alsharq

د. وائل مرزا

عدد المقالات 101

د. هدى النعيمي 26 أكتوبر 2025
صدى روايات خالد حسيني.. تردده الأجيال
مريم ياسين الحمادي 25 أكتوبر 2025
توجيهات القيادة
هند المهندي 26 أكتوبر 2025
ريادة قطرية في دبلوماسية السلام

سوريا الثورة: مواقف مشرفة يكتبها التاريخ

23 أكتوبر 2011 , 12:00ص

تبدأ لائحة المواقف المشرفة التي تجلت من خلالها الثورة السورية أول ما تبدأ بموقف أبناء الثورة الذي بادروا لإشعالها بجرأتهم، وساهموا في استمرارها بتضحياتهم وعطائهم وتخطيطهم، وسيكونون السبب الأول والأخير في نصرها القادم بإذن الله، لهذا كان طبيعيا أن يأتي الدعم والانخراط في المجلس الوطني السوري من قبل الهيئات الكبرى التي تمثل تنسيقيات الثوار العاملين على الأرض. وإذا كان بعض أفراد هذه الهيئات اضطروا لمغادرة الداخل السوري، على عجل وبملابسهم فقط، لتمثيل زملائهم في المجلس الوطني والمشاركة في صناعة القرار، فإن أبطال الثورة المرابطين على أرض سوريا وضعوا على عاتقهم مسؤولية أخرى، نعرف أنها مشرفة، لكن النظام السوري يعتبرها خطيئة كبرى من قبلهم يواجهها كما نرى بمزيد من البطش والتنكيل. ذلك أن تشكيل المجلس المذكور وحجم التأييد الذي حصل عليه وضعاه في مأزق نوعي جديد، حيث انبثقت لأول مرة في تاريخ سوريا المعاصر مؤسسة سياسية مستقلة عن النظام بكل معنى الكلمة، تمثل الشعب السوري، وتهدف علنا إلى إسقاطه وإقامة دولة ديمقراطية معاصرة مكانه. لكن هذا لا يمنع من الإشارة إلى جملة من المواقف المشرفة الأخرى التي ارتقى ولا يزال يرتقي إليها نساء ورجال يسهمون بها في رسم الملحمة السورية الكبرى بمختلف الطرق والأساليب. أول ما يمكن الحديث عنه هنا هو الموقف الشجاع الذي اتخذه إعلان دمشق عندما قرر الانخراط في تشكيل مشروع المجلس الوطني السوري. وكان أعضاء هذا الإعلان يعرفون معنى هذه الخطوة بالنسبة للنظام، وكانوا يدركون ما يمكن أن تشكله من تهديد مباشر لهم على الصعيد الشخصي والمؤسسي وفي كل مجال آخر، لكنهم أقدموا على اتخاذ القرار الحاسم في لحظة ستكون مصيرية في تاريخ سوريا المعاصر، وعندما خرج مناضلون من أمثال سمير النشار وجبر الشوفي منذ أسابيع قليلة من الداخل بملابسهم وحقائبهم الصغيرة، كان المفترض أن يكون خروجهم للمشاركة في حوارات تشكيل المجلس الوطني، لكنهم لم يترددوا لحظة واحدة في أخذ القرار عندما وصل الحوار إلى اتفاق على إعلانه. وهكذا، ما بين ليلة وضحاها، رضي المناضلان بحياة مختلفة فيها ما يعرف الناس من المشقة والتضحيات، ورضي زملاؤهم في الداخل أيضا بنمط صعب من الحياة يقوم على المخاطرة والتخفي، في ظل نظام أمني شرس لا يعرف الرحمة وتكاد تغيب فيه كل ملامح الإنسانية. لسنا هنا في معرض المديح الفارغ، فالكل يدرك حجم القوة النفسية والعملية المطلوبين لاتخاذ مثل هذه القرارات المصيرية التي تتعلق بها في كثير من الأحيان مصائر الدول والشعوب. لا يستطيع أحد أن يزايد على مشروعية الخوف على النفس والحياة والأهل والأبناء. من هنا، فإن أخذ تلك القرارات يحتاج إلى إحساس بدرجة من المسؤولية الوطنية الكبرى التي تتجاوز ذلك الخوف المشروع، ووجود مثل هذه الظاهرة في سوريا الثورة لا يجب أن يمر مرور الكرام وكأنه مسألة روتينية، بل يجب أن يضاف إلى سجل الملاحم الطويل الذي يكتبه السوريون اليوم بجميع شرائحهم. لا نريد الدخول في التفاصيل، لكن المقارنة بين مثل هذا الموقف وما ترتب عليه من تضحيات، وبين مواقف أخرى مغايرة توضح المقصود وتبين المعاني الكامنة في المفارقة الجلية بين الموقفين. صحيح أن كل من ارتضى الانضمام إلى المجلس الوطني السوري على مستوى الأفراد أو الهيئات صار هدفا للنظام أينما كان بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في الخارج. بل ربما لا نبالغ إذا قلنا إن هؤلاء جميعا انضموا الآن إلى صف الثوار من مدخل أنهم أصبحوا مشاريع شهداء. لكن اتخاذ مثل هذا القرار والموقف من قبل من يعيش داخل سوريا لا بد أن يكون محط كثير من التقدير المتميز. وهو نفس التقدير المطلوب أيضا لممثلي الثورة من فتياتها وشبابها الذين غادروا الداخل في ظروف كانت -ولا تزال أحيانا- في غاية الخطورة والصعوبة والقسوة. هذا هو الثمن الذي يجب أن يدفعه من يريد حقا أن يعيش مبادئه. وهذه هي لحظات التاريخ التي تتميز فيها معادن البشر. فرفع الشعارات سهل على الجميع، لكن مصداقية من يرفعها لا تظهر إلا في مثل هذه المواقف. وفي نفس الإطار يأتي الموقف المشرف للمجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي سارع إلى الاعتراف بالمجلس الوطني السوري دون تردد أو حسابات مصلحية آنية. إذ لم يكن الأمر في نظر أحرار ليبيا يحتاج إلى مثل تلك الحسابات. لقد كان السؤال بسيطا في أذهانهم وكانت الإجابة عليه واضحة: ماذا يعني أن ترفع الثورة الليبية شعار الحرية والكرامة وتناضل في سبيل أن يحققها الشعب الليبي، ثم يكون موقفها سلبيا من مسيرة أحرار سوريا لتحقيق نفس المطالب؟ لهذا، لم يكن غريبا أن يؤكد البيان المشترك بعد زيارة وفد المجلس الوطني إلى ليبيا على «أن الاعتراف بالمجلس الوطني السوري جاء استجابة لنداءات ومطالب الشعب السوري في الحرية والديمقراطية». وأن الجانبين أكدا «على المضي قدما في النضال، رغم التضحيات التي قدمها الشعبان الليبي والسوري». ثم يختم بالعبارة التالية: «وإيمانا من الشعب الليبي بأن الثورة السورية ماضية بإصرار وثبات أبنائها لإسقاط النظام الدكتاتوري السوري، فإن ليبيا الحرة ستقدم كل أشكال الدعم لإنجاح الثورة السورية». هذه مواقف مشرفة تتعلق بسوريا يصدر بعضها عن أبنائها، فتظهر سمو الفعل البشري الذي يتجلى فيها. ويصدر بعضها الآخر عن أشقاء ذاقوا مرارة الظلم والطغيان على مدى عقود، ثم شعروا بنسائم الحرية تهب عليهم فلم يعودوا قادرين على القبول بالعيش بعيدا عنها، وأصروا على أن تكون لمبادئهم النظرية وشعاراتهم المرفوعة مصداقية تعبر عنها عمليا على أرض الواقع.

الحكومة المؤقتة في سوريا.. أو الطوفان

بعد بضعة أيام من نشر هـذا المقال، يعقد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اجتماعاً سيكون من أكثر الاجتماعات حساسية في تاريخه وتاريخ الثورة السورية، إن لم يكن أهمها على الإطلاق. وتنبع خطورة الاجتماع بالدرجة...

الثورة السورية.. وقصة البشرية على الأرض

{وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة قالوا أتجعلُ فيها من يُفسدُ فيها ويسفكُ الدماء ونحنُ نُسبّحُ بحمدك ونُقدّس لك قال إني أعلمُ ما لا تعلمون}. بغضّ النظر عن الحشو الذي يملأ بتفاصيله...

عرب المشرق وطوفان إيران

لم يعد ثمة مجالٌ على الإطلاق، وبأي حسبةٍ من الحسابات، أن يسمح عربُ المشرق، ومعهم تركيا، لهذا الطوفان الإيراني أن يجتاح المنطقة بهذا الشكل الصارخ، ليس فقط في قباحته وابتذاله، بل وفي دلالات الموقف الدولي...

الثورة السورية بين مفتي السعودية والقرضاوي

منذ بضعة أيام، صدرت عن الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، مواقفُ نعتقد أنها غير مسبوقة، وأن دلالاتها السياسية والدينية والثقافية تحتاج إلى كثيرٍ من التأمل. خاصةً عندما نفكر بأسبابها من جهة، ومآلاتها...

هل تفهم أميركا الثورة السورية بشكلٍ استراتيجي؟

قلائلُ هم الرؤساء الأميركان الذين يعرفون لماذا وصلوا فعلاً إلى البيت الأبيض, وماذا سيفعلون فيه على وجه التحديد. هذه حقيقةٌ معروفةٌ في أميركا، رغم أن عدد ساسة هذا البلد الذين يحلمون بالوصول إلى أهم موقعٍ...

الثورة السورية والمشهد الإقليمي

ما من شكٍ أن ثوار سوريا على الأرض كانوا ولا يزالون وسيبقون أصحاب القرار الحقيقي، لا نقول فيما يتعلق بمصير الثورة السورية، وإنما في تحقيق نصرها المؤزر في نهاية المطاف. لكن هذا لا يتناقض مع...

الحكومة السورية المؤقتة نقلة في عمل المعارضة

من الممكن جداً أن يكون تشكيل الحكومة السورية المؤقتة نقلةً هامة على طريق تحقيق أهداف الثورة السورية. ثمة مؤشرات عديدة على أن هذا الأمر في وارد الحصول، رغم الشكوك التي يطرحها البعض هنا وهناك. يبدأ...

الحكومة السورية المؤقتة.. حقائق وشبهات

منذ أكثر من خمسة شهور، وفي لحظة تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، كان أعضاؤه يعرفون، ومعهم العالم أجمع، أن الائتلاف هو المؤسسة الأم التي ستتولد عنها ثلاث مؤسسات أخرى أحدُها الحكومة المؤقتة. لم...

تحدي «استقلالية» قرار الثورة السورية

كثيرةٌ هي التحديات التي تواجه الثورة السورية، لكن تحدي الحفاظ على (الاستقلالية) بحساباتها وموازناتها الشاملة قد يكون أكثرهاً خطورةً وأهمية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الموقع الاستراتيجي لسوريا فإن التعامل مع هذا التحدي كان وسيبقى مهمةً...

الحكومة السورية المؤقتة: لماذا وكيف؟

كلما قلتُ متى موعدُنا ضحكت هندٌ وقالت بعد غد. قد يعبّر هذا البيت من الشعر العربي عن حال الثورة السورية مع معارضتها السياسية. فرغم المحاولات المختلفة للقيام بالدور المطلوب من قِبلها، لا تبدو هذه المعارضة...

«الهجرة» السورية الكبرى

يمكن وصف الثورة السورية بألف طريقة وطريقة، فهي تحمل في طياتها بحراً من المعاني سيأتي قريباً اليومُ الذي تظهر دلالاتهُ الحقيقية للناس. لكن وصف (الهجرة) قد يبدو في هذه المرحلة مُعبّراً عن واقع السوريين أكثر...

سوريا.. ولادةُ وطن

في عددها مطلع الأسبوع الماضي، نشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية مقالاً بعنوان «سوريا، موت وطن». وعلى غلاف العدد، وضعت المجلة رسماً من ثلاثة أسطر يُعبّر عن دمار سوريا بشكلٍ تدريجي وصولاً نحو الخراب الكامل. بعدها بأيام،...