


عدد المقالات 73
كان يتحدث عن تجربته في تربية الأبناء وإدارة الموظفين والتعامل معهم وانطلق يصف طريقته الاحترافية والعبقرية في إدارة الناس وسياسة الجموع وتوجيه البشر وتسيير العمل. وتفاجئ الحضور بتلك الألفاظ التي تستخدم في وصف التجربة، فهي تنُم عن إيمان منقطع النظير بالقسوة والعنف والقمع حتى النخاع، وأن الناس لا يتحركون إلا تحت ضغط الرهبة والخوف والترهيب ولسان حاله يقول تعلم فن التحطيم!! لكن الطريف في الأمر أن صاحبنا يحاول أن يروج لهذه المبادئ على أنها من أساسيات الإدارة الحديثة والتربية النموذجية وفنون العلاقات العامة، والمريب والغريب في الأمر أن هذا الرجل شخصية غير محبوبة في محيطها الأسري والعائلي والعملي، وينفر منه الناس كما تنفر الشاة من الذئب لكنه آخر من يعلم بهذه الحقيقة المُرة!! ما أسوأ أن يضحك الإنسان على نفسه حيث تجره تصرفاته وأفكاره وممارساته إلى أن يخسر أكثر مما يربح بكثير، ثم يحاول أن يسوق تجاربه البالية على الناس لكن البيئة المحيطة أحيانا تزرع ذلك العنف في الأنفس وتجعله عنوان الحياة الأوحد، وقد لا يعجب البعض منا أن التوجيه الإسلامي بهذا الخصوص مخالف لكل هذا السائد في بعض المجتمعات التي تسيطر عليها ثقافة العنف والتحطيم والقسوة ويغيب عنها الإحسان في القول والعمل والتعامل مع الناس بالمعروف ورقي إنساني جالب للخير والسلام والمصلحة المشتركة للناس أجمعين. فالنفس البشرية تنجذب للحديث الطيب وتطرب للاحترام والتقدير وتُحلق مع التحفيز والتشجيع وهذا يجعلها تُعطي أكثر وتتألق في كل ميدان. يعاني البعض من قصر لفهم التشريع السماوي الذي توقف عندهم على عتبات الطقوس اليومية للعبادة فقط، ولم يصلوا إلى الفهم العميق المفضي إلى أن الإسلام منهج حياة ودستور عمل وميزان علاقات ومعاملات، وأنه دين القسط الذي لا يرضى الظلم ولا التعدي لا للقريب ولا للبعيد. ما زلت أذكر بعض المواقف التي وقع فيها بعض الصبية في بعض الأعراس أو المناسبات العامة، فعندما يحمل ذلك الصحن المليء بأكواب الشاي ثم يسقط منه ما يسقط تجده يقابل بوابل من التحطيم والتقزيم، وربما الشتائم التي لا تتناسب مع جهده واجتهاده، فالخطأ وارد في كل مكان والخطأ غير المقصود مبرر ومفهوم فجل من لا يخطئ. لكن لا نفهم هذه الرغبة الجامحة عند البعض للنيل من الآخرين وتحقيرهم ووصفهم بأسوأ الأوصاف رغم أنهم قد يكونون من فلذات أكبادهم أو أعز الناس عليهم، والأصل مع هؤلاء أو غيرهم هو البر والإحسان والتودد ومع غيرهم ولا شك. فمعالجة الأخطاء تحتاج إلى حكمة وروية وضبط للنفس، فوابل التحطيم هذا له من التبعات المستقبلية الشيء الكثير، حيث التأثير الكبير على الثقة بالنفس وزرع العقد النفسية والاضطرابات السلوكية وإنتاج جيل مرتبك وضعيف لا يقوى على تحمل المسؤولية، بل تجده تائها بين التردد والخوف وضعف الإنتاجية التي سوف ترافق هذا الإنسان رجلاً كان أو امرأة طوال حياته، وربما احتاج للعلاج منها في مراحل متقدمة لأنه سوف تؤثر على حياته وعمله وعلاقاته بشكل سلبي، وسوف تعيق من تحركه كثيراً فكيف نتسبب لمن نحب بهذا الضرر ثم نطالبهم في المستقبل بالكثير من التميز ونحن من قمعناهم في الصغر!! كيف نترجم حُبنا لمن حولنا بالمزيد من الإحسان والحُب والتودد ومعالجة الكثير من الأخطاء بالحوار والتوجيه والرفق بكل مخطئ لأننا يوماً ما كنا نحن أصحاب الخطأ. فلا نطالب الناس بما لم نحققه نحن فالخطأ جبلة في الإنسان ومن لا يعمل لا يُخطئ!! وهذا لا يعني غياب العقاب أو الحزم إن لزم الأمر، لكن في حالات ضيقة من غير إحداث أضرار خطيرة ومستقبلية، فالحزم لا يعني العنف والقهر والظلم والتحطيم أو الضرب بل هو وقفة جادة أمام الأخطاء المتعمدة والمقصودة وعلاجها بجدية وهدوء وحرص ومتابعة وصبر طويل ودراسة للأسباب، فالتغيير نحو الأفضل قد يحتاج إلى وقت وأيضاً إلى تحفيز وتشجيع، وغالب الناس يتم كسبهم إلى الصف عبر احترام إنسانيتهم وتقدير كيانهم وسوف ترى أمامك شخصيات في قمة التعاون والقرب وسوف تُخرج منها أفضل الأعمال والأقوال ولكن بالمعروف والإحسان وليس بالإرهاب والضغط والوصاية التي تسلب من الإنسان كرامته. إن الصوت العالي والكلمات النارية لن تصنع الفرق ميادين التربية أو الإدارة أو العلاقات والتعامل مع من حولنا، بل التعامل الراقي والقائم على الاحترام المتبادل، فنحن أمام إحصاءات خطيرة عن إشكاليات الرهاب الاجتماعي المنتشرة، والتي تتفشى عند شريحة المراهقين وهو نتاج البيئة القاسية والعنيفة والحدية، حيث تؤكد الدراسات أن أكثر من %80 ممن لديهم رهاب اجتماعي يكون لديهم أمراض نفسية مصاحبة مثل المخاوف أو القلق أو الاكتئاب، وأن %19 منهم يتعاطون الكحول، وجزءا منهم يكون لديه تعثر دراسي وربما وظيفي أيضاً. وهذا واقع يحتاج منا مراجعة لأساليب التعامل والتعاطي مع الآخرين، فكيف نريد من أبنائنا أن يكونوا مبدعين وقادة وكل من يعمل تحت إدارتنا منتجين وفاعلين وعلاقتنا الزوجية والعائلية مستقرة والبعض منا يقدم الإساءة على الإحسان والكُره على الحُب والعنف على الحكمة والقهر على الصبر والعصا على الحوار والحدة على اللباقة. وهذا ميزان كلما تعدلت كفتاه حصلنا على ما نريد بأرقى الأساليب وأجمل الصور، وهنا لا ننسى أن نعي أن الخسائر كبيرة من هذا العنف والتسلط حيث البغضاء والصراع والتناحر والتعاسة لمن نحُب، فرفقاً بكل من حولك وراجع قاموسك وكلماتك، فهل أنت من هواة التحطيم أو من أساتذة التحفيز؟ تأصيل (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا). محبرة الحكيم لا نريد أباً يذهب بابنه إلى المدرسة ليقول لهم بكل حماس: لكم اللحم ولنا العظم!! فهو لم يذهب بذبيحة إلى المسلخ بل ذهب بفلذة كبده إلى واحة من واحات الإيمان والعلم والأخلاق. • مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات CCT وعضو الجمعية الأميركية للتدريب والتطوير ASTD.
نيران تصول وتجول في أعماقه أطفأت العقل وعطلت الحكمة وحجبت البصر والبصيرة. أصبح ذاك الإنسان الوادع والمهذب وحشا كاسرا استبدل الهدوء بالغضب والعقل بالانفلات والحكمة وبالانتقام وأصبح إنسانا آخر لا يعرف مدى نقمته وحدود عدوانيته...
يبحر كثيراً مع رياح الماضي وانكساراته وانتصاراته وآهاته وتعقيداته وأمجاده. فالمتعة العظيمة في مخيلته هي العودة للماضي أو الهروب للمستقبل. وبين هذا وذاك ضيع الحاضر الذي ينتظر منه الكثير من العمل والتركيز والمبادرات والمشاريع. والحاضر...
في يرعان الشباب وعلى أعتاب المرحلة الثانوية وسؤال الوجهة والتخصص والمسار هو السؤال الأبرز على طاولة حياته. الكل حوله يوجهونه ويقترحون عليه لكن حسب ما يردون هم وليس حسب ما يريد هو!! أحس بالممل من...
لطالما أمعن النظر في أحوال الناس من حوله وكان يركز على جانب السعادة لديهم. نظرات الغبطة تخرج من عينه والكثير من الأسئلة يطرحها عقله حيث ظل يردد «يا سعدهم». على الضفة الأخرى كان يقارن أفضل...
كان يُشاهد نشرة الأخبار وحيث السياق في تلك النشرات عن الحروب والدمار. فرئة الإعلام لا تتنفس إلا من خلال الإثارة التي لا تتوفر إلا في مواطن الصراع أو التنافس. كان المذيع يصف حالة الحرب حيث...
عينه دائماً في أعينهم, يرقب ردود الأفعال ويتأمل الوجنات والإيماءات, حريص جداً على رضاهم مهما كلف الأمر. قبل أن ينام يبدأ بعد الأشخاص ويتساءل هل فلان راض علي؟ ويعتقد أنه سوف يحصل رضا كامل الدسم...
وجد ضالته بها؛ فأصبح يستخدم هذه الكلمات لتبرير الكثير من الأحداث من حوله. تعثره الدراسي وانعزاله الاجتماعي وفشل تجارته وأعماله وتأخر الكثير من ملفات حياته. بدأت اللعبة تكون أكثر إغراء ومتعة!! فبدأ الأصدقاء والأقارب من...
تعرفه من قيادته للسيارة، فهو في عجلة دائماً، يصيبه الاكتئاب من منظر الإشارة الحمراء، ويشعر بالضيق عندما يرى السيارات تمشي ببطء من الزحمة! يقود السيارة بتهور لا محدود، وفي النهاية المشوار الذي يذهب إليه هو...
يبهرني مشهد رسول عظيم عليه الصلاة والسلام وهو المعصوم عن الخطأ والمسدد بالوحي يُلح على أصحابه قائلاً «أشيروا عليّ». وعمر رضي الله عنه يدين لأحد الصحابة لأنه أنقذه من قرار خاطئ ويقول «لولى معاذ لهلك...
خرج من منزله وفي جيبه العلوي 500 ريال تدفي قلبه وتحسسه بالأمان المالي على الأقل لفترة قصيرة.. لكن بعد أن عاد إلى المنزل في نهاية اليوم, صاح يردد وعلامات التعجب تملئ وجهه «وين فلوسي وين...
بعد زيارته لتلك المدينة سألته عن انطباعاته عنها. فقال لي: جميلة بس كل أهلها بخلاء. وعندما انعطف بنا الحديث لسؤاله عن إحدى الشركات قال: شركة ممتازة لكن القائمين عليها كلهم فاسدون!! استمر الحديث حول مرئياته...
تجده يعمل في كل صنعة ويهتم بكل خبر، في الحوار مع الآخرين يفتي في كل شيء ولن تجد لكلمة «لا أعلم» أي تواجد في قاموسه. متعة في العمل التجريب الدائم والانتقال المستمر، فاليوم في وظيفة...