


عدد المقالات 269
انتشرت بعد حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب صورتان على شبكة الإنترنت الأولى لحفل تنصيبه والثانية لحفل تنصيب سلفه أوباما، السبب هو الفرق الشاسع في الحضور بين الحفلين فحفل أوباما وكما يبدو بوضوح في الصور حضوره أكثر بكثير سواء كانت المقارنة مع تنصيبه في الفترة الأولى أو الثانية، كما أن الأرقام الرسمية الصادرة عن هيئة المواصلات في واشنطن تؤكد الفارق الكبير لصالح أوباما، هذه الصور أثارت جدلاً كبيراً خاصة بعد أن صرح المتحدث باسم البيت الأبيض بأن حضور تنصيب ترمب كان الأكبر في التاريخ، على كل حال ليس هذا هو موضوع اهتمامنا، على إثر هذه الضجة أقدم الباحثان برايان شافنر وسامانثا لوكس على تنفيذ تجربة مثيرة للاهتمام، عرض الباحثان على عينة عشوائية منتظمة من الأميركيين ضمت 1388 شخصاً الصورتين، وطلب من نصفهم تحديد أي الصورتين هي لحفل تنصيب ترمب، بينما طلب من النصف الثاني من العينة تحديد أمر أكثر بساطة، أي الصورتين تحتوي على حضور أكبر، دون الإشارة إلى ترمب أو أوباما، بالنسبة للسؤال الأول أجاب %40 من مؤيدي ترمب من المشاركين إجابة خاطئة، ناسبين صورة حفل أوباما لحفل ترمب، في إشارة إلى تأييد ضمني لترمب، الأغرب من ذلك كان في إجابات مؤيدي ترمب من النصف الثاني من العينة، حيث رفض %15 من مؤيدي ترمب الاعتراف بأن الصورة الخاصة بحفل تنصيبه تحتوي على حضور أقل، هؤلاء على الأرجح عرفوا أن الصورة تخص حفل تنصيب ترمب ولكن حميتهم له منعتهم من الإجابة الصحيحة على الرغم من وضوح الفرق بين الصورتين. هذه الدراسة تفيد أن هناك نسبة غير بسيطة من مؤيدي ترمب يرفضون الاعتراف بالحقيقة ويفضلون أن يعيشوا الوهم الذي يمليه عليهم ترمب وفريقه حتى لو كانت الحقيقة واضحة وضوح الشمس، بمعنى آخر مبدأ هؤلاء هو أنها «عنزة ولو طارت»، وفي الحقيقة ليس ذلك أمراً استثنائياً، فحدة الاستقطاب السياسي تنتج عادة حالة مشابهة من التأييد المطلق، تجد ذلك حين تناقش مؤيدي النظام المصري مثلا وتعرض عليهم أرقاماً واضحة حول ما يحدث للاقتصاد المصري فيرفض الكثير منهم الاعتراف بها ويشيدون بالنمو الاقتصادي في عهده، وتجده في مؤيدي إيران على الرغم من جرائمها في المنطقة، بل تجد الشيء نفسه لدى الأتراك المعارضين والمؤيدين للعدالة والتنمية فكل طرف يسوق لك نظرية مؤامرة مفصلة يتضح لك أن الجزء الأكبر منها غير حقيقي من الوهلة الأولى. صحيح أن رفض الناخب أو المنتمي لتيار معين أي نقد لفريقه حتى ولو كانت معلومات واضحة أمر مقلق ولكنه حالة طبيعية، التأييد هنا هو حالة عقائدية تنطلق من موقف سياسي معين سواء كان على أساس أيديولوجي أو مصلحي، وفي حالة الاستقطاب لا تعود المعلومات هي الفيصل الرئيسي، في هذه الحالة يكون الاصطفاف هو الفيصل، أي مقولة أو فكرة أو معلومة تؤيد فريقي سأكون جاهزاً للإيمان بها وتسويقها انتصاراً لفريقي وحسب، حتى وإن كنت أعلم يقيناً أنها غير صحيحة، وليس ذلك إلا صورة من صور حرب المعلومات التي احتلت صدارة المشهد مع تطور وسائل تبادل المعلومات وطغيان وسائل التواصل الاجتماعي على مصادر انتشار الأخبار الأخرى خلال السنوات الأخيرة، لم تعد دقة المعلومة مهمة بقدر إمكانية تحقيقها الانتشار بسرعة كافية، ترمب وإدارته يفهمون ذلك ولذلك لا يتورعون من نشر الأخبار الكاذبة المؤيدة لهم لأنها ستنتشر انتشار النار في الهشيم قبل أن يتفرغ أحد لتصحيحها، كما أنها ستنتشر لدى مؤيدي ترمب ولن يقوم أولئك بإعادة نشر تصحيحها، بالتالي يمكن لترمب وفريقه تصميم حقيقة خاصة بهم وفرضها على أرض الواقع، إذن كيف يمكن مقاومة ظاهرة «عنزة ولو طارت»؟. المسؤولية في هذه المشكلة تعود أساساً بالطبع على النخبة السياسية التي تسوق المعلومات الخاطئة ولكن هناك مسؤولية فردية ومجتمعية كذلك، كل منا لديه القدرة على التمييز ومراجعة الخبر الذي يرد إليه قبل نشره وعلينا مسؤولية أساسية في تقييم المعلومات التي تصل إلينا قبل التسليم بها ونشرها، ولكن لا يتصور أن نصل بهذا الوعي إلى كل من هو على وجه البسيطة، فهنا يصبح على أولئك الذين يتوفر لديهم الوعي والثقافة الكافية مسؤولية الاجتهاد في الرقابة على السياق العام ومحاربة الإشاعات والمعلومات الخاطئة، والأهم من ذلك هو أن نكون جميعاً حذرين من الانسياق خلف حدة الاستقطاب السياسي، النخبة المثقفة بحاجة إلى أن تكون أمينة في التعامل مع الاستقطاب السياسي، وإن لم يكن لدى فريق سياسي ما يدعمه من الواقع فاختلاق واقع لدعمه هو دلالة فشل لا أكثر، ستظل ظاهرة العنزة الطائرة موجودة ولكن دورنا هو أن تكون تكلفة استغلال هذه الظاهرة من قبل الساسة وغيرهم عالية.
منذ عام 2006 بدأت في مجال التحليل السياسي، من خلال صفحات الجرائد المحلية المختلفة، ومنذ ذلك الحين التزمت بمقال أسبوعي يركز غالباً على التعليق على الأحداث الراهنة، أو مناقشة موضوع سياسي عام، مرت هذه التجربة...
بنجاح أكبر من الذي توقعته استطلاعات الرأي، عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، ليقطع الطريق على من أراد أن يشكك في استمرار شعبيته في بلاده. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة والتلاعب...
مذ عرّفني أحد الأصدقاء على قصيدة تميم البرغوثي عن القدس، دأبت على الاستماع إليها بين الفينة والأخرى، لا شك لجمالها أولاً، ولكن كذلك لأنها تنقلني إلى حالة شعورية مختلفة حول المدينة القديمة، أشعر وكأنني أمشي...
في الإنجليزية، إذا أردت أن تصف أشخاصاً يتقاتلون بطريقة صبيانية، فبإمكانك استخدام مصطلح «أطفال بألعاب»، في إشارة إلى أن أولئك الذين تتحدث عنهم يتصرفون كأطفال يتنازعون ألعاباً لا كأشخاص ناضجين.. العالم اليوم يكثر فيه من...
ستة أشهر كانت كفيلة ببث روح جديدة في الجسد القطري بعثها التحدي الأكبر الذي واجه البلاد في تاريخها، في هذه الأشهر الستة انطلقت قطر نحو المستقبل بخطى ثابتة والتحم الشعبي مع الرسمي لرسم لوحة مشرقة...
آلة السياسة في واشنطن شديدة التعقيد، من حيث التركيب والأنظمة، فنظام التوازن والرقابة الذي يعطي كل سلطة صلاحية رقابية على الأخرى، ويجعل الصلاحيات متوازنة بينها، أورث نظاماً معقداً، ولكنه يعمل بكفاءة عالية، هذا النظام تعرّض...
أثارت كوريا الشمالية الرعب في محيطها الإقليمي والعالم أجمع بتصعيد تجاربها النووية والصاروخية، وحسب الخبراء العسكريين يمكن أن تصبح قريباً «الدولة المارقة»، كما يسميها ترمب، قادرة على تركيب رأس نووي على صاروخ متجه إلى الساحل...
الأنشطة الثقافية للمؤسسات الخيرية هنا في قطر كانت وما زالت أكثر قدرة على جذب الجماهير من مثيلاتها الرسمية، ويعود ذلك لمجموعة من الأسباب، أهمها الطبيعة التطوعية لهذه الأنشطة، وما يحققه ذلك من إبداع ومرونة وحماس،...
حطت طائرة الرئيس الأميركي على أرض فلسطين ليكون أول مؤتمر صحافي له بجوار طائرته مناسبة جديدة يذكر فيها بالتزامه التام بأمن الكيان الصهيوني، بعد أن أمضى الأيام الماضية في التأكيد على رؤيته حيال «الإرهاب الإسلامي»...
الثورة الاقتصادية الصينية التي دفعت بالصين من دولة مقسمة محتلة إلى أحد أقوى اقتصادات العالم استفادت بشكل كبير من المبدأ الذي وضعه باني نهضة الصين الاقتصادية الحديثة شياوبنج وهو رئيس الصين الثاني بعد ماو تسي...
احتفل قطاع كبير من الفرنسيين، ومعهم المعتدلون في أوروبا، والعالم الغربي بخسارة لوبين، وفوز ماكرون خلال الأيام الماضية، متجاوزين تهديداً آخر من اليمين المتطرف الأوروبي، وبذلك تتبدد أحلام اليمين المتطرف في القارة العجوز في أن...
خلال الشهور القليلة الماضية تغيرت الأوضاع في قطبين من أهم الأقطاب السياسية في المنطقة بشكل كامل، خلال الأعوام الماضية بدا أن النظام الإيراني يحكم قبضته على محيطه الداخلي والخارجي، وفي مقابل ذلك بدا أن الإدارة...