alsharq

ماجد محمد الأنصاري

عدد المقالات 269

عندما تخدم عدوك

18 سبتمبر 2012 , 12:00ص

موجة من الغضب العارم اجتاحت العالم الإسلامي إثر بث فيلم مدته أربع عشرة دقيقة ومصور بتقنية رديئة لا تكاد تصلح للإنترنت على الشبكة العالمية، يصور الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام بصورة سيئة وبذيئة. الفيلم بحد ذاته ليس فريداً من نوعه، فلو بحثت على موقع رفع الفيديو اليوتيوب ستجد آلاف المقاطع التي تفنن أصحابها في شتم الإسلام والمسلمين بكل شكل وصورة، بل إن هناك ما هو أكثر تقانة وأطول مدة من هذا الفيلم البائس. والسؤال هو: لماذا يحوز هذا الفيلم كل هذا الاهتمام؟ لم يبث الفيلم (أو قل المقطع) على قناة تلفزيونية شهيرة، ولم يعرض في دور السينما، ولم يحدث ضجة في المجتمعات الغربية، ومع ذلك نجح في التسبب في أزمات متعددة بين أطراف مختلفة في أيام قليلة، ووقع مع الأسف بعض المسلمين قتلى بسبب هذه الأحداث، كما قتل بعض العاملين بسفارات أجنبية بغض النظر عن تورط القاعدة أو غيرها في مقتلهم. لن أتكلم هنا عن الفيلم نهائياً فلست معنياً به أو بمخرجه أو منتجه، ولا أعتقد أن الإسلام أو محمدا صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى كاتب مثلي ليدافع عنهم، فالحق بالنسبة لنا بين واضح في مقام ديننا ونبينا، إنما أريد أن أتكلم عن ثقافة التعامل مع هذه الأحداث والتي كثرت في الآونة الأخيرة مع تطور شبكات التواصل الاجتماعي وسرعة انتشار المعلومة بين الناس. يقول القانون الثالث للفيزيائي نيوتن: إن لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار معاكسة له في الاتجاه، وكذلك في المجتمعات، فكل فعل يحدث ضجة يكون له ردة فعل معاكسة الاتجاه ولكن هل هي مساوية في المقدار؟ إن ردة الفعل على هذا الفيلم الحقير كانت من الحجم بمكان أنها أوهمت الكثيرين أن هذا الفيلم سينمائي وطويل وخطير جداً ومنتشر على نطاق واسع، بينما الواقع هو أنه لم يسمع أحد بالفيلم تقريباً قبل ردة الفعل عليه. قبل المظاهرات لم يكن عدد الذين رأوا الفيلم كبيرا بل كان على اليوتيوب بالمئات، وكثير منهم مسلمون ساءهم ما رأوا. ولكن مع نمو ردة الفعل تجاه الفيلم زاد بشكل مطرد عدد المشاهدين، وأصبح وزراء الخارجية والرؤساء يتكلمون عنه ويناقشون محتواه. لم يكن مخرج الفيلم ولا القائمون على المؤسسة التي أنتجته يحلمون بهذا النوع من الدعاية المجانية التي ما كانوا ليحققوها لو صرفوا الملايين على التسويق. قدمت ردة الفعل على الفيلم خدمة كبيرة جداً لأهداف الفيلم فزاد عدد متابعيه ونما عدد المدافعين عنه في إطار دعم حرية التعبير. وحقق الفيلم هدفه في رسم صورة للمسلمين على أنهم إرهابيون يجبرون الناس على دينهم وكل من يخالفهم مصيره القتل. الفيلم حسبما نشر عن منتجيه كان يهدف إلى تسويق فكرة أن الأقباط اضطهدوا من خلال الفتح الإسلامي لمصر، وأن المسلمين أجبروهم على التخلي عن دينهم.. ويستحيل تصديق ذلك في ظل وجود الأقباط اليوم في مصر بنسبة لا يستهان بها. وحقق الفيلم أهدافه حين تناقلت وكالات الأنباء صور المظاهرات العنيفة وحرق السفارات والتصريحات النارية التي تدعو إلى قتل الكفار وإهدار دم كل من له علاقة بالفيلم. لو كنا نطبق قانون نيوتن الثالث هنا لمسحنا كل الرسائل التي وصلتنا عن الفيلم وتجاوزناه إلى ما هو أهم منه، ولكن مع الأسف نظراً لعدم تكافؤ الفعل مع ردة الفعل كنا أداة التسويق المثلى للفيلم ووفرنا له غطاء يبرر إنتاجه. في ظل ما حدث كانت هناك ردود أفعال إيجابية متناسبة مع الموقف، فهناك مثلاً من استغل الضجة لتوزيع كتيبات عن الإسلام في العواصم الغربية، وهناك من سجل مقاطع قصيرة على اليوتيوب عن الإسلام بالإنجليزية، وغير ذلك. مثل هذه الأفعال هي بحق الرد المناسب على مثل هذه الإساءة، فالإشارة للفيلم من قريب أو بعيد أمر لا يخدم إلا منتجيه، أما استغلال الاهتمام الناتج في تسويق الصورة الحقيقية للإسلام فهو يخدم الدعوة إلى سبيل الله. ما أكثر ما نقع في هذا الخطأ حين ندعم أعداءنا بأيدينا وكأننا قتيل يسلم القاتل مسدسه، وأكثر من يتحمل هذه الخطيئة هم أولئك المؤججون الذين يسعرون الفتنة لتحقيق الشهرة أو الوصول إلى أهداف شخصية ويختفون بعد وهلة وقد عاثوا في الأرض الفساد، ويشاركهم في جرمهم العقلاء من الذين يتجنبون تصويب الخطأ مخافة خسارة شعبيتهم أو تجنباً لردة فعل سلبية. فلنطبق قانون نيوتن الثالث ولنتحكم في ردود أفعالنا.

تجربة التحليل السياسي

منذ عام 2006 بدأت في مجال التحليل السياسي، من خلال صفحات الجرائد المحلية المختلفة، ومنذ ذلك الحين التزمت بمقال أسبوعي يركز غالباً على التعليق على الأحداث الراهنة، أو مناقشة موضوع سياسي عام، مرت هذه التجربة...

تركيا.. الخطوة القادمة

بنجاح أكبر من الذي توقعته استطلاعات الرأي، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، ليقطع الطريق على من أراد أن يشكك في استمرار شعبيته في بلاده. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والتلاعب...

في القدس.. مَن في القدس؟

مذ عرّفني أحد الأصدقاء على قصيدة تميم البرغوثي عن القدس، دأبت على الاستماع إليها بين الفينة والأخرى، لا شك لجمالها أولاً، ولكن كذلك لأنها تنقلني إلى حالة شعورية مختلفة حول المدينة القديمة، أشعر وكأنني أمشي...

أطفال بألعاب

في الإنجليزية، إذا أردت أن تصف أشخاصاً يتقاتلون بطريقة صبيانية، فبإمكانك استخدام مصطلح «أطفال بألعاب»، في إشارة إلى أن أولئك الذين تتحدث عنهم يتصرفون كأطفال يتنازعون ألعاباً لا كأشخاص ناضجين.. العالم اليوم يكثر فيه من...

بين الخامس من يونيو والثامن عشر من ديسمبر

ستة أشهر كانت كفيلة ببث روح جديدة في الجسد القطري بعثها التحدي الأكبر الذي واجه البلاد في تاريخها، في هذه الأشهر الستة انطلقت قطر نحو المستقبل بخطى ثابتة والتحم الشعبي مع الرسمي لرسم لوحة مشرقة...

سيناريوهات واشنطن

آلة السياسة في واشنطن شديدة التعقيد، من حيث التركيب والأنظمة، فنظام التوازن والرقابة الذي يعطي كل سلطة صلاحية رقابية على الأخرى، ويجعل الصلاحيات متوازنة بينها، أورث نظاماً معقداً، ولكنه يعمل بكفاءة عالية، هذا النظام تعرّض...

حمقى بأسلحة نووية

أثارت كوريا الشمالية الرعب في محيطها الإقليمي والعالم أجمع بتصعيد تجاربها النووية والصاروخية، وحسب الخبراء العسكريين يمكن أن تصبح قريباً «الدولة المارقة»، كما يسميها ترمب، قادرة على تركيب رأس نووي على صاروخ متجه إلى الساحل...

مبادرات الرحمة

الأنشطة الثقافية للمؤسسات الخيرية هنا في قطر كانت وما زالت أكثر قدرة على جذب الجماهير من مثيلاتها الرسمية، ويعود ذلك لمجموعة من الأسباب، أهمها الطبيعة التطوعية لهذه الأنشطة، وما يحققه ذلك من إبداع ومرونة وحماس،...

ثالوث ترمب المقدس

حطت طائرة الرئيس الأميركي على أرض فلسطين ليكون أول مؤتمر صحافي له بجوار طائرته مناسبة جديدة يذكر فيها بالتزامه التام بأمن الكيان الصهيوني، بعد أن أمضى الأيام الماضية في التأكيد على رؤيته حيال «الإرهاب الإسلامي»...

الطريق والحزام والطموح الصيني

الثورة الاقتصادية الصينية التي دفعت بالصين من دولة مقسمة محتلة إلى أحد أقوى اقتصادات العالم استفادت بشكل كبير من المبدأ الذي وضعه باني نهضة الصين الاقتصادية الحديثة شياوبنج وهو رئيس الصين الثاني بعد ماو تسي...

مهب الرياح الغربية

احتفل قطاع كبير من الفرنسيين، ومعهم المعتدلون في أوروبا، والعالم الغربي بخسارة لوبين، وفوز ماكرون خلال الأيام الماضية، متجاوزين تهديداً آخر من اليمين المتطرف الأوروبي، وبذلك تتبدد أحلام اليمين المتطرف في القارة العجوز في أن...

المنطقة بين تركيا وإيران

خلال الشهور القليلة الماضية تغيرت الأوضاع في قطبين من أهم الأقطاب السياسية في المنطقة بشكل كامل، خلال الأعوام الماضية بدا أن النظام الإيراني يحكم قبضته على محيطه الداخلي والخارجي، وفي مقابل ذلك بدا أن الإدارة...