلد مسلم» بدل عبارة «المملكة المغربية دولة إسلامية»، واقترح مادة تنص على حرية المعتقد بدل ما كان متعارفا عليه تاريخيا بالمغرب من حماية السلطان لحرية ممارسة الشؤون الدينية. وسيذكر التاريخ بفخر التدخل الملكي الحاسم لإبطال مفعول اللغمين وتصحيح الوضع وإعادة الأمور إلى نصابها بالتأكيد على إسلامية الدولة المغربية، وحماية حرية ممارسة الشعائر الدينية لأتباع باقي الأديان السماوية، بدل حماية حرية المعتقد. ولن ينسى التاريخ صراحة أبرز خبير وفقيه في مقاصد الشريعة بالعالم العربي والإسلامي الدكتور أحمد الريسوني، بقوله: (إذا صح ما نقل عن مشروع الدستور بخصوص حذف صيغة «المملكة المغربية دولة إسلامية» واستبدالها بصيغة «المغرب بلد مسلم» فإن هذا سيعتبر إعلانا من قِبل لجنة صياغة الدستور عن إلغاء الدولة القائمة على الإسلام منذ 14 قرنا وإيذانا بنشوء دولة جديدة من دون هوية)، وزاد أن حذف إسلامية الدولة يعتبر بمثابة «هجوم على الدولة نفسها وتجريدها من طابعها الذي بمقتضاه قامت وبمقتضاه استمرت». لقد كشف صراع اللحظات الأخيرة قبل إعلان مشروع دستور 2011 حقيقة الأقلية العلمانية في المغرب والمتطرف منها على الخصوص، وفضح أهدافها، ولئن صحت الأخبار التي تم تداولها حول استقوائها بالسفارة الأميركية والفرنسية لتضمين مشروع الدستور بنودا ملغومة من قبيل التنصيص على «حرية المعتقد» فستكون الفضيحة كاملة الأركان. للأسف التيارات العلمانية المتطرفة -لأن هناك علمانيين لا يعارضون إسلامية الدولة- في المغرب كما في أقطار عربية أخرى، لا يقدرون على المنافسة الديمقراطية، والنقاش العلني، لذلك يلجؤون لتنفذهم في وسائل الإعلام ومؤسسات أكاديمية وحكومية للاشتغال في الظلام لعدم قدرتهم على مصارحة الشعوب بأهدافهم ومشروعهم المجتمعي، لأنهم يعلمون أنها ستواجهه وتلفظه وإياهم. شخصيا ذكرتني أجواء ما قبل إعلان مشروع دستور 2011 بالصراع الفكري والسياسي الذي فجرته خطة إدماج المرأة في التنمية سنة 2000 التي خلطت عملا صالحا بآخر فاسد، وسعت لتغريب المرأة المغربية وسلخها عن هويتها والمس بأحكام قطعية في الدين الإسلامي من قبيل المطالبة بإلغاء التعدد وإعادة النظر في توزيع الإرث بين الرجل والمرأة، وبعد ترجمة النقاش لمسيرة مليونية بالدار البيضاء ضد سلبيات الخطة وألغامها، ومسيرة لم يزد عدد أعضائها عن 40 ألفا في أحسن الأحول، تدخل العاهل المغربي بتشكيل لجنة لمراجعة مدونة الأحوال الشخصية ضمت مختلف التخصصات والآراء، وخرجت بمدونة الأسرة التي لقيت قبول عموم مكونات الشعب المغربي وصودق عليها داخل البرلمان، وبذلك عالج الملك وأمير المؤمنين موضوعا خلافيا بتحكيم قوبل برضا مختلف الأطراف. ولن ينسى الشعب المغربي مقولة الملك محمد السادس أمام البرلمان يومها: «لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين، أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله». ولأجل هذا وما شابهه، تشبث المغاربة طواعية من عند أنفسهم تاريخيا وبدون إكراه بمؤسسة إمارة المؤمنين وصفة الدولة الإسلامية، ولكن العلمانيين يجهلون ويتجاهلون.
«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...
بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...
قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...
«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...
لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...
تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...
«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...
رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...
ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...
تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...
شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...
خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...