


عدد المقالات 105
حرية التعبير وحرية الاجتهاد مقولتان يركز عليهما التيار العلماني المتطرف في العالم العربي والإسلامي عموما تحت شعار حقوق الإنسان والقيم الكونية، وتعتبرانه عماد الحداثة. من الناحية المبدئية هذا الكلام سليم ولكن السؤال المطروح في المدلول الذي يعطونه للمقولتين ويروجونه بكل ما أوتوا من قوة ونفوذ داخل المؤسسات الإعلامية وحتى داخل السلطة لتكريسه. الشواهد والأمثلة الكثيرة التي تعاقبت على مدى أكثر من عقدين من الزمن تؤكد أنهم يقصدون بحرية التعبير تكسير المقدسات الدينية والاجتماعية، أو ما يسمونه «التابوهات» في المجتمع، والتنقيص إن لم نقل محاربة مظاهر التدين في المجتمع وفي الحياة العامة بشعارات متعددة متنوعة بتنوع المناسبات، من خلال جمعيات أسسوها لهذا الغرض بمسميات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، فمنهم من قال، إن لباس المرأة الملتزم (الحجاب) لا يتناسب مع الحداثة والحرية والعصر، ومنها من طالب بالحق في إفطار رمضان لأنه من الحقوق الفردية، كما حصل في المغرب، ومنها من دافع عن حق الشواذ في إعلان هويتهم الجنسية وتأسيس جمعيات تدافع عنهم، ومنها من لم ير حرجا في بيع الخمور في الأحياء الشعبية رغم أن القانون صريح في منع بيع الخمر لغير المسلمين. هذه بعض الأمثلة فيما يتعلق بمفهوم العلمانيين لحرية التعبير، أما دفاعهم عن ضرورة الاجتهاد في الشريعة وتسامحها، فأثبتت أمثلة صريحة أنهم يقصدون بها كسر الثوابت القطعية في الدين والمثال المذكور حول التطبيع مع بيع الخمور للمسلمين، واحد من الأمثلة على ذلك، لكن أشهرها هو مطالبة جمعيات علمانية ونسائية على وجه التحديد بالمساواة في الإرث بين المرأة والرجل بحجة حقوق الإنسان والقيم الكونية وأولويتها على التشريعات الوطنية، ودفاعهم وإن بشكل محتشم عن الرسام الكاريكاتوري الذي أساء في رسوم له لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وهي إساءة لكل المسلمين بشعار حرية التعبير. بل إن العلمانيين المتطرفين وصلت بهم الجرأة إلى الدفاع عن عرض فيلم يجسد الذات الإلهية، كما حصل في تونس، وخرج بضع عشرات منهم اعتراضا على احتجاج الآلاف من التونسيين على قناة نسمة التي عرضت الفيلم وأساءت لعقيدتهم، وحجتهم في ذلك الحق في حرية التعبير والتسامح ورفض الانغلاق الديني. ولا يحتاج المتابع لذكاء خارق لتفسير دافع القناة المذكورة التي كانت تخدم أجندة بن علي لبث الفيلم إيراني «بلاد فارس» المدبلج باللهجة العامية التونسية بالتزامن مع عز الحملة الانتخابية لا تكوين المجلس التأسيسي، فالمطلوب استفزاز مشاعر التونسيين وإظهارهم شريحة واسعة جدا على أنهم متشددين، ومن ثم تخويف الخارج قبل الداخل من الإسلاميين بدعوى أنهم ضد حرية التعبير وما إلى ذلك من تفاصيل المسرحية التي لم تنفع بن علي ومبارك اللذين ذهبا وبقي الشعبان التونسي والمصري ثابتين في بلاد الأزهر والقيراون على هويتهم. إن مشكلة التيار العلماني المتطرف في العالم العربي بشكل عام أنه ليست له الجرأة على التصريح بمواقفه الحقيقية للشعوب، ويختار التلاعب فبدل أن يعلن أنه مع تهميش دور الدين في حياة العامة وحتى الخاصة ومحاربة التدين، يقول إنه مع الاجتهاد في الدين بالشكل الذي يفقده جوهره ويخلخل ثوابته، فما معنى المطالبة بالمساواة في الإرث؟ وما معنى المطالبة بإلغاء أذان الصبح والتعبير عن الانزعاج منه كما حصل في تونس؟، وما معنى القول إن تغطية المرأة لرأسها تخلف ورجعية؟ وما معنى التطبيع مع مصيبة الشواذ في مجتمع مسلم بدعوة احترام الحرية الفردية؟ واللائحة طويلة. لقد ركب هذا التيار على ظهر حقوق الإنسان والقيم الكونية لكن ذلك لم يسعفه في الخروج من عزلته في المجتمع المسلم الذي يعي كل مسرحياته، وهو الأمر الذي جعل رموزه يتحالفون مع الاستبداد والطغيان لتنفيذ أجندته كما حصل في تونس مع بن علي، لأن الديمقراطية الحقيقية وصناديق الاقتراع الشفافة سترميه إلى مزابل التاريخ.
«فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسياً منسياً»، هكذا تحدث المؤرخ ابن الأثير الجزري -بعد طول تردد- في كتابه «الكامل في التاريخ» من شدة صدمته من همجية التتار «المغول» وتنكيلهم...
بعد أيام يودعنا عام 2016 وقد سقطت حلب الشرقية في الهيمنة الروسية الإيرانية بعد تدميرها وتهجير أهلها، واحتكار الروس والإيرانيين والأتراك والأمريكان الملف السوري وتراجع كبير للدور والتأثير العربي يكاد يصل لدرجة الغياب في المرحلة...
قرأت بالصدفة -وليس بالاختيار- كتابا مترجما للأديب والمفكر الإسباني رفائيل سانشيت فرلوسيو بهذا العنوان «الآتي من الزمان أسوأ»، وهو عبارة عن مجموعة تأملات ومقالات كتبها قبل عقود عديدة. قال فرلوسيو في إحدى تأملاته بعنوان «ناقوس...
«الحب السائل» عنوان كتاب لزيجمونت باومان أحد علماء الاجتماع الذي اشتغل على نقد الحداثة الغربية باستخدام نظرية السيولة -إذا جاز تسميتها بالنظرية- والكتاب ضمن سلسلة كتب «الحداثة والهولوكست»، «الحداثة السائلة» و «الأزمنة السائلة»، «الخوف السائل»...
لم تتضح بعد تشكيلة الحكومة المغربية الجديدة رغم مرور قرابة شهرين من إعلان نتائج الانتخابات التشريعية بالمغرب فجر الثامن من أكتوبر الماضي وتكليف الملك محمد السادس الأمينَ العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران بتشكيل الحكومة...
تعيش الأمة العربية والإسلامية أسوء أحوالها منذ الاجتياح المغولي لبغداد قبل أكثر من ثمانية قرون تقريبا، فهولاكو روسيا يواصل مع طيران نظام الأسد تدمير سوريا وتحديدا حلب بدون أدنى رحمة في ظل تفرج العالم على...
«من الواضح أن انتصار دونالد ترامب هو لبنة إضافية في ظهور عالم جديد يهدف لاستبدال النظام القديم» هكذا قالت أمس زعيمة اليمين المتطرف بفرنسا عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية. وظهر جليا أن تداعيات فوز ترامب...
رغم مضي قرابة شهر على إعلان نتائج الانتخابات التشريعية المغربية التي توجت حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بالمرتبة الأولى بـ125 مقعداً، وتكليف الملك محمد السادس عبد الإله بنكيران الأمين العام للحزب المذكور بتشكيل الحكومة، لم تظهر...
ثمة حرب شرسة وخطيرة تجري، لكن من دون ضوضاء، لن تظهر كوارثها وخسائرها إلا بعد عقد أو عقدين من الزمن، وهي حرب التسطيح والضحالة الفكرية والثقافية، عبر استخدام غير رشيد للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وجعلهما...
تنتقد جهات غربية العرب والمسلمين بشكل عام، بأنهم لا يعرفون للديمقراطية سبيلا، وحتى صنيعة الغرب؛ الكيان الإسرائيلي يتبجح بأنه ديمقراطي، وقال رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو قبل أيام في الاحتفال بمرور67 سنة على تأسيس (الكنيست): إنه...
شهور ويغادر باراك أوباما كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأميركية دون أن يحقق وعوده للعالم الإسلامي، فالرجل كان مهموما بمصالح بلاده أولا وأخيرا. ومن أكبر الوعود التي أطلقها في خطابه بالبرلمان التركي في أبريل 2009، وخطابه...
خلق موضوع استقبال اللاجئين في الغرب نقاشات كبيرة، وخلافات عميقة، سواء داخل أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية، جعلتهم في تناقض مع المواثيق الدولية التي تنظم كيفية التعامل مع اللاجئين سبب الحروب والعنف. ورغم أن أزمة...