alsharq

أحمد حسن الشرقاوي

عدد المقالات 198

الإخوان المسلمون والعولمة.. شجرة الزيتون والسيارة «لكزس»!

14 فبراير 2015 , 01:59ص

في علوم الطب، يقول الباحثون إن الفيروس الغريب يبدأ أولا بمهاجمة الجهاز المناعي للإنسان، وعندما يتغلب عليه تنتشر أعراض المرض في بقية الجسم كله، فإذا تمكن الفيروس من هزيمة الجهاز المناعي سيطر وانتشر وأصبحت مقاومته صعبة! المجتمعات البشرية مثل جسم الإنسان، يدرس أعداؤها مناطق قوتها ومناعتها ويبدؤون حربهم بضرب مَواطن القوة وإضعافها والتركيز على مناطق الضعف وتقويتها وتوسيعها. في الماضي كانت الحروب والقتال أهم وسائل قهر الأعداء، لكن في نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، أصبحت القوة الناعمة للدول الكبرى القوية من أهم وسائلها في هزيمة أعدائها. بعد الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم لكتلتين متصارعتين: الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ومعها الجزء الغربي من القارة العجوز (أوروبا) في جهة، والكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي ومعها الجزء الشرقي من أوروبا في جهة أخرى. ونتيجة لدرس الحرب العالمية الثانية التي راح ضحيتها نحو 50 مليون إنسان، تعلم العالم أن يدير حروبا باردة استمرت نحو نصف قرن وانتهت بهزيمة الكتلة الشرقية وانهيار سور برلين في العام 1989، ثم تفكك الاتحاد السوفيتي في العام 1990. كان سلاح الغرب الرئيس في تلك الحرب الباردة هو: هوليوود والسينما والبيبسي والبنطلون الجينز!! نمط الحياة الغربي الذي يطلق الحريات الفردية للإنسان في عالم تطغى عليه المادة وتتضاءل فيه الجوانب الروحية غير المادية. وظن منظّرو الغرب ومفكروه أن الحضارة الغربية سادت العالم، وسمعنا عمن يتحدث عن استراتيجية واشنطن للبقاء كقوة عظمى منفردة ووحيدة في العالم طوال القرن الحادي والعشرين بأكمله. وفي الوقت نفسه بدأ الحديث عن «صدام الحضارات» مع صمويل هنتنجتون، وانتشرت دعاوى التخويف من الخطر الأخضر القادم من العالم الإسلامي أو (الهلال الإسلامي الأخضر)، في محاولة لتصويره بديلا عن الخطر الشيوعي الأحمر!! «العولمة» هي كلمة السر في انتصار الغرب على الشرق في الحرب الباردة. ومن أفضل ما قرأت في محاولات فهم العولمة هي كتاب الصحافي الأميركي المخضرم توماس فريدمان الصادر عام 2000 بعنوان «السيارة اللكزس وشجرة الزيتون»، والذي أهداه لي بنفسه عام 2001. في الكتاب يقول فريدمان: «نظام الحرب الباردة كنظام دولي كان يمتلك هيكل القوى الخاص به والتوازن بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وكانت للحرب الباردة قواعدها، حيث لم يكن مسموحا المحاولة أو السعي من جانب أي من القوتين العظميين للاستيلاء على نصيب القوة الأخرى من النفوذ في العالم. كما كانت للحرب الباردة محدداتها التكنولوجية مثل الأسلحة النووية. ورغم أن العالم كان قد دخل عصر الثورة الصناعية الثانية، فقد كانت المطرقة والمنجل (شعار النظام الشيوعي) ما زالت أدوات صالحة بالنسبة للكثيرين في الدول النامية. كما كانت للحرب الباردة مقاييسها المحددة وهي حجم الترسانة النووية، وأخيرا كان للحرب الباردة مصدر الرعب وهو الإبادة النووية. وعندما تجمع كل هذه العناصر والمحددات معا ومدى تأثيرها على السياسات الداخلية والعلاقات الخارجية لكل دولة من دول العالم، ستعرف أن الحرب الباردة كانت نظاما عالميا (World Order)، فقد كان النظام (الحرب الباردة) يشكل الكثير من عناصر الحياة للعالم إن لم يكن يشكل كل عناصر هذه الحياة، وفقا لفريدمان. بعد انتهاء الحرب الباردة، ظهرت منطقة الشرق الأوسط وفي قلبها المنطقة العربية وفي القلب منها «الإسلام» كمنطقة تركيز من الغرب، باعتباره الحضارة «المحتملة» التي بمقدورها أن تواجه الحضارة الغربية وتقدم ما تفتقد إليه تلك الحضارة السائدة وهي (الجانب الروحي). ضع نفسك مكان صانع قرار في الغرب أو مفكر استراتيجي يعمل على أن تستمر حضارته طوال القرن المقبل، فماذا تفعل؟! المؤكد أنك سوف تسعى بشتى السبل لاحتواء تلك المنطقة وتفكيكها وإضعافها وتعويق نهوضها استنادا إلى الجانب الروحي المفتقد في الحضارة الغربية. وسوف تسعى لاستعداء جيرانها «المغايرين لها» في الدين أو المذهب أو العقيدة ضدها، قبل أن تدخل معها المعركة الأخيرة. بل إن البعض يذهب للقول إن المحاولات تمتد إلى إثارة النزاعات بين مواطني كل دولة على حدة باستغلال الاختلاف الديني أو المذهبي أو العِرقي، وضرب مواطن القوة على المستوى الإقليمي سواء دولا أو جماعات، وتلك سمات مرحلة ما بعد العولمة وانتهاء الحرب الباردة. وتقديري أن «الحرب» التي يتم شنها على جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها أقوى وأهم جماعة تمثل الإسلام السني بالمنطقة العربية والعالم الإسلامي، تأتي في إطار تفكيك النواة الصلبة لمجتمعات المنطقة بعد أن تم تفكيك منظومة دول ما كان يعرف بالنظام الإقليمي العربي، خصوصا في العراق وسوريا. وكما سبق أن قدمنا في بداية المقال فإن الفيروسات تبدأ أولا بالهجوم على الجهاز المناعي في جسم الإنسان لتحطيم قدرته على صد الهجوم المرتقب. والأمم كالأمة العربية الإسلامية، كما جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال في تشبيه ذي دلالة واضحة لفكرة هذا المقال: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).? • Sharkawi.ahmed@gmail.com

بعد النيل.. هل تذهب سيناء ؟!

اليوم نستكمل معكم بقية الحكاية التي بدأناها في خاتمة المقال السابق عن أطماع اليهود في سيناء منذ قرون طويلة، فهي بالنسبة لهم في قلب العقيدة الصهيونية، لدرجة أن تيودور هرتزل -مؤسِّس الصهيونية العالمية- أطلق عليها...

بعد النيل.. هل تذهب سيناء؟! (1-3)

يبدو من المرجح حالياً أن أزمة سد النهضة لن تجد حلاً، وأن السد سيتم تشغيله، وأن ملء بحيرة السد سيحجب كمية كبيرة من حصة مصر في مياه النيل، لكن ماذا عن شبه جزيرة سيناء؟! يلاحظ...

ترمب مجدّداً.. أم بايدن؟!

السؤال الذي يتردد بكثافة في أوساط الأميركيين، وربما في أنحاء العالم في الوقت الحالي هو: هل يفوز الرئيس الجمهوري دونالد ترمب بقترة رئاسية ثانية تمتد حتى 2024؟ أم يتمكن غريمه الديمقراطي جو بايدن من هزيمته...

شبح ريجيني في القاهرة!

رغم مرور 4 أعوام ونصف العام على وفاة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الغامضة بالقاهرة، لا تزال ملابسات وظروف الوفاة غير معروفة، ويبدو أن صبر الحكومة الإيطالية نفد، وبدأت تطالب القاهرة بردود حاسمة وتوضيحات مقبولة، فقد...

عندما تنظر أميركا في المرآة

من منّا لا يعرف قصة سندريلا والأقزام السبعة، كلّنا تربّينا عليها، وتعاطفنا مع السندريلا التي كان عليها أن تتقبّل قهر وظلم زوجة أبيها وبناتها المتعجرفات، حتى تأخذنا القصة للنهاية الجميلة حين تلتقي السندريلا بالأمير، فيقع...

أرض العميان (2-2)

أحد أصدقائي أوشك على الانتهاء من كتابة رواية طويلة عن أحوال المعارضة المصرية في الخارج منذ 2013م، وقد اقترحت عليه اسماً للبطل الرئيسي لروايته، وهو معارض ليبرالي يسحق الجميع من أجل مصالحه الشخصية الضيّقة. اقترحت...

أرض العميان (1-2)

عندما تغيب المنافسة العادلة أو تكون محدودة، هل يمكن أن تعرف الصحافي الجيد أو الكاتب الأكثر براعة أو الأجزل في العبارة، أو الأغزر إنتاجاً، أو الأعمق فكراً، أو الأفضل أسلوباً؟! كيف ستعرفه إذا لم تتوافر...

الميكافيلليون الجدد!!

في جامعة القاهرة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كنت مندفعاً في دراسة العلوم السياسية، وكنت قرأت كتاب «البرنس» لميكافيللي قبل دخول الجامعة، ولم يعجبني! دخلت في مناقشات جادة وأحياناً حادة مع أساتذة درسوا في الجامعات...

حصن الحرية.. «بوسطن جلوب» نموذجاً (2-2)

بعد المعركة الصحافية الشهيرة التي خاضتها صحيفة «بوسطن جلوب» خلال عامي 2001 و2002، والتي انتهت باستقالة الكاردينال لاو رأس الكنيسة الكاثوليكية في عموم أميركا، ترسخ اعتقاد لدى مواطني مدينة بوسطن من الكاثوليك، أن الصحيفة الأكبر...

الصحافة والكتابة.. في زمن «كورونا» (2-3)

ليالي زمن «كورونا» تمرّ بطيئة وطويلة، لكنها ليست كذلك لمن يقرأون طوال الوقت حتى يستطيعوا الكتابة الأديب المصري الفذّ مصطفى لطفي المنفلوطي، كتب في بداية القرن العشرين أن الكاتب يشبه «عربة الرشّ» وهي عربة كانت...

الصحافة والكتابة.. في زمن «الكورونا» (1-3)

لا أخفي عليكم، أن الكتابة وفق مواعيد محددة مسألة مرهقة، في بعض الأحيان لا توجد فكرة واضحة للمقال، أو يصاب الكاتب بالحيرة في الاختيار بين أكثر من فكرة، وفي أحيان أخرى يقترب موعد تسليم المقال،...

قلاع الحريات الأميركية (2-3)

الصحف الأميركية هي قلاع حقيقية تصون الحريات العامة فى البلاد، هذه حقيقة يفتخر بها الأميركيون على بقية أمم الأرض. في عالمنا العربي تختفي تلك القلاع، فيحدث أن تتجرأ النظم المستبدة على تلك الحريات، وتعصف بها...