alsharq

ماجد محمد الأنصاري

عدد المقالات 269

مهب الرياح الغربية

09 مايو 2017 , 01:30ص

احتفل قطاع كبير من الفرنسيين، ومعهم المعتدلون في أوروبا، والعالم الغربي بخسارة لوبين، وفوز ماكرون خلال الأيام الماضية، متجاوزين تهديداً آخر من اليمين المتطرف الأوروبي، وبذلك تتبدد أحلام اليمين المتطرف في القارة العجوز في أن يستنسخ نموذج ترمب، ويصل إلى السلطة على ظهر موجة قومية انعزالية تكتسح العالم الغربي، ماكرون الشاب المثقف الليبرالي يمثل الصورة المعاكسة تماماً للحلم اليميني، ولا شك أن وصوله يمثل انتصاراً لمعسكر الاعتدال الغربي، ولكن كل ذلك لا يلغي الحقيقة السياسية الجديدة الأهم لهذه المرحلة، وهي أن اليمين المتطرف وجد له أخيراً مكاناً على طاولة الكبار، ينافس على السلطة ويفرض أجندته، وخطابه لم يعد منبوذاً ولا من محرمات الخطاب السياسي، فاليمين المتطرف صار اليوم أقرب إلى الوسط السياسي من أي وقت مضى. أوروبا الآن بانتظار الموعد الانتخابي في ألمانيا والتي لا يشكل اليمين المتطرف فيها تهديداً حقيقياً للقوى السياسية التقليدية، ولكن الكل يترقب أداءه خلال هذه الانتخابات، وكيف سيستفيد من الموجة ليقترب من دائرة التأثير السياسي، والانتخابات القادمة في بريطانيا لا يبدو أن اليمين المتطرف سينجح في الاستفادة منها مع حالة الانهيار التي أصابت حزب الاستقلال، ولكن أجندته وخاصة فيما يتعلق بالمهاجرين حاضرة وبقوة، ولا شك أن تريزا ماي ستستفيد من ذلك في توسيع نفوذ حزبها في أروقة البرلمان. الصورة في المشهد الأوروبي تتغير تدريجياً، ولا شك أنها ستفرز حالة سياسية جديدة سيتغير معها شكل المحور السياسي بحيث تتحرك فيه علامة الوسط يميناً. في مقابل ذلك بدأت تنشأ حملة مضادة من المعتدلين لتشكيل كتلة حرجة في مواجهة اليمين، أوباما، وكلنتون عادوا إلى الساحة السياسية في الولايات المتحدة؛ ليشجعوا على مقاومة المد اليميني، في خطاب له قبل تسلمه جائزة ما، حث أوباما المشرعين الأميركيين على أن يتحلوا بالشجاعة في مواجهة تأثير اليمين والشعبوية السياسية، وكلنتون عادت إلى وسائل الإعلام موجهة الانتقادات المتتالية لترمب، ومذكرة بأسباب خسارتها، وتفوقها في الصوت الشعبي، والاثنين دعموا ماكرون عبر رسائل مباشرة تستهدف الناخب الفرنسي قبل الانتخابات، وفي أوروبا كانت تبريكات الساسة الأوروبيين بفوز ماكرون فرصة للتأكيد على موقفهم من اليمين المتطرف، مستبشرين بفوزه باعتباره هزيمة لسياسة التخويف والعنصرية، هذه الموجة من ردة الفعل على صعود اليمين بدأت متناثرة ومرتبكة، ولكن أحزاب وقوى الوسط في الغرب تتعافى اليوم، وتسترد مساحات كانت خسرتها لصالح اليمين على المستوى الإعلامي، ولكن أثر ردة الفعل هذه لن يظهر سريعاً؛ فموجة القومية والشعبوية لا زالت في أوجها، وإن فشلت في إيصال قادة على غرار ترمب لكراسي السلطة في أوروبا. والصراع خلال الفترة القادمة سيكون بين القوى التقليدية التي تستهدف العودة إلى السلطة والقوى «الجديدة» التي ستحاول الحفاظ على مكتسباتها التي تحققت خلال هذا العام وسابقه، ولن تكون معركة سهلة، وستتأثر بشكل كبير بتطورات الأحداث، وأداء الساسة هنا وهناك، واليمين المتطرف من الصعب تخيل أنه سينجح في تحقيق طموح الناخبين سواء في المواقع التي وصل فيها إلى السلطة، أو تلك التي زاد تأثيره فيها عبر توسيع المشاركة البرلمانية، والسياسات التي يدفع بها نتائجها عادة كارثية، ولكن في الوقت نفسه فشلت الأحزاب التقليدية سابقاً في تحقيق طموحات الناخبين هي الأخرى في ظل الأزمات المالية العالمية، والكوارث الإنسانية في سوريا وغيرها، والتحدي الحقيقي سيكون الصمود أمام السخط الشعبي، والقدرة على امتصاصه والاستفادة من الأحداث، وصعود العلميات الإرهابية على التراب الأوروبي، وتزايد اللاجئين من دول الأزمات سيكون محفزاً لليمين المتطرف بينما سيكون انحسار داعش، وحل الأزمة السورية دافعاً للقوى التقليدية إلى استعادة مكانتها، وطرد اليمين المتطرف إلى طاولة الصغار ثانية. العالم الغربي اليوم في حالة غليان مدهشة، خلال أعوام قليلة تبدد سراب الاستقرار السياسي، وبسط الليبرالية نفوذها على الأجندة السياسية لصالح حالة لا يستبعد معها إعادة تشكيل للواقع السياسي في دول مختلفة، والولايات المتحدة التي كان يبدو وكأن تاريخها توقف عند ثنائية وسط اليمين ووسط اليسار تواجه اليوم مستقبلاً مجهولاً تبتعد فيه القوى السياسية شيئاً فشيئاً عن البرامج السياسية التي ألفها الناخب طوال العقود السابقة، وفي أوروبا تتعالى الأصوات الداعية لهجر فكرة أوروبا الواحدة لصالح خطاب قومي يذكر بالخطابات التي أدت إلى الحربين العالميتين، وفي خضم ذلك كله نقف كالعادة متفرجين ومنتظرين لما تفرزه الأيام، فجل الاهتمام العربي منصب على سؤال واحد، في أي اتجاه ستدفع بنا الرياح الغربية؟.

تجربة التحليل السياسي

منذ عام 2006 بدأت في مجال التحليل السياسي، من خلال صفحات الجرائد المحلية المختلفة، ومنذ ذلك الحين التزمت بمقال أسبوعي يركز غالباً على التعليق على الأحداث الراهنة، أو مناقشة موضوع سياسي عام، مرت هذه التجربة...

تركيا.. الخطوة القادمة

بنجاح أكبر من الذي توقعته استطلاعات الرأي، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، ليقطع الطريق على من أراد أن يشكك في استمرار شعبيته في بلاده. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والتلاعب...

في القدس.. مَن في القدس؟

مذ عرّفني أحد الأصدقاء على قصيدة تميم البرغوثي عن القدس، دأبت على الاستماع إليها بين الفينة والأخرى، لا شك لجمالها أولاً، ولكن كذلك لأنها تنقلني إلى حالة شعورية مختلفة حول المدينة القديمة، أشعر وكأنني أمشي...

أطفال بألعاب

في الإنجليزية، إذا أردت أن تصف أشخاصاً يتقاتلون بطريقة صبيانية، فبإمكانك استخدام مصطلح «أطفال بألعاب»، في إشارة إلى أن أولئك الذين تتحدث عنهم يتصرفون كأطفال يتنازعون ألعاباً لا كأشخاص ناضجين.. العالم اليوم يكثر فيه من...

بين الخامس من يونيو والثامن عشر من ديسمبر

ستة أشهر كانت كفيلة ببث روح جديدة في الجسد القطري بعثها التحدي الأكبر الذي واجه البلاد في تاريخها، في هذه الأشهر الستة انطلقت قطر نحو المستقبل بخطى ثابتة والتحم الشعبي مع الرسمي لرسم لوحة مشرقة...

سيناريوهات واشنطن

آلة السياسة في واشنطن شديدة التعقيد، من حيث التركيب والأنظمة، فنظام التوازن والرقابة الذي يعطي كل سلطة صلاحية رقابية على الأخرى، ويجعل الصلاحيات متوازنة بينها، أورث نظاماً معقداً، ولكنه يعمل بكفاءة عالية، هذا النظام تعرّض...

حمقى بأسلحة نووية

أثارت كوريا الشمالية الرعب في محيطها الإقليمي والعالم أجمع بتصعيد تجاربها النووية والصاروخية، وحسب الخبراء العسكريين يمكن أن تصبح قريباً «الدولة المارقة»، كما يسميها ترمب، قادرة على تركيب رأس نووي على صاروخ متجه إلى الساحل...

مبادرات الرحمة

الأنشطة الثقافية للمؤسسات الخيرية هنا في قطر كانت وما زالت أكثر قدرة على جذب الجماهير من مثيلاتها الرسمية، ويعود ذلك لمجموعة من الأسباب، أهمها الطبيعة التطوعية لهذه الأنشطة، وما يحققه ذلك من إبداع ومرونة وحماس،...

ثالوث ترمب المقدس

حطت طائرة الرئيس الأميركي على أرض فلسطين ليكون أول مؤتمر صحافي له بجوار طائرته مناسبة جديدة يذكر فيها بالتزامه التام بأمن الكيان الصهيوني، بعد أن أمضى الأيام الماضية في التأكيد على رؤيته حيال «الإرهاب الإسلامي»...

الطريق والحزام والطموح الصيني

الثورة الاقتصادية الصينية التي دفعت بالصين من دولة مقسمة محتلة إلى أحد أقوى اقتصادات العالم استفادت بشكل كبير من المبدأ الذي وضعه باني نهضة الصين الاقتصادية الحديثة شياوبنج وهو رئيس الصين الثاني بعد ماو تسي...

المنطقة بين تركيا وإيران

خلال الشهور القليلة الماضية تغيرت الأوضاع في قطبين من أهم الأقطاب السياسية في المنطقة بشكل كامل، خلال الأعوام الماضية بدا أن النظام الإيراني يحكم قبضته على محيطه الداخلي والخارجي، وفي مقابل ذلك بدا أن الإدارة...

اليمين إلى العرش الأوروبي

في إطار الانتخابات المتلاحقة هذا العام أوروبياً، تأتي الانتخابات الفرنسية متسقة مع السياق اليميني العام، اليسار يكاد يكون خارج المعادلة، اليمين الأوروبي يستفيد من ظروف متنوعة أدت لوصوله، تبدأ هذه الظروف من فشل حكومات يسارية...