عندما يموت العيد

للعيد حياة قصيرة يختلف طولها من مجتمع إلى آخر بل عائلة إلى أخرى حسب فعاليات العيد في تلك الدولة أو بالنسبة لتلك العائلة. عند البعض يبدأ العيد من صلاة العيد والتجهيز لها ويمتد حتى يشمل الجولة الصباحية وما يتبعها من غداء مع العائلة وثم زيارات مسائية ويخصص اليوم الثاني لإنهاء بقية الزيارات أو استقبال المهنئين، ومن ثم الثالث يكون للأطفال وهكذا، وعند آخرين ينتهي بنهاية صلاة العيد فأعرف البعض وقد تعودوا على الخلود إلى النوم بعد صلاة العيد –وربما قبلها- مباشرة ولا يستيقظون إلا مساء يوم العيد ليخرج الواحد منهم من بيته مع أصدقائه، فلا يدرك من العيد مع أهله شيئاً. حياة العيد تناقصت عبر الأجيال مع انخفاض وتيرة التواصل الاجتماعي فقل عدد الزيارات والزوار وزاد السفر يوم العيد مما أفقد العيد شيئاً من رونقه. لكن العيد يحيا بنا وبأيدينا أن نطيله من خلال تصميم العيد وفعالياته، عود أبناءك على أن يشاركوك كل برامج العيد بدءاً من الصلاة ومروراً بالزيارات ولا تتركهم نائمين بحجة التعب فعليهم أن يعرفوا أن العيد تواصل. وثم ليكن لك طقوس خاصة في العيد مثل زيارة البعيد من الأقارب والخروج مع العائلة إلى أماكن الترفيه المختلفة ليحس الأصغر سناً بحلاوة العيد بعيداً عن الرسميات والزيارات. لا تنسى في العيد أن تسلم على كل من يقابلك ممن عرفت أو لم تعرف خاصة جيرانك والعمال في حيك، واجعل وجهك باشاً فرحاً ولا تدع للتكشيرة سبيلاً. لكن العيد الذي ولد عندنا وفرحنا به ولد في أماكن أخرى من العالم ميتاً بلا طعم ولا لون ولم يصب أولئك من العيد إلا اسمه، فالمجاهدون الصابرون من أهل سوريا والمعذبون في بورما والجائعون في اليمن والقرن الإفريقي لم يعرفوا لرمضان هذا العام عيداً. فكيف يحتفل بالعيد من يصبح على فقد أحبابه ويمسي بلا بيت يؤويه؟ هؤلاء عيدهم سيكون حين رفع الظلم عنهم وحين كفاية حاجتهم وكم سأل المسلمون أن يكون عيدنا بلا طغاة ولكن الله قدر غير ذلك لحكمة عنده، فعلينا أن لا ننساهم من دعواتنا في هذه الأيام ونعتذر منهم حين فرحتنا، فنحن لم يكن لنا أن نشاركهم مصابهم ولا أن يشاركونا فرحنا. فلنتذكر أن العيد شرعه الله لنا للاحتفال بنهاية موسم الطاعة والصلوات فلا نجعله موسماً لتضييع هذه الطاعات، الست من شوال وزكاة الفطر كلها مشروعة لتذكيرنا أن الطاعات مستمرة بعد رمضان. اجعل لك طقساً خاصاً من الطاعات تخصصه لشوال من صلاة أو غيرها حتى تقوي نفسك على الطاعات ومداومتها. المساجد تشكو من اليوم الأخير من رمضان من قلة روادها ولسان حالها يقول، أين روادي الذي امتلأنا بهم في رمضان حتى كان الناس يصلون خارج المساجد حينا من شدة الزحام، واليوم لا تجد الصف يكتمل في كثير من المساجد، والمصاحف كذلك يهجرها قراؤها بعد رمضان فمن أنهى قراءة القرآن مرات عديدة في رمضان لا يكاد يفتح المصحف فيما دونه ومداومة الطاعة دليل قبولها وانقطاعها يخشى أن يكون دليلاً على عكس ذلك، فاختر لنفسك ما شئت. العيد موسم جميل فلنزينه بالطاعة والفرح والسرور ولنبعد عنه المعاصي والمشاحنات، لا تجعل العيد لحفلات الأغاني ولا للأفلام واجعله للتواصل الاجتماعي والقيام بالواجبات العائلية، ونسأل الله أن يعود العيد سعيداً في كل عام، وكل عام وأنتم بخير.