عدد المقالات 170
منذ أن ولدنا نسمع أن مصر أم الدنيا، وأن من يشرب من ماء النيل لا يملك إلا العودة له، فهو مسحور بمادة التحنيط الفرعونية، التي تصنع أبدية البقاء، فهي تبقي الأجساد إذا غادرتها الأرواح، وتبقى داخل القلوب التي منذ أن ترتشف أول قطرة من نيلها لا تظمأ أبداً. كثير من الأوصاف جعلت لهذه البقعة سراً، كلٌّ يريد اكتشافه بنفسه، لا أن يسمعه من غيره أو يقرأه في كتب التاريخ، أُريقَ بين جنباتها عرَق ودماء، وعاصرت أحداثا هتكت سترها منذ فجر التاريخ حتى أشرق وأنارها معه الحكم الإسلامي، ولكنها لم تنج من مذابح الدول الدينية التي أساءت «كطبيعة البشر» السلوك، وأشاعت الظلم وأخذها الله مثلما فعل بالظالمين الغابرين. وعادت واستقرت لحاجة البقاء فاجتمعت الطوائف على الدولة المدنية، وتسببت خيراتها وثرواتها بضرب حاجز زجاجي بين الملوك والشعب, هذا الحاجز يتصدع تارة ويبقى عشرات السنين هكذا مشوّه ضعيف معرَّض لانفجار مفاجئ في يد منحوس ما لمسه راثياً لحاله، ولكنه يدفع ثمن تعاطفه شظايا زجاج في وجهه. هكذا كلما أتته عاصفة انكسر، وأخذ معه من الضحايا. وما يحدث مرافقاً لكل ثورة شعبية هو تماماً ما نشير إليه، فهل لتاريخ مصر ما أهلها لتكون أمنا مع الدنيا؟ كم تفكرت في آية «ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ». هذه الأرض التي عُيِّنت في كتاب لا ريب فيه، ماذا علينا من واجب لكي ننزلها منزلاً تستحقه؟ يوم أمس كانت انتخابات بعد الثورة، وهو اليوم الذي تتلقى فيه عائلات الضحايا الذين أسقطهم النظام السابق موتى العزاء، مثلما هي العادات في الأرياف المصرية لا عزاء إلا بعد أن يؤخذ بثأر القتيل، بغض النظر عن دينه وعرقه، هو مصري وهذه عاداته, ومصر أمّه ولا أحد ينظر لهوية أمه بشك! أظن أن «القومية العربية» كمصطلح فيه جاهلية القرون الأولى التي نبذها القرآن والتشريع السماوي الذي ينادي بالتقوى كمعيار تسمية وفخر، ولكننا في «جاهلية» ما ننتفض لعروبة مصر، وعروبة سوريا، وعروبة العراق، وعروبة وعروبة وعروبة... وكلها «حميات» أسقطها الواقع، ولكننا ما زلنا نتمسك بأقنعتها فوق وجوهنا الكالحة من خياناتنا لبعض باسمها، ونسينا أن ما نرتكبه في أنفسنا هو أن نضعِّف من نقاط قوتنا بأن نجعل عروتها الوثقى عصبية ما أنزل الله بها من سلطان، ونترك إما تعمداً وخيانة وإما تقاعساً وجهلاً العروة التي لا انفصام لها لنتحد باسم بذل السبب, فننتصر باسم المسبب. مصر أمس اختارت، والمؤشرات تبين أن الشعب عاد لسبيل الرشاد، بعد تعب من الدوران حول أسباب الفقر والعجز والظلم، فهم أو فقه أن قومية عبدالناصر لم تجعل منه عبداً للناصر، وأن سلام «أنور» لم يسلمه من القتل، وأن «برنطة مبارك» للغرب لم يُبارَك له بها، فما لهم إلا الالتفاف حول الدعاة لله، فحتى الأقلية النصرانية أثبت التاريخ الصادق وليس الملفق منه، أن أكثر دولة حققت لهم الأمن على أنفسهم وأموالهم هي الدولة الإسلامية، التي تضع الموازين القسط للإنسان كما أمرها الله لا اتباعاً لأهواء الدولة المدنية، أو الدينية المتمدنة، أو الدينية الطائفية! وأخيراً، يلح عليّ سؤال: مصر التي نعتبرها الحضن الفياض للعرب، القلب المحتمِل لقضايانا، الجند المرصوص لنصرتنا، بعد أن تعاقب عليها الملوك والحكام، وتداولتها أنظمة وإدارات، وتقاذفتها إعصارات وأمواج، وظلت على اسمها «أم الدنيا» فعلاً قد تكون هي أم الدنيا التي أرضعتنا كلنا، لكن ليكتمل نسبنا، ألا يجب أن نعرف من هو أبوها؟!.
اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي، وإن أحببتُ تسميتها وسائل التقاطع أدق وصفاً، بمقابلة الشيخ صالح المغامسي التلفزيونية، التي قال فيها أكثر من جملة مثيرة للجدل، ولا أحبذ إطلاق كلمة «فتوى» على كلامه، لأنه ليس كذلك. إن...
جانب من نهضة الفكر الغربي تعود للتوصل لاتفاق حول معاني المفاهيم للمصطلحات التي يستخدمونها، وأحد أوسع أزمات الفكر العربي أنه لا اتفاق على مرامي المصطلحات ولا تعريف متفق عليه.. عليها. والمصطلحات بين الساسة أزمة بحد...
رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك لا يستطيع أن يبقى صامتاً إزاء قول عمدة لندن السابق بوريس جونسون بأن الاتحاد يسير على خطى هتلر؛ لأنه «وصف تعدي النقد السياسي»! دماء أطفال العالم العربي والإسلامي ونسائه وشيبته...
عرض في رمضان الماضي، أي هو إنتاج ما بعد ثورة 25 يناير, معلومة توفر الكثير من التفسير والتحليل لعدائية الخطاب ضد الإخوان المسلمين، وتقربه وحماسه لليهود وعدم الاقتراب إلى فكرة الصهيونية بتاتاً! حارة اليهود، جعل...
سألته أمه: كيف كان تقديمك في الاختبار؟ فأجاب: أنا أجدت الإجابة، لكن لا أعلم رأي الأستاذ! الإجابة تعكس فقدان أصل العلاقة بين المعلم والطالب، الثقة بعدالة الأول في تقييم فهم الثاني للمادة العلمية، لكن هل...
في سابقة هي الأولى من نوعها أعلن رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان بألفاظ صريحة ضرورة تضمن دستور تركيا الجديد قيم الإسلام لا القيم العلمانية. والبطل، وهي الترجمة العربية لكلمة كهرمان، يستحق أن نرفع له «العقال»...
تعتبر الكويت من أوائل الدول في الخليج التي تتميز بوجود «العقد الاجتماعي» أو كما يسمى «الدستور». وأول دستور في الكويت كان في العام 1921 والثاني العام 1938 والثالث 1961 والرابع وهو الحالي صدر في الحادي...
لماذا تتطلع الشعوب المسلمة إلى زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، إلى أخيه رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا؟ ثم لماذا تتابع وسائل الإعلام تفاصيل جدول أعمال الزيارة على صدر أولوياتها رغم...
قرأتُ بالأمس خبراً ظريفاً مفاده أن مجموعة من شباب قرية «أوزوملو» في ولاية «مرسين» التركية تظاهروا في قراهم رافعين لافتات تضم مطالباتهم وهي واحدة لا غير: الرغبة في الزواج من الفتيات التركيات. ويرجع ذلك لهجرة...
غريب أمر دونالد ترامب، هل هو فعلاً يعني ما يتبناه في حملاته الانتخابية؟! وهل الحزب الجمهوري موافق على تلك الحملة اللاأخلاقية؟! وما الخلفية داخل مؤسسة الحزب الجمهوري تجاه صعوده المرافق لاستهتاره بعراقة الحزب وتبني خطاباً...
انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي تصوير منزلي لا يتعدى العشرين ثانية لأب كبل يدي وقدمي ابنه الذي لم يتعد الخامسة من عمره، ودأب يجلده بسوط ويعذبه وكأنه ليس ابنه بل حبسه وجوّعه! الحقيقة لم أعتد...
يسبق كل إعلان في وسائل الإعلام عن تفجير في ولاية من ولايات تركيا إعلان نية توجه رئيس الدولة رجب طيب أردوغان أو رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إلى دول صديقة وجارة في زيارات رسمية بغرض...